تبرز ثنائية الحب والموت في شعر البياتي بدءاُ من "ملائكة وشياطين" ويتخذ التعبير عن هذه الثنائية أشكالاً كثيرة في المراحل اللاحقة، من حيث طبيعة الرؤية إلى الأشياء والعالم، غير أن مضمون البنية العميقة يبقى ثابتاً في طريقة النظر لموضوعي الحب والموت. إن أهم ما يميز تجربة الحب لدى البياتي اتسامها بالبحث الدائب لتحويل الخلاص الفردي إلى رمز شامل وإنموذج عام إذ يذوب الهم الفردي بالجماعي من خلال قوة المواجهة، ضد أشكال الاستلاب والإذلال الكوني. ونلاحظ في قصائده توقاً محموماً للإمساك بخيوط النور الهارب، وإصرار على تخطي حدود الأزمنة والأمكنة في معاينة ومعاناة تجربة الحب دون أن تلتاث بعاهات التجريد، فنرى: "عائشة لارا، عشتار، خزامي، هند، "امرأة العصر الحالي وامرأة كل العصور" حيث يمتزج الهم الشخصي اللحظوي بالهم التاريخي، فعائشة هي امرأة المدينة المعاصرة التي خربتها الزلازل والحروب والطواغيت والمجاعات وهي أيضاً امرأة "نيسابور" المدينة الحلمية التي تحتفى فيها صور البؤس، ضروب اليأس، والشقاء والموت بالمجان. إن عائشة ونيسابور تكتنزان بكثافة الوجود، وسحريته المدهشة وتتواليان في الظهور بأسماء وصور متعددة وتشملهما أوبئة عصور الانحطاط والتدهور أيضاً، فتبدأ المفارقة السوداء من "مسافة التوتر"-حسب تعبير كمال أبو ديب-بين الحلمي والواقعي، الخشن والشفاف وتولد القصيدة. في هذا الإطار أتت قصائد "عبد الرحمن البياتي" المختارة في هذا الكتاب والتي بلغ عددها الخمسين لتكشف عن سر الحب في قصائد هذا الشاعر وعن مدى تطور رؤيته له. وليس هذا كل شيء ففي الكتاب أيضاً مقدمة دونها كل من محمد تركي النصار ونصيف الناصر، وتحدثنا فيها عن تجربة البياتي الشعرية. وتحديدا في أشعار الحب.
شاعر عراقي معاصر، ولد في بغداد عام 1926 تخرج بشهادة اللغة العربية وآدابها 1950م، واشتغل مدرساً 1950-1953م، ومارس الصحافة 1954م مع مجلة "الثقافة الجديدة" لكنها أغلقت، وفصل عن وظيفته، واعتقل بسبب مواقفه الوطنية. فسافر إلى سورية ثم بيروت ثم القاهرة. وزار الاتحاد السوفييتي 1959-1964م، واشتغل أستاذاً في جامعة موسكو، ثم باحثاً علمياً في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية. وفي سنة 1963 أسقطت عنه الجنسية العراقية، ورجع إلى القاهرة 1964م وأقام فيها إلى عام 1970.
عضو جمعية الشعر.
توفي سنة 1999.
مؤلفاته:
1- ملائكة وشياطين - شعر - بيروت 1950.
2- أباريق مهشمة - شعر - بغداد 1954.
3- المجد للأطفال والزيتون - شعر - القاهرة 1956.
4- رسالة إلى ناظم حكمت وقصائد أخرى - شعر - بيروت 1956.
5- أشعار في المنفى - شعر - القاهرة - 1957.
6- بول ايلوار مغني الحب والحرية - ترجمة مع أحمد مرسي - بيروت 1957.
7- اراجون شاعر المقاومة- ترجمة مع أحمد مرسي- بيروت 1959.
8- عشرون قصيدة من بريلن - شعر - بغداد 1959.
9- كلمات لا تموت - شعر - بيروت 1960.
10- محاكمة في نيسابور- مسرحية - بيروت 1963.
11- النار والكلمات - شعر - بيروت 1964.
12-قصائد - شعر - القاهرة 1965.
