يعتبر هذا المخطوط من المصادر الهامة المتعلقة بجغرافية الأندلس وتاريخها نظراً لاعتماد مؤلفه المجهول على مؤلفات أصلية، معظمها من المصادر الضائعة أو المبتورة، وكأني به قد أراد أن يحفظ لنا، وإلى الأبد، تلك الصورة الجميلة التي كانت عليها العدوة الأندلسية في ظل الحكم الإسلامي؛ إذ ركز المؤلف في القسم الجغرافي الذي نحن بصدد تحقيقه على جملة من المحاسن التي كانت تتميز بها الأندلس عامة، والمدن الأندلسية المختلفة التي قدم المؤلف وصفاً مستفيضاً عنها بالاعتماد على معظم المصادر الجغرافية التي تم تأليفها في هذه البلاد منذ فتحها على يد طارق بن زياد وموسى بن نصير، وبذلك فقد حفظ لنا المؤلف معظم ما كتبه الجغرافيون المسلمون عن هذه البلاد.
مؤلف مجهول : (حوالي ق القرن 9هـ) كان أول ظهور لهذي المخطوطة من قبل : المجلس الأعلى للأبحاث العلمية / المعهد ميغيل أسين بعنوان (ذكـر بلاد الأندلس لمؤلف مجهول) تحقيق وترجمة لويس مولينا، مدريد 1983م في جزآن ، وهس سيئة الإخراج دون تحقيق. ويرد بها كمية أخطاء نحوية وجغرافية وتاريخية، وكأن صاحبها أراد إخراجها فقط دون مراعاة الجانب التحقيقي الحقيق منها. هذا غير عدم توفرها بكثيرة كمعظم نتاج معهد مدريد فلا تصل نسخعهم إلا للمختصين ليس غير ما تجده اليوم على فضاء الأنترنت كنسخ إلكترونية مسربة.
الكتب في قسمين هما القسم الجغرافي – المهم دون شك – والدي يحتل نصف الكتاب (ص40 - 138) ثم القسم التاريخي الذي يحتل (ص 140 - 270) إلا أن معلومات القسم الثاني من الكتاب، القسم التاريخي لا تقل أهمية عنه، وينفرد بمعلومات مهمة وإن كان بعضها بعيد عن الصواب. إلا أن عنايته بالقسم الجغرافي يكمن في وصوله لمصادر أصلية جغرافية قديمة جدًا كانت بدأت تظهر أكثر في القرن والثالث والرابع الهجري ومابعد ذلك. فيا يخص تقسم المناطق ومدنها والكور والقرى التابعة لها وبحارها وأنهارها وأشجارها وكل أصقاع الأندلس، ولاشك بين هذا وذاك حديث كثير عن تاريخ الأندلس.
مما تمتاز به تاريخية هذا الكتاب : كذلك تكم أهمية مؤلفات مابعد القرون (5 - 9)الهجرية في توثيقها لمعلومات مهمة من كتب فقدت بعد الفتنة الأندلسية – فتنة البربر – بعد سقوط الخلافة الأموية بالأندلس (422هـ) وحرق مجموعة كبيرة من تراث الأندلس، هذا غير سقوط مدن الأندلس بعد سقوط الخلافة المدينة تلو المدينة حتى نهاية الحكم الإسلامي تمامًا فضاع الكثير من ننتاج الأندلس.
الحديث عن المدن وصفاتها وتجد مدي حزن المؤلف وهو يتناول مدينة أندلسية وقد خرجت من يد المسلمين فتجده يذكر مثل (الخبر عن مدينة قرطبة ومحاسنها جبرها الله تعالى وأعادها للإسلام بمنه أمين"..
المدة الزمنية التي يتولاها المؤلف بتاريخه منذ الوجود الإسلامي حتى 722هـ / 1312م فهو يتناول : الأندلس - شبه جزيرة إيبريا قبل التواجد الإسلامي، ثم دخول المسلمين لها (عصر الولاة) بإختصرار شديد وربما سبب إختصاره أنه إضطلع لم بين يديه من تأليف السابقين - وأكثرها وصلنا - عن عصر الولاة وبوفرة معلوماتيه، فأكتفى بالإختصار ونظرًا لبعده عن معاصرة هذا الزمن بقرون ثم يتحدث عن (عصر الإمارة) مع عبد الرحمن الدخل حتى العصر الثالث، (عصر الخلافة الأموية)، وفترة السيطرة العامرية (دولة محمد بن أبي عامر المنصور) ثم الفتنة الأندلسية وكثرة تولي الخلافة من خارج أسرة بني أمية حتى سقوط الخلافة وبداية الرابع (عصر ملوك الطوائف)، ويتحدث عنهم بقلة ليس غير دولة بني عباد المعتضد والمعتمد، ثم ينتقل للحديث عن دولة بني الأحمر في غرناطة أخر معاقل المسلمين ويتوقف عند (722هـ) عن التأليف.
وفرة حديثه عن شبه جزيرة إيبريا قبل التواجد الإسلامي أكثر من أى مصدر سابق.
وفرة حديثه عن مدينة قرطبة والزهراء هذا غير عشرات المدن الأندلسية.
وفرة حديثة عن فترة السيطرة العامرية وإنفراده بمعلومات خصوصًا (معارك المنصور العامري) دون غيره من المصادر بعددها وسنواتها وأماكنها وهذه مادة غنية.
عدم ذكر تاريخ (عصر المرابطين)، وهو العصر الخامس والذي قضى على تواجد ملولك الطوائف. بينما نجده أطال الحديث عن عصور سابقة طويلة قبل المرابطين وتحدث عن ما بعد المرابطين كدولة بني الأحمر وهذا غريب. إلا إن كان جزء من المخطوط فقد.
عدم ذكر تاريخ (عصر الموحدين) وهو العصر السادس والذي قام على إنقاض عصر المرابطين وهذا كذلك غريب منه ليس غير إشارات بسيطة.
أعتمد المؤرخ الشهير (أحمد المقري) صاحب "نفح الطيب" كان قد رجع له وأخذ بعض مادته التاريخية بالتحديد، وغيره من المؤرخين المتأخرين.
ضعف النقد التاريخي والتفسيري في الكتاب.
ظهر هذا المخطوط من قبل لكن هذا النسخة الحديثة أوفى من التي مضت الذي أخرجه المستشرق (لويس مولينا) من قبل، ولا أنصح به بل أوصي بهذه النسخة لعظم تحقيقها.
شكرًا لـ أ.د. عبد القادر بوباية علي هذه التحقيق الجميل.