ثمة اشكالية تبرز حين الحديث عن "الخالق" أو "الرب" حيث يتم تأطير الحديث مباشرة بصفات وماهيّة هذا الخالق أو الرب، والحال أن قضية الصفات قضية لاحقة على أصل المطلب، الذي هو إثبات "وجود" الخالق بحد ذاته بمعزل عن أيّة مفاهيم (أو تصورات) أخرى مرتبطة به.
ممتاز جدا، و لا يُظن من العنوان أن الرسالة تتكلم فقط عن هذا السؤال "من خلق الله" بل هذه رسالة تأصيلية لباب وجود الله تعالى ورد على أسئلة قد ترد. فالكاتب تكلم عن التسلسل والدور والوجوب والإمكان وأجاب بشكل جميل عن سؤال "لماذا الله وليس الطبيعة" لغة الرسالة ليست سهلة جدا، فيها بعض الصعوبة، حتى أنني لم أفهم البرهان الذي ذكره على امتناع التسلسل بشكل جيد. المؤلف شيعي، لذلك كثر في الرسالة النقل عن آل البيت عليهم السلام من المصادر الشيعية، وهذا أمر متّعني.
هذه فائدة لخصتها من الكتاب أختم بها المراجعة :
لو قيل : إن الحوادث لا أول لها، وهذا يغني عن الحاجة إلى القول بواجب الوجود، بعبارة أخرى : أن كل حادث أحدثه محدث حادث أحدثه محدث حادث وهكذا لا إلى نهاية، وهذا الأمر ينقض قولكم بأن المحدث هو واجب الوجود، بل محدث العالم هو سلسلة هذه الحوادث. قلنا : إن هذه السلسلة بحاجة إلى مرجح، إذ كل فرد من أفرادها حادث، فلا يخلو أن يكون مرجِّح السلسلة إما هي أو جزء منها أو غيرها.
الاحتمال الأول : المرجح هو السلسلة وبطلانه واضح، إذ هو قول بتقدم الشيء على نفسه وهو محال. إذ يكون الشيء حينها محتاج إلى أن يُوجَد حتى يكون موجدا لنفسه، وهذا يعني أن الشيء لابد أن يكون موجودا معدوما حتى يصح القول بأنه مؤثر في نفسه. وهذا جمع للنقيضين يتنزه العقلاء عن القول به. فبطل القول بأن المؤثر هو نفس السلسلة.
الاحتمال الثاني : لو فرضنا أن جزءا من السلسلة هو الذي أوجد السلسلة جميعها لزمنا القول بأنه أثّر في وجود نفسه، لأنه من جملة السلسلة. ولكن اللازم باطل كما وضح في الاحتمال الأول، فكذا الملزوم؛ وهو كون المؤثر في السلسلة جزء منها.
الاحتمال الثالث : لا يخلو أن يكون هذا الغير إلا واجب الوجود أو العدم، ولكن العدم لا يؤثّر بداهة إذ هو نفي محض، فثبت أن الغير المؤثر في السلسلة هو واجب الوجود. فإن قيل : كيف توصلتم إلى أن المؤثر هو واجب؟ قلنا : لأن الموجودات لا تخلو إما أن تكون واجبة الوجود أو ممكن الوجود. وموجود ليس بممكن واجبٌ بالضرورة. فإن قيل : لِمَ لا يكون هذا الغير هو ممكن الوجود؟ قلنا : لأنه سبق أن قلنا أن السلسلة المفروضة هي موجودات ممكنة، فإذا فرضنا أن المؤثر فيها غير السلسلة ولكنه ممكن، لزم أن يكون المؤثر غير السلسلة ولاغير السلسلة وهذا جمع للنقيضين - هذا الإلزام مني (مصطفى) - أو نقول : أنه يلزم أن يكون هذا المؤثر واجبا ممكنا، إذ إننا فرضنا أن المؤثر ممكن مغاير لأفراد السلسلة، والمغاير لأفراد السلسلة الممكنة واجب، وفرضنا أن هذا المغاير ممكن، فيلزم أنه ممكن واجب.
الكتاب في معظمه يسير بطريقة السؤال والجواب بين شخصية افتراضية لا تؤمن بوجود خالق للكون، وبين الكاتب المؤمن. لا يغرنك عدد الصفحات القليل، فأغلب الصفحات تحتاج لعدة دقائق لكي تفهم ما فيها، لذا أظنك بحاجة لمقدمة في الفلسفة مثل كتاب نافذة على الفلسفة كي تسرع عليك الفهم. هناك مباحث فلسفية عديدة ناقشها الكاتب مثل: الدور وبطلانه، التسلسل وبطلانه، مع وضع بعض الرسومات التوضيحية والأمثلة من حياتنا اليومية لتوضيح مقاصده. وانتهى الكاتب إلى تقرير عقديته الشيعية الإمامية في استحالة رؤية الله -سبحانه وتعالى- في الدنيا والآخرة. فملخص الأمر أن السؤال نفسه خاطئ، لكن تم مناقشة كونه خاطئ فلسفيًا وحسيًا.
*من خلق الله؟* مالك مهدي السويعدي عدد الصفحات: ٤٧ ⭐⭐ يجيب عن تساؤلات حول الخالق من خلال أدلة حسية و أدلة عقلية (بالإستعانة ببعض مفاهيم المنطق و الفلسفة المبسطة) و يدعم الإجابات بأدلة من القرآن و من روايات أهل البيت ع
- محاولة تبسيط المصطلحات الفلسفية كانت جيدة و لكن كان بالإمكان توظيفها بطريقة أفضل.
- مهم في هذا النوع من الكتب قوة الحجة و قوة الإقناع .. الدليل العقلي حجة قوية لمن يجيد فنون الفلسفة لذا ذكر الأدلة الحسية بعد العقلية ربما يكون مضعف للحجة.
- وجدت الأدلة الحسية أو ربما من الأصح القول الأدلة العلمية غير دقيقة و فيها كثير من التعميم الذي قد لا يكون بالضرورة صحيح مما يوهن و لا يعزز الطرح المراد.
كتاب مُبسط وجميل، اسلوب سهل وقابل للفهم حتى للمبتدئين مثلي، لكن يحتاج لأسس عقلية سليمة ويفضل قراءة كتاب "شرارة البرهان: سبع مسائل معرفية" المكوّن من ٣٨ صفحة
الكاتب تعمد صياغة ما كتبه على شكل "سؤال-جواب" لدحض الاسئلة اللامنطقية التي يتفوه بها الملاحدة وقد يقع فيها بعض من المؤمنين