حينما أكتب مراجعة لكتاب فإما أن أوافق فامدح وإما أن أخالف فانقد أو اقدح.. أما كتاب الشيخ علي الحلبي رحمه الله هذا فلا أدري ما أعلق عليه... الرجل مسكين لا يوجد لديه تصور أصلا لمسألة الخلاف، و يجمع أقواما متفرقين مختلفين منطلقا ونتيجة، نظرية وتطبيقا و يضعهم الحلبي في صعيد واحد.. ينقل كلاما لا يفهمه ولا يستوعبه و يعلق بعصبية واضحة وغرور من يملك الحقيقة و يتوهم الكمال... ناهيك عن الكلام الطويل الذي نقله ولخصه من كلام ابن قيم الجوزية ( وهو جل الكتاب) والوجوه المتكاثرة المضحكة وهي أسوء مما كتب الحلبي و تنقد كنقدنا السابق له.... خبط عشواء، سوء فهم، انعدام تصور، تعالي فكري يرافقه اضمحلال معرفي و و... لطالما قلت ولا زلت أقول أن مقولة تقديم النقل على العقل أو حتى عكسها تقديم العقل على النقل.. هيا مقولة أو جملة تتضمن خللا بنيويا على صعيد لسان العرب وما أوتي القوم إلا من العجمة فالنص سواء ثبت أو لم يثبت، وسواء أكان ظني أم قطعي، أفاد علما مخصوصا أو لم يفد... هو مجرد ساحة عمل للعقل، فلا يتلقى النص إلا به ولا يفهم إلا به ولا يقارب مفهوم معناه إلا به فكيف يكونا متواجهين!! هذا خلل بنيوي و عجمة بينة واضحة يأباها لسان العرب الذي نزل به القرآن وكرر ربنا سبحانه في غير موضع على أنه الفيصل والمرجع والقاعدة في مقاربة مفهوم معنى القرآن ناهيك عن غيره.. وحتى الحلبي نفسه وابن القيم وغيرهم من الحشوية المشبهة إنما يعيبون على غيرهم معاكستهم للنص الذي فهموه و تلقوه بعقولهم وظنوا أن هذا هو مفهوم معنى النص، ومخالفيهم من أهل الاعتزال أصالة ثم غيرهم من الفرق الإسلامية و فلاسفة الإسلام ليسوا كفارا ولا يعاندون رب السماوات والأرض أو رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإنما تلقوا نصوصهم بالعقل وفهموها فهما مغايرا لفهم الحشوية وترتب على ذلك من الأصول والفروع عبر القرون ما الله به عليم ، والمسألة تحتاج للكثير من النقاش و أصل النقاش لغوي بالأساس و قواعده كلها مرتكزة على لسان العرب فهنا مربط الفرس ولكن العجمة فشت في الأمة نطقا وفكرا حتى صارت أبجديات اللغة محل خلاف وهذا من بلاء التوسع السريع وإقامة الإمبراطوريات الضخمة ودعوة أمم الأرض أفواجا للإسلام وتأخر عصر التدوين ،وهو هنا ليس شرا بقدر ما هو طبيعة لحركة المجتمعات وطبائع الدعوات. الحاصل كتاب سيء لا أنصح به من يريد أن يفهم مسألة الخلاف وأصل الشقاق لأن الكتاب لن يزيده إلا بلبلة ولن يعزز لديه إلا العصبية و تناقض الأقوال..