حصلت علي جائزة الدولة التشجيعية للقصة القصيرة العام 2007 عن مجموعتها (حياة صغيرة خالية من الأحداث) مجموعتها ( يغلق الباب على ضجر) اختيرت ضمن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد فرع المؤلف الشاب العام 2011 روايتها (حذاء أسود على الرصيف) فازت بالمركز الثالث في جائزة الشارقة للإبداع العربي 2012 حصلت على جائزة الدولة التشجيعية للقصة القصيرة العام 2013 عن مجموعتها (يغلق الباب على ضجر) صدرت روايتها (قطط انستجرام) العام 2015 تم تكريمها من قبل مجلس التعاون الخليجي العام 2016 فازت بجائزة المرأة العربية عن فئة الأدب العام 2016
باسمة العنزي محترفة، تضع كل كلمة في مكانها الصحيح. بارعة بشكل استثنائي في الوصف ورصد التفاصيل. لا توجد كلمة واحدة زائدة في هذه الرواية. موضوع الرواية جديد وغير مطروق، قراءة الرأسمالية من قلبِ شركة عملاقة. الشيء الوحيد الذي أتحفظ عليه هو الرتم البطيء للعمل رغم صغره النسبي.
تدور أحداث الرواية داخل نطاق مكاني واحد ومحدد هو تلك “الشركة الخليجية العملاقة”، لا تتعداه الرواية إلا بأمتار قليلة، وداخل إطار زمني محدد كذلك؛ إذ يبدو أن الحدث الرئيس كله يدور في يومٍ واحد، ولكنه يبدو يومًا من تلك الأيام الفارقة والتي يمكن أن تُبنى عليها الأحداث العظيمة، لاسيما بعد رصد مواقف أبطال/ شخصيات العمل، الذين بدا أن الكاتبة حريصة على أن تقدمهم بالتساوي؛ فيما سيتعاطف القارئ -بلا شك- مع النموذج الذي سحقته الرأسمالية بتوحشها وحرصها على صالحها الخاص ومحاولتها لتقليص أعداد موظفيها بغض النظر عن أوضاعهم المعيشية الصعبة!
باسمة العنزي، كاتبة قصة قصيرة، صدر لها قبل هذه الرواية ثلاث مجموعات قصصية، حصلت على جائزة الدولة التشجيعية عن مجموعتها الأخيرة “يغلق الباب على ضجر”، تبدو قادرة على الإلمام بتفاصيل المشهد القصصي. لذلك؛ نراها تقسِّم روايتها -باقتدار- إلى عدد من المشاهد/ الفصول المتصلة المنفصلة التي حرصت كذلك على أن تعنون كل مشهدٍ منهم بعنوانٍ مستقل وكاشف، وذلك حتى تقدّم للقارئ من خلالها عالم تلك الشركة وموظفيها باختلاف مستوياتهم وتفاوت مراتبهم.
في الرواية، إطلالة سريعة، ولكنها مفصلة على عالم “رجال الأعمال” الكويتي بصفة خاصة، والذي لا شك يتشابه في كثيرٍ من تفاصيله مع ذلك العالم، أيًا كان مكانه في العصر الحالي، الذي استشرت فيه الآلة وسيطرت فيه المادة وقضت على أي نوازع إنسانية أو روحية ترى الناس من منظار غير الاستفادة المادية البحتة فحسب؛ ترسم “باسمة” المشهد الأوّل في الرواية من خلال صورة تلك المؤسسة “صباح الأحد” وتأتي الحكاية عنها كحكاية عن فاتنة وليس مجرد مؤسسة تجارية:
“هي … حبة كريستالٍ في ذيل فستانٍ باهت، لؤلؤة ثمينة في خاتم زواجٍ قديم، وأحيانًا بوصلة آمنة لطريقٍ صحراوي، مغروسة بأناةٍ في قلب منطقةٍ صناعية ساحلية كمنارةٍ حلمٍ تنقر النوارس زجاج بمبانيها كل صباح، تشرِّع بواباتها في ساعاتٍ محددة لها أعلام لا تنكَّس تحمل شعارها الزاهي…
شركة مساهمة لها سبعة أفرع رئيسة محليًا وأربع شركات شقيقة إقليميًا وأجندة توسعية، لها رأس مال ميزانية دولة يافعة، وتاريخٌ زاخر بالأحداث رغم أنها لم تتجاوز الثلاثين عامًا، ذات صوت واضح في عالم الاقتصاد يحرِّك البورصة ويخرسها…”.