13- سفر الفقر والثورة - شعر - بيروت 1965.
14- الذي يأتي ولا يأتي - شعر - بيروت 1966.
15- الموت في الحياة - - شعر - بيروت 1968.
16- عيون الكلاب الميتة - شعر - بيروت 1969.
17- بكائية إلى شمس حزيران والمرتزقة - شعر - بيروت 1969.
18- الكتابة على الطين - شعر - بيروت 1970.
19- يوميات سياسي محترف - شعر - بيروت 1970.
20- تجربتي الشعرية بيروت 1968.
21- قصائد حب على بوابات العالم السبع- - شعر - بغداد 1971.
- لنبدأ بالكتاب، المقدمة ممتازة فهي تشرح للقارئ عن البياتي، حياته، فلسفته الوجودية، كيفية نظم القصيدة وتطورها مع عمر الشاعر، كما تصف قدرة البياتي في استحضار شخصيات الماضي وابتداع شخصيات حديثة لبناء القصيدة على السنتها او من خلالها... ولكن على الرغم من ذلك فلا يمكن اعتبار المقدمة وافية لأن شاعراً كالبياتي، صال وجال، وسافر ونفي واغترب وهاجر، لا يمكن اختصار تجربته الشعرية بهذه السطحية، لكنها تبقى مقدمة سهلة لمن لا يعرف البياتي..وللأسف كثر لا يعرفونه لأسباب لا تخفى عن احد ولمناهج تربوية لا تمت للتربية بصلة في معظم المناهج التربوية المتبعة في بلادنا!!....
- الحب عند البياتي صراع، حب الوطن من حب الانثى لا بل حبها من اجل الوطن، من اجل بغداد وبابل والفرات... الحب عنده مقرون بواقع مر وصعب، واستحضار الشخصيات التاريخية اتى ليسقط على احداث حاضرة..
- القصائد المنتقاة جميلة، اعتقد كان يجب شرح الأسماء في الهوامش كي يفهم مقصد البياتي من القصيدة ( كقصيدة وضاح اليمني الذي دفن بالصندوق الذي اخفته فيه زوجة الخليفة!)... يبقى ان البياتي يحتاج لدراسات لفهم شعره بدقة ولتذوق تجربته الشعرية الغنية الممتدة من قلب باريس الى ضفاف الفرات (كخيط من دم) حسب تعبيره.
حبيبتي، وأنتِ تبحرين إلى بلاد الخبز والسلام والنسرين صلّي لأجلي إنني حزين ... كان حياتي، فأنا من بعدهِ سحابة تطفو على القُنن تطردها الرياح من منفى إلى منفى تشدّ شعرها المحن من أيقظ الغارق في صلاتهِ؟ منْ دقَّ بابي؟ مَنْ؟ ... أحبَبْتُهُ من قبل أن أراه من قبل أن تحملني عبر صحارى وطني يداه وبعد أن أحبني، أحرقَني هواه حلّتْ بروحي قوة الأشياء وانهَزَمَ الشتاء ذابتْ ثلوجُ وحشتي واستيقظتْ طفولتي كان لها طعم الحريق في فمي، والدم والرماد
حبيبتي، وأنت تبحرين إلي بلاد الخبز والسلام والنسرين.. صلي لأجلي إنني حزين أصنع اقمارًا من التراب أهيم في شوارع المدينة موصدة الأبواب أدفن في كتاب رأسي وأستغرق في الغياب .... أحبها، احب عينيها أحب شعرها المعطار أحب وجهها الصغير كلما استدار أحب صوتها الحزين الدافئ المنهار يفتح في الظلمة شباكاً ويهمي في الضحي أمطار أحبها حب الفراشات لحب الورد و الأنوار أحبها يا فجر أيامي و عرائس البحار ....
أحببته من قبل أن أراه من قبل أن تحملني عبر صحاري وطني يداه وبعد أن احبني، أحرقني هواه حلت بروحي قوة الأشياء وانهزم الشتاء ذابت ثلوج وحشتي واستيقظت طفولتي كان لها طعم الحريق في فمي، والدم والرماد