يقع ديوان رعشة تحت الرماد للشاعر السعودي فريد النمر في 142 صفحة القطع المتوسط بلا دار نشر على الديوان، مـما يجعلك تأسف أن لا يجد شاعر كفريد دار نشرٍ تتبنَّـى تجربته الشعرية الأولـى رغم أصالتها ونضجها الفكري، ناهيك عن نشرها وإيصالها للقارئ العربـي. يحتوي الديوان على 13 نصًا عموديًا، و16 نصًا تفعيليًا. وبالرغم من اتخاذ الشاعر القالب الكلاسيكي للقصيدة العربية، إلَّا أنه شَكَّلَ قصائده مـمازجًا بين الحداثة والتقليدية في مزيجٍ متوازنٍ بدا جليًا اشتغال الشاعر عليه وتمكنه من مقاربة المدرستين بقدرةٍ عالية. فهنا شاعر اشتغل على تجربته الشعرية، ونحت مفرداته بعنايةٍ وتأنـي، ورسم صوره الشعرية الجديدة بريشة الشاعر الحليم. فالقارئ يشعر بحجم هذا الاشتغال بين المفردة والتـي تليها، والبيت والذي يلحقه، والسطر والسطر الذي يليه، وما بينهما مما يتعمد الشاعر تركه لمخيلة القارئ ليحفزه على تلقي النصوص كما يريد القارئ لا كما يريد الشاعر. فصور الشاعر والتي ترتكز على المجاز في معظمها صور منحوتةٍ من خيال خصب، ولغة متميزة.
هذه الصور الشعرية الـمُلتقطة من وجدان الشاعر نثرها بين طيات مجموعته الشعرية ابتداءً بعنوانين قصائده اللافتة، وقد لا تنتهي بانتهاء النص. فها هو في نص "ودٌّ على ذاكرة السكين":
ذَبُلَتْ مواعيدُ الشَّتاءِ بـمعطفي *** وَتَنَاسَلتْ بردًا على تشرينـي