نبذة الناشر: كتاب يضم ست محاضرات في مشكلات الحضارة المعاصرة ودور المسلمين فيها. تحدث في الأول عن مفهومي ( القابلية للاستعمار والحضارة - الإسلام )، فأشار إلى أن سبب تأخر المجتمع الشرقي هو تعطيل الفكر لا وجود الاستعمار. وبنى في الثانية موضوع ( الثقافة والأزمة الثقافية ) على فرضيَّتين، سوءِ إدراك مفهوم الثقافة، وخلل التطبيق، فبين وضع الثقافة في المجتمع المسلم، وأثر المجتمع في ثقافة الفرد، وفرَّق بين الثقافة والعلم، وما ينتظر من الثقافة أن تقدم. وتناول في الثالثة ( الحقوق والواجبات ) وأثر فهم المجتمع لها في نمائه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وبين أن المجتمع الآخذ في الارتقاء يقدم الواجبات على الحقوق. وتحدثت المحاضرة الرابعة ( المرأة والرجل أمام واجبات واحدة في مرحلة النهضة )، عن أوضاع المجتمع المسلم، ومتطلبات النهوض به وإنقاذه. وتناولت المحاضرتان الأخيرتان، وهما النتيجة لما سبق من كلام ( دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين )، فمهَّد بالحديث عن أهمية أحداث القرن المشار إليه، وما يتصف به من التغيرات العميقة، وما حدث فيه من مخاطر مزقت الشباب، وأدت إلى إفلاس الحضارة الحالية والأديان القائمة وانهيار الأخلاق والقداسات وافتقاد الروحانيات، ومن هنا يبرز واجب المسلم الذي يحمل رسالة إنقاذ نفسه وإنقاذ العالم من الضياع. وفرق أخيراً بين الدين والرسالة.. وفي سبيلها طالب المسلم بأن يعرف نفسه، ويعرف الآخرين، وأن يعرفها للآخرين وأن يرتفع إلى مستوى الحضارة، وفوق مستوى الحضارة الحالية.
مالك بن نبي (1905-1973م) الموافق ل(1323 هـ-1393 هـ) من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين يُعدّ المفكر الجزائرى مالك بن نبي أحد رُوّاد النهضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين ويُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، ويعد من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة كانت جهود مالك بن نبي في بناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك. وكان ابن نبي أول باحث يُحاول أن يُحدّد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجًا مُحدّدا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ"
الكتاب يستحق أربعة نجوم ولكن فكر ( مالك بن نبي ) يستحق خمسة نجوم بجدارة مجالس دمشق ... هو عبارة عن ستة محاضرات ألقاها في مدينة دمشق خلال زيارته لها في أواخر حياته كانت تجربتي الأولى مع مالك بن نبي ... ولكنني أخطأت في العنوان ولم أخطأ في اختيار الكاتب شعرت بعظمة فكر وفلسفة مالك بن نبي ولكن الكتاب كان عبارة عن مناقشة وتلخيص سريع للأفكار التي أوردها وناقشها مالك بن نبي في كتبه السابقة أنا متحفزّ جداً الآن لقراءة بقية نتاج مالك بن نبي وخاصة ( شروط النهضة ) على كل الأحوال كان الكتاب وجبة فكرية دسمة حيث أنني كنت أعيد قراءة كل محاضرة أكثر من مرة وأدوّن ملاحظاتي والأفكار الأساسية التي وردت فيها المقدمة لـ ( عمر كامل مسقاوي ) كانت ثقيلة على فكري ولم أستوعب الكثير منها وكأنه يتحدث بلغة لا أعرفها ولكن بعد الانتهاء منها استمتعت جداً بالكتاب
تلخيص سريع للكتاب :
* المحاضرة الأولى ( مفاهيم ) تحدث فيها مالك بن نبي عن الأفكار التالية :
- مفهوم ( القابلية للاستعمار ) وتوضيح أن هذا المفهوم هو المشكلة الحقيقية للأمة وليس ( الاستعمار ) - مصير الإنسان ليس في يده وهو مرتبط حتماً بواقع المجتمع - سفينة المجتمع الإسلامي تغرق ويجب إيصالها إلى مرفأ ( الإمكان الحضاري ) بوسيلة أساسية وهي ( الدين ) - الحضارة الإسلامية شيء والإسلام شيء آخر - مفهوم التداول التاريخي للحضارات والثقافات - العلم قيمة حيادية والأخلاق تحدد وظيفته - تحدث عن القيم القصوى والقيم العليا والتمييز بينها حيث أن كل حضارة حتى تقوم تحتاج إلى قيم قصوى تؤمن بها قد لا تكون صحيحة بالضرورة مثل ( الشيوعية ) وهذا يختلف عن القيم العليا التي نعتقد ونسلم بصحتها مثل ( الإسلام ) .
