في هذا الكتاب يحكي محمد زكي عبدالقادر بأسلوبه الشائق .. قصة الإنسان الذي جاء إلى الدنيا واقعًا من الواقع ، ويذهب عنها فيصبح خيالًا من الخيال .. هذا الإنسان الذي يرتفع أحيانًا إلى مصاف القديس ، ويهبط أحيانًا فيصبح هو الشيطان الرجيم .
محمد زكي عبد القادر (1906 - 7 مارس 1982) - أحد كبار الصحفيين المصريين، رئيس تحرير جريدة الأهرام، ثم أخبار اليوم، و عمل بالجامعة.
له كتب في الصحافة، والقصة القصيرة، والرواية، والقانون.
أسس مجلة أدبية استمرت قرابة خمسة عشر عاماً : الفصول (1944-1958)
وهو من مواليد قرية (فرسيس) محافظة الشرقية سنة 1906.
من مؤلفات محمد زكي عبد القادر ---------
1-أبو مندور، القاهرة 1963م 2-أجساد من تراب، كتاب اليوم، العدد (133)، القاهرة ـ يناير 1978م 3-الله في الإنسان، كتاب اليوم، العدد (47)، القاهرة ـ يناير 1976م 4-البطالة ووسائل علاجها، القاهرة 1936م 5-تأملات في الناس والحياة، القاهرة 1962م 6-الحرية والكرامة الإنسانية، القاهرة 1959م 7-حياة مزدوجة، القاهرة 1964م 8-الخيط المقطوع، القاهرة 1963م 9-الدنيا تغيّرت، دار ومطابع المستقبل، القاهرة 1966م 10-ذنوب بلا مذنبين، كتاب اليوم، العدد (47)، القاهرة ـ فبراير 1972م 11-رسائل وسائل، القاهرة 1963م 12-الصدفة العذراء، القاهرة 1961م 13-صور من أوربا وأمريكا، القاهرة 1960م 14-صور من الريف، 1949م 15-على حافة الخطيئة، كتاب اليوم، العدد (65)، القاهرة مايو 1973م 16-لستُ مسيحاً أغفر الخطايا، كتاب اليوم، العدد (30)، القاهرة ـ ديسمبر 1970م 17-محنة الدستور، القاهرة 1955م 18-نماذج من النساء، القاهرة 1965م 19- أشتات من الناس ، كتاب اليوم
في أول خمس صفحات منحت الكتاب خمس نجمات بلا تردد.. و مهما كان المكتوب في بقية الصفحات المائتين و خمسين فلم أكن لأغير تقييمي هذا!
الكتاب يحتوي على عدة قصص قصيرة بالإضاة إلى بعض المقالات.. أعتقد أنني قرأتها عندما قررت جريدة الأخبار في التسعينات إعادة نشر العمود اليومي للكاتب الراحل..
لا أقول أن الأستاذ زكي كاتب قصصي رائع.. لكنه يتخذ من الشكل القصصي وسيلة لعرض أفكاره و فلسفته في الحياة.. الشكل القصصي هنا مجرد إطار و ليس هدف في حد ذاته.. لكنما برع فيه بالفعل هو استخدامه للمونولوج و الديالوج بالشكل الإنساني الحقيقي.. الشكل الذي يدور داخل عقل أي شخص فينا عندما يحاول الوصول إلى قرار.. عندما تتنازعه الأهواء..
الفكرة الرئيسية في فلسفة الكاتب هى التغيير.. أن الحياة تغير دائم... لا شئ يظل للأبد.. يتأرجح الإنسان بين كل المتناقضات... الخير و الشر.. الفضيلة و الرذيلة.. الحب و الكره.. العقل و القلب... العاطفة و الجسد.. الإيمان و الجحود.. النعمة و النقمة..
جميع الشخصيات تجدها تدخل في صراع نفسي داخلي تتأرجح من خلاله بين كل تلك المتناقضات.. بل أحيانا تجد الشخصية تبدأ من طرف ما و تنتهي للطرف النقيض تماما.. فالزوجة التي تلوم زوجها على عدم اهتمامه بها مما جعلها تستمع لرجل آخر تجدها تلوم نفسها لاحقا و تشعر أنها مخطئة أنها منحت الفرصة أصلا لزوجها للابتعاد.. بدأت من لوم الآخرين و الإيمان ببرائتها و انتهت بإدانة نفسها.. الحبيب الذي يتخذ من كل علاقة مجرد وسيلة للشهوة يتحول إلى شخص نادم يحاول أن يجد التوبة على يد نفس الفتاة التي أراد أن يغرر بها.. الرجل الناجح ذو المركز المرموق و العائلة السعيدة يعاني من ازمة نفسية لفهم معنى الحياة كلما كان وحيدا.. لكنه يكتشف هذا المعنى عندما يتواجد مع الناس ليعرف أن السعادة الحقيقية في أن تكون يد مساعدة للآخرين..
