نبذة الناشر: "العذراء الريفية" كما أُطلق عليها لها في حدّ ذاتها قصة، إذ إن القصص الأولى لتولستوي - في تلك الحقبة التي بدأ فيها إستقراره في أملاك أسرته كانت مستمدة من تجارب حياته الخاصة دون أن تتعلق برسالة معينة، فلمّا أقدم على كتابة هذه الرواية كان قد بدأ يهتم برسالته في الأدب الروسي، لذا جعل لها نطاقاً خاصاً خارج نطاق تجاربه الشخصية.
أمّا "بوليكوشكا التائب" كما أسماها تولستوي فهي صورة لحياة، ربما شهدتها أجيال قبلنا في بعض البلاد العربية، ولكنها بالنسبة إلى جيلنا صورة جديدة، طريفة، تحرّك أقصى القلوب الإنسانية صلابة، وتعلي من قدر الكرامة والعزّة البشرية التي كانت كامنة تحت مظاهر الذل والإستكانة.
هي رواية تبيّن كيف أن الرقيق بشر يستطيع أن يتوب بعد ضلال، وأن يستقيم بعد تخبّط، فلمّا أبت الظروف إلاّ أن تظهر بطل الرواية بمظهر يفقده ثقة سيدته، وإيمان زوجته به، وتقدير زملائه له، قضى على حياته.
Lev Nikolayevich Tolstoy (Russian: Лев Николаевич Толстой; most appropriately used Liev Tolstoy; commonly Leo Tolstoy in Anglophone countries) was a Russian writer who primarily wrote novels and short stories. Later in life, he also wrote plays and essays. His two most famous works, the novels War and Peace and Anna Karenina, are acknowledged as two of the greatest novels of all time and a pinnacle of realist fiction. Many consider Tolstoy to have been one of the world's greatest novelists. Tolstoy is equally known for his complicated and paradoxical persona and for his extreme moralistic and ascetic views, which he adopted after a moral crisis and spiritual awakening in the 1870s, after which he also became noted as a moral thinker and social reformer.
His literal interpretation of the ethical teachings of Jesus, centering on the Sermon on the Mount, caused him in later life to become a fervent Christian anarchist and anarcho-pacifist. His ideas on nonviolent resistance, expressed in such works as The Kingdom of God Is Within You, were to have a profound impact on such pivotal twentieth-century figures as Mohandas Gandhi and Martin Luther King, Jr.
پوليكوشكا التائب - العذراء الريفية - في العالم الآخر.. ثلاث قصص معبرّة، بسيطة وجميلة تعكس بساطة وجمال كاتبها ليو تولستوي فأبدع فيها الوصف والتعبير.
القصّة الأولى: پوليكوشكا التائب أليس للعبد سمعة! شرفٌ أو توبة؟؟
هي قصّة تتصارع بين الثقة والخذلان.. العبد السارق السكير ”پوليكي“ أمام أصعب امتحانٍ لأمانته، تنتظره سيدته في مهمّة ليحضر لها مبلغًا من النقود وكلّها ثقة به، وزوجته توصيه أن لا يقرب الخمر لإنجاز هذه المهمّة.
حمل پوليكي النقود داخل قلنسوة رتقتها له زوجته ما انفك يتحسّسها في رحلته. ولحظة الوصول وعندما أصبح على بعد مائة خطوة من منزل سيدته، خلع قلنسوته ودسّ يده تحت بطانتها غير متعجّلة ثم اشتدت سرعة أصابعها، وانضمت يده الأُخرى وأخذ وجهه يشحب بل ازداد شحوبًا فوق شحوب.. سقط على ركبتيه واستوقف الجواد وراح يبحث بالعربة منقبًّا في القش متحسسًا معطفه وسرواله! ولكن لم يكن ثمة أثر للنقود.. أحكم قلنسوته على رأسه، واستدار بالعربة ليرجع في طريقه والجواد مذهول مستنكر!!
اختفى پوليكي والقلق ينتظره.. حتى عاد لبيته، فتأمّل ما حوله بنظراتٍ زائفة، وهو يبتسم ابتسامة تنم عن الذنب، ابتسامة تعسة، مفرطة التعاسة.. سألته زوجته: لماذا أطلت الغياب؟ هل ذهبت للسيّدة؟؟
اقتباس من القصة: ” ما كان المرء ليتبيّن عدد المقيمين في مساكن العبيد، ولا أي نوعٍ من الناس هم، إلا في مثل هذه الآونة، وقد تزاحم الرجال والنساء.. كانوا جميعًا في هرج، يتكلّمون في وقتٍ واحد، وكثير منهم راحوا يبكون، ولكن أحدًا لم يقم بعملٍ يناسب الموقف“ ” تلاصقت عشرات الرؤوس وتزاحمت لتنظر من خلال الباب. واشتدّ الضغط على امرأة حامل، حتى اضطرت أن تطلق صرخةً عالية؛ ولكنها انتهزت هذا الظرف لتظفر لنفسها بمكانٍ أمينٍ بالصف الأوّل“
---------------------------
القصّة الثانية: العذراء الريفية قصة بسيطة ذات مشاعر غريبة يمكن وصفها بعبارة مقتبسة منها: "منحة الأسى المستعذب، والشعور بالحاجة إلى الحب!!!"