وبشاعرية شديدة تصف “باسمة” المؤسسة التجارية التي ستدور فيها أحداث الرواية الهادئة التي تبدو بسيطة جدًا، والتي سترصدها بدقة شديدة أيضًا، حيث نجد على الفور الانتقال إلى أولى شخصيات الرواية “جهاد” تلك الفتاة الفلسطينية الأصل والتي تعتبر “الكويت” بلدها الأصلي وتحلم بالحصول على جنسيتها، تسعى إلى التمسك بوظيفتها ولكن الظروف كلها تقف ضد رغبتها حتى تأتي نهايتها الدرامية في آخر الرواية، ثم دكتور “فايز” المدير التنفيذي للشركة وصاحب “الكاريزما” الطاغية الذي يضع الخطط فتكون قيد التنفيذ الفوري، ثم تلك الشخصية اللافتة ذات التأثير البالغ في مصائر العاملين في المؤسسة “أمواج” التي عبّرت عنها بفصل “عطر كيم كارداشيان”، مسؤولة الموارد البشرية والمتحكمة في مصائر العاملين بالشركة والتي يتقرب منها الجميع ويتزلف إليها الجميع ليس لمكانتها المرموقة فحسب وإنما لجمالها الأخاذ أيضًا، ثم تنتقل إلى حارس الأمن البدوي “مهدي” الذي يعيش قصة حبٍ عذري مع مديرته “أمواج” ويحلم بالوصول إليها حلمًا جميلاً مستحيلاً! http://altagreer.com/%D8%AD%D8%B0%D8%...
من خلال لغة إستعاراتها الأدبية تنم عن موهبة لدى الكاتب إستقت باسمة فكرة الرأسمالية بفكرها الخليجي ونهجها الفكري من خلال مؤسساتها الخاصة بكل موضوعية , مستعرضة في نفس الوقت قضية الهوية وأبعادها الموجعة
أن يتم إختزال هكذا موضوع في هذه الصفحات القليلة هو إنجاز بحد ذاته..رواية متماسكة تستحق الإشادة
باسمة..قصة الخليط بين بيئة العمل والحياة الروتينية هي فكرة تميل للأدب الألماني وهذا قلة نستخدمه نحن بكتاباتنا.. طرح قضية جهاد بصمونتها والبقدونس وحذاءها تدخلني لعالم الفلسطينيين في الكويت (البسطاء منهم) .. أحببت أيضاً تفاصيل كتابتك عن الجوهرة والرمزية المستخدمة عن طريقها..ومع ذلك كنت أتمنى أن تكون رواية أطول لتشبع بعض المساحات المبتورة
كعادتها باسمة العنزي بوصفها الجميل الدقيق المتميز لأبطال قصصها يجذبني دائماً ويثير اعجابي بها فلا تشرد منها وارده كأنك عايشت شخوص القصه أو كأنهم تعرفهم ، كواليس القطاع الخاص وأحداثه التي لا تنتهي بإنهاء خدمات موظفيه. . . . 20/1/2016
دائماً أشعر بالتوجس قبل أن اقرأ أي رواية عدد صفحاتها لا يتجاوز ال١٠٠ أو يتجاوزها بقليل. لأنني أسأل نفسي ما مصائر الشخوص وحيواتهم وعلاقاتهم حتى وإن كانت الرواية تدور حول شخص واحد لابد من أن يكون هناك علاقات هامشية تحدُّ محاور الرواية. الرواية تنهيها في جلسة واحدة رغم رتمها البطيء وهذا ما يحصل عادةً في الروايات القصيرة لا أعرف لماذا؟!! الرواية