دَرَج الطابونة" وهي عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة جدا، تميز الكاتب المقدسي سمير الجندي بكتابة هذا النوع من القصة القصيرة جدا، إذ لا يتجاوز عدد كلمات بعض قصصه عن عدد أصابع اليدين، بلغة مكثفة عميقة، تُعبر عن مقدرة، وإبداع، وتمكُن هذا الكاتب، وتبين ثقافته الواسعة، فهي نصوص كاريكاتورية بمعنى الكلمة، فيها العمق، وفيها أحياناً السخرية الأدبية التي تتناول كثيراً من مظاهر الحياة السياسية، والاجتماعية، والوطنية، سمير الجندي، يُعرفُنا على القدس، الذي عاش فيها، وشرب معاناة أهلها، مع أصوات مؤذنيها، ومع أجراس كنائسها، ومع نداءات الباعة في باب العمود، والعطارين، وخان الزيت، " درج الطابونة" هو ممر بين طريق باب السلسلة وحي الشرف، هذا الحي الذي استولى على بيوته المحتل، فصارت المدينة العتيقة عالمين اثنين، عالم من الوجوه الرمادية كما يُعبر عنها الكاتب، واصفاً وجوه المحتلين الباهتة، الباردة، القاسية، الغريبة عن المدينة وألوانها، وعالم آخر من الزهاد والعُباد والمرابطين، عالم الوجوه السمر...
يصف الكاتب المدينة، أحياءها وناسها وحجارتها وأزقتها وخاناتها، وأسواقها، ومآذنها وكنائسها وجرسياتها، يصف لنا القدس كما يراها هو، وكما يراها أهلها المرابطون في أفيائها، درج الطابونة، مجموعة من النصوص التي يسجل بها الكاتب مرحلة من مراحل التاريخ المعاصر لمدينة القدس، بأسلوب شيق قل مثيله في عالم القصة في أيامنا هذه....
سمير الجندي ولد في 29 تشرين ثاني من العام 1958 في مدينة القدس، والتي يعمل فيها أيضًا محاضراً في جامعة القدس، وقد اهتم الكاتب الذي نشأ في بيئة هيئت له كل الظروف كي يعني بالشأن الثقافي؛ وهو مؤسس دار الجندي للنشر، هذا بالإضافة إلى أنه أنشأ مكتبة عامة؛ ومن مناصبه أنه رئس نقابة المعلمين،وشارك في تأسيس الاتحاد العام لمعلمي فلسطين في الأراضي المحتلة.
قررتُ أن أُكمِلَ قراءاتي للجندي وأعطيهِ فرصةً أخرى .. الحمدُ لله لم يخذلني هذه المرة .. درج الطابونة كتابٌ خفيفٌ يحتوي على مجموعةٍ قصصيةٍ قصيرة جداً، تحكي هذه القصص الواقعَ الذي عاشه الجندي في مختلف فتراتِ حياته. أعجبني وأنصح به..