مراجعة لكتاب: الردة بين الحد والحرية، صالح بن علي العميريني، دار التدمرية، الطبعة الأولى، 1434هـ.
إبراهيم بن عمر السكران
الحمد لله وبعد،،
بعد خمسة عشر قرناً من استقرار أحكام الإسلام في نصوص الوحي، وآثار الصحابة والتابعين، وتقريرات المذاهب الأربعة، تفاجأ المسلمون بالتفوق المادي للمجتمعات الغربية وتعلق الناس بثقافتها التي تمركز "الحرية الليبرالية".
وتفاجأ المعنيون بأمر الإسلام أمام هذا السؤال؟ أعني سؤال الموقف من الثقافة الليبرالية الغالبة؟
فجماهير الفقهاء والدعاة مالوا إلى ضرورة التمسك بنص الإسلام كما أنزل وكما فهمته القرون المفضلة، مع الأخذ بالأسباب والوسائل المادية المعاصرة.
وذهبت طوائف من العلمانيين إلى رفض أحكام الإسلام ببجاحة وضرورة السير في ركب الثقافة الليبرالية الغازية.
بينما بقيت طائفة من المحبين للإسلام وبنفس الوقت مبهورين بالغرب مترددة نوعاً ما، ومالت إلى ضرورة القيام بإعادة تفسير لأحكام الإسلام بحيث ينسجم مع قيم ومفاهيم الحرية الليبرالية الغالبة اليوم، بحيث نجمع بين اسم الإسلام ومحتوى الحرية الليبرالية، وابتدأوا فعلاً في سلسلة تأويلات لأحكام الإسلام المتعارضة مع الحرية الليبرالية الغالبة، كمفاهيم الجهاد وأحكام أهل الذمة وحشمة المرأة والولاء والبراء والحدود والعقوبات والتعازير وقاعدة الإلزام الخ، ومن أكثر ما تعرض للتأويل اليوم تحت ضغط غلبة الحرية الليبرالية هو (عقوبة قتل المرتد).
وممن انتسب للطريق الثالث وكتب فيه هو د.طه العلواني حيث كتب كتاباً لتأويل وشطب عقوبة قتل المرتد التي استقرت عليها النصوص والآثار ومذاهب الفقهاء رفعاً للحرج عن الإسلام كما يرى.
وهذا الكتاب –أعني كتاب د.العلواني- صار له رواج نوعاً ما بين المعجبين بهذا الطريق الثالث، أعني طريق تأويل الأحكام الشرعية لتنسجم مع ثقافة الحرية الليبرالية الغالبة اليوم، وقد فاجأنا معرض الكتاب الحالي 1434هـ بالرياض بصدور دراسة علمية حديثية جادة للباحث صالح بن علي العميريني لمناقشة كتاب د.العلواني بعنوان (الردة بين الحد والحرية: قراءة نقدية في كتاب "لا إكراه في الدين" للدكتور طه العلواني) دار التدمرية، الطبعة الأولى، 1434هـ.
من أول ما لفت انتباهي في هذا الكتاب أن المؤلف الشيخ العميريني في رده على د.العلواني اختار مسلكاً أدبياً في الحوار صرّح به بوضوح تام منذ البدء حيث يقول الشيخ العميريني (وقد حرصت وبشكل كبير أن يكون الحوار هادئاً متوازناً، بين أخٍ وأخيه)[ص10].
وفي مطلع الكتاب تنبيه منهجي في غاية الأهمية، وأرى أن ذكر المؤلف له هو من ذكاء المنهجية العلمية، حيث أن من أنكروا عقوبة قتل المرتد في الإسلام متفاوتون ففيهم من ينكر مصدرية السنة النبوية أصلاً، ومثل هذا من الخطأ مناقشته في مسألة تطبيقية كأحاديث قتل المرتد، بل هذا مشكلته تتبع لمستوى مختلف، فيجب أن يبدأ معه بإثبات مصدرية السنة النبوية، والنقاش مع مثل هذه الشريحة في مسألة قتل المرتد يشبه رفع الدعوى قبل نصب القاضي! ولذلك يقول المؤلف في مقدمة الكتاب (وأحب أن أنبه القارئ أن كتابي هذا موجّه لمن يؤمن بالسنة النبوية كمصدر للتشريع، أما من أعرض عنها فإن للحوار معه منحى آخر، ليس هو مكان البحث)[ص10].
ولما جاء المؤلف الشيخ العميريني بكتابه هذا إلى محدث العصر شيخنا عبد الله السعد –أبقاه الله لنا- ليراجع الكتاب ويقرّظه، تفاجأ الباحث بأن لدى الشيخ عبد الله بحث سابق لم ينشر، كتبه الشيخ عبد الله السعد قبل ثلاث سنوات، يرد فيه على أحد الصحفيين بجريدة الرياض لطعنه في حديث (من بدّل دينه فاقتلوه)، وبحث الشيخ عبد الله السعد يقع في (50 صفحة) تقريباً، فاتفقا على أن يكون هذا البحث للشيخ عبد الله ملحقاً بالكتاب، وقد ازدان به كتاب الشيخ العميريني فعلاً.
ومن المهم دوماً في البحوث العلمية عدم الركون إلى النتائج المطمورة المستقرة في الأذهان، بل يجب إعادة فحص كثير مما يظنه الناس عناصر معطاة، ووضعها تحت مجهر التحقيق والتحرير، وفي هذا الكتاب نموذج جيد لذلك، وذلك في تعامله مع الآية الكريمة (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ). فماذا صنع المؤلف؟ عمد المؤلف إلى إعادة استعراض أقوال المفسرين في معنى هذه الآية التي يتداولها بكثرة دعاة (لبرلة الردة) دون رجوع لتفسيرها في كتب علم التفسير، والحقيقة أن الباحث العلمي الموضوعي الجاد إذا قرأ ما ساقه المؤلف من كلام أهل العلم في تفسير هذه الآية سيدرك حجم المسافة الفلكية بين معنى الآية فعلاً، وبين توظيف دعاة (لبرلة الردة) لها.