تدور أحداثها في يوم واحد فقط حول شركة عملاقة والعلاقات بين موظفيها، أي أن الرواية اقتصادية بحت. أعجبني توظيف الطابع الإنساني فيها من خلال بعض الموظفين مثل "جهاد" الفلسطينية المولودة في الكويت والتي تعاني دوماً من حياتها الاجتماعية. و"مهدي" البدون الذي يحرس بوابة الشركة... هالشخصيتين أعطوا لمحة إنسانية مثيرة أشغلت الرواية. ما لم أحبه الوصف الهامشي دون التطرق لتفاصيل تفيد الأحداث وكثرة المقاطع الغنائية وكثرة ذكر أسماء ماركات من عطور وملابس وغيرها. أحببت في الرواية لغتها ونهايتها، الرواية كلها تكمن في النهاية. وعنوان الرواية المثير جاء من أقوى حدث في الرواية وهذي علامة تحسب أيضاً. نهاية ما حدث ل"جهاد" شيء يقهر فعلاً.. لن احرق عليكم، لكني إلى الآن أفكر بما حدث.
هذه رواية قصيرة أو "نوفيلا" تسبر أغوار، وتتلمس عوار عالم القطاع الخاص. حيث الجشع الأنيق، وحيث أحلام البسطاء المسحوقين المشدودين بحبل إلى اعناقهم كما يشد الثيران في الساقية.
تدور الأحداث كلها خلال يوم واحد، في شركة اتصالات عملاقة في الكويت. الرواية كثيفة جدا، ولا يوجد وصف زائد أو إطناب غير لازم. رمزية الخيل في الرواية من الأمور التي أعجبتني كثيرا، ولا أريد التوغل في الأمر حتى لا أفسد على القارئ متعة الاكتشاف.
كنت أتمنى لو توسعت المؤلفة في المقارنة بين الأحذية أكثر. نعم، تكلّمت عن حذاء "جهاد" الأسود، المكدود مثلها، وعن أحذية "أمواج" المرفهة. لكن توسعت، لصارت الرمزية أقوى، ولصار العنوان أكثر وقعا.
هذه رواية نرى فيها غيلان النهم المادي، ونرى فيها "جهاد" ومكابدة البسطاء مثل جهاد ومهدي، ونرى من هو بين هؤلاء وأولئك.
ويظل هذا العالم يعامل البعض من البشر كما يعامل حذاءً أسود ملقى على الرصيف.
لطالما تساءلت منذ أن مسكت الرواية عن علاقة العنوان بأحداث العمل. لاكتشف بآخر فصوله عن علاقة العنوان بأحد الشخصيات التي تأثرت وتعاطفت معها، وكيف انتهت احلامها - كما تصورت جهاد- قبل أن تنتهي بالواقع على الرصيف!
أحداث الرواية متسارعة وتدور في يوم واحد بأحد الشركات الكبرى حول قرارات مهمة لتوسيع الشركة وتقليص موظفيها، هنالك تلك العلاقة الغرامية بين أمواج ومهدي.. علاقة شبه مستحيلة بسبب الفروقات الاجتماعية والطبقية. هنالك أصحاب الق��ار والنجاح سليمان والدكتور فايز وأبوطاوق. هنالك جهاد المرأة النابلسية التي مثلت ثقلا بنظري من بين شخصيات العمل. هنالك المصائر والأمل وقضية رائعة عن مايدور في الخفاء بالشركات الكبرى من يد الأستاذة باس��ة العنزي باسلوب جميل. شيق ومميز .
