عرض مقتضب لتاريخ الفلسفة مع التركيز على أهم الحقب الزمنية والتيارات الفكرية وأيضًا الفلاسفة أنفسهم، يميزه السهولة والبساطة المطلوبة لهذا النوع من الكتب، بالإضافة لكونه من الكتب القليلة التي اختصت بتقديم الفلسفة مع عدم نسيانه للفلسفة الإسلامية، ويعيبه ماهو تالي:
● محاولة إخراجه الفلسفة بصورة وردية وكأن المذاهب الفلسفية تبدو متناغمة غير متناقضة، والمتتبع لتاريخ الفلسفة يعلم جيدًا أن المذاهب الفلسفية إنما تنسف من سبقها، ربما هي تعالج نفس المشكلات لكن بالطبع من مناظير مختلفة، مما يؤدي لإخفاءه لجوهر الفلسفة وهو النقد، يتبدى ذلك بجلاء في فصل الفلسفة الإسلامية، حيث أهمل الكاتب تمامًا -بطريقة تدعو للإشمئزاز- الإضطهادات التي تعرض لها المفكرون وأمضى طويلًا يسرد النواحي التي حثَّ فيها الإسلام على الفكر والظروف الداخلية التي أدت لنشأة الفلسفة الإسلامية.
● تأثره الشديد بالنقد -المتهافت- الموجَّه للفلسفة والذي يصف مشكلاتها ومواضيعها بكونها مجردة وبعيدة عن الواقع، ففي أكثر من موضع من الكتاب تشعر بأن لسان الكاتب يريد أن ينطق: (أهو ياخوانا اهو عندنا فلسفة أخلاق اللي بنستخدمها في الواقع وفلسفة السياسية اللي بتدار فيها الدول اهو وعندنا كمان البراجماتية ياخوانا انتوا بتقولوا ايه؟ التجريد لا يعيب يا سيدي، إنما انغماس الناس في الماديات بغلُو أنساهم التساؤلات الأساسية حول الإنسان والطبيعة وما وراءها، الرياضيات كدليل تبدو مقدسة من جانب برغم كونها مجردة تمامًا، بيد أن هذا التقديس لا يُبرر إلا بسبب قابليتها للتطبيق في الواقع.
مدخل جديد إلى الفلسفة ، لأول وهلة ذلك العنوان ينمُ عن استحداث المواضيع المطروحة في الفلسفة و تقديم فِكرة مميزة أو جديدة أقلًا عن السائد في هذا المجال ؛ علمًا بإنني لستُ قارئة في المجال الفلسفي أبدًا فقط مُطلعة عن بعد، لم أرى أي رأي للكاتب أبدًا ! ، جميع ما كُتب فيه معلومات من مصادر شتى ، و لا أخفيكم علمًا بإن الصفحات التي ذُكر فيها المراجع بعد كل فصل ربما تمثل ثمن الكتاب أقلًا .
يتحدث الكاتب عن الفلسفة و بدايتها و ارتباطها بالوطن العربي الإسلامي و نشأتها ، و عن العلم و العلماء العرب ، و الفلسفات التي تم انتقادها من قِبلنا نحن العرب بالمنطق و الحجج ، و يذكر المنهجيات للوصول إلى أهداف معينة طريقها الفلسفة ، يتنقل بين الفلاسفة و مذاهبهم ، في النقاش عن ذلك بربطها بأفكار دينية و تسلسلية عند ضحد المذاهب و التوصل إلى رؤى أفضل عن تلك ، مُستهلكة فِكرة أن العالم العربي المستهدف من قبل الغرب و خاصةً عند ذكرها مباشرةً و ربطها بالعلم و أننا لا ندرك مدى خطورة الأمر ببناء قاعدة علمية أساسية مستقلة .
أسلوب السرد المُعتاد و التفصيل الجزيئي الذي كان يتنقل فيه من نقطة إلى أخرى و ترك الموضوع هائمًا أحيانًا ، يصيبك بالرتابة بسبب المصطلحات المتعارف عليها كثيرًا أو أحيانًا التي تشوبها شيئًا من التعقيد و بحاجة لهامشٍ لتوضيحها ، أن تتطرق إلى العديد و العديد من النقاط الكثيرة جدًا و فتح المفاتِح للتفكير فيها ليس بالأمر الجيد دائمًا ؛ بسبب التشتت الناجم عن ذلك للقارئ ، التكرار في المحتوى مع اختلاف المسميات قد أخلّ في نقاط القوة لدى الكاتب .