وحين استعرض المؤلف أحكام الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة (وبلغت في الكتاب 14 أثراً عن الصحابة ص28) فإن الباحث الموضوعي يلفت انتباهه فوراً شدة حضور هذا الحكم الشرعي بين الصحابة، وأنه حكم شرعي في غاية الاستقرار.
والعجيب فعلاً أنه برغم أن المذاهب الفقهية الأربعة اختلفوا في كثير جداً من الفروع الفقهية، إلا أنهم لم يختلفوا في أصل عقوبة المرتد، حيث عقد المؤلف فصلاً استعرض فيه المذاهب الأربعة في هذه العقوبة الجنائية. بل إن المؤلف الشيخ العميريني ساق (21) نصاً من نصوص أهل العلم في إثبات إجماع علماء الإسلام في عقوبة قتل المرتد[ص42]
لما أخذت أطالع في هذا الكتاب فصل الأحاديث الواردة في عقوبة المرتد، ثم آثار الصحابة في عقوبة المرتد، ثم استقرار المذاهب الأربعة طوال خمسة عشر قرناً على عقوبة المرتد، والإجماعات المنقولة، وبنفس الوقت لم يأتِ الاستشكال في هذه العقوبة إلا مع سطوة الفكر الليبرالي الغالب، أخذت أقول في نفسي: هل يوجد باحث يحترم العلم، ويوقر البرهان؛ يقبل فكرة أن أحاديث قتل المرتد فهمت خطأ، والصحابة والتابعون أخطأوا في فهمها، والمذاهب الأربعة أخطأت في فهمها أيضاً، وأننا للتو اكتشفنا موقف الإسلام من المرتد بعد خمسة عشر قرناً لما ضغطت علينا الثقافة الليبرالية الغالبة؟ والله إنني دائماً أتساءل هذا السؤال: هل من يشكك في عقوبة المرتد جاد ومقتنع حقاً من الداخل؟ هل يعقل هذا؟
بكل صراحة أخذت أقول في نفسي: لو جاءني شخص وقال: (بالمعايير العلمية...
1. مقدمة مهمة لمن لا يعرف ترتيب الأحداث: قبل يومين من السطور التي تقرأها الآن قرأت كتابًا اسمه (قتل المرتد: الجريمة التي حرَّمها الإسلام).. استراح معه عقلي لفكرة عدم وجود حد يُعاقب به المرتدون، وأن الإسلام لا يُكره أحدًا على الدخول فيه، فضلًا عن الخروج منه، وقدم لي أدلة وبراهين على قوله ذلك، ناهيك عن اتساق فكرة الكتاب بشكل عام مع قناعاتي الشخصية وقتذاك.. كل هذا جميل وكان يمكنني التوقف عند هذا الحد، وقد تكونت لدي قناعة مصحوبة ببعض الشواهد، وكفى بهذا حسيبًا، لكني لم أعهد بنفسي الاختباء خلف فكرة خشية الخوض فى المزيد.. لست باحثًا عن شهرة أستجلبها من نقد الدين وأحكامه، ولا أستعرض عضلاتي الفكرية بعنادٍ أحمق مع أمور الدين لأثبت تفردي وثقافتي.. أنا أبحث عن الحق والحق وحده، لذلك..
2. بحثت لفترة عن كتابٍ يعرض وجهة النظر المغايرة، الجانب الآخر من الصورة، مع استعداد تام مني لأغير قناعتي... فقط إن ثبت خطؤها كان هذا حين قادني البحث إلى الكتاب الحالي: الردة بين الحد والحرية والذي كتب له السيد إبراهيم السكران مراجعة ممتازة كانت حافزي لقراءته حصلت على نسخة، وشرعت أقرأ دون إبطاء
3. هذه النقطة بلا أهمية فيمكنك تجاوزها: أكملت النصف الثاني من الكتاب في المستشفى، راقدًا على السرير أتنفس عبر قناعٍ لعين وأنابيب، غير أن عقلي كان متيقظًا لأقصى درجة، فلا تحسبن من فضلك أني كنت مشوشًا.. لا تقلق، لن أثرثر في ذلك الأمر وأورطك، لقد اتفقنا أنه بلا أهمية، إنه فقط تسجيلٌ خاص لنفسي في لحظات تلك الليلة العصيبة، والتي سيذكرني بها الريفيو في كل مرة أعود له فيها
4. ..بعض الجدية الآن؟ حسن، اعطني انتباهك
5. كتاب (الردة بين الحد والحرية) فى الأساس وُضع ردًا على كتابٍ آخر شهير اسمه (لا إكراه فى الدين) للكاتب طه العلواني.. لكن المثير أن نفس الآراء، ونفس الأقاويل والحجج، بل ونفس الجمل تقريبًا كانت متواجدة في كتابي (لا إكراه فى الدين) هذا وكتاب (قتل المرتد) سالف الذكر، فشعرت أن الكتّاب أصحاب مذهب حُرمة قتل المرتد يستقون من معينٍ واحد، وأن الرد على كتابٍ واحد منهم هو رد على بقية الكتب التي تصدر عنهم مهما اختلفت عناوينها
