هذا الكتاب هو من باب الذكريات أكثر منه مذكرات، فلم أكن هيأت نفسي في حياتي لكتابة مذكراتي، وقد استعنت ببعض الرسائل وجدتها بين أوراقي مرسلة إليّ من الشيخ "عبد الرحمن عبد الخالق"، تكشف شيئاً من تاريخ حياتي، لأنها كُتبت في بعض مراحل العمر في وقائع جرت لي وله.
وقد ذكرت في هذه المذكرات مولدي وبلدي ونسبي، وغربتي في هذه الدنيا، كما ذكرت شيئاً عن بعض من تتلمذوا عليّ، كما ذكرت بعض الأعلام الذين تتلمذت عليهم، وبعض العلماء الذين صحبتهم، وذكرت شيئاً عن الرحلات التي قمت بها، والأعمال التي عملتها، وتحدثت عن المؤهلات العلمية التي حصلت عليها، والأعمال الوظيفية التي عملت بها، وما وفقني الله إليه من مؤلفات، وما شاركت فيه من ندوات ومؤتمرات، وختمت ذلك بإيراد جملة من الرسائل التي وجدتها لدى من الذين راسلوني، وبعض الرسائل التي أرسلت إليها إلى إخواني، أو رددت على من راسلني.
ولد بقرية برقة التابعة لمحافظة نابلس بفلسطين. خرج من فلسطين وهو ابن ست عشرة سنة، إلى المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية، وأكمل دراسته الثانوية العامَة هناك، ثم أكمل الدراسة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وحصل على البكالوريوس من كلية الشريعة، ومكث فيها فترة من الزمن، ثم غادر إلى الكويت عام 1966م، واستكمل الأشقر رحلته العلمية بدراسة الماجستير في جامعة الأزهر، ثم حصل على الدكتوراه من كلية الشريعة بجامعة الأزهر عام 1980م، وكانت رسالته في "النيات ومقاصد المكلفين" في الفقه المقارن، وعمل مدرسًا في كلية الشريعة بجامعة الكويت. بقي الشيخ بالكويت حتى عام 1990م، ثم خرج منها إلى المملكة الأردنية، فعيِن أستاذًا في كليَة الشريعة بالجامعة الأردنية. وكان عميد كلية الشريعة بجامعة الزرقاء سابقا.
• يتحدث الشيخ في ( فاتحة الكتاب ) عن الأسباب التي كانت تمنعه من كتابة المذكرات قديما و ما الذي طرأ على قناعاته حين قرر أن يكتب.. و يوجز بأن هذه الصفحات مجرد ذكريات ( لا مذكرات حقيقية ) استعان على استرجاع أحداثها على الرسائل التي وصلته من الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في بعض مراحل العمر والتي كانت تتحدث عن بعض الأشياء التي حصلت لهما..
اعتقد أن القارئ سيدرك أن هذا الكتاب مختلف تماما عن كتب المذكرات العادية التي تمتلأ بالفخر و الغرور و الكبرياء و التي تزور الحقائق أو تلف حولها كي تقنعك بعظمة كاتبها و براءته النقية .. في هذا الكتاب ستشعر و كأنك تقرأ لإنسان عادي جدا ترجمة مختصرة ، كتبتها أيادٍ محايدة .. وقد تشعر –ببعض الملل إن لم تكن متخصصا بالعلم الشرعي أو إن كنت ممن تبحث عن الأحداث السياسية و التاريخية في كتب المذكرات .. لن تجد هنا غير العلم و الشريعة و شيوخ الشيخ عمر الأشقر و تلاميذه.
• في فصل ( تعريف و بيان ) يتحدث الكاتب عن قريته التي نشا فيها ( قرية برقة – قضاء مدينة نابلس ) وعن أسرته الصغيرة التي عاشت فيها و عن ولادته سنة 1940 م عن قبيلته التي تنتسب إلى قبيلة " عتيبة " و عن تغيير اسمه لتيسير الذي اشتهر فيه داخل القرية ..و عن اصابته بمرض رئوي فترة طفولته منعته عن كثير من لهو الطفولة .
يتحدث بشكل مختصر و سريع عن القضية الفلسطينية وما شاهده من مقاومة للإحتلال البريطاني ومشاركة والده في القتال وما عاناه الفلسطينيون من الاحتلال البريطاني و الاسرائيلي خلال تلك الفترة.