الضابط الشاب الكونت "توربين"، بارع في المبارزة شهير بأخلاقه النبيلة، حطم أمجاد أعتى الفرسان بقوته؛ فقتل هذا وهزم ذاك وألقى غيرهم من النافذة.. إنه شيطان مريد، لا يمكن التنبؤ بردود فعله، جسور في كل شيء: أرعن، مقامر، مبارز وفاتن. هكذا ذكره من شاهده حينما دخل قاعة الفندق في ذلك الريف، ولم يخجل منهم حين أخبرهم أنه لا يملك نقود؛ فقرر أحد الضباط المتقاعدين أن يستضيفه بغرفته، ومعه كلبه الضخم ”بلوخر“ وخادمه ”ساشكا“. وكيف لا يستقبله وهو يخطف الأضواء ويزدان بالهيبة ويُعشق من تهوره أينما حل، والكل يرغب أن يتعرف عليه!.
ومن الفندق إلى الحفلة حيث يلتقي توربين بالأرملة الحسناء.. " تلك الأرملة "آنا"،، كان الناظر إليها يراها زهرة، وليست امرأة.. وزهرة ليست من النوع المألوف، وإنما من تلك الأزهار البرّية الزاهية، عديمة العبير، ذات اللون الأبيض المشرب بحمرة وردية.. زهرة من هذا النوع، نمت وحيدة، وسط سيلٍ من الجليد، في مكانٍ ناءٍ سحيق! هذا المزيج من السذاجة وعدم مشابهة النساء المألوفات، مع نضارة جمالها، أحدث في نفس الكونت أثرًا غريبًا..."
" أشرق محيّا الأرملة، وانطلقت في سيلٍ من الضحكات ذات الرنين العذب، كاشفة عن أسنان بيضاء جميلة.. ورضيت كل الرضا عن فارسها الكونت، الذي أخذ يزداد حبًّا لها دقيقة بعد أُخرى؛ فلم تنته رقصة الكدريل حتى كان مدلّهًا بحبّها حقًا!.."
تنتهي قصّة الكونت توربين بعد أن يغادر تلك المدينة وذلك الفندق مرتديًا ذلك المعطف الأزرق المبطّن بفراء الدب، الذي أخذه من الأرملة الحسناء وكانت آخر من ودع هناك.. وبعد مرور أكثر من عقدين تبدأ قصة "توربين الابن" الذي ورث شكل والده وبنيته ولم يرث رعونته..
شاءت الأقدار.. أن يكون نفس الريف محط نزول لكلٍ من توربين الأب وولده؛ بيد أن الابن كان مركز اهتمام "العذراء الريفية".. فما أن نزل بقريتها وتسامع لها عن جماله وهيبته حتى بدأت تقول لنفسها: " ليتني أرى حقًا ذلك الضابط الفارس.. أهو أسمر أو أشقر؟ وما أحسبه إلا كان يُسرّ بالتعرف إلينا.. ولو أنه رحل، فلن يقدَّر له أبدًا أن يعرف أنني كنت هنا، وأنني فكرت فيه. وكم من أمثاله مرّوا على مقربة منّي؟ ومن ذا الذي يراني غير خالي؟.. ما من أحد يغتبط إذا ما رأى الطريقة التي أعقص بها شعري، أو الثياب التي أرتديها!" " أحسبه طويلًا، واسع العينين، ذا شاربين صغيرين!.. وها أنا هنا، جاوزت الثانية والعشرين دون أن يقع في حبي أحد؛ بل إنني كنت منذ أربع سنوات أجمل ممّا أنا عليه اليوم.. وهكذا تمرّ أيام شبابي دون أن أشرح صدر أحد.. أواه، يا لي من فتاةٍ مسكينة.. مسكينة!"
وشاءت الأقدار.. أن يستضيف الضابط المتقاعد توربين الابن كما استضاف والده من قبل!! فماذا تفعل الأقدار أيضًا؟؟ وكيف تُساق وأين تفترق وتلتقي؟ وهل حقًّا يوجدُ ما يُسمى بـِ "منحة الأسى المستعذب، والشعور بالحاجة إلى الحب"!!
---------------------------
القصّة الثالثة: في العالم الآخر ” ما بسقت أغصانُ ذلٍ إلا على بذر الطمع، ما قادك شيء مثل الوهم، أنت حرٌ مما أنت عنه آيس، وعبدٌ لما أنت له طامع ”
خرج ”نيكيتا“ الفلّاح المسكين لسيّده ” فاسيلي“ متعجّلًا بلباسٍ خفيف وحذاء قبيح لا يقي أذى البرد الذي أمامه، ثمّ صعد العربة وسوّى القش في مقدمتها بطريقة تسمح بأن يدسّ قدميه فيه! وانطلق الجواد بهما وسط الطريق المعبّد المغطّى بالثلج.. إنها مهمّة للسيد فاسيلي - صاحب غريزة المساومة وإبرام الصفقات - الذي حمل معه النقود لتحقيق صفقة رابحة قبل أن يحرمه منها المنافسون! لكن الريح كانت أقوى من المتوقّع، والثلج يزداد تراكمًا عن المألوف، ومع ذلك؛ استمرّت الرحلة في الغابة تحت وطأة الريح المجنونة التي تلطم وجهيهما..