6. إن آيات (لا إكراه فى الدين) و(من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) التي هي أول ما يستشهد به رافضو حد الردة - وقد فعلتُ فِعلهم - تنزلت فى المشركين بالأساس، لا المسلمين؛ هذا يعني أن أيٍ من غير المسلمين لا مساس بعقيدته تمامًا إن أراد الاسلام أو أراد البقاء على إلحاده/يهوديته/نصرانيته..إلخ لكن المسلمين نفسهم الذين ارتدوا يُوجب عليهم القتل؛ لإن تلك الردة هي تعريض بالدين واستخفاف به، وستكون فتنة فى الإسلام الذي هو دينٍ ودولة، وستحدث خلخلة فى قوام المجتمع نتيجة هذا المروق.. هكذا يقول علماء الدين لست عليهم بمصيطر، وما أنت عليهم بجبار.. كل هذا صحيح، لكنه أيضًا (على غير المسلمين)؛ لإنه لو كان على المسلم نفسه فلماذا وضع الله حدودًا للقتل والسرقة والزنا طالما أن العقاب الأخير لله وحده؟ وما ينطبق على الجرائم المجتمعية فأولى أن يكون على هدم المجتمع من الأساس بالخروج عن وحدته
7. لا يوجد حد للردة فى القرآن، هذا صحيح، لكن أيضًا هناك حدود استقاها الشرع من السنة النبوية، فضلًا عن أحكام ومحرمات مثل لبس الحرير، والمواريث، وأركان الصلاة، والبيع.. إلخ لو أردنا أخذ آية من القرآن لنستقى منها رأيًا أو فكرة، دون وضعها فى سياقها، وأسباب تنزيلها، وربطها بالأدلة الشرعية الأخرى، فستكون النتيجة أننا سنجد تضاربًا بين آيات الله ذاتها، وتضاربًا أكبر بينها وبين سنة النبي، وكل هذا بسبب فهمنا الخاطىء المنقوص للآية وهذا يقودنا إلى...
8. حديث (من بدَّل دينه فاقتلوه) هو حديث صحيح السند والمتن، وأفرد الكاتب فصلًا كاملًا للحديث عن صحة رواته؛ فبالتالي هذا شرعٌ صحيح من الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقبل التشكيك، وانكاره هو انكار للسنة نفسها.. هذا فخٌ لا يجب الوقوع فيه للمسلم: ما أتى من الرسول - وثبت صحته - يجب علينا أخذه حتى ولو لم نفهمه حينًا أو نتقبله أحيانًا كذلك فهناك حديث ترويه عائشة عن رسول الله يقول فيه: لا يحل دم امرىء مسلم إلا أحد ثلاثة:.... وذكر منها (رجل ارتد بعد إسلامه) وهذا أيضًا حديث صحيح.
9. الرسول لم يشفع فى حادثة قتل مرتد إكرامًا لعثمان، كما أوهمني كتاب (قتل المرتد) وكما استشهد أيضًا د.طه العلواني فى كتابه.. الحقيقة أن الرسول قَبِلَ شفاعة عثمان بعد توبة (عبد الله بن أبي سرح) وقد ذكرت الكتب التاريخية أن الرجل رجع للدين وحسن إسلامه حتى الممات.. كذا فإن الرسول فى عهده تم تطبيق حد الردة بالفعل بواسطة معاذ بن جبل الذي أرسله هو وأبا موسى إلى اليمن ووجدوا رجلًا تهوَّد بعد إسلام فقُتل قضاءً لله ورسوله.
10. هناك بالفعل أناس ارتدّوا فى عهد النبي بعد الإسراء والمعراج ولم يقتلهم النبي.. لماذا؟ لأن هذا كان فى العهد المكي، حيث لم يكن للنبي سلطة الحاكم بعد - بعكس وضعه اللاحق في المدينة - فضلًا أن الأحكام والحدود وقتها لم تكن قد تم اقرارها بعد.
11. كل الصحابة أقرّوا - لفظًا أو فعلًا أو تقريرًا - بحد الردة: ابتداءً من ابن الخطاب وعلي وعثمان، ومن بعدهم كبار الصحابة والتابعين كابن عباس والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وغيرهم. أما أقوال الصحابة والتابعين التي تم الاستشهاد بها فى كتابيّ (قتل المرتد) و(لا إكراه فى الدين)، والتي تنفي وجود حد الردة فى الاسلام، فإما قد تم للأسف شرحها خطأً للقارىء، أو ليّ عنقها، أو لم يثبت صحتها، أو كانت باطلة قولًا واحدًا، أو كانت هناك أقوال أخرى لنفس الصحابة والتابعين أكثر صحة وتؤكد حد الردة بالفعل لا تنفيه
12. الإجماع اتفقت المذاهب الأربعة الكبرى على قتل المرتد الذَكَر، لكن اختلف الحنفية معهم فقط في قتل (المرتدة)، وذهبوا إلى حبسها فحسب؛ لكراهية قتل المرأة حسب السنة النبوية. هذا يعني أن الإجماع الذي قالوا أنه لم يحدث حدث بالفعل على وجوب حد الردة على الرجل، وبشكل دقيق بين كافة أهل علم المسلمين، لكن الاختلاف فى الرأي كان في نقطة وحيدة لا غير: هل يُستتاب المرتد ثلاثة أيام قبل تطبيق الحد أم لا
13. أثبت الكاتب - بعكس الآراء التي قرأتها سابقًا – أن أبا بكر لم يحارب المرتدين بسبب منعهم الزكاة فقط، أو لخروجهم على الدولة، بل لإنهم فرَّقوا بين الصلاة والزكاة، أي أنهم أنكروا معلومًا من الدين بالضرورة وبالتالي صاروا مرتدين، فالحرب هنا كانت على أناسٍ ارتدّوا عن الإسلام، لا خلافًا سياسيًا إذن أو تأديبًا للمتمردين كما بدا لي