اعتقد ان وجود برقة في الضفة الغربية ( خارج حدود ال 48م ) و كونه طفلا في ذلك الوقت و مغادرته إلى السعودية في سن مبكرة (13 عاما) ، كل هذه الأسباب جعلته يتحدث بشكل مختصر عن القضية الفلسطينية و ظروف الحرب التي شهدتها تلك الفترة .. سبب آخر هو الطريقة المتواضعة التي اختارها لكتابة هذه المذكرات .
• يقول ( لقد كانت الأحداث والوقائع التي حلت في أرض فلسطين أكبر ما يطيقه الفلسطينيون والأمة العربية والإسلامية كانت مفرقة مجزأة والدولة العثمانية التى كانت تحمي حمى الإسلام أصيبت في القلب ودمّرت قوتها وحيل بينها وبين الدين الذي رفعها إلى عنان السماء وأصبحت دولة لا دينية تحارب من يريد العودة بها إلى الأصالة ) .. لكنه يبالغ – في نظري – حين يقول ( والشعب الفلسطيني كان ضائعاً حائراً تلفه الذنوب والمعاصي وتحيط بأكثره اللعنات الإلهية بسبب ما فيه من كفر و شرك و ذنوب ، فكانت الهجمة اليهودية الشرسة التي تسندها حملة دولية عالمية جزاءً وفاقاً لذلك الشعب السائر في غيه إلا من رحمه الله ). وهذه المبالغة موجودة دائما في فكر الإسلاميين عامة و السلفية خاصة حين يتحدثون عن المجتمعات الإسلامية فيصورونها على أنها كانت أسوء بكثير من المجتمع الجاهلي قبل بعثة الرسول صلى الله عليه و سلم ..
أحسست بأن هذه الجملة قاسية و مبالغ فيها .. و فيها تجاهل تام لحقيقة ان الظروف الاجتماعية و الدينية في فلسطين كانت مشابهة تماما للظروف الموجودة في البلدان العربية الاخرى - كان بإمكان أي دولة عربية أخرى أن تكون هي الضحية - و فيها تغاضٍ عن الأسباب السياسية و الاقتصادية التي ساهمت في هذه الكارثة – إذا أردت أن تتعض من هذه الكارثة أو تعمل على اصلاحها ، فعليك ألا تكتفي بذكر السبب الديني فقط ).
• في فصل ( الانتقال إلى الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية ) يتحدث الشيخ عن انتقاله إلى الرياض مع والديه و إلتحاقه بالمعهد العلمي و حصوله على شهادة الثانوية العامة و التحاقه بجامعة الإمام في كلية الشريعة و من ثم انتقاله للعمل في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة مع الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ..
في هذا الفصل بعض النقاط الغير مفهومة في سيرته كعودته إلى فلسطين بعد أن أثر عليه بعضهم و أقنعوه بترك العلم الشرعي و الهجرة إلى أمريكا اللاتينية .. و بعض النقاط ستكون صعبة على من لم يعش في السعودية و يفهم المسار العلمي الذي على طالب العلم يسلكه في السعودية كي يتخرج من كلية الشريعة . ( المعاهد العلمية ، جامعة الإمام ، جامعة الملك سعود ، الجامعة الإسلامية ، .... ).
• أما فصل ( الرحيل من الرياض إلى المدينة المنورة ) فهو أمتع فصول الكتاب و أقربها لفن المذكرات و فيه يتحدق الشيخ عن رحلته إلى المدينة المنورة ، و عن شيوخه خاصة الشيخ عبد العزيز بن باز و الشيخ الألباني و أخيه محمد الأشقر ..
يتحدث بطريقة جميلة عن الشيخ عبد العزيز بن باز و يصوره بطريقة رائعة ، ذاكرا حكمة الشيخ و بعد نظره ( مثل الرجل الذي أفتى له بجواز عدم اخراج زكاة حلية الذهب مع أن الشيخ مع الرأي القائل بوجوبها ، لكن الشيخ خاف أن يزرع الفتنة بين الرجل و زوجته فأفتى له بعدم وجوب إخراجها آخذا بالرأي المرجوح في نظره ) و كيف كانت علاقة الشيخ بطلابه .. وكيف كان يحول كل فرصة متاحة إلى درس علمي و بحث لمسائل الدين و الشريعة .