جميع الشخصيات تسير على هذا المنوال.. تتأرجح بين الخير و الشر.. تسقط أحيانا و لكنها تتسامى أحيانا أخرى.. وهذه هى حقيقة الإنسان.. هذا شيء أشعر بالارتباط به.. هذا شيء أجده في الحياة بأكملها .. في أي شخص مهما كانت أفكاره.. فالإنسان أكثر تعقيدا من أن يكون ذو جانب واحد.. إما طيبا و إما شريرا.. بل أنه قد يظهر كلا الجانبين في نفس اليوم تبعا للظروف المختلفة..
لكن اختلف مع الأستاذ زكي في أنه يرى أن الأصل في الإنسان هو الخير .. و كل ما حوله هو نزاع لهزيمة هذا الأصل في داخله.. في رأيي اعتقد أن الأصل هو الشر.. و الدليل على ذلك وجود الأديان.. فلو كان الأصل هو الخير و الإنسان في جوهره خير فلم يكن هناك أي مبرر لهبوط الكتب السماوية لتهذيب الإنسان.. على أي حال هذا اعتراض هامشي و اختلاف في الأفكار لا يمنعني من الإعجاب بالكتاب..
العيب الوحيد هو التكرار قليلا.. فبعض المقالات تحدثت في نفس الأفكار.. و بعض القصص كانت متشابهة أيضا في عرض فلسفتها.. لكن أيضا هذا شيء لم يكدرني و لم يمنعني من الاستمتاع بهذا الفكر أكثر من مرة..
دي أول مرة أقرأ فيها لـ"محمد زكي عبد القادر" لكني فعلا معجبة بأسلوبه وطريقته في التصويروالتحليل الكتاب يشمل علي قصص قصيرة وبعض لوحات كما يقول يحلل فيها الحياة عجبني جدا :)
مجموعة من القصص القصيرة والمقالات والخواطر عن الإنسان، النفس الروح، الحياة والموت، الخير والشر. "هذه بضع من نفوس ونفسيات، بعضها قصص لها بداية ونهاية وبعضها لوحات ليس فيها إلا التحليل والتصوير والتقرير، وهي في كل الأحوال خطوط القدر على الوجوه واضطرام الأمل والألم في الصدور، ثم هي لمحات من عواطف أمينة وغادرة. وهل في الإنسان إلا الأمانة والغدر يلتحمان كأنهما نسيج واحد، يغمض عليك الغدر أحيانًا حتى لتراه الأمانة، وترى الأمانة أحيانًا فإذا هي الخيانة. ولو أنصفت لقلت أنه الإنسان طبع على هذه وتلك، يرتفع أحيانًا إلى مصاف القديسين ويهبط أحيانًا فإذا هو الشيطان الرجيم. لو أردت أن أجمعها في نوع واحد ما استطعت، ولو أردت أن أوزعها بين أنواع مختلفات ما استطعت، لأنها خليط جمع من كل شيء، وأشتات انتظمتها نفس الإنسان، وكم في نفسه من متناقضات وكم لها من نزوات وشهوات.. بعضها صور من الواقع من الرأس إلى القدم، وبعضها خيال فيه من الواقع وواقع فيه من الخيال، وهل حياة الإنسان إلا واقع وخيال.. جاء إلى الدنيا واقعًا من الواقع ويذهب عنها فيصبح خيالاً من الخيال.. كان ثم ذهب، التمع ثم انطفأ، وبين الالتماع والانطفاء تكون المعاناة، خطأ حينًا وصوابًا حينًا، خيرًا حينًا وشرًا حينًا، لا يعرف أين الخطأ وأين الصواب، أين الشر وأين الخير، يد تسوقه ويد تجذبه، وهو بين الدفع والجذب، يشرب كأس الحياة راضيًا أو كارهًا، تهتز في يده كأنه يعافها، ويتردد أمامها كأنه القادر أن يأخذها أو يدعها، وهو في واقع أمره شاربها حتمًا، سعيدًا أو شقيًا، قديسًا أو شيطانًا." مقدمة الكاتب.
محمد زكي عبدالقادر .. فيلسوف بارع وكاتب قدير لم ينل حقه .. أعجبني أسلوبه جدًا .. فهو يُشعرك بأن أفكاره وتأملاته وليدة القلم .. يبدأ بالحديث عن الموضوع بشكل عرضي ثم يسترسل في الكتابة .. فقد تجده في النهاية وقد غيّر وجهة المقال ليتحدث عن فكرة أخرى ! أو ربما يصل لنتيجة مُغايرة تمامًا لما أقرّه في أول المقال !