14. هناك الكثير الذي يحويه الكتاب من ردودٍ شرعية مفحمة، والتي لا يتسع المجال هنا لذكرها بالكامل.. لكن وتلخيصًا للأمر سأقول أن ما قرأته فى كتاب (قتل المرتد) و(لا إكراه فى الدين) وغيرها، هو مجرد نصف الصورة لا كاملها.. أشياء من قبيل (قال فلان كذا) فتُصدِّق أنت، وتقول لنفسك: إن كان فلانًا - الصحابي/التابع/الفقيه - على شهرته قد قال هذا فمن أنا لأنكر؟ ثم تكتشف لاحقًا أنه تم التشكيك فعلًا فى المقولة لكن الكاتب لم يذكر هذا، أو أنها صحيحة بتفسير مختلف وأيضًا لم يذكر الكاتب هذا.. لماذا؟ لا أعلم الحقيقة، ولن أدخل فى نوايا الناس لأفتش عن قلوبهم وأتهمهم بغير علم، لكن ألا يفهمون أن الكلمة أمانة فعلًا؟ ألا يستحق القارىء أن تضع له كافة الآراء وهو من يقرر؟ إلى متى، في كل مجال، سنظل نتعمد قصّ الصور، واقتطاع الجمل، وإخفاء الحقائق، والتعامل مع القارىء على إنه غرٌ ساذج يُسقى المعلومة كالأطفال؟ لا حول ولا قوة إلا بالله
15. وانتهاءً: ما أوتينا من العلم أبدًا إلا القليل، وإن العقل ليتبدل ويتغير دومًا؛ فلا يجب أن تُسلِّمه لفكرة أو رأي وتقتنع بإلوهيته وكأنه منزه عن الخطأ.. أي رأي وأية فكرة مهما كانت.. اقرأ واقرأ واقرأ حتى تهتدي وليس عليك جناحٌ إلا فى السعي لا الوصول إني قد توصلت للدليل الشرعي الصحيح، ولسببٍ ما أشعر فى أعماقي أن تلك نهاية القصة، ولا توجد وجهات نظر أخرى متوارية.. فقط أحتاج فى الفترة القادمة للقراءة أكثر عن سبب تشريع هذا الحد، وحكمة الله من وراءه، وما نفعه على أمة الإسلام.. إلخ فقط كي أتمَّ أمانتي معك، فأنا مازال بنفسي بعض اعتراض؛ هناك بقايا رفض واستنكار داخل عقلي، لكن قلبي يقول لله تعالى: إن كان هذا قول نبيك، وثبت فعلًا، وأجمع عليه من هم أكثر مني تدينًا وعلمًا وفقهًا، فلا أملك إلا الإذعان.. لا يهم رأيي وقناعتي، أمرك ربي وإليك القرار من فضلكم، اقرأوا الكتابين.. اقرأوا وجهتي النظر معًا، ودعوا عقولكم تختار وحدها، وهدانا الله وإياكم
* * * * * * * * * * * * * * * * * * *
يومًا هرعوا لأبي بكر الصديق ليقولوا له: يا أبا بكر، ألا ترى صاحبك؟ يزعم كاذبًا أن ربه قد سرى به لبيت المقدس في ليلة واحدة ثم عاد.. أفتصدق هذا التخريف؟!.. كانوا ينتظرون منه استنكارًا، اعتراضًا، رفضًا يتوافق مع أبسط قواعد العقل والمنطق التي لا تقبل تصديق رحلة تُقطع فى شهرين، فتحدث الآن في ليلة واحدة فقط.. كانوا يقولون أنهم أخيرًا قد وجدوا ثغرة في هذا الإسلام العجيب. لكن أبا بكرٍ ابتسم، ونطق قلبه قبل لسانه فألجمهم، قال: لئن قال محمدٌ ذلك فقد صدق. إنى لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك: أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة؛ ألا أصدقه في أمرٍ كذلك؟!. وبس :) ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد شكرًا لوصولك هنا سلامات
حسام عادل 23.12.2015 السابعة وست وثلاثون دقيقة صباحًا
تصفحت الكتاب فقط لم اقم بقراءته لكن الامر واضح بالنسبة لي اذا كان خائن الوطن يعاقب فان المرتد عن الدين يجب ان يعاقب ايضا لان الاسلام نظام شامل سياسي اقتصادي اجتماعي روحي ولن تكون القوانين الوضعية اكثر حكمة من التشريعات الالهية فاذا كان خائن الوطن يؤذي الوطن فان المرتد يحارب الدين الذي خرج منه https://youtu.be/q-0-qT9aDNs https://saaid.net/bahoth/178.htm
كتاب ماتع ودراسة نقدية تتسم بالمنهجية في نقد الكتاب في حد الردة وهو من أكثر الحدود التي يجري محاولة التنصل منها بداخل الإسلاميين على وجه الخصوص قبل العامة لمواجهة الضغط الغالب من ثقافة حرية الاعتقاد.
الكتاب فاجأني بشكل شخصي في أمور عديدة التبست علي لقلة اطلاعي في هذا الأمر حتى فترة قريبة ولعل أشهرها هو الأقوال الواردة في تفسير قوله تعالى: "لا إكراه في الدين" إذا لا يوجد قول واحد يقول أنه يدخل فيها حرية الردة والخروج عن الإسلام، ولعل قراءتي لورقة "شبهة حرية المنافقين" لأبو عمر السكران كان عاملا له دور كبير في المساعدة على تصور الرد في مثل هذه الشبهة، وكذلك مما أعجبني بشدة وكان دليلا قويا في تحري المنهجية في هذا الكتاب هو أنه لم يقم فقط بذكر الأدلة الواردة في هذا الحكم أو في الرد على الشبهات، ولكن كان الإيراد لهذه الأدلة بشكل تأسيسي بتناول السند ورجالاته ومن قيل فيه كذا ومن قيل فيه كذا، فلهذا أعتبر الكتاب تأسيسي في هذه الشبهة؛ حرية الردة.