لفتني حديثه عن رأي الشيخ بن باز في دوران الأرض فيقول ( وكان قد أوتي حجة في الحوار وقد رأيته بعد أن تناولنا طعام الغداء في منزل أحد الإخوة, فتناظر هو والشيخ ناصر الدين الألباني حول دوران الأرض فسمعنا مناظرة عجبأ فما يكاد أحدهما يأتي بحجة حتى يبطلها الآخر ويقيم حجة أخرى. ومع أننا كنا نعلم أن الأرض تدور حقاً إلا أن شيخنا كانت له في ذلك الحوار حجج في غاية القوة والغرابة) .. الحديث حبب لي القراءة أكثر في آراء الشيخ و كيف برر استنتاجاته.
• يقارن بين طبيعة الشيخ بن باز و الشيخ الألباني ، وكيف كان الألباني يتميز بمخالفة العادات التي كانت تحكم المشايخ في ذلك الزمان – و يبدو ذلك لطبيعة المجتمع الذي نشأ فيه الشيخ - ( كان الشيخ ناصر رحمه الله تعالى جريئاً في مخالفة العادات التي تحكم المشايخ في ذلك الزمان، لقد زرته في غرفته التي كانت في المكتبة الظاهرية وبعد انتهاء دوامه بها ركب دراجته الهوائية (المترسكل) وأردفني خلفه مخترقاً شارع الحميدية وشوارع دمشق، غير هياب ولا خجل ، وقد حضرته في المدينة المنورة وهو يريد شراء دراجة نارية يستقلها من منزله إلى عمله واستأذن الشيخ عبدالعزيز في ذلك فأذن له وإنما منعه من إتمام ذلك أنه وصل إليه بعض المال من دمشق فاستعان به على شراء سيارة أغنته عن الدراجة. وكان يقود سيارته من غير خجل بين كان أكثر الأساتذة في الجامعة يستأجرون من يقود لهم سيارتهم؛ وكانوا يخجلون أن يقودوها بأنفسهم ).
كما تحدث عن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ومنعه السماح لطلابه بتسجيل دروسه ولولا هذا المنع ( لوجدنا تفسيراً عظيماً للشيخ انتفع به الناس أكثر مما انتفعوا بما دونه الشيخ في كتابه الممتع المسمى ب «أضواء البيان» ) و استنتجت من كلام الشيخ الأشقر ووصفه للشيخ محمد الامين أن ما كان يمنع الشيخ من التسجيل هو شخصية الشيخ المتواضعة الخائفة من الشهرة و ليس لرأي ديني ضد التسجيل .
ثم يتحدث عن علاقته بالشيخ عبد الرحمن عبد الخالق و رحلاتهم الدعوية إلى السودان التي قال عنها ( كان السودان ينعم في ذلك الوقت بخيرات كثيرة وكانت الأسعار رخيصة فالتنكة الكبيرة من السمن الممتاز تساوي بضعة جنيهات؛ والحليب في بعض مناطق السودان يوهب من غير ثمن و القطن النظيف الممتاز تشتري منه ببضعة جنيهات ما يكفي صمع فرشة كبيرة ) و أخيرا يتحدث عن قصة حملة الإنكار التي قاموا بها في سوق المدينة و كيف خدعهم البعض فقام بالتكسير و التخريب و الضرب ، ما انتهى بهم إلى السجن و الإتهام بالإنتماء لحزب التحرير ومن ثم الطرد من السعودية ... ( حديث الشيخ عمر يشير إلى وجود جماعة ورطت البقية و أنها فاجئت الجميع بحمل العصي و البدأ بتكسير المحلات و المانيكانات " حادثة تكسير الصور عام 1965م " ومعروف ان واحدا من أفراد هذه المجموعة كان جهيمان العتيبي الذي قام بعدها باحتلال الحرم المكي سنة 1979م )
المحزن كان رسالة من الشيخ عبد الرحمن إلى الشيخ عمر الأشقر ( لكن ما كنت القاه من الناس شيء غريب جداً ، بعضه استطعت تفسيره و بعضه لم أستطيع تفسيره ، إن الطلبة و الأساتذة في الجامعة بين خائف منك و معظّم لك و شامت فيك و شاعر بالخجل و للأسف لم أجد الرجل الذي يسلم عليك بحرارة و يقول لك : أيها الاخ هذا هو الطريق فكن رجلاً ولك سلف في من قبلك و إننا معك ، لم أجد من يقول هذه الكلمة التي كنت أنتظرها من كل أحد فلم أجدها من أحد ، مما جعلنيأعتقد أنه حتى طلبة العلم يسيرون في غير الطريق السليم ) ..
