التفكير الفقهي في المعاملات المعاصرة ، بين النظر في شكل المعاملات المالية المعاصرة ومضمونها
لماذا هذا الكتاب ؟
لأن تجربة فقه المعاملات المعاصرة بالرغم من كثرة الإنتاج الذي قدمته على مستوى مسائل النوازل، إلا أنها لا تزال تحتاج إلى دراسات تعيد تقييم طبيعة هذا الإنتاج وتكشف عن منهجية حركته، وآليات اشتغاله.
ولأن هذا الكتاب جاء لا ليبحث في نتائج آراء المعاصرين في مسائل المعاملات المعاصرة؛ فالمكتبة الفقهية تزخر بكثير من جنس هذه الدارسات، لكنه جاء ليبحث في منطق التفكير الفقهي الذي كان يحكم هؤلاء الفقهاء وهم ينتجون تلك الآراء.
هذا الكتاب يحاول أن يراجع التفكير الفقهي المعاصر في واحدٍ من ممارساته المركزية والتي تتعلق بطبيعة نظره للعقود المالية، هل كان ينظر إلى شكل تلك العقود أم إلى مضمونها؟ هل كان ينظر إلى المقاصد أم الظواهر؟ ويحاول أن يربط بين هذا التفكير الفقهي المعاصر والجذور التي تأثر بها في المدارس الفقهية القديمة.
وهذه هي حلقة من حلقات قراءات في الخطاب الشرعي، التي تقصد إلى تطوير هذا الخطاب وتنميته وتأهيله من جديد.
إذا قسمنا الكتاب قسمين فأنا أعطي القسم الأول ٥\٥ والثاني٤\٥
أما القسم الأول من الكتاب فهو عبارة عن تأملات وملاحظات في فقه المعاملات المالية المعاصرة، استمتعت به جدا وفيه تأملات رائعة ونظرات ثاقبة، سواء حديث المؤلف عن الاقتصاد الاسلامي وتجربة البنوك الإسلامية وأهمية النقد الذاتي وتصحيح المسار أو تلك الملاحظات التي تتعلق "بمنهجية التعامل المعاصر مع المدونات الفقهية المختصة بالمعاملات المالية" من ضرورة:
١- إعادة عرض المادة الفقهية حسب ترتيب العلل الجامعة لا الأمثلة المفرقة. ٢-الانتباه لعدم الغرق في التكييف الفقهي للمعاملات المعاصرة وتكلف ربطها بالصور الفقهية القديمة ولا إهمال التكييف مطلقا، ويرى الكاتب أن القدر الذي لا بد منه هو التكييف الفقهي المتعلق بـ "مرتبة المعاني والعلل، كالتفريق بين طبيعة العقد إن كان قرضا فلا تجوز الزيادة، أو غير قرض فيجوز الربح... أما ما عدا ذلك من المراتب فإنه تكلف يشتت الذهن" ٣- أولوية ضبط وتقويم المعيار ومنهج النظر على النتائج والأقوال .. العبرة بسلامة المنهج في النظر مقدمة على سلامة القول الناتج. ..الخ
وأما القسم الثاني فاختار فيه المؤلف ثلاثة نماذج تطبيقية ( المرابحة للآمر بالشراء/التورق المصرفي/المشاركة المنتهية بالتمليك)يشرح فيها النموذج ويكشف عن الأسئلة الرئيسية خلفه والتي بالإجابة عنها تتضح الاتجاهات الفقهية المعاصرة ومن ثم مدى تأثر هذه الاتجاهات الفقهية بالاتجاهات الفقهية القديمة ونظرتها للعقود و هل الأصل فيها اعتبار الحقائق والمعاني أم الأشكال والصور (وهنا أشير إلي ضرورة مراجعة الكتاب الذي سبق هذا الكتاب لنفس المؤلف "إشكالية الحيل") ولم يحرص المؤلف على الترجيح بين الأقوال بقدر ما حرص على البحث في طريقة إنتاج هذه الأقوال وما هي التأثيرات والخلفيات التي ساهمت في ظهورها.
شخصيا استهواني الجانب التنظيري أكثر من التطبيقي وفي كل خير .. واسلوب الكاتب سلس وجميل.