وأخيرا، رضي الله عن الشيخ المحدث: عبدالله السعد لدراسته في حديث من بدل دينه فاقتلوه، ورضي الله عن الشيخ المؤلف: صالح العميريني لتأليفه الكتاب بهذا المحتوى العلمي، ورضي الله عن الشيخ: إبراهيم السكران على مراجعته للكتاب.
ردّ رائع ومتقن.. ربّما لايقنعك شيء في الكتاب.. لكنّك لن تستطيع أن تخفي إعجابك بالمنهجية العلمية والرصانة المعرفية التي تحلّى بها الباحث في طول كتابه وعرضه. مفيد للغاية لمن أراد التعمّق في مسألة الردّة وتفاصيلها كاملة. آراء المفسرين وأحكام المحدّثين في الروايات والأخبار والرجال. شامل تماماً.
أخطر الكتب من وجهة نظري هي التي تطعن في الشريعة أو في حدودها لا من منطلق علماني ولكن بإستعمال أدوات ومناهج العلماء في التعاطي مع علوم الشريعة ، قد يكون هذا الإستخدام بلاشك بشكل خاطيء ومتعسف لكن مجرد استعماله لتلك الأدوات يشكل خطورة على الأقل على وعي العامي والمثقف المسلم الذي لا يملك الأدوات التي تمكنه من كشف زيف أو خطأ منهج التعاطي مع علوم الشريعة التي يسلكها ذلك المدجِن باستعمال أدوات وطرق فهم العلماء لنصوص الشرع .
يمثل تلك الحالة ولاشك الدكتور ( طه العلواني) في كتابه ( لا إكراه في الدين) والذي لغي فيه تماماً حد الردة ، والدكتور طه العلواني مفكر وفقيه إسلامي عراقي فهو منتسب للحقل المعرفي الإسلامي ، ويستعمل أدوات العلماء في فهم نصوص الشرع ، ولكنه ها هنا في كتابه استعمل تلك الأدوات بشكل مغلوط ، ولذلك كان كتاب " الردة بين الحد والحرية " لصالح بن على العميريني من الأهمية بمكان في الرد على الدكتور وكتابه بشكل منهجي سليم ، فالدكتور طه وإن لم يستعمل الفكر الليبرالي بشكل صريح في انكاره لهذا الحد إلا أن ضغط الواقع وما مر به الدكتور نفسه من أحداث ، كحوادث الإستغلال السياسي لحد الردة مع الشيوعيين عقب فشل الإنقلاب على عبد السلام عارف ، عملت على دفع الدكتور طه إلى محاولة قراءة نصوص الشرع بطريقة تعسفية تصل بك أحياناً إلى حد التشكيك في مدى إيمان الرجل بحجية السنة ، هذه المعالجة التي قدمها الدكتور طه في كتابه قد تكون خادعة لبعض الشباب الملتزم وفي نفس الوقت نعطى السلاح بفهم شرعي مغلوط للعلمانيين للطعن في هذا الحد .
الجهد الذي بذله (صالح بن على العميريني) في هذا الكتاب جهد مشكور جداً ، وهو قد أضاف لكتابه بحث للشيخ ( عبد الله بن عبد الرحمن السعد) في تحقيق لحديث ( من بدل دينه فاقتلوه) مما أضاف للكتاب وقيمته ، وقد انتهج المؤلف طريق الأدب الجم في مناقشة الدكتور طه ، وكان من الحذق بمكان أن ربط بين كلام الدكتور طه في أول كتابه عن استغلال حد الردة في تصفية الخصوم السياسيين ومدى الأزمة النفسية التي سببها له هذا الأمر مما دفعه لإنكار حد الردة ، ثم يسجل المؤلف تناقض الدكتور طه عندما يقول أنه حاول أن يعالج موضوع "حد الردة" بعيداً عن المؤثرات !! ، والدكتور منذ بداية كتابه أعلن أن ( حد الردة إشكالية تحتاج إلى مراجعة ) ، فيعقب على ذلك المؤلف قائلاً : ( هل نستطيع أن نجزم بالتجرد العلمي في البحث ؟ هل نستطيع أن نجزم بتجرده العلمي في بحثه وهو يعد حد الردة إشكالية تحتاج إلى مراجعة ؟) [ ص/ 68] ، فكأن غاية البحث عند الدكتور طه هو الوصول إلى إلغاء حد الردة لا البحث المتجرد عن وجوده أو عدمه .
لم يسلم الفقهاء من نقد واتهام واضح صريح من الدكتور طه ، أول انتقاد وجهه الدكتور للفقهاء كان في تسميتهم للعقوبات الشرعية بالحدود ، فهو عنده أن العقوبات الشرعية لا يطلق عليها حدود ، وفي نظره أن الفقهاء أطلقوا لقب الحدود على العقوبات من أجل السياسية ، حيث أن أخطر الأنظمة العقابية هي التي تستمد سلطتها من الله عز وجل ؛ يرد عليه المؤلف بأن تسمية العقوبات الشرعية بالحدود قد جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم كـ ( أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة) و ( ...إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ..) ، وغيرها ، بل ونقل المؤلف أقوال ثابتة عن الصحابة فيها إطلاقهم لفظ ( الحد ) على العقوبات الشرعية يمكن مراجعتها ص/ 78-79 .