• في فصل ( العودة إلى الديار ) يتحدث عن عودته إلى الأردن و بحثه عن عمل و في فصل ( الرحيل إلى الكويت ) يواصل سرد سيرته و إنتقاله إلى الكويت للعمل مدرسا و تنامي العمل الإسلامي السلفي في الكويت و عن أسرته الصغيرة . و في فصل ( الرحيل من الكويت ) يتحدث عن الغزو العراقي للكويت و كيف اضطر إلى مغادرة الكويت و العودة إلى الأردن .. كما يذكر المآسي التي حلت بالكويت نتيجة الغزو و عن الجدال الذي دار بينه و بين كثير من المتعاطفين مع صدام حسين في الأردن خصوصا من ذوي التوجهات الدينية ( أعجبني رأيه في صدام حسين و أن غزو صدام للكويت أضر بالعراقق و الكويت و المنطقة العربية بأسرها و قدم ذرائع لأمريكا كي تهاجم العراق .. مع رفضه للمحاكمة العبثية التي أدين بها صدام على يد الامريكان )
• في فصل ( الاستقرار في عمان عاصمة الأردن ) يتحدث عن عودته إلى الأردن و عمله في الجامعة الاردنية ، ثم اقالته عام 2002 م لأسباب غير مفهومة ( بناء على ضغوط من جهات عليا على رئيس الجامعة ، نتج عنها إقالته و إقالة آخرين ) .. و يتحدث عن اشتغالة كعميد كلية الشرعية في جامعة الزرقاء .. و أخيرا يتحدث عن جو الجامعات قديما و كيف كان اليساريون يسيطرون على الأجواء و يسخرون من الإسلام و أهله .. قبل أن يسيطر الإسلاميون على الأجواء.
• في فصل ( البحث العلمي و الدعوي ) تشعر و كأنه نسخة من CV الشيخ ، بدأه بذكر المؤهلات العلمية و الخبرات التعليمية والتدرج الوظيفي على شكل نقاط و المؤتمرات التي حضرها و الأبحاث التي قام بها أو أشرف على تحقيقها .. و ينتقل إلى الكتب التي كتبها و مع كل كتاب نبذة صغيرة عن الكتاب و دوافع كتابته ( فقد ألف 65 كتاباً في مجالات دينية مختلفة )
و في الفصل أيضاً يتناول الكاتب بعض الرسائل التي وصلته بخصوص كتبه .. استفزتني رسالة من ابي البراء غسان البرقاوي يناقش الشيخ في رايه عن جواز المشاركة في البرلمان أو الحكومات الكافرة وفي نهاية الرسالة يقول ( ملاحظة : هل رجعت عن الحكم بحرمة حلق اللحية ؟ سبب السؤال أننا لاحظنا ان أولادكم حفظهم الله تعالى حليقين ؟ ) ثم يورد الشيخ رده على الرسالة و فيها معلومات دينية جميلة عن الأدلة التي جعلته يقول بجواز المشاركة في البرلمان أو الحكومات الكافرة و في الرسالة أيضا رد مفحم على سؤال ابي البراء ( لم أغير رأيي في حكم اللحية ولم أزل مربيا لحيتي ولكني لا أملك إجبار أولادي على مثل هذا و أنت عندي مثل أحد أولادي ولا أستطيع أن أجبرك على ترك ديار الكفر إلى ديار الإسلام وقد جهدت كل الجهد أن أغير راي ابني سليمان فر ترك السفر إلى استراليا فأصر على السفر ولا أظنك مجيبا لقناعتي بتحريم المكث في دي��ر الكفر من غير ضرورة ).
أخيرا يورد الشيخ بعض الكتابات التي كتبها لتقييم بعض أبحاث مشاريع التخرج في كلية الشريعة .. للأسف ، يورد الشيخ التعليق الذي كتبه دون أن يكتب مقدمة عن البحث و عنوانه و فكرته ، ولو كتب ذلك لكانت هذه الفقرة أكثر فائدة علمية للقارئ .
