هذا الكتاب/الشذرات هو الثاني لحداد بعد كتابه «الغزالة يوم الأحد» الذي يأتي بشكل شذرات، يفتح فيه حدّاد أفقاً جديداً للكتابة، يمتزج فيها الحياتي بالإنساني في هذا التمازج بين النثر والشعر من خلال فن الشذرة القصيرة التي تنطلق من رؤى الشاعر وعلاقاته بالأشياء والأفكار التي يؤسس منها وجهة نظره الخاصه بفنية عالية.
قاسم حداد شاعر معاصر من البحرين ولد في عام 1948 ، شارك في تأسيس (أسرة الأدباء والكتاب في البحرين) عام 1969. وشغل عدداً من المراكز القيادية في إدارتها. تولى رئاسة تحرير مجلة كلمات التي صدرت عام 1987 وهو عضو مؤسس في فرقة (مسرح أوال) ، ترجمت أشعاره إلى عدد من اللغات الأجنبية
ولد في البحرين عام 1948. تلقى تعليمه بمدارس البحرين حتى السنة الثانية ثانوي. التحق بالعمل في المكتبة العامة منذ عام 1968 حتى عام 1975 ثم عمل في إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام من عام 1980. شارك في تأسيس ( أسرة الأدباء والكتاب في البحرين ) عام 1969. شغل عدداً من المراكز القيادية في إدارتها. تولى رئاسة تحرير مجلة كلمات التي صدرت عام 1987 عضو مؤسس في فرقة (مسرح أوال) العام 1970. يكتب مقالاً أسبوعياً منذ بداية الثمانينات بعنوان (وقت للكتابة) ينشر في عدد من الصحافة العربية. كتبت عن تجربته الشعرية عدد من الأطروحات في الجامعات العربية والأجنبية، والدراسات النقدية بالصحف والدوريات العربية والأجنبية. ترجمت أشعاره إلى عدد من اللغات الأجنبية . متزوج ولديه ولدان وبنت (طفول - محمد - مهيار) وحفيدة واحدة (أمينة). حصل على إجازة التفرق للعمل الأدبي من طرف وزارة الإعلام نهاية عام 1997.
يكتب قاسم هنا بشذرات قلبه المنسلة من غمد قلب الشاعر والحكيم والفيلسوف والإنسان الحر الذي لا يتأطر بإطار ولا يتشكل في قالب لا رجال دين ولا سياسيين! هو يكتب من سماءه العليلة الموجوعة والموسومة بندوب الماضي التي عايشها قاسم، فانعكست لما هو واقع وحاضر بين أبناء جلدته وشعبه تارة، وبين أصداء قلبه ومونولوجاتها تارة أخرى! لا يهم إن كان يكتب تورية، ولغزا ولمزا، هو يعلم بأن رسائله وشذراته وحكمه المكتوبة هي حتمًا في طريقها إلى من يهمهم ! يجد في عزلته، وصمته، وأحلامه اليائسة طوَّق نجاة من حطيم الحقيقة والواقع بين من يعيش! فيفضلها وينزوي بها مع نفسه .. عميق جدا، ويحتمل ألف معنى ومعنى!
اقرأ سماء قاسم حداد العليلة. في معظمها حزينة، بها بصيص يأس، لكن بعضها مضحك. (ساكنوا القمر يعملون على اكتشاف ما اذا كانت الأرض مأهولة.)! شعرت ان الكثير من هذه الشذرات تحمل افكار تعكس الواقع السياسي في البحرين في اخر سنتين. ثمة عتب كبير/ربما هجاء/ لرجال الدين في اكثر من مقطع. لا اذكر اني لاحظتهم في كتابات قاسم من قبل بهذه الطريقة. شعرت أنه في بعض الشذرات يدافع عن نفسه ضد العتاب الكثير اللي تلقاه نتيجة مواقفه الشحيحة ما بعد الاعتداء على الثورة. يخصص الكثير من الشذرات لمديح الصمت والعزلة. يصل إلى أن يقول (لا تفرّط في صمتك، تخسر حرية الكلام بعد ذلك.) ليست هذه حرية إذن يا قاسم، الخشية ليست حرية. الاحلام لها مساحة كبيرة في السماء العليلة. لكنها أحلام حزينة. في مقابل مديح العزلة ثمة هجاء مبطن للحشود. في أكثر من شذرة لا تقترن الحشود بشيء موجب. كلمة حشد نفسها هي وصف للكم وإلغاء للكيف، والمن. أما السؤال الأرق، شاغل قاسم وكثيرين غيره، والذي تكرر في الشذرات: هل الانسان قربان حريته. أظن قاسم نفسه أجاب في شذرات أخرى: (لست حرا الا بالقدر الذي يقدر الهواء على اختراقك، أو أن جسدك يشف عن الشمس. للحرية شرط قاتل.)