من الأشياء العجيبة أن الدكتور طه يزعم أن حد الردة راجع إلى التأثير اليهودي في الأحكام الشرعية ، فهذا بالنسبة له من المقدمات التي أدت إلى القول بحد الردة ، فقرر في كتابه أن قاعدة (شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ) المذكورة في أصول الفقه أنها من دسائس اليهود في الإسلام، وأنها اختراق معرفي خطير صنعه اليهود في ديننا، وهدفهم من ذلك هو إدخال الآصار والأغلال التي كانت في دينهم في ديننا، فماذا فعل المؤلف إزاء هذا القول الساذج ؟ ... أولاً : بين المؤلف أن قاعدة ( شرع من قبلنا) ليست كما يصورها الدكتور أو يمكن أن يُفهم من كلامه ، وهو أن الفقهاء يحتجون بأي شىء ورد في شرائع من قبلنا ، بل يشترطون شروطاً في الصحة وعدم التحريف، ثم تكلم المؤلف عن تلك الشروط والضوابط التي غفل عنها الدكتور . الثاني : المسائل التي احتج بها الفقهاء بدليل ( شرع من قبلنا) قليلة جداً ، فكيف يُضخَّم الدكتور من خطورة تلك القاعدة وجعلها من دسائس اليهود !! ثم قام المؤلف بتتبع المسائل التي احتج بها العلماء بشرع من قبلنا فوجدها لا تتجاوز 35 مسألة ، وغالب هذه المسائل في التخفيف والتيسير .
من الكلام الذي يدندنه الليبراليون وأعاده الدكتور العلواني أن مسألة عدم قتل المرتد ينسب لعمر بن الخطاب وسفيان الثوري وإبراهيم النخعي رضي الله عنهم أجمعين ، وهو يردد هذا ليضرب الإجماع حول عقوبة قتل المرتد ، وقد عقد المؤلف فصلاً مهماً في كشف زيف هذا الإدعاء بدءاً من صفحة 112 تحت عنوان ( دراسة الأثار التي يُظن أنها تخالف الإجماع ) وقد وصل في نهاية هذا الفصل إلى عدة نتائج : أولها : أن الأثار التي جاءت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في استتابة المرتدين إنما هي لا تنفى قتلهم ، ولكن تدل على توقيت الإستتابة قبل القتل بدلالة توقيته للإستتابة بثلاثة أيام ، كما أنه قد نقل عن عمر بن الخطاب بإسناد صحيح قتل المرتد باستحلال ما حرم الله ، والرواية في مصنف ابن أبي شيبة وقد نقلها المؤلف في ص 121 . ثانيها : أن الدكتور لم يذكر الأثر الذي يدل على أن النخعي وسفيان الثوري رحمهما الله يقولان بعدم قتل المرتد ، ولكن سيبحث المؤلف عن أصل قوله هذا حتى يقف على رواية لإبراهيم النخعي عن المرتد قال فيها : ( يُستتاب أبداً ) ، وفيها تعليق الثوري : ( هذا الذي نأخذ به ) ، ثم يبين المؤلف أن هذه الرواية لا تصح لأمرين : الأول : وجود مجهول في الإسناد ، والثاني : التدليس . يقول المؤلف : ( ومن هذا يتبين أنه لا يمكن الإحتجاج بمثل هذه الرواية ، ففيها مجهول وتدليس فهل يُعارض بمثل هذه إجماع ؟) [ ص/ 128] .
الجدير بالذكر هنا أن من مميزات هذا الكتاب هى تلك الروح الرائعة في تحقيق الأثار والأحاديث المتعلقة بالردة ، وهذا أمر هام جداً لاسيما وأن الليبراليين والعلمانيين يجمعون الأثار دون تمحيص ولا نقد لأنهم أصلاً مغرضون لا يملكون ملكة التحقيق .
من الأشياء العجيبة أن الدكتور عندما يتكلم عن عدم وجود حد الردة في الشرع ، يعتمد على أمرين أساسيين : الأول : حرية الإعتقاد المطلقة في القرآن الكريم ومنع الإكراه أياً كان نوعه، وقد نقد المؤلف هذا الفهم من الدكتور واصفاً إياه بأنه " مبدأ الإنتقاء والعزل " أي فهم بعض الأيات معزولة عن غيرها ، وهي ألية غير منضبطة " إذ لا يصح أن نفهم النصوص الشرعية بمعزل عن الأدلة الأخرى ، وتطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم ، وتطبيقات أصحابه رضي الله عنهم " [ ص/ 140] ، فالأيات التي استدل بها المؤلف على حرية الإعتقاد ونفى الردة على ثلاثة أنواع ؛ الأول : في معنى العبودية لله تعالى وحده ولا علاقة لها بحد الردة ، والثاني : عدم تسلط النبي على الكفار وأن حسابهم عند ربهم وهي أيات في الكافر الأصلي لا علاقة لها بالمرتد أصلاً ، والثالث : آيات الإكراه ، كـ ( لا إكراه في الدين) وهي أصلاً وردت في الكفار الأصليين ولا علاقة للمرتدين بها . الثاني : عدم وجود ذكر لحد الردة في القرآن الكريم ، فيقول له المؤلف : ( والجواب عن هذا هو أن أحكام الصلاة والزكاة وغيرها من شرائع الإسلام التي جاء بها القرآن الكريم وتكرر ذكرها فيه لم يأت القرآن بأكثر تفاصيلها ، ومثلها جريمة الردة جاء القرآن الكريم بذكرها ولم يورد عقوبتها ) [ ص/ 149 ] . وهذه هي الأفة القديمة محاولة ضرب السنة بالقرآن الكريم ، فكيف غفل الدكتور عن حجية السنة حتى يورد هذا الإشكال العجيب !! .