أن تُناقض ما كتبته قِبلاً مع المذكور حينما تذكر الفرق الشاسع بين العلم و الفلسفة و أن تكون الفكرة المحورية في الجزيئات الأخيرة في الكتاب عن العلم و ليس الفلسفة ؛ إنه لشيءٌ عجاب!.
الكتاب يقدم بشكل موجز نموذجا مثاليا نوعا ما لما ينبغي أن تكون عليه الفلسفة والفيلسوف
بدأ الكتاب بالتعريف بالفلسفة ونشأتها ووظائفها، وكيف أن الممارسة الفلسفية من تساؤل حول الوجود والطبيعة والإنسان كانت موجودة منذ القدم في الحضارات القديمة، ثم تبلورت بشكل اصطلاحي في الحضارة اليونانية ذكر الكاتب أن وظيفة الفيلسوف هي تحليل الواقع الذي يعيش فيه، ومعرفة الأفكار السائدة فيه وعلاقتها به. بحيث يقدم رؤيته لما ينبغي أن يكون عليه الواقع الإنساني. وذلك من خلال نقد الأفكار السائدة وفهم التطورات الفكرية والتجارب الإنسانية في عصره وفي العصور السابقة. مما يتيح له تقديم نموذجه الفلسفي بشكل متكامل
كانت البداية مع الفلسفة اليونانية وأشهر فلاسفتها، وكيف كانت نظرتهم للمجتمع وما ينبغي أن يكون عليه. فسقراط نقد أسلوب السفسطائيين في الجدل من خلال أسلوبه في الحوار الذي يبدأ بادعاء الجهل أثناء محاورة الطرف الآخر ثم طرح التساؤلات حول ما يدعيه هذا الآخر من علم ليقوم بعدها بتفنيد حججه وتوضيح جهل ما يدعيه من علم وأفلاطون طرح نظريته حول المُثُل ليبني عليها فكرته الفلسفية حول الإنسان الفاضل والمجتمع الفاضل. وأرسطو جمع بين منهج الماديين ومنهج المثاليين من خلال مفهومي الوجود بالقوة (وجود ما ورائي) والوجود بالفعل (وجود مادي)، وقدم نموذجه الفلسفي القائم على المنطق، والذي يبدأ بمقدمات معلومة وصولا إلى نتائج تترتب عليها
ثم انتقل إلى الفلسفة الإسلامية، ووضح كيف أن الإسلام يشتمل على فلسفة أصيلة يتكامل فيها الوحي مع العقل، وهذا ما نراه واضحا من خلال الآيات القرآنية التي تحث الإنسان على البحث والتفكر والتأمل في النفس والكون والمخلوقات، وتقدم إجابات للتساؤلات التي يطرحها المسلمون وغيرهم، وتعلمهم كيفية محاورة الآخر بالتي هي أحسن، وغيرها الكثير من الآيات التي تقدم فلسفة شاملة للقيم العليا التي جاء الإسلام من أجلها وأيضا ما نراه من بدايات تأسيس علم الكلام وعلم أصول الفقه وعلم الحديث وغيرها من العلوم التي يتضح من خلالها دور العقل الفاعل وتعامله مع الوحي. كل ذلك كان متأصلا في الإسلام قبل أن تتم حركة الترجمة وتصل كتب الفلسفة اليونانية إلى المسلمين وتتطور الحركة الفلسفية في الإسلام فيما بعد على يد الفارابي والغزالي وابن رشد وغيرهم
بعد ذلك انتقل إلى الفلسفة الحديثة التي بدأت في أواخر القرن السادس عشر تقريبا. وشيئا فشيئا أصبح تركيز الفلسفة ينصب على عالم الظواهر المادي كما يبدو لنا أكثر من الانشغال بالعالم الماورائي والقضايا الميتافيزيقية. وهنا قام الكاتب بإيجاز بتقديم بعض فلاسفة هذه الحقبة الزمنية