رواية جميلة وجديدة من نوعها ؛ حيث لم أقرأ سابقا مثيﻻ لها في الأدب العربي ، فهي تطرقت إلى بيئة العمل والشركة ، لعلها مثلت في هذه الشركة واقع القطاع الخاص بما يحمله من متناقضات ، وقد استطاعت الكاتبة ببراعة النفوذ إلى أغلب أطياف المجمتع الكويتي. أعجبتني الرمزية في القصة ، ولم يعجبني الرتم البطيء في الأحداث ، وهذا ما جعلني أنقص نجمة واحدة. تمتلك الكاتبة قدرة رائعة في الوصف ، ولديها بﻻغة جميلة ورائقة ناسبت أجواء الرواية. أنصحكم في قراءة الرواية.
كنت على وشك الوصول إلى مدينتي في قطار متأخر حينما طار حذاء جهاد على الرصيف، دون أن تعلم أنها لسبب ما تستفز بقايا طيبة أمواج التي انتشلتها من دخول نفق البطالة، بينما كان أبو طارق يحث سيارته للقاء فرسه المريضة... أتممت بلهفة بقية الحكاية بوصولي إلى البيت،! هذه الرواية الجميلة التي تحكي هموم الوظيفة قد جاءت في وقتها المناسب تماما، شكرا باسمة
مبروك لباسمة حيازتها، على إحدى جوائز الشارقة، عن روايتها حذاء أسود على الرصيف.
بأسلوب رمزي... ينخرط السرد في الرواية، بمهمة تمثيل التوتر الوظيفي، داخل إحدى كبريات مؤسسات القطاع الخاص الكويتي.
استحدثت باسمة في روايتها، شخصيات أولى متناقضة متعددة المرجعيات؛ أبرزها جهاد (الموظفة الفلسطينية الصغيرة، التي تعمل في خدمة العملاء، وبات مستقبلها الوظيفي منثور في مهب الريح، بسبب تغيبها عن اختبارات الأداء في الشركة).
هناك أيضاً شخصية أمواج (مديرة الموارد البشرية، صاحبة الحضور السينمائي الطاغي، الثلاثينية، العزباء، المولعة بالتجميل والاستهلاك والسيارات الفارهة، والصارمة والمتسلطة والقادرة على إعادة الهيكلة عمالة الشركة، من دون إثارة مشكلات يصل صداها لمجلس الأمة).
بالطبع، تبوأت أمواج العديد من المناصب في 5 سنوات بفضل تملقها مسئوليها بالعمل، وهي التي تزين مكتبها بصورة طولية معلقة لملاك الشركة، بمعية...)، شخصية رئيسة أخرى في الرواية، وهو د. فايز، ذلك (الرجل الخمسيني، الأنيق المظهر، صاحب الكاريزما القيادية التي تجبر الجميع على احترام ذكائه، بمن فيهم مخالفيه).
ورغم أن باسمة، لم تحدد لنا مسمى د. فايز بدقة، الذي قد نفترض أنه رئيس الشركة التنفيذي أو مديرها العام، إلا أنها عينت في مسار الرواية شخصية المُلاك بدقة، مشيرة إلى أنهم أحفاد سلالة الطواوشة، بجناحاها الذي يتفرغ أحدهما (للسياسة ودهاليزها وعلاقاتها)، فيما يتفرغ الجناح الآخر برئاسة أبى طارق، (للتجارة وخططها وأسرارها، باحثاً عن طرائده بخفة، في فضاء آمن).
وكانت حذاء أسود على الرصيف قد حفلت بشخصيات أخرى مساعدة كالشذرات المتناثرة، مثل شخصية مهدي، غير المحدد الجنسية، (الهائم بطيف أمواج)، وزيد الموظف/المهرج/الذنب لأمواج، وأخيرا سليمان، ذو الشخصية اللاضدية (القيادي الصريح، المرن، صاحب الحضور الآسر، والقادر على حفظ أسماء أغلب الموظفين) وهي شخصيات ساعد وجودها في مجرى أحداث الرواية، لكنها لم تكن هامة لتطوير السرد. ثمة تعدد جميل في مصادر الرواية الرئيسة المركبة من حكايات متنوعة (مورد جهاد، مورد فايز، مورد أمواج)، حيث تتضافر هذه الموارد شاقة طريقا واحداً نحو نهاية السرد، الذي يختتم بالاستغناء عن خدمات جهاد، ودهس إحدى المركبات لها أمام بوابة الشركة، ومرور فايز بالقرب من جثتها وحذائها الأسود الملقى على الرصيف، من دون أن يرف له جفن.... في لحظة درامية بديعة تلاقت عندها خيوط الحكايتين!