* المحاضرة الثانية ( الثقافة والأزمة الثقافية ) تحدث فيها بن نبي عن الأفكار التالية :
- تضييع وتمييع مفهوم الثقافة بربطها بالترفيه والتسلية وكذلك الاعتقاد بأن العلم هو الثقافة وهذا خاطئ - عرف مالك بن نبي الثقافة بأنها : هي الجو المتكون من ألوان وألحان ونغمات وروائح وسكنات وأضواء ومن جوانب مظلمة ، إنها هذا الجو كله الذي تتفتح فيه النفس وتشعر بوجودها في إطار عام - أشار إلى أن العلم حيادي لا يقدم خيراً ولا شراً ولكنه يشرح ( كيف ) فقط في حين أن الثقافة هي التي تدفع باتجاه الخير وغيابها يدفع باتجاه الشر - الثقافة تنشئ رقابة بين ( الأنا ) والـ ( نحن ) وغياب هذه الرقابة يشير إلى وجود أزمة ثقافية . _ ينتظر من الثقافة أن تحقق :
1- الإنسجام بين الأفراد والمجتمع 2- أن تمنحنا قيماً جمالية 3- الفعالية 4- التقنية والصناعة والعلم
المحاضرة الثالثة ( الحقوق والواجبات ) فقد كان معظم الحديث فيها وجوهره مستمد من الآية الكريمة ( وهديناه النجدين * فلا اقتحم العقبة ) أما النجدين فهما طريقا ( الحقوق والواجبات ) والإنسان دائماً ما يختار الطريق الأسهل وهو طريق المطالبة بالحقوق دون خوض وعورة الواجبات وعلينا في سبيل نهضتنا أن نختار طريق الواجبات .
* المحاضرة الرابعة ( المرأة والرجل أمام واجبات واحدة في مرحلة النهضة ) تحدث فيها عن النقاط التالية :
- المرأة والرجل على حد سواء في الواجب وهو واجب إنقاذ المجتمع - يشير إلى أنه يجب أن لا ينصب اهتمام المسلم على العبادة الفردية بل يجب الاتجاه نحو العمل والاهتمام الجماعي بمشكلات الأمة - يكثر بن نبي من الحديث عن نموذج السفينة الذي تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو : (( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا ... )) للدلالة على أن المجتمع يقتضي وحدة أفراده ووحدة سلوكهم . - يؤكد بن نبي على أن نظرته إلى واقع المجتمع الإسلامي ليست تشاؤمية ولكنها واقعية . وأن النقمة التي تحل بمجتمعنا اليوم هي رحمة من الله تؤدبنا وتعيدنا إلى الصراط القويم . - يجب أن تكون رؤيتنا وتفكيرنا في حجم العالم والتاريخ كله . - علينا تجنب التفاؤل السهل والكلمات العذبة في البداية حتى لا نقع في النتائج المريرة . - العلم أفلس وحان دور الروح ونهر التاريخ وصل إلى مصبه وكل الروافد تجمعت فيه وهي تهيئ لعودة الإسلام من جديد . - كل حقيقة لها جانبان : جانب الصحة وجانب الصلاحية ( أي صلاحية التطبيق )
* المحاضرة الخامسة والسادسة بعنوان ( دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين ) تحدث فيها عن الأفكار التالية :
- فقدان العالم المتحضر لمبرراته الحضارية مما قاده إلى أزمة خطيرة تمثلت في حيرة قائمة في العقول والنفوس والأرواح ويمكن تلخيص المشكلة بالكلمات التالية : ( تضخم الإمكان الحضاري في مقابل تناقص الإرادة الحضاري ) - يجب على المسلم أن يرتفع إلى المستوى الحضاري الذي يؤهله تبليغ رسالته لباقي المجتمعات المتعطشة إلى القداسة والقيم الروحية . - رسالة المسلم هي إنقاذ نفسه وإنقاذ الآخرين وهذا يتطلب نوعاً من الإعجاز يتحقق باقتناع المسلم برسالته وإقناع الآخرين بها ولا يتم ذلك إلا بتغيير جوهري من داخل المسلم ، ويجب على كل مسلم أن : 1- يعرف نفسه 2- يعرف الآخرين 3- يعرّف الآخرين بنفسه .