يستمر الدكتور في نفي حد الردة بقوله ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل مرتداً طيلة حياته الشريفة ثم ذكر وقائع عن حركة ردة وقعت بعد الإسراء والمعراج وردة عبيد الله بن جحس والسكران بن عمرو ، فيرد المؤلف و��قول : ( كلها كانت في العهد المكي ، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم سلطة ، ولم تقر الحدود ولا الأحكام ، فلا دلالة فيها أصلاً على نفي حد الردة ، وهي خارج محل النزاع ) [ ص/ 155] .
من ضمن شبهات الدكتور أيضاً ما ورد في صلح الحديبية من وجود شرط يقتضي بترك من ارتد عن الإسلام ورغب في اللحوق بمعسكر المشركين ، يقول المؤلف أن هذا الإشكال مبني على فهم عبارة " ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه " الواردة في شروط الصلح ، وهناك فرق بين ( من يريد أن يأتي) و ( من جاء قريشاً ) ، هل كان هروباً أو فراراً أم مجيئاً معلناً حراً !! فلا وجه للإستدلال بها إلا بمرجح خارجي ، لأن مثبت حد الردة يستطيع أن يستدل أيضاً بهذه العبارة فيقول أنها تحتمل الهروب وهي دليل على خوفه من العقوبة . [ ص/ 158 ].
حاول الدكتور تضعيف حديث ( من بدل دينه فاقتلوه) مع أنه في صحيح البخاري ، واستعمل في ذلك قواعد المحدثين ��ذكر من أسباب تضعيفه للحديث ( ضعف الراوي – اضطراب القصة- عدم صحة المتابعات لهذا الحديث – عدم صحة الشواهد) .
يرد الكتاب على كل تلك الإفتراءات لنخلص في النهاية بعدة نتائج : الأولى : الدكتور ضعَّف عكرمة ، ولكن كلام الأئمة النقاد عن عكرمة وفيهم المعتدل كأحمد والبخاري ، والمتشدد في الرجال كيحي بن معين وأبي حاتم ، اتفقوا على توثيقه ، وهم أهل التخصص ، أما روايات القدح في عكرمة الواردة عن ابن عمر فهي لا تصح سنداً . [ راجع التفصيل ص 188-189] . الثاني : أن الألفاظ التي جاءت في الروايات عن عكرمة لا تناقض بينها كما هو ظاهر ، ويتبين منها أن القوم الذين أحرقهم على رضي الله عنه قوم زنادقة من الزلط ويعبدون وثناً ومعهم كتب فأحرقهم هم وكتبهم ، هذا مجمل القصة ولا تناقض بينها ، فالقصة ليست مضطربة كما زعم الدكتور . [ راجع تفاصيل المناقشة ص 197-198] . الثالث : أن رواية هذا الحديث جاءت من طرق كثيرة عن عبد الصمد عن قتادة عن أنس بن مالك عن ابن عباس .. والإسناد صحيح ، وعن قتادة من وجوه أخرى صحيحة ، فبطل قول الدكتور عدم صحة المتابعات . [ راجع تفاصيل المناقشة ص 200-201 ] . الرابع : هناك شاهد صحيح لحديث عكرمة عند الإمام أحمد في مسنده وفيه من بدل دينه فاقتلوه [ مسند الإمام أحمد 22068] وهذا الحديث على شرط الصحيحين ، وبالتالي بطل قول الدكتور بعدم صحة الشواهد .
في الواقع هذا الكتاب نفيس جداً وبه ردود قيمة جداً من المؤلف "صالح بن على العميريني" وبه تحقيق حديثي رائع جداً لا تجده في موضع أخر .
"كل المفكرين بيكتبوا تحت ضغط اللحظة الحاضرة، وقليل جدا من الأشخاص الي بيقدروا يتحرروا من ضغط اللحظة الحاضرة" د/ محمد الصفار في البداية حد الردة من الحدود الي دايما كانت عامله لي مشكلة وده كان سبب ضغط اللحظة الحاضرة والثقافة الغالبة وحقوق الانسان وقيم الغرب الي خدناها كمسلمات كنت دايما بأخذ الرأي الي بيقول انه لا يوجد حد ردة في الإسلام وان حد الرده هو حد سياسي وليس حد ديني وكنت دايما بدور على الكتب الي تقوي لي هذا الرأي وكان هذا لهوى في نفسي وكان على قائمة هذه القراءات كتاب "لا اكراه في الدين" لدكتور طه جابر العلواني، وبعد فتره والحمدلله من الله علي بانتهاج منهج جديد اتسم فيه الصواب منهج يحاول ان لا يدرس الدين تحت وطئه الفكر الغربي وانه يدرسه كما درسه الأوائل، بعد ذلك صادفت هذا الكتاب وكان الدكتور إبراهيم السكران قد كتب عنه مراجعه ماتعة حمستني لقراءة هذا الكتاب وهذه مراجعة بسيطة لهذا الكتاب القيم اختم بها قراءات هذا العام والتي اتسمت بالقلة ولكن بالتركيز. الردة بين الحد والحرية:صالح بن علي العميريني الكتاب وضع في الأساس للرد على كتاب شهير وهو كتاب " لا اكراه في الدين" والذي كان يحاول الغاء حد الردة ببضع شبهات تجعلك تشعر بأن الكاتب يعامل القارئ على إنه غرٌ ساذج يُسقى المعلومة كالأطفال؟