هناك حكايتان متوازيتان في إطار سردي، قبل أن تدمجهما باسمة في المشهد الأخير من الرواية، مع بعضهما بعضا، وهما حكاية جهاد ود. فايز، وقد برعت باسمة في تحديد الدور الوظيفي في البنية السردية لكل منهما؛ إذا في الوقت الذي كانت فيه حكاية د. فايز تفسيرية، تتمرأى فيها الحكايات الأخرى المضاءة، فإن حكاية جهاد، كانت فردية/مأساوية/خاصة بالمحور المركزي للأحداث.
لعل أحد أهم الظواهر السردية في مسار حذاء أسود على الرصيف هي تجنبها الاستثمار في قيم روائية بدأت تنحو منحى تقليدي، شائع في الرواية العربية، كالهوية الثقافية، والمرأة والآخر، والثقافات والسلالات، ناهيك عن تجنب باسمة لإنتاج أيديولوجيا تضيء الصراع بين ثقافتين.
أعادت باسمة في روايتها إلى ذهني عبارة هامة استعارها إدوارد سعيد من القس السكسوني Hugh of Saint Victor (1096-1114)، الذي كان له أثر كبير على هذا المفكر الأميركي/الفلسطين حيث يقول: "الإنسان الذي يلاقي أن وطنه حُلو، هو شخص عوده طري ويافع؛ حيث أن الشخص المنيع، هو ذلك الذي يرى العالم كله مكان غريب عنه"؛ إن الأرجح بالنسبة لي، أن باسمة تفلح في هذه الرواية في مهمة المقارنة بين عالمين، تعيش هي ذاتها في قلب أحدها، لكنها قوية منيعة قادرة على تمييز الحق من الباطل بين أروقته ودهاليزه.
بمهنية عالية، تقدم باسمة متنها السردي، الذي ما هو إلا مرآة تتمرأى فيه العوالم الداخلية لبعض العاملين في الشركة، طارحة أبرز مشاكل العمل في مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص؛ مركزة في حذاء أسود على الرصيف، على علاقة "الأنا" ب "الآخر"؛ الأنا هنا، هي ذلك المبنى الإسمنتي الناطحي، والآخر هو تلك الموظفة البسيطة المحدودة الآمال والطموحات والراتب! والتي هي النموذج الرمزي الذي يتكثف فيه الموظف المسكين، بين سنابك خيل الطواوشة، وصليل سيوف د. فايز وأمواج! تلك الموظفة التي حرمت أبسط حقوقها، في أن تواصل البحث عن مصيرها المجهول، وأقله أن تموت ميتة كريمة!
هذا المبنى الإسمنتي هو الحاضن الرئيس لنزوات أرباب العمل، وهو المستأثر بمكانة واضحة، وكأنه شخصية غائبة، لا تظهر بكيانها الحسي، لكنها دائمة الحضور، وتلعب دوراً رئيساً في انعدام صلة الإنسان بــ "أخيه" الإنسان!
العالم البعيد عن مبنى مدينة الشويخ، هو بالنسبة لباسمة مجرد هامش، أما المبنى الرئيس، ففي قلبه مركز الانطلاق الشاسع، الذي تتأسس بين أروقت كتلته القيم الإنسانية الواقعية المريرة!