• في فصل ( الفتاوى ) يتحدث الشيخ عن بعض الفتاوي الإسلامية التي أفتى بها أو شارك غيره فيها بالإفتاء ، بعض هذه المسائل مهمة حاليا مثل : - حكم مشاركة الحركة الإسلامية في الكنيست اليهودي . ( أحسست أن هذه الفتوى بحاجة إلى مزيد من البحث و الاستماع إلى رأي الناس الذين يعيشون بين أظهر اليهود .. فظروفهم قد لا نقدرها نحن ، مع أنني أرى أن مفاسد المشاركة تفوق المنافع و أنها تدفعنا إلى الاستسلام لواقع وجود اليهود و تروج لديمقراطيتهم المزعومة ) - فتوى في جواز عقد السلام مع اليهود ( هذه الفتوى مهمة جدا في الوقت المعاصر ) . - حكم تناول الادوية التي تحتوي على نسبة ضئيلة من الكحول . - ارتياد المطاعم التي تبيع الخمور في بلاد الغرب . - حكم بيع الخمر لغير المسلمين . - قراءة القرآن للحائض و النفساء . - المسلك الشرعي في التعامل مع تهمة الزنا و اللواط ( في هذه الفتوى الكثير من الأحكام الجميلة التي لا يطلع عليها ، المناوؤين للإسلام .. فالرسول صلى الله عليه وسلم حين أتاه مالك بن عنز معترفا بالزنا ، حاول ردّه عن الاعتراف و حين أصر مالك ، رجمه الرسول ... و لكن الرسول لم يسأله أبدا عن المرأة التي زنى بها ولم يقم عليها الحد .. و كذلك الغامدية حين رجمها الرسول لم يسألها عن الرجل الذي زنت معه ولم يقم عليه الحد ... ويقول الكاتب أيضا حين يقذف أحدهم الآخر بالزنا أو اللواط ، لا يحق للحاكم أو القاضي ان يحقق مع المقذوف )
• في فصل ( أسفاري في هذا العالم ) يتحدث عن سفراته المتكررة إلى دول مختلفة ، لاسيما الدول الغربية و تعليقاته على الأشياء التي رآها .. يتحدث عن نظرته في الهجرة إلى بلاد الغرب ( و أنه إذا سلم الجيل الاول و الثاني من التغريب فالجيل الثالث و الرابع قلما يسلم ) .. و يتحدث عن الشيعة ( فيقول أنه لطالما حذر من ثورة الخميني و محاولات فرض التشيع في الدول السنية ولكنه كان يقابل بالتجاهل و الاعتراض ) .. ولفت انتباهي حين تكلم عن أمريكا قال ( و في أمريكا زرت تلك البنايات العالية التي نُسفت و زالت ) ثم بدأ ينقل مشاهداته في الطابق الأخير من الأبراج دون أن يستنكر و لو بكلمة عابرة ، جريمة تفجير البرجين و استهداف المدنيين ( الهجوم الذي أفسد المنطقة العربية أكثر مما فعله صدام باحتلال الكويت )
أما الجملة الغريبة التي ذكرها و التي أرى أنها لا تليق بالشيخ و طلاب العلم الذي هو منهم فهي ( وقد زرت في إيطاليا منتتجعاً جبليآء كانت جباله مكتظة بالناس، تجد تحت كل شجرة فتى وفتاة وكل همهم أن يقبل أحدهم الآخر ، وقد قال أحد مصاحبي: إنهم منافقون فبعض هؤلاء أزواج ، وقد لا يقبّل أحدهما زوجه في منزله ، وفي إحدى مدن أوروبا أصر بعض الإخوة الذين حللت بينهم: وكان الفصل صيفاً على أن يمروا بي على شواطئ بحيرة ، لأرى البشر الذين تجردوا من ملابسهم إلا القليل ) ربما اساء الشيخ اختيار عبارته .
• في فصل ( الرسائل الإخوانية ) نقل نصيا بعض الرسائل التي وصلته خصوصا من الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قبل أن ينهي الكتاب بملحق صور لتلك الرسائل .. في إحداها يشير إلى الكتاب الذي ألفه حسن السقاف ( تنبيه أهل الشريعة لما كتب الأشقر من الاخطاء الشنيعة ) و يتحدث مع الشيخ بن باز عن منهج السقاف و انحرافاته.
الكتاب الذي أراد الشيخ فيه أن يسميه صفحات..هو نذر يسير من مسيرة فقيه متبحر..تحدث فيها عن الأجواء التي عايشها منذ ولادته في برقة وحتى استقراره بالأردن.