دهشت في مقدمة هذا الكتاب كيف أنه جمع من بعض النسوة اللاتي ألقيت عليهن محاضرات مالك بن نبي في جوامع دمشق منذ مايقارب 43 سنة... وأن المشرفة عليهن كانت تدرس وتلقي محاضرات مالك بن نبي عليهن قبل اجتماعه بهن بسنين.. أتساءل أين هن هؤلاء اليوم؟ كيف تغير الاتجاه الثقافي والفكري في حلقات المساجد؟ للأسف...مات مالك بن نبي ودفنت معه تلك المجالس...
عبارة عن تفريغ نصي لمحاضرات ألقاها ابن نبي في دمشق مطلع السبعينيات، وهذا الكتاب هو أخر كتاب يصدره عمر المسقاوي (الذي تكفل بنشر أعمال مالك بناء على وصيته) لابن نبي. ولأن الكتاب أصله محاضرات؛ فقد أتت أفكار المؤلف بشكل مختصر، السبب -في ظني- الذي دفع المسقاوي لتقديم مقدمة بانورامية لفكر ابن نبي. تدور المحاضرات حول نقاط محورية يطرحها مالك بن نبي حول همه الرئيس: الحضارة. كتاب جيد للمهتم بفكره، اقترح قراءته كأخر كتاب له لمن ينوي قراءة مشروعه كاملاً لأن مادة الكتاب أُلقيت قبل وفاته بعام واحد، رحمة الله عليه.
أحب هذا النوع من الكتب الذي ينعش الفكرة بالإسهاب والتكرار لماذا؟ لأن العقل بحاجة إلى أن يخزّن الأفكار العظيمة وهذا لا يكون إلا بمنح الكتاب أفكارًا بعدد متواضع بعيد عن الحشد المتعب للذهن والذي تتنافس فيه الأفكار من أجل البقاء فيقتل بعضها بعضا.. أضف إلى أن ترسيخ الفكرة بالإتيان بها في مواضع مختلفة من جهات متعددة وبطرق مختلفة ترسخها في الذهن بعيدًا عن التعنّي في إدخال وخزن الأفكار
لكنني أعتقد أنني أخطأت بالبدء من هذا الكتاب الذي قد يكون آخر ما كان عليّ أن اقرأه من كتب ابن نبي .. إلا أن ما أسعفني هي مقدمة الناشر التي أشارت إلى فكر ابن نبي وكأنها تستهدف من لم يقرأ له من قبل
من مالك بن نبي في كتابه : (وهديناه النجدين , فلا اقتحم العقبة ) الانسان بطبيعته يميل للابتعاد عن الصعب ليختار الطريق السهل ,,,, تعليقي : لكنّي الاحظ ناس تختار الصعب دائما حتى وان لم يكن منه فائدة و لذلك فاختيار الصعب يكون بفائدة اذا كان الهدف النهائي الذي سنصل اليه من السير في طريق صعب افضل من مثيله الذي سنحصل عليه من الطريق السهل . ,, وايضا يقف الخوف من الفشل عائق كبير امامنا , فيمنعنا من الاقدام على فعل ما نريد , على تحقيق ما نأمل , بالأخص لو كان دخولنا الطريق سيؤدي الى خسارة اشياء اخرى . فنقف امام امرين اما المجازفة والاقدام , او ترك ما نريد والبحث عن غيره اكثر طمأنينة . والاختيار بين الأمرين سيعتمد على اهمية ما نريد ومقدار تمسكنا به و كمية الخسارة بالنسبة لنا , وتبقى الحيرة قائمة اذا كان ما نريد اقل (نسبيا في نظرنا ) مما يمكن خسارته ,فهل : نبتعد عنه , او نجازف ونقدم (خاصة لو حولنا تجارب لمن جازف و كسب )