يصطنع سرد باسمة (ميثولوجيا الشركة الكبرى وعالمها)، باثاً لواعج الموظفين وما يعتمل في عزلتهم، بسبب الضغوط الداخلية، في وقائع منتظمة حول الجاه والسلطة، والمال، وبريق الذهب، وشهوة القوة في جمل قصيرة متصلة ببعضها بعضا، حيث ظهرت اللغة أكثر ميلاً إلى اللحظات التي تمر بها الشخصيات منها إلى التجريد.
تعني حذاء أسود على الرصيف بالانشطار الذي يعاني منه الموظف العالق بين الواقع الحياتي والواقع الوظيفي، وكان أروع ما فيها، علاوة على تمثيلها لعالم لم يزل شبه مجهول ومحتجب وراء اللثام بالنسبة لقرائها، هو ذلك المشهد الذي تحطمت فيه جهاد على الرصيف، في مواجهة رمزية خطيرة، في أول مشهد يواجه فيه د. فايز بالممزقة جهاد... في مشهد فردي يتضمن دلالات جماعية، برهن على براعة باسمة في تقطيع حكاياتها ثم إعادة وصلها!
ومن هنا فإن شخصيات باسمة الحاملة لمنظومات قيمية تنتهي نهاياة مأسوية مفجعة، فيما مهما تقاطعت مصائر شخصيات السلطة، فإن مصيرها كمصير الآلهة الإغريقية التي مهما تعرضت لأزمات، فإنها خالدة لا تموت!
شخصياً... أنا دائما أقول، أنه من حق المؤلف بالتأكيد أن يؤسلب عمله بالصيغة التي يفضلها...
لكن في الوقت ذاته، ألاحظ، أن القاسم المشترك بين الكتاب – أتصور – يتمثل في سعادتهم لاندفاع متلقيهم للتذاوب في طقس الرواية!
وهنا في حذاء أسود على الرصيف... أرى أن باسمة برعت في روايتها في مباغتتي كمتلقي لإذابتي في روايتها.... بمعنى أنها شوقتني لمعرفة مصير الشخصيات، ثم أدهشتني شخصياً بما لم يكن متوقعاً، فيما يتعلق بمصير الشخصية التي أتعاطف معها كمتلقي، ألا وهي شخصية جهاد... مما لعب دوراً رئيسا في استفزازي لأكتب عن الرواية...
أقول أنه... لولا هذا النجاح على مستوى الإيقاع، والتشويق الذي وقع في نهاية الرواية بمستقبل/نهاية جهاد، وسقوطها سقوطاً مأساوياً وبصورة مفاجئة، لما تحقق الدفع المطلوب الذي تلى التقديم السردي....
وهنا أرى..... أنه في أي عمل أدبي يقوم على (الأزمة) التي تؤدي إلى ترقب مصير البطل/البطلة، كما حصل مع جهاد التي وضعتها باسمة في "أزمة" واضحة ومتعاقبة ومتوقعة (باعتبار أن التضحية بها ضمن برنامج إعادة الهيكلة في الشركة كان مسألة وقت)، أتذكر ما قاله لايوس إجري بشأن (الأزمة وآلام الوضع)، حيث تكون آلام الوضع هي الأزمة (وهي هنا غياب جهاد عن التقييم وقلقها على مستقبلها الوظيفي)، أما (ذروة الأزمة فهي لحظة الإنجاب الشديدة الألم)، وكانت هذه اللحظة في الرواية، هي لحظة إبلاغ جهاد بالاستغناء عنها، ويأتي عقبها (الحل) متمثلاً بسلامة الجنين (حيث يأول مصير جهاد إلى السعادة)، أو مآلاً قاتما (يسميها إجري هنا موت الجنين) وهو ما حصل مع جهاد بشكل مضاعف، حينما ماتت معنوياً ومادياً!!!