الشيخ الذي طلب العلم صغيرا في مدينة الرياض، بعد انتقاله من قرية برقة الفلسطينية، تحدث عن مشاهداته وحكايا والديه عما قاسوه من اليهود..ثم كيف انتقل إلى بيئة صحراوية ليتعلم العلم الشرعي في الرياض ثم بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية. كشف فيها عن رحلته الدعوية التي رافق فيها الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في إجازاتهم الصيفية إلى السودان وهما ما يزالان طالبين بالجامعة. ثم تحدث عن قصة مشهورة حدثت بالمدينة وهي قيام بعض طلابها بحمل العصي وإتلاف "صور" تنفخ فتكون على شكل امرأة متبرجة ناضجة كانت تباع في أسواق المدينة. الجهات الأمنية اعتبرت الشيخ من مدبري هذه الفعلة التي وجهت فيها الاتهامات له ولمجموعته بأنهم من حزب التحرير. الشيخ ينفي أنهم تحريريون، وينفي أنه تحريري كما كان يشيع عنه الوشاة للشيخ ابن باز،نائب رئيس الجامعة آنذاك. وينفي أن يكون ممن حرض على حمل العصي فضلا عن حملها بيده.
تحدث بشكل مطول وعبر سرد رسائله التي كانت بينه وبين الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق عما جرى له من ظروف الاعتقال ثم الإبعاد عن السعودية. ثم انتقل إلى حياته التي بدأها بالكويت من واعظ وخطيب ومحاضر بالكويت إلى أن جاء الغزو العراقي.
وتحدث أيضاعن رحلاته الدعوية لأوروبا وأمريكا، وكيف عانى ممن أحبوا الخميني الذي شيطن أمريكا وتحداها..ولم يريدوا السؤال عن صحة عقيدته في الله ورسوله وأمهات المؤمنين والصحابة.
بعد الغزو العراقي وتوجهه إلى الأردن، لاحظ كيف قسم الغزو صف من يحسبون على المشايخ..فالكثير منهم بالأردن كان مؤيدا لصدام الذي سيقصف إسرائيل بالكيماوي، ولا بأس أن يأخذ الكويت بالمعية!!..وصار البعثي الكافر فجأة مسلما لأنه كتب الله أكبر على علم بلاده!!
ختم الشيخ كتابه بالتعريف بكتبه التي ألفها مع دوافعه لتأليفها..وهذه لوحدها توضح مدى تطور الوعي والتفاعل مع احتياجات التعليم الجامعي والبحث العلمي..ثم جاء ببعض الفتاوى التي كتبها في مراسلاته وهي لا تخلو من فائدة في معرفة اختيارات الشيخ.
ما لم يتحدث عنه الشيخ كثير..فهو لم يتحدث عن سبب طرد الشيخ الألباني من الجامعة الإسلامية..ولم يتحدث عن المصريين اللذين امتعض الألباني منهما الشيخين (ع.س) و(ع. ش) واللذين اعتبرهما وراء الطرد..والسبب ما زال غير واضح عند كثيرين
ما لم يتحدث عنه الشيخ أيضا هو ظهور تيار قوي بين طلاب الجامعة المتأثرين ببعض أقوال الحنابلة وابن حزم، بذم واحتقار الإمام أبي حنيفة النعمان..وشيوع وصف سيء الأدب في حقه. وهو أمر دفع إدارة الجامعة إلى إصدار بيان يؤكد على احترام أبي حنيفة والتحذير من انتقاصه. ولا استبعد لو كان طلاب تلك المرحلة يشون بالسبابين كما فعلوا بالشيخ الأشقر فيما يتعلق بتهمة حزب التحرير!
وما لم يتحدث الشيخ عنه أيضاً هو الأيادي التي كانت وراء طرده هو من الجامعة الأردنية..ضمن مجموعة سلفية إخوانية من الدكاترة..جرى بعد ذلك إعادتهم جميعا إلا هو. السبب كما يشاع هي وشاية صوفية وصلت إلى متنفذ ومسؤول أردني، زعمت أن هؤلاء متطرفون.فلما أنفذ قرار الفصل وثارت التساؤلات، وتبين للمسؤلين أنها مجرد وشاية صوفية وليست مبنية على أمر دقيق، أعيدوا جميعا إلى مناصبهم باستثنائه هو باعتباره قد قارب على التقاعد فما من داع لإعادته.
رضي الله عن شيخنا الشيخ العلامة عمر الأشقر ورحمه وجعل مثواه الجنة ولا حرم الأم من علماء أفذاذ مثله. الكتاب جميل جدًا ويكفي أن تعرف ذكريات الشيخ عمر - رحمه الله - ومسيرته العلمية، وهو عندي بمكانة كبيرة.
ركز الشيخ على أرشفة حياته وخطاباته ورسائله وأسماء كتبه ، ولو أنه ركز أكثر على العوامل التى ساعدت على تكوينه ، وعلى مواقفه الشخصية والدروس التى تعلمها فى الحياة لربما كانت أكثر نفعا وهدى رحم الله الشيخ ونفع بعلمه