هذه الدراسة التي تأتي في سياق خدمة العقل الفقهي المعاصر ستكون في فصلين : الفصل الأول: ملاحظات أولية في فقه المعاملات المالية المعاصرة. الفصل الثاني : اتجاهات الفقهاء المعاصرين في المعاملات المالية المعاصرة بين شكل العقد ومضمونه (نماذج تطبيقية).
تضمن الكتاب مقدمة طويلة نسبيا هي من أجمل ما وقفت عليه في منهجية التفكير الفقهي وكيفية تعامل المعاصرين مع المدونات الفقهية القديمة في باب المعاملات المالية ثم عرض المؤلف بالتفصبل لثلاث معاملات معاصرة تعتمدها البنوك الإسلامية هي: "المرابحة للآمر بالشراء" و"المشاركة المنتهية بالتمليك" و"التورق المصرفي"، حيث عرض آراء الفقهاء المعاصرين فيها من حيث القبول أو الرد وكيف قامت البنوك الإسلامية بتطبيق هذه المعاملات وحقيقة هذه المعاملات وعلاقتها بما عرض له الفقهاء المتقدمون وأهم ما في الكتاب تفريقه بين طريقتين في الحكم على المعاملات المالية: طريقة من يركزون على الحقائق والمعاني وطريقة من يركزون على الصور والأشكال كنت أتمنى لو لم يقتصر تناول هذه المعاملات الثلاث على العرض فقط وتجاوزه لوضع حلول واقعية لكل معاملة... آملا أن يكون في كتاب منفرد مستقبلا
الفصل الأول من الكتاب - وهو المتعلق بصفة عامة بمنهجية البحث الفقهي عموما وفي المعاملات خصوصا - أكثر من رائع! لم يقدّر لي أن أقرأ مثل هذه الأفكار في البحث الفقهي سابقا في أي كتاب، فإنها حقيقة بالاعتبار بها وممتعة جدا.. أفكار حيّة.. أما الفصل الثاني فإنه القسم التطبيقي والتمثيلي من الكتاب، وفي هذا الفصل يطبق الكاتب السؤال الأساسي للكتاب على عدّة معاملات معاصرة، والسؤال هو: هل العبرة في العقود والمعاملات بالمعاني والحقائق أم بالصور والأشكال؟ أما التطبيق والتمثيل والدراسة لهذا السؤال فيأتي على مسائل: التورق المصرفي، المرابحة للآمر بالشراء، والمشاركة المتناقصة. وبما أن هذا الفصل تطبيقي، فإنه يفتّح الذهن الفقهي، ولذلك فإنه مفيد جدا لطالب الفقه.. الكتاب جدير بالقراءة لكلّ مشتغل بالفقه عموما والمعاملات المعاصرة خصوصا، والاقتصاد الإسلامي أيضا.
القسم الأول (النظري) أجاد فيه الكاتب وقدم ملاحظات مهمة. أما في القسم الثاني (التطبيقي) فقد وقع في التكرار، وفي وجهة نظري تراجع في مستوى حسن الترتيب والتنظيم والوضوح وحتى الدقة العلمية.. فعندما يذكر أن مصدر الاقتباس مثلا (التورق ١٩) دون اسم الكاتب فهذه مشكلة، كما ناقش أشياء دون أن يبين حقيقتها وتعريفها مثل بيع العينة وما شابه.. كما اعتقد ان تصنيفه للباحثين إلى أهل الحقائق وأهل صور فيه نظر ويحتاج مراجعة والله اعلم... ولكن بالمجمل الكتاب جيد ينصح به.
كتاب جيد وفيه جمع طيب لكن أغفل فيه بعض النقاط الهامة، مثلاً تكراره لأكثر من مرة أنه لا فرق بين الوعد الملزم والعقد، والصحيح أن هناك فرق بينهما كما هو معروف عند القانونيين والفقهاء، مثل إنه يتحمل الضرر فقط، وأن السلعة تظل تحت تصرف البائع وله بيعها والتصرف فيها كما يريد مع دفع مقابل الضرر الحاصل على المشتري وغير ذلك، لكنه بحث طيب ويجعل الإنسان ينظر للمعاملات المالية المعاصرة مرة أخرى