من قاعات منتزوما إلى شواطئ طرابلس نخوض معارك بلادنا في الجو والبر والبحر نحارب لأجل الحق والحرية أولاً، ونذود عن شرفنا الرفيع ونفخر بأننا جديرين باسم جنود بحرية الولايات المتحدة
حين تكون في حضرة إبداعات الفنان رضوان محمد أبوشويشة سواء القصصية أو المسرحية أو التاريخية أو التشكيلية فلابد أن تتهيأ وتتزين وتتجمل بالبهجة والروعة، وتتزود بمفاتيح فكرك وقلبك معاً، للابحار في دهاليز وعوالم وسراديب ذاك الجمال والفن والإمتاع وصور قيم الخير والمحبة.. التي تعلمك أن تبتسم أولاً.. وأن تنحاز إلى الظرافة والنكتة وخفة الروح...
ولابد أن تستعد لملاحقة زمن البهاء مع انبلاج شموس كل يوم في طرابلس، وهي ترسل أشعتها الذهبية إلى كدوة العزيزية، لتلفح بكل حنوٍ وزهوٍ وجهَ طفلِها الكبير، الذي تدرب مبكراً على عزف الناي، ورسم لوحات كاريكاتورية لوجوه المدرسين... ثم تطور فرسم سراب الليل، وعام الثلج، والكدوة وغيرها.. ذاك الطفل الذي لا تنام الليالي في عينيه السوداويتين كما عهدناها عند الآخرين، بل تظل ترشف قهوة الحبهان، وتتلو قصائد الصباح والمساء طوال اليوم، وهي تصافح زهور قلبه الندية، وشغاف روحه الشفافة، وتتجلى لنسائم بحرية نادرة، ونبتات البرية اليابسة، وتغازلُ بهاء القمر في علياءه، فيجود باسماً على أرجاء طرابلس وكل الأمكنة بدفء أضواءه وأنواره، فينثرها كفراشات زاهية الألوان، تتراقص في سفرٍ دائم بين المكانين، تحكي لنا رواية، أو تطرز لوحة تشكيلية، أو تتجلى كحركات فنية على ركح المسرح بأنفاس رضوانية مميزة.
كان مولده انحيازاً للسلام والمحبة والجمال والفن، وتحدياً للحرب العالمية الثانية في سنة 1945 بمدينة العزيزية التي سجلت حضورها في التاريخ الوطني والعالمي في عدة مناسبات، لعل أبرزها تسجيلها أعلى درجة حرارة في العالم والتي بلغت 58 درجة مئوية في 13 سبتمبر 1922. ويبدو أن رضوان أبوشويشة قد استمد من مكان مولده الساخن، وخيوط الشمس الحارة الملتهبة، طاقة ابداعية متنوعة، جعلته من أبرز المساهمين في المشهد الأدبي والفني في بلادنا، طوال الخمسة عقود الأخيرة منذ حصوله على شهادة الثانوية العامة وانخراطه في المجال الصحفي والأدبي والشغف بممارسة الفنون التشكيلية والمسرحية.
شخصياً لا أستطيعُ أن أمسك باللحظة الثمينة التي قادتني إلى عوالمه المبهجة التي تداخلت فيها ألوانُه وخطوطُ فرشاته مع مدادِ قلمِه وفيوضِ فكره، وشخصياتِ مسرحياته وأساطيرِ كهوفه التي يغوص فيها بأعماق التاريخ الليبي القديم في أكاكوس وآقار وتاسيلي، بهوس الباحث الذي يؤمن بأن هذا الوطن هو منجم كنوز طبيعية، وثروة تاريخية تحتاج من ينقبُ عنها.
وحين ارتميتُ في أحضان الرياض الرضوانية وجدتُ نفسي أرددُ صلواتٍ في محراب الوطن والحب والقيم الانسانية كافة. فأول عمل تعرفتُ عليه كان كتابه (عند باب البحر) الذي تضمن ترجمته لنص النشيد الرسمي لقوات المارينز الأمريكية (ترنيمة الأسطول) الذي يوثق ويوطن اسم مدينتنا طرابلس في كلماته وهو يقول (.. من قاعات مونتيزوما إلى شواطيء طرابلس...) والذي ضمنته لاحقاً في ثنايا قصديتي (لعينيكِ أغني) التي أهديتها لليبيا ولادةِ النجباء... نعم ولادةٌ للنجباء.. ورضوان أبوشويشة واحدٌ منهم... غاص في كتب التاريخ بحثاً وتنقيباً عن ليبيا.. وعاش في ايرلندا وغرناطة الأسبانية بقلب ليبي، وفكر ليبي، وعقل ليبي.. وحب ليبي لهذه الأرض التي صاغها مقالاتٍ ودراسات وترجمات ولوحات فنية تشكيلية تنبض بالعشق، وتعزف لها أعذب الألحان وأجمل السيمفونيات، وهو يشدو بكل فخر... أنا الليبيُ الإنسان.. من استوطن الكون وصنع العجلة وبنى الاهرامات قبل الفراعنة.. أنا صوتُ الجمالِ ورحيقُ النغم.. وروحُ الحقيقة ونداءاتُ الحق... أنا رضوان أبوشويشة.
هذا الكتاب يحوي في ثلاثة فصول مقتطفات من اسر السفينة فلادلفيا و حياة الاسري في طرابلس كفصل اول والفصل الثاني بعض المعلومات والاستدلالات علي حرب مملكة سردينيا وطرابلس في العشرينات من القرن التاسع عشر و الفصل الاخير نبدة عن الخزب الليبي الوطني الاول الذي تاسس في عشرينيات القرن العشرين. لا ادري لم اختار هذه المواضيع الثلاثة بالتحديد وما علاقتها ببعض ولا كنة اشار ضمنيا الي انها مقالات كتبها فيما سبق.
الكتاب خفيف وفيه معلومات مختارة مشوقة..وهو معظمه استدلالات واقتباسات من كتب اخري .وبما انني قرأت جل الكتب المقتبسة فكانت قراءته ممتعة وفيها تجديد للمعلومات.