فهذا فرانسيس بيكون يضع أول خطوات المنهج العلمي الحديث في ملاحظة ظواهر الطبيعة، عن طريق استبعاد الأفكار والتصورات المسبقة عنها وتقديم المنهجية العلمية الاستقرائية بناء على الملاحظات الحسية لهذه الظواهر للوصول إلى نتائج أكثر دقة وهذا ديكارت الذي استخدم الشك المنهجي للوصول إلى النتائج، فبدأ من أكثر الأشياء وضوحا عنده ثم انطلق منها إلى إثبات الأشياء الأخرى ثم كانط الذي يقوم بوضع حدود للعقل النظري، عن طريق جعله يعتمد فقط على ظواهر العالم الحسية، وذلك من خلال ملاحظة هذه الظواهر ووضعها في إطار عقلي بغرض صياغتها في عبارات منطقية مفهومة. كما لم ينكر كانط وجود المفاهيم الغيبية، إنما جعلها للتسليم خاصة وأنه يصعب إثباتها عقليا وهذا وليم جيمس أحد كبار مؤسسي الفلسفة البراجماتية، الذي صاغ فلسفته عن طريق المنفعة، فأي شيء نافع ويقدم نتائج معروفة فهو حقيقي، سواء كان هذا الشيء مادي أو غير مادي، وسواء كانت المنفعة مباشرة أو غير مباشرة
وبغض النظر عن تباين بعض الفلسفات وصحة بعض التصورات، إلا أن ذلك يوضح كيف كان مسار الفلسفة على مر العصور مسارا عقليا نقديا متأثرا بظروف الزمان والمكان من علوم وأفكار ومعتقدات وهنا أحب أن ألخص فكرة العلاقة بين الفلسفة والعلم والدين
الفلسفة تقوم بطرح النماذج والتصورات العقلية لما ينبغي أن يكون عليه الواقع. كما تقوم بوضع تصورات حول الكون والحياة والقيم الأخلاقية وغيرها. إن ذلك يتم بطريقة منهجية ومنطقية تكون عادة مصحوبة بالأدلة والبراهين. كل ذلك يقوم به الفيلسوف بشكل تجريدي نوعا ما بحيث يقدم نموذجا متكاملا عن فلسفته في الحياة
وعلى الرغم من تطور العلم في عصرنا الحديث، وما صار يقدمه من نتائج واضحة وملموسة تخالف ما كان سائدا من أفكار وتصورات فلسفية قديمة. فقد أصبحت هناك بعض الدعوات بأن دور الفلسفة أصبح هامشيا أو ملغيا. خاصة وأن الفلسفة في ضوء هذا التصور هي عبارة عن تصورات عقلية مجردة لا دليل مادي عليها ولا نتائج ملموسة لها وبالتالي فهي غير قابلة للنفي أو الإثبات ولا تقدم أي فائدة حقيقية
لكن في الواقع الفلسفة كان لها الدور الأكبر في تأسيس المنهج العلمي الذي يقدم الرؤية الكلية للتصورات الجزئية التي يقوم بها العلم التجريبي. وبدون الفلسفة والتصور الفلسفي فإن العلم سيبقى سجينا في إطار التجربة المادية من غير أن يتقدم خطوة واحدة كما ظهرت أيضا بعض الفلسفات التطبيقية مثل فلسفة العلوم وفلسفة التاريخ وغيرها بحيث تقوم بتحديد دور العلم في حياة الإنسان حتى يحيا حياة متوازنة. فلا ينبغي أن يطغى الجانب المادي من العلم على حساب الجانب الأخلاقي والوجداني والروحي
وكما أن العلم جاء مصححا لبعض التصورات الفلسفية، فإن الدين جاء بتقديم رؤية متكاملة عن أصل الوجود والحياة، وماذا ينبغي على الإنسان أن يفعله في حياته وما هو مصيره بعد الموت. وبذلك قام الدين بتصحيح أي تصورات فلسفية اختلط فيها الحق مع الأساطير والخيالات والأوهام. فالدين يقدم حقيقة مطلقة مصدرها علوي سماوي يحسم أي تصور مخالف عن ذلك. فهناك حقائق غيبية يعجز العقل الإنساني المتفلسف عن إدراكها والخوض فيها