"لا أذهب إلى المنفى، إنه هنا". .. لا تفرّط في صمتك، تخسر حرية الكلام بعد ذلك". .. "شجرة، لكنها تسمعك وتصغي إليك، ما عليك إلا أن تحسن مكالمة الطبيعة". .. اسلوب جديد يتطرقه قاسم حداد في كتابة هذا الكتاب باعتماده على تقنية جديدة ومختلفة كلياً عن سابق اصدارته، اسلوب " الشذرة ". الإسلوب الذي جاء على شكل ايحاءات فلسفية وأحياناً ساخرة وأحياناً عن دهشة الوجع والاغتراب وكي لا ننسى أخيراً شرنقة العزلة. يقال أن الصمت حرية الكائن..تعبيرات مجازية تأتي من خلال تأملات الكاتب قد تكون هذه التأملات سهلة وواضحة المعنى، وقد تكون كمثل الشيفرة يستلزم من القارئ أن يعيد قراءة الشذرة أكثر من مرة ليكتشف مغزى الصورة البلاغية.
دائمًا ما كانت الشذرات عقبات أمام التلقّي لديّ، دائمًا كنت أتذبذب بين الاندهاش والسقوط الحر. ولم يتغيّر شيء عليّ حتى مع قاسم.
الأمر جدًا فضفاض، على الرغم من إحالاته الهائلة، لمن يقرأ قاسم في الفترة الحرجة التي مرت بها مملكة البحرين بعيد فبراير 2011. مجابهته المباشرة مع السياسيين والدينيين في هذه المقاطع القصيرة، ركونه إلى الصمت حاد الطبقة.
على كلٍّ؛ يبقى قاسم مطلًا من الخلف. وإن كرهت اليقينيّ فيه هنا. فلكم أحبّه شكّاكًا أكثر.
- موجز الكتاب من الغلاف: "أكثر الأمم وضعًا للقواميس، تخفق في التفاهم"
- اقتباس: "إذا غضبت، اعلمْ أنكَ أصغرُ من الحُكم، وأقل من الحِكمة"
- نبذة عن الكتاب: يضم الكتاب 284 نصوص قصيرة أو كما سمّاهم الكاتب "شذرات" ذات عمقٍ وأثر
- رأيي الشخصي: الكتاب خفيف ولطيف ويمكن إنهاء قراءته في جلسة واحدة، كما أنّ النصوص تحمل معاني عميقة تجعلني أتأمل كل واحدة منها على حدة لأتمعن جمال المعنى
شعرت بأن بعض النصوص مكررة في المعنى لكن مختلفة في الصيغة والكلمات كذكره لرأيه في السياسة بطرق مختلفة، كما توجد اقتباسات معروفة ومشهورة ذكرها الكاتب ضمن شذراته، وبالطبع ليست كل الشذرات توافق ذوقي وأفكاري، مثل انتقاده الذي يمس رجال الدين
ملاحظة: كل شخص منا يمتلك ذوق خاص ومختلف عن غيره، وما يعجبني قد لا يعجبكم والعكس صحيح، ورأيي يمثل وجهة نظري البسيطة فقط.
بعض النصوص مألوفة للغاية، حتّى أنها قديمة منذ الأزل .. ولست أدري هل قاسم حداد يريد إعادة تسليط الضوء على هذه الأفكار أو رُبما يريد خلقها بصورة جديدة !! كـ مثال: لسانٌ واحد، وأذنان اثنتان، أنظرْ كم أنكَ بحاجة للإصغاء ضعف حاجتك للكلام. ، مما أعجبني :ـ الليل لوحدتك، لا يستحق الآخرون منك أكثر من نهار كامل.
،
عند الموسيقى أطلق حواسك الأخرى من عطالتها جارحٌ أن الموسيقى محصورة في حاسة واحدة.
قاسم حداد يختزل ما يعتريه من أفكار وأحاسيس في مائتين وأربعة وثمانين شذرة ضمنها كتابه "سماء عليلة" الصادر سنة ألفين وثلاثة عشر، وقد وفق إلى حد كبير برأيي في إنتقاء العنوان.
قيل في الشذرات الكثير، وشخصيا أنا من محبي قراءتها والإطلاع عليها، أولا لكونها فن إيجاز، يختزل كما من المعاني والحكم في أقل عدد من الحروف والكلمات، وثانيا لكونها محفز للخيال والتأويل دون، أن تحيل المتلقي إلى القطع بمعنا معين، لذا تعد الشذرات الأكثر حظا في جوانب صياغتها الفنية وغنى معانيها، وسيلة من وسائل تخليد الحكمة وبراعة الإنسان اللغوية، يستدعيها الأخير من الذاكرة كلما مر بموقف يعيد لتلك الحكمة الحياة.
