حينما يفتقد الناس الميزان الحق الذي لا تتأرجح به الأهواء ، ولا يغيب عنه شئ فإن الناس يتخبطون ويكونون في أمر مريج ؛ لأنهم يرجعون في وزنهم للأشياء إلى أهوائهم وإلى ما كان عليه آباؤهم الظالمون الجاهلون، وحينئذ تأتي هذه الموازين الجاهلية بالعجب في : تناقضها ، وظلمها ، وقصورها ، وجهلها ، وتقلبها، واعوجاجها؛ يقول سيد قطب - رحمه الله تعالى - : " فلا بد إذن من ميزان ثابت ترجع إليه بالأعمال ، ولا بد من قيم معترف بها نقيس إليها المعروف والمنكر. فمن أين نستمد هذه القيم؟ ومن أين نأتي بهذا الميزان؟ من تقديرات الناس وعرفهم وأهوائهم وشهواتهم ، وهي متقلبة لا تثبت على حال؟ إننا ننتهي إذن إلى متاهة لا دليل فيها ، وإلى خضم لا معالم فيه! فلا بد ابتداء من إقامة الميزان ، ولا بد أن يكون هذا الميزان ثابتا لا يتأرجح مع الأهواء . هذا هو الميزان الثابت هو ميزان الله "
ومن أجل بيان الميزان الآلهي الحق والدعوة إليه ، وبيان ما يضاده من موازين البشر الججاهلية الجائرة ، والتحذير منها ومن مفاسدها وما تؤول إليه من الشرور والفتن ، تأتي هذه الرسالة الجديدة من الوقفات التربوية في ضوء القرآن الكريم ، والموسومة بقوله تعالى " ووضع الميزان".
أكثر من رائع ولست أنا من يقيم كتابا مثل هذا. الكتاب يقع في 320 صفحة، وهو مقسم إلى ثلاثة فصول، تناول الشيخ في الفصل الأول إشكالة المصطلحات وخطورة التلاعب بها، وفي الفصل الثاني تناول خصائص الميزان الإلهي وأهم الخصائص التي ذكرها هي: - الربانية - التوحيد - الثبات - الشمول والتوازن - اعتبار الإيمان باليوم الآخر
في الفصل الثالث وهو أطول فصل تناول الشيخ أهم المسائل والمواضيع التي أصابها الاضطراب والخلل في وزنها وقد وضع لكل مسألة بحثا مستقلا يبين فيه الميزان الإلهي ثم موازين البشر المعوجة.
الكتاب رائع جدا جدا وهو ضمن سلسلة الشيخ المباركة، سلسلة وقفات تربوية في ضوء القرآن الكريم.