اختفت معالم الطريق وقد طُمست كلّ علامة يمكن السير على هداها، وعبثًا ذهبت محاولات نيكيتا في اكتشافها! واشتد انهمار الثلج وبلغ الإرهاق بالجواد مبلغًا شنيعًا وقد ضلّا طريقهما حتى بلغا قرية ”جريشكينو“ قابلا فيها رجلًا دعاهما للتريّث والمبيت وعدم متابعة السفر لسوء الجو؛ لكن فاسيلي أصرّ على المتابعة، فأدار جواده للغابة وتخبّط فيها مرّةً أخرى مُطلقًا العنان لجواده وواثقًا من فطنته وحدسه! واشتدّ الظلام وازدادت الحيرة بعد اختفاء العلامات الدالة على الطريق! وبعد الاعتماد على ذكاء الجواد أعادهما إلى قرية جريشكينو مرّة ثانية، واستقبلتهما أغنى عائلة هُناك فأكرموهما ودعوهما للمبيت وعدم السفر؛ لكن ”العمل هو العمل، وتأخير ساعة معناه ضياع سنةٍ كاملة“ كما قال فاسيلي..
وللبرد القارس والظلام الدامس انطلقا، والعاصفة تجتاح الأرض وتحجب السماء، فتاها أعظم من قبل، وغضب نيكيتا من فاسيلي الذي يسعى لحتفه، فطلب الرجوع لبيته أو لقرية جريشكينو والعاصفة آنذاك قد انطلقت من عقالها، والإعصار يزمجر ويحوم حولهما ويزأر أشد رهبة وهولًا من قبل! فأُجبرا أن يقبعا في مكانهما ولا يبرحانه والثلج لا زال يتساقط..
قال أبو الفتح البستي: ألم تر أنّ المرء طوال حياته ... معنى بأمرٍ لا يزاله يعالجه كَدودٌ كَدودِ القزّ ينسج دائماً ... ويهلك غمًّا وسط ما هو ناسجه
العذراء الريفية .. پوليكوشكا .. في العالم الآخر .. تولستوي .. روسيا ..
ثلاث قصص .. في كتاب .. من ترجمة رحاب عكاوي .. الرواية أو القصص جميعها تقع في الأرياف .. وتتحدث عن العلاقة بين الفلاح والتاجر والرقيق .. وحياة الناس هناك في الأرياف ..
- پولكيشكا ..
العبد أو الرقيق الذي ينتحر لأنه أضاع مال سيدته .. خلال عودته بالمال .. وهو الذي عرف بسرقاته المتكررة .. فالهداية تأتي فجأة .. والتوبة ليست بعيدة عن أي إنسان .. ومهما كانت درجة ضلاله وفجوره ..
- العذراء الريفية ..
يتحدث عن الكونت الأب الذي يعجب بأرملة ريفية .. فتتكرر القصة نفسها بعد عشرين عاماً .. بين الكونت الابن الضابط في الجيش وابنة الأرملة .. فيبين الكاتب الفرق بين الجيلين من خلال الأب والابن ..
- في العالم الآخر ..
رحلة السيد وعامله ( الرقيق ) .. خلال ذهابهما ومحاولة عودتهما لقريتهما فتصادفهما عاصفة ثلجية .. تودي بحياة السيد والحصان .. ويبقى العامل حياً يرزق .. يموت السيد صاحب الثروة المزهو بنفسه .. ويعيش الرقيق المعدم ..
قصص قصيرة وجميلة .. لكنها دون مستوى الروايات التي قرأتها لتولستوي سابقاً .. ولا ترقى لأنا كارنينا أو الحرب والسلم أو البعث .. هي قصص أو وقائع تحدث في القرى والأرياف .. كالأحداث التي تحصل عند دخول فرقة من الجيش قرية من القرى .. والبحث عن اللهو والفتيات والشراب .. أو محنتهم مع العواصف الثلجية والموت .. پولكيشكا حاز على إعجابي ثم في العالم الآخر وأخيراً العذراء الريفية .. حاولت واجتهدت في معرفة تاريخ كتابة هذه القصص .. ولم أتوصل لنتيجة .. وددت لو أعرف المرحلة أو العمر الذي كتب فيها هذه القصص .. هل كانت في بداياته .. وهذا ما أتوقعه .. وبالرغم من ذلك لم تخلو قصصه من تراجيديا سوداء .. وبعض الغرابة التي لا أتفاجأ من فيلسوف اسمه تولستوي .. أمنح الرواية ٣/٥ ..