عبر قاسم هنا عن مواقف عدة أودعها إطار أدبيا ��كتنفه قليل أو كثير غموض، خصوصا في الفترة الحساسة التي شهدتها المنطقة والمحيط محليا وعربيا، عبر عن يأسه من الحاضر وإعراضه عن أي أمل بمستقبل مفضلا العزلة والإنكفاء، كما عبر عن إزدراءه الساخر للمتكسبين والمتحجرين من الساسة ورجال الدين، ولم تخل شذراته من مضامين تحمل في طياتها بذور تمرد على أي شكل من أشكال القمع التسلطي، غير أنك ستجد حيرة كامنة بين تغزله بالعزلة الإختيارية في منفى ذاته الداخلية وبين أسى الوحدة.
ولم يفته أن يحمل تلك الشذرات مسؤولية طرح الأسئلة الوجودية وقطعا من أحجية سيرته الذاتية وعواطف قولبت في قوالب مجازية مستوحاة من محيطه وعناصر بئيته المكانية، غير أنها لم تخلوا رغم تفاوتها في حرفية الصنعة والقدرة على التعبير، من حكم مصقولة تصلح لعدة أمكنة وأزمنة.
مغزاها يكمن في قراءتها بالفواصل والوقوف على لحظات الصمت عند كل منعطف، نزهة في عقل قاسم لا يمل تكرارها.
من ما جاء في الكتاب:
"في الليل الكبير، لا تستصغر الشمعة."
"أكثر الأمم وضعا للقواميس تخفق في التفاهم."
"تتسع الشباك فتظن الأسماك أنها الحرية."
"رجل دين يدعو للتسامح، يعني أنه يغفر للآخر خطأ إختياره دينا آخر."
"ممثلوا الشعب يؤدون أدوارهم بتقنية عالية، كممثلين."
"هناك من يتداول السلطة، وثمة من يتناولها، الفرق في الأفكار والنوايا."
"بعد الصفعة الأولى، لا يعود الخد الثاني خدك."
" الديمقراطية إهتمام بالأسئلة، وليست إقناعا بالأجوبة."
"دع الحشد يذهب إلى مصيره، إنه يعرف ما يفعل، كلما أطلق الزعيم عليه الخطاب."
"في العزلة يتاح لك تقدير المسافة بين السيد والعبد، حيث ستكون الإثنين معا."
"القراءة حياة الكتابة."
"نسعى إلى تغيير النظام، النظام يفكر جديا في تغييرنا."
"لا تفرط في صمتك، تخسر حرية الكلام بعد ذلك."
" ليس الخطأ في الفكرة، الخطأ في التعصب لها."
"تركتهم يفكرون نيابة عنك، فلم تستنكر توليهم الباقي؟"
وكأنني كنتُ أقرأ بورشيا في مقاطع كثيرة. استمتعت جدّا بأغلب الشذرات وعمقها، والتي توقفت أمامها طويلا، إلا أن بعض الشذرات كانت جد ضعيفة (جمل عادية لا أكثر) وكأن الذي كتبها ليس قاسم حداد.
سياسيون يرهبونك باسم الشعب دينيون يرهبونك باسم الله -- بلا جدوى البحث عن جدوى -- لا تخف من الله الآلهة لا تخيف الخوف من البشر -- انظر إلى الحقيقة ، كم هي جميلة وحدها ، بعيدة عن الواقع -- أذناكَ لكَ ولسانك عليك. -- اكتشف نقطة ضعفك واكشفها،لأجل ان تكون قويا قبل أن يكتشف الاخرون ذلك
هذه المقطوعات التجريدية للواقع لم تكن متشائمة بقدر ما كانت صادقة في تعبيرها عن واقع سوداوي تضيع فيه الأحلام و تنقضي الأعمار تحت ظلال القهر و الأسى. كتيب كثيف المحتوى رغم حجمه الصغير . ممتاز لمن يحبون التأمل.
كتاب خفيف، يتكون من عبارات قصيرة تخيلتها كأنها رسائل بين صديقين يؤمنان بذات الأفكار ولديهما ذات النظرة والمفهوم للحياة. قرأت فيه يأسا يبقي الباب مواربا للأمل، يأس يفرد جناحيه المكسورين للرياح، وأحاديث عن الحرية وجمال الأصدقاء وفراق الأحباب، وتساؤلات لا يجاب عنها.