مالك : النقمة التي تحل بمجتمعنا ليست نقمة من الله بل هي رحمة لتذكرنا و توقفنا عند حدنا حين سرنا خطوات في طريق غير الطريق مستقيم( وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم و يعفوا عن كثير|) ,, ا تعليقي : ليس دائما سبب النقمة هو تحذير او سبب لتصحيح مسار فأحيانا يكون قضاء الله لحكمة في المستقبل مالك :الأزمة التي تنتاب الحضارة أو الانسان المتحضر اليوم : احيانا تفقده حتى إنسانيته فيصبح إما وحشاً مفترساً ينقض على كل ما يستطيع تحطيمه , أو يصبح تائهاً في المتاهات التي تفتح له بالمخدرات
يشكل الكتاب تسجيلا لحدث وجود مالك بن نبي في دمشق وإلقاءه هذه المحاضرات أكثر من التعمق في أفكاره. لذا يشكل لمحة عن هذا الفكر، جعلتني في شوق لأكمل التعرف عليه أكثر. أعجبني نزوع مالك التحليلي الواقعي، اللابراغماتي، بل الملتزم بالقيم والمبادئ، والباحث عن سبيل واقعي لها، لا المنصرف للحلم بها. ماهي الثقافة؟ التفريق بين صحة فكر وصلاحيته، علاقة الصلاحية بالإنسان لا الفكر، ما معنى الحضارة؟العلم؟ الأخلاق؟ الحقوق والواجبات؟ القابلية للاستعمار.
إن يكن للمصادفات شأن في حياة الكتب، فهذا الكتاب ابن المصادفة، حيث يقول مالك بن نبي إنني حججت هاته السنةرمع صغرى بناتي، رحمة، لم يتجاوز عمرها الثمانية، ومع والدتها. ثم بعد الحج، ورحلة دامت شهراً ونصف شهر بالسعودية وصلنا إلى بيروت في طريق عودتنا، ولكن الفرصة المتاحة كانت تراودني أن أطلع(رحمة) على بعض معالم الحضارة الإسلامية بدمشق،فقررت السفر إليها لأقضي فيها يومين أو ثلاثة. وإذا بدمشق تمسكني بكرم أهلها وحسن لقائهم،ثلاثة أشهر كاملة قضيتها في حوار مستمر مع شبابها المتعطش إلى الأفكار. لذلك فعنوان كتاب (مجالس دمشق) يستعيد ما كان لمجالس الفكر والأدب من دور في نمو التراث التاريخي للحضارة الإسلامية. فالمجالس تواصل تنمو فيه شبكة العلاقات الاجتماعية، وتتفاعل فيه الأفكار، وسبل توظيفها حينما تربط بين الأفكار وحدة المشكلات. من هنا اعتبر بن نبي كتاب(مجالس دمشق) حصاد مشترك من الأفكار بين السائل والمناقش والمجيب. من هنا نستطيع أن نضع تحت عنوان(مجالس دمشق) سائر ما قدمه مالك بن نبي في دمشق من محاضرات ومجالس ومعارف شخصية، وثقت الصلات والأفكار معاً. ففي كل منعطف من مسيرة العالم الإسلامي، كان أدب بن نبي يضع نشيد المستقبل في روح الأجيال، وحبذا لو تصبح هذه القطع الأدبية جزءاً من الثقافة التربوية في مناهج التعليم.