ولنتخيل أن كاتبتنا اكتفت بالاستغناء عن خدمات جهاد، من دون موتها المأساوي المؤثر، وكانت شخصياتها في الأساس أحادية البعد.... ماذا سيعلق في أذهاننا... سوى متعة السرد الجميل؟؟؟ شخصياً ما كان للرواية أن تخلد في ذاكرتي وتعتبر من الروائع الكويتية وتمتصني كما هو الأمر الآن؟؟؟
إن جوهر حذاء أسود على الرصيف – من وجهة نظري - هو الأزمة، ونجاح باسمة في (حل الأزمة) حلاً لافتاً وقوياً قد ساهم بشكل رئيس في خلود العمل...
أنا أتخيل أن باسمة خططت للرواية في فترة نشأتها المبكرة بطريقة موفقة... ولذلك جاءت الأزمة وجاء الحل غير مفتعل... وجاء أيضاً التلاشي الخالد مع الأحداث... وحتى لو كانت تود تأطير أبطالها داخل يوم عمل واحد، فإنه لولا (الأزمة) لدخلت الرواية في أزمة...
ربما أتحفظ بعض الشيء على ما كتبته الروائية بثينة العيسى من أنه لا توجد في الرواية "كلمة واحدة زائدة"، حيث أن باسمة (مثلاً) تألقت كثيراً في السرد الأنثوي الدقيق الخاص باهتمام أمواج بجمالها وإبراز أنوثتها، لكنها ربما اندفعت بشكل مبالغ لتسليط الضوء على البراندز العالمية، متنقلة بين (لابوتان، كلوي، شانيل، هيرمس وسيلين، جوتشي، كارتييه)، كذل�� ربما يؤخذ فقط أنه في مقابل مواردها الحكائية المتنوعة، فإن القارئ، لم يتوفر على تعدد لزوايا النظر إلى هذه الشخصيات، حيث بالإمكان التنبؤ بسلوكياتها إلى حد بعيد، في حين تحتكر الشخصيات الكروية، التي لا تمسك بعين واحدة، أهمية أكبر لدي في السرد.
كل ما اقرأ لباسمة العنزي اشم رائحة البخور والجاي حليب المهّيل والكويت الاصيلة والناس يوم كانت الكويت غير ...احس بشعور الوطنية بعمق اللي ماعدت احس فيه الحين للاسف لان الحياة تغيرت بكل معانيها واصبحت السطحية تحكم.
تحكي هذه الرواية قصة "جهاد" الموظفة البسيطة في شركة اتصالات كبرى ترغب بتقليص أعداد موظفيها. من الناحية اللغوية، الكتابة سلسة وجاذبة. أمتعتني القراءة حتى وصلت للفصول الأخيرة التي أوقفت هذه المتعة، فحينها تدخل أحداث تحسسك بعبث ما قرأته، كما أن هناك بعض الأمور التي لم تحسم أمرها الكاتبة مما يعطي إنطباعا بعدم اكتمال الرواية. وأكثر شيء ضايقني (وهذا أمر شخصي) هو ذكر الرواية لماركات كثيرة ومحلات ومقاهي وأسماء مواقع التواصل الاجتماعي. فلم أحس بأني أقرأ كتاباً لأن هذه الأسماء تعزز حضور ثقافة الPop culture التي غالباً ما تبعدنا الكتب عنها.
بلغة رشيقة جميلة جاء السرد المتماسك لهذه الرواية القصيرة. استمتعت بالحكاية التي ترصد الكثير في تدوين أحداث يوم واحد فقط جمع مصائر متعددة تلتقي في مكان العمل. مفارقات الأحداث بين إنسانيتنا والرأسمالية التي تنهش حياتنا. وعميقاً في تفاصيل كل شخصية، تمنيت لو أن الكاتبة أوغلت أكثر في تلك الشخوص ومنحتنا فرصة تقمصها. أيضاً الخاتمة تمنيتها لو كانت بالحادث الذي ألقى بفردة الحذاء الأسود على الرصيف، لكانت خاتمة صادمة أكثر رغم أهمية المفارقة التي توضحت بالقسم الأخير الذي تلى ذلك، قصة مهمة تطرق باباً ليس متداولاً بكفاية في الأدب العربي.