، بدأ الكتاب بمقدمه أصل فيها للكاتب لهذا الحد من الكتاب والسنة ثم شرع يناقش شبهات الكتاب شبهة شبهة يفندها ويرد عليها رداً علميا هادئ. اول هذه الشبهات كانت شبهة تفسير آيات (لا اكراه في الدين) و (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقد بين الكاتب ان هذه الآيات نزلت في الكافر الأصلي أي أن غير المسلمين لا مساس بعقيدتهم تمامًا إن أرادوا الاسلام أو أرادوا البقاء على إلحاده/يهوديته/نصرانيته. إلخ لكن المسلمين نفسهم الذين ارتدوا يُوجب عليهم القتل واستعرض تفسير كبار المفسرين لها وهنا شعرت بكم يتلاعب بنا هؤلاء الكتاب الذي يصفون انهم ذو توجه إسلامي وهم لا يتورعون عن التزوير و كتم حقائق لا تخفى على أي طالب علم. ثاني هذه الشبهات كانت شبهة أن حد الرده ليس موجودا في القران وهذه شبهة كان قد احتج بها أيضا الدكتور احمد خيري العمري وهي شبهة واهيه لأن هناك حدود استقاها الشرع من السنة النبوية، فضلًا عن أحكام ومحرمات مثل لبس الحرير، والمواريث، وأركان الصلاة، والبيع.. إلخ ثالث هذه الشبهات كانت تضعيف حديث "من بدل دينه فاقتلوه" وهنا افرد الكاتب فصلاً كاملاً لأثبات صحة الحديث بطرق اهل الحديث بل انه وضع بحث لمحدث العصر شيخنا عبد الله السعد عن تصحيح هذا الحديث في الملحق اذا فهذا حديث صحيح عن رسول الله صلى عليه وسلم فما لنا الا نقول سمعنا واطعنا (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) رابع هذه الشبهات كانت نقض اجماع الائمة وناقش الكاتب هذه الشبهة وابرز اجماع الأئمة الأربعة وناقش الثلاث اراء التي ادعى الكاتب انها خالفت الأجماع وفي نهاية الكتاب استعرض الكاتب شبهة ان حروب الردة كانت حروب سياسية فأثبت الكاتب - بعكس الآراء التي قرأتها سابقًا – أن أبا بكر لم يحارب المرتدين بسبب منعهم الزكاة فقط، أو لخروجهم على الدولة، بل لأنهم فرَّقوا بين الصلاة والزكاة، أي أنهم أنكروا معلومًا من الدين بالضرورة وبالتالي صاروا مرتدين، فالحرب هنا كانت على أناسٍ ارتدّوا عن الإسلام، لا خلافًا سياسيًا إذن أو تأديبًا للمتمردين. في النهاية يوجد في الكتاب أدلة شرعيه وردود كثيرة على كل الشبهات لا يتسع المجال لذكرها ولكن وتلخيصًا للأمر سأقول أن ما قرأته فى كتاب (لا إكراه فى الدين) وغيره، هو مجرد نصف الصورة لا كاملها.. أشياء من قبيل (قال فلان كذا) فتُصدِّق أنت، وتقول لنفسك: إن كان فلانًا - الصحابي/التابع/الفقيه - على شهرته قد قال هذا فمن أنا لأنكر؟ ثم تكتشف لاحقًا أنه تم التشكيك فعلًا فى المقولة لكن الكاتب لم يذكر هذا، أو أنها صحيحة بتفسير مختلف ولم يذكر الكاتب هذا لماذا يفعلون هذا فأن فرضنا حسن النية فهو ضغط لحظة الراهنة والا فهو التدليس وخيانة الله ورسوله. في النهاية حقا ما اوتينا من العلم الا قليلا ،وإن العقل ليتبدل ويتغير دومًا؛ فلا يجب أن تُسلِّمه لفكرة أو رأي وتقتنع به وكأنه منزه عن الخطأ.. أي رأي وأية فكرة مهما كانت.. اقرأ واقرأ واقرأ حتى تهتدي فأن اصبت فسيكون لك اجرين والا يكون لك اجر الاجتهاد. اما انا فأشعر بأني قد وصلت إلى النهاية وانه هذا هو الرأي الصحيح الذي ارتاح له قلبي وأسأل الله ان يهديني طريق الصواب. عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى؛ أصبح يتحدث الناس بذلك؛ فارتدَّ ناس ممن كان آمنوا به وصدقوه، وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم قال: لئن قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه أنَّه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم، إني لأصدقه ما هو أبعد من ذلك، أصدقه في خبر السماء في غدوة أو روحة.
أصَّلَ المؤلف شرعية عقوبة حد الردة في بداية الكتاب ومن ثمّ بدأ بتوضيح بعض الإستشكالات مثل:
1- آية لا إكراه في الدين نزلت في الكافر الأصلي لا المرتد. 2- لا يسوغ إلغاء عقوبة الردة لأجل الاستغلال السياسي لأن الاستغلال السياسي وارد أن يطال كل عقوبة 3- النبي لم يقم حد الردة على المنافقين ليس من باب (حرية الردة) بل لأنهم كانوا يخفون كفرهم أصلاً 4- ادعاء أن حروب الردة حروب سياسة لا ردة ادعاء يخالفه صريح الأدلة 5- النبي صلى الله عليه وسلم أقام حد الردة في حياته من ذلك بعثه أحد الصحابة إلى رجل نكح امرأة أبيه، فأمره أن يضرب عنقه ويأخذ ماله
أعيب علي الكاتب فقط استدلاله الكثير بإجماع الفقهاء القدامى في مسألة ما .. لأن الكتاب الذى ينقده أصلاً يدعو لإعادة مراجعة تراثنا و إعادة النظر فيه بما يناسب عصرنا !
و غير ذلك فإن المؤلف أسلوب نقاشه قوى و يتسم بالتهذيب فى الحديث رغم الاختلاف و هذا للأسف ما شعرت بغيابه بالمبحث الملحق بالكتاب ، حيث جرّح الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن فى شخص الكاتب أكثر من مرة و ليس فى فكره و منهجه