يختلف فكر مالك بن نبي عن سائر الحركات الإصلاحية التي غمست قلمها بمداد الحضارة الغربية الذي وصل إلينا كإنتاج جاهز فأعلنت موقفها من سلباً أو إيجاباً، فيما كان المطلوب أن نأخذ عناصر هذا المداد لنركب منه مقادير ملائمة اقتباساً تنطلق منه رؤيتنا لمشكلاتنا في قفزة تاريخية تختصر هوة التخلف. فتطور الحضارة صعوداً وهبوطاً يرتبط من حيث الأساس بفكرة الإسلام والفرد الذي يمثل سندها المحسوس. فقد استطاع بن نبي أن يستخرج مضامين الحضارة بعقل رياضي حساس وميزان الصيدلي الذي يزن كل ما يقع في كفته. فبن نبي وضع العناصر الأولية لأية نهضة أخذت مسارها في التاريخ كسنة من سنن الله في أرضه. ثم اعتمد التاريخ والتجربة الحضارية في مسيرة الحضارة الإسلامية لكي يتخلص من رواسب حالة الخروج من الحضارة الإسلامية وأمراضها، واضعاً لهذا الطريق معالم مرتكزات أولية. فنسيج بن نبي هو نسيج وحده له مقدماته ونتائجه فهو يكتب كمال قال بوصفه صاحب قضية وليس باحثاً في التاريخ. فبن نبي يستنجد دائماً بالإرشاد القرآني في تحديد نظرية الثقافة في عناصرها الكونية التي هي سنة الله في تنظيم الاستقرار الكوني الذي يربط الإنسان بالتراب والوقت. فقد تكدست قوالب الحضارة الغربية في عالمنا في أطر سياسية واقتصادية واجتماعية، بينما القضية الحيوية المتصلة ببناء الشخصية الجديدة لمجتمعنا فقد بقيت بعيدة عن كل حد. فيجب الانطلاق في بناء دورنا على حقائق التاريخ. ويجب أن نعلم أن هناك محنة تخلف نمر بها، وأن النتائج التي أورثها هذا التخلف هي من صنع أيدينا، فالتخلف هو حصاد أمراض اجتماعية، فهناك واجبات لا تُغني عنها كثرة التعبد والدعاء. علينا أن نتخلص من التفاؤل السهل استناداً إلى ذاكرة متعالية عن مشكلات الواقع. لقد وضع بن نبي إلى حد كبير أسس فكر إسلامي حديث يساير تطور العالم ويعي الرهانات الدولية، ففكره كان ولاشك سابقاً لأوانه، خارج أي إبهام أو ضبابية، إنه فكر مُلتزم يعالج واقعاً مُعاشاً في خدمة نهضة العالم الإسلامي، لذا ففكر بن نبي يبحث دائماً عن دوره في حركة عمل ملموس ومنتج.
لقد أغنى بن نبي العلوم الاجتماعية بإدراك وتفهم أفضل لعلم النفس، كما في علم الاجتماع الإسلامي، وتفسير حركة التاريخ الإسلامي، وقد استحق بذلك مكانته بين ابن خلدون وشبلنجر وتوينبي. إن حياة وفكر بن نبي يتداخلان في عروة لا إنفصام لها، فحياته فيها صلاحية التعبير عن فكره، وفكره فيه صلاحية التعبير عن حياته، إذ كل واحد منهما هو شهادة لصحة الآخر، فأفكار الرجل أصيلة وقد رضيت بها حياته مساراً لفاعلية الأداء، بمعنى أنها وهبت لفكره لتكمل الواحدة منهما الأخرى لذا فالسياسة لا تخالط فكره بل تتحدان اتحاد وحدة وأداء. وإذا كانت السياسة تعني التزام عمل ونضال، فهذه هي على الدوام حياة بن نبي. إنها معركة ضد النزعة الاستعمارية وضد النزعة للقابلية للاستعمار إنها ضد الانحطاط، ضد التخلف، إنها ضد الأفكار المقتولة والأفكار القاتلة. فبن نبي قد قرأ جبال من الكتب، وانغمر في عمق العلوم والنظريات الاجتماعية الجارية في زمانه. فقد كان مناضلاً محطماً لكل المحرمات الموروثة.. لقد كان مجدداً ومبتكراً. وعلى منوال العظماء ومربي الإنسانية كان بن نبي يوجه ويرشد ويعلم لا على مقاعد الجامعة، بل في منزله وخارجه كما في البلاد التي يزورها، بل وحيث يجد لكلمته مستمعاً. كان لا نظير له بين أقرانه في زمانه، لا يعبأ بالمجد ولا ينتظر المكافأة. لقد حمل عبء قضيته إلى النهاية 😥
