لعل من أقوم الدراسات التى نحتاج إليها فى أيامنا هذه دراسة المجتمع العربى من نواحيه المختلفة حتى يتبين لنا ما حاول المستعمر الغاضب أن يخفيه عن العالم منذ عهد بعيد من أن الوحدة العربية ليست وليدة اليوم بل هى كما عبر السيد الرئيس جمال عبد الناصر أن الوحدة العربية هى وحدة طبيعية لا يستطيع أن ينقضها مخلوق وأنها منذ عهد بعيد. ولكن الذين يحاولون أن يستفيدوا من الأحوال الراهنه لن يدركوا مقومات هذه الوحدة القديمة ولا أصولها الراسخة فى دماء العرب من المحيط إلى الخليج. وهذا الكتاب فى إظهار ناحية خاصة من نواحى هذه الوحدة، وهى ناحية التقاليد والعادات، أو ما يعبر عنه بالمصطلح الأوربى الحديث بوحدة الفولكلور فى البلاد العربية. ولم أشأ أن أتحدث عن جميع البلاد العربية وإنما اكتفيت هنا بالحديث عن وحدة باقى البلاد العربية الفلكولورية إلى كتاب آخر. وإذا قلت إنها وحدة مصر والشام فإن غرضى من كلمة الشام ينصب على الشام العربية قبل أن يمزقها الاستعمار الاوربى ويجعلها دويلات صغيرة، فكلمة الشام كما كانت قبل معاهدة فرساى تشتمل على لبنان وسوريا وفلسطين والأردن. فالوحدة الفلوكلورية إذن تجعل مصر وهذه البلاد كلها وحدة متماسكة متكاملة. وسنرى أن ما نراه من تقاليد وعادات فى مصر هى نفس التقاليد والعادات التى فى أى بلد من البلاد الشامية إلا فى فروق طفيفة هينة.