تتكامل الفلسفة مع الدين من حيث منهج كل منهما، فالدين يقوم على الإيمان والتسليم بحقائق معينة، والفلسفة تقوم على العقل والمنطق والإقناع. لذلك فالفلسفة تدعم الإيمان بالدين من خلال تقديم الحجج العقلية لهذا الدين إن كان صحيحا إن الدين بشكل عام يخاطب الوجدان، والفلسفة تخاطب العقل. والدين الإسلامي الذي هو خاتم الديانات يخاطب العقل والوجدان معا. وهذا يبدو واضحا في كثير من الآيات القرآنية كما ذكرنا. مما يجعل هذه الممارسة العقلية جزء أساسي في التصور الإسلامي
محاولة محمودة من الدكتور مصطفى النشار لتقديم مدخل لدراسة الفلسفة، أظنّه مناسبًا بشكلٍ كبيرٍ لكثيرٍ من المبتدئين الذين لم يتصلوا بالفلسفة من قبل، كما أنّ إيجازه لمُنجز السوفسطائيين وسقراط وأفلاطون وأرسطو ومن بعدهم الإسلاميين ثم فرنسيس بيكون وديكارت وكانت ثم البراجماتيين الأمريكان، هذا الإيجاز أعُدُّه مفيدًا لجميع المشتغلين بالفلسفة والمهتمين بها وإن تجاوزوا دراسة تلك الحلقات في تاريخ الفلسفة، باعتباره مراجعةً سريعةً على بعض الأفكار الهامة لدى أولئك الفلاسفة المذكورين. لكن يُؤخَذ على الكتاب مبالغاته التقريظية لكل ما يمتّ بصِلة إلى الهوية العربية الإسلامية والتي أعتبرها أدخَلَ في بند الكليشيهات من الحِجاج الفلسفي. كذلك لا يمكن إغفال الأخطاء اللغوية الهائلة الكثيرة في هذه النسخة.
ضمن الكتب المعنونة بعنوان مدخل إلى الفلسفة..أعتقد أن هذا الكتاب هو أفضل محاولة ناجحة إلى الآن..وإذا قارنا بين عنوانين يحملان نفس الاسم..والكتاب الآخر لعبد الرحمن بدوي فالنشار كانت محاولته أفضل بكثير حيث غلب على الثاني النقل في الغالب ميزته في محاولة التبسيط الكبيرة قدر الإمكان ..وهو يفترض أن من يبحث عن مدخل إلى الفلسفة فهو في الغالب أمي عنها وبالتالي يفترض أن يتحدث عن الفلسفة وليس في الفلسفة
ذكر في الفصل الأول تعريفات الفلسفة واختلاف التعاريف..وأهمية الحاجة للفلسفة ثم تطرق بشكل مقتضب لتاريخها من اليونان حتى العصر الحاضر ثم تطرق لأهم المذاهب الفلسفية الكبرى وأهم إشكاليات الفلسفة الغربية ثم تطرق بشكل مقتبض أيضا للفلسفة الإسلامية وأهم مشكلاتها
وتطرق في الفصل الأخير لأزمة الفكر العربي الراهن وأسباب تراجعه ووهنه
لن تتفق مع الكتاب في كثير من نتائجه..لكنها محاولة جادة ممتازة..وقد حاول قدر الإمكان أن يغطي أهم المباحث فكان العرض على حساب العمق
والمهم من يبحث عن كتاب مدخل للفلسفة وهو خالي الذهن من أي معرفة فلسفية..فهذا هو الكتاب المناسب..
لطيف كمدخل تعريفي عام بالمباحث الفلسفية وأهم الفلاسفة. انتهج في تقديمه الفلسفة المشي على المراحل التاريخية: من الفلسفة اليونانية، ثم الإسلامية، ثم الحديثة، من خلال عرض أهم المسائل التي انشغل بها رواد تلك المراحل التاريخية. ووجود مراجع في نهاية كل فصل أمر جميل أيضا.
أهملت الجزء الرابع من الكتاب: مشاكل الفكر العربي المعاصر.
اول كتاب اقرأه في الفلسفة وقد كان رائعا في شرحه وتبسيطه لأمور الفلاسفة ومناهجهم ، العيب الوحيد فقط أنني شعرت بالملل جدا عندما كنت اقرأ الفصل الأخير ، ولكن مع ذلك فالكتاب يعتبر جيدا لدخول مجال الفلسفة