الكتاب عبارة عن مقالات ومداخلات للدكتور الراحل جورج قرم في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرف تتعلق بمواضيع شتى عن قضايا التنمية الاقتصادية والتبعية ومفاهيم نقل التكنولوجيا، بحيث ينتقد الكاتب جل الفكر العربي/الغربي الذي يأخذ التنمية بقشورها الخارجية وينسى عواملها الاجتماعية، وينادي بكتابته ببناء خبرات تقنية ذاتية تساعد بالوصول إلى قدرة تكنولوجية استهلاكية، "فالتكنولوجيا لا تباع ولا تشترى،" بالرغم من أشكال التنمية المشوهة التي يتميز بها العالم العربي وأهمها: الريع النفطي وعدم توظيفه لمجهود الإنماء العربي الجمعي الذاتي، بحيث تصبح الطاقة المشغل لحركة صناعية عربية حقيقية بعيدًا عن أسلوب شراء المصانع بمفاتيحها والتي نراها بجميع الأقطار العربية وبالأخص الخليجية والتي يدعي البعض بأنها خرجت من الاقتصاد الريعي النفطي، بحيث فوائضها المالية الناتجة عن الطفرة النفطية في ما بعد حرب أكتوبر أصبحت الآن تسيّر تجاه وهم بناء "اقتصاد جديد" غير نفطي من خلال السياحة والخدمات وبعض "الصناعات المعلبة" والذكاء الاصطناعي/هاي-تك عمومًا والتي تأتي من خبرات أجنبية بعمومها ولا تجهز قدرات العربي أمام بناء قطاع هاي-تك حقيقي.
هذا الكتاب مدخل مهم وجدي لكل معني بالولوج إلى أسباب التخلف العربي تكاملًا مع -وإن لا يتفق مع كلامي جورج قرم، بحيث يوجّه سهامه محقًا لبعض الثغرات في تلك النظريات- مع نظريات المركز-الطرف والنظم العالمية التي اشتهرت في السبعينيات والتي تشهد صعودًا جديدًا مع الحرب الابادية على غزة وتبدد القيم المنشودة للنظام النيوليبرالي العالمي.