⏪محتوى الكتاب
كتاب يضم ست محاضرات في مشكلات الحضارة المعاصرة ودور المسلمين فيها. تحدث في الأولى عن مفهومي(القابلية للاستعمار والحضارة،_الإسلام) فأشار إلى أن سبب تأخر المجتمع الشرقي هو تعطيل الفكر لا وجود الاستعمار. وبني في الثانية موضوع (الثقافة والأزمة الثقافية) على فرضيتين، سوء إدراك مفهوم الثقافة، وخلل التطبيق، فبين وضع الثقافة في المجتمع المسلم، وأثر المجتمع في ثقافة الفرد. والفرق بين الثقافة والعلم، وما يُنتظر من الثقافة أن تقدم. وتناول في الثالثة(الحقوق والواجبات) وأثر فهم المجتمع لها في نمائه سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وبين أن المجتمع الآخذ في الارتقاء يقدم الواجبات على الحقوق. وتحدث المحاضرة الرابعة(المرأة والرجل أمام واجبات واحدة في مرحلة النهضة)، عن أوضاع المجتمع المسلم، ومتطلبات النهوض به وإنقاذه. وتناولت المحاضرتان الأخيرتان، وهما النتيجة لما سبق من كلام، (دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين)، فمهد بالحديث عن أهمية أحداث القرن المشار إليه، وما يتصف به من التغيرات العميقة، وما حدث فيه من مخاطر مزقت الشباب، وأدت إلى إفلاس الحضارة الحالية والأديان القائمة وانهيار الأخلاق والقداسات وافتقاد الروحانيات، ومن هنا يبرز واجب المسلم الذي يحمل رسالة إنقاذ نفسه وإنقاذ العالم من الضياع. وفرق أخيراً بين الدين والرسالة .. وفي سبيلها طالب المسلم بأن يعرف نفسه، ويعرف الآخرين، وأن يُعرفها للآخرين وأن يرتفع إلى مستوى الحضارة، وفوق مستوى الحضارة الحالية.
This entire review has been hidden because of spoilers.
عندما تقرأ كتاب ما ربما تدون بعض جمله في مدونتك الخاصة كي تكون بمثابة خطوط فاصلة في تفكيرك ولكن الأمر يختلف مع كتب مالك بن نبي، هنا أنت مضطر للإحتفاظ بالكتاب كاملاً. يحوي كتاب مجالس دمشق على ست محاضرات كان قد ألقاها مالك بن نبي في دمشق أمام فئات مختلفة من المجتمع آنذاك. تتحدث المحاضرة الأولى عن القابلية للإستعمار وكيف تتحمل الشعوب مسؤولية إحتلالها من خلال قابليتها لذلك، وإتاحة المجال أمام المحتل لإحتلالها من خلال تعطيل الفكر وتعطيل القيام بما هو واجب عليها القيام به. في محاضرته الثانية يفصل فيما يراه أزمة حضارية تمر بها شعوب المنطقة ووضع فروقات وتعريفات واضحة للثقافة ووضح تأثير المجتمع على ثقافة أفراده. في المحاضرة الثالثة تكلم مالك بن نبي عن الحقوق والواجبات وأوضح وأكد أن الأمة التي تكون في طور صعودها هي الأمة التي تهتم بواجباتها ولا تضيع الوقت بالمطالبة بالحقوق. في المحاضرة الخامسة تكلم عن دور الرجل والمرأة سواء بسواء في التغيير الإجتماعي وختم في محاضرتيه الأخيرتين بالحديث عن دور المسلم في الثلث الأخير من القرن الماضي وماهي أهمية هذه الفترة وكيف يجب الإعداد لها.
ملخص محاضرات ألقاها مالك بن نبي في دمشق، عرض فيها أفكاره ورؤيته الواقعية وما على المسلم فعله وأكد على دور المسلم وكيفية الإنقاذ الواجبة عليه وذلك بأن يبدأ بإنقاذ نفسه ثم الآخرين... اختصار جميل لمجموع ما اشتهر به من أفكار حضارية بطابع حواري جميل.