الدكتور الحجي من عمالقة المؤرخين في التاريخ الأندلسي، وله كتابات وتحقيقات غاية في الجدة والاتقان في تخصصه الأندلس، غير أن هذا الكتاب "نظرات في دراسة التاريخ الإسلامي" يُعتبر مجرد صرخة نذير مهمة للغاية في وقته للحديث عن أسلمة كتابة التاريخ الإسلامي، أو الفكر التاريخي الإسلامي عموما في سياقاته المختلفة، مصادره وتقنياته ومناهجه، لكنها صرخة كانت في حاجة إلى التوسع والاستطراد وضرب الأمثلة ومزيد من العُمق..
يُحذر الكتاب من العوامل والأسباب التي أدت إلى تشويه التاريخ الإسلامي وعلى رأسها الإستشراق، وضرب عددا من الأمثلة والشواهد على هذا التشويه، وكرر كثيرا الحديث عن ضرورة أن يكتب هذا التاريخ أبناءه خاصة ممن يؤمنون بالإسلام منهجًا شاملاً للحياة، أو باختصار أبناء الحركة الإسلامية لكنه لم يصرّح بهذا.
الكتاب مفعهم بالتأثر الشديد بكتابات سيد قطب ومحمد قطب والندوي والقرضاوي وغيرهم من منظري هذه الحركة في النصف قرن الماضي، والطبعة التي اعتمدتُ عليها في القراءة هي الثالثة، والصادرة عن دار الصحوة الإسلامية سنة 1979، ومن ثم يمكن أن نفهم هذه الصرخة في إطارها الزمني والسببي، في ظل جو من الكتابات التاريخية التي عكف على تقديمها المستشرقون والوضعيون والقوميون في ذلك الوقت، ومن ثم رجا الرجلُ أن تكون هناك مؤسسات تمول الباحثين الإسلاميين خاصة لإعادة كتابة التاريخ الإسلامي من منظور الرؤية الإسلامية، ووضع تصورا أوليا سريعا لهذه الصرخة، كما وضع تصورا لتقديم التاريخ الإسلامي في كل المراحل التعليمية المختلفة، فضلاً عن الدراسات العليا والتخصص.
الكتاب يمكن أن تقرأه في ساعتين على الأكثر، وسيكون مفيدا للغاية لأي مبتدئ في قراءة التاريخ الإسلامي كي يكون على بصيرة ودراية لمن يقرأ لهم، فضلاً عن فهمه لبدايات المنهجية المقترحة للتأريخ الإسلامي، وهي منهجية مهمة للغاية.
توفي البارحة في مدريد الباحث الكبير في تاريخ اﻷندلس الدكتور عبد الرحمن علي حجي تغمده الله بواسع رحمته وغفر له إنه هو الغفور الرحيم..أشهد أن الفقيد كان من الغيورين على اﻹسلام وتاريخ اﻷمة وما عانته من شرور الصليبيين ومحاكم التفتيش في اﻷندلس وحتى الفلبين..هذا ما لمسناه في فيديوهاته على تويتر ويوتيوب..أدعوكم لقراءة كتبه يا أصدقاء
يهدف الكتاب للخروج بمنهجية معينة لدراسة و تدريس التاريخ الاسلامي و يمكن تقسيمه على هذا الأساس لقسمين. عدد الكاتب في القسم الأول وسائل تشويه هذا التاريخ سواء من المستشرقين أو الكتاب العرب المستغربين بالإضافة لتوضيح خطأ بعض النظرات في تفسير هذا التاريخ كالنظرة المادية و النظرة القومية له. و قام في القسم الثاني بتقديم مجموعة من المقترحات لكيفية تدريس التاريخ في البلاد الإسلامية. كان توضيحه للافتراءات على هذا التاريخ و الرد عليها ممتازا في القسم الأول و هو جدير بالقراءة بل و التدريس، لكني لا أوافقه أبدا على النتائج التي خلص إليها كشخص مهتم بالتاريخ الانساني عموما و ليس الإسلامي فقط، فقداقترح مثلا أن يتم تدريس التاريخ الإسلامي فقط و ذكر تاريخ باقي الأمم عند الحاجة لذلك بسبب احتكاكها مع البلاد الإسلامية مثلا، كذلك قدم مقترحا بعدم تدريس النظريات العلمية المتعارضة مع الإسلام و هذا موضوع آخر تماما. أتوقع أن تصدر هذه الاقتراحات من أحد أئمة المذهب السلفي لا من مؤرخ كبير يعرف حق التاريخ. يبقى ذكر أن الكتاب من عام 1979 في ذروة زمن التيارات الاستشراقية و القومية.
الكتاب يمكن أن تقرأه في ساعتين على الأكثر، وسيكون مفيداً للغاية لأي مبتدئ في قراءة التاريخ الإسلامي كي يكون على بصيرة ودراية لمن يقرأ لهم، فالكتاب يعطي نظرة عامة كلية على التاريخ الإسلامي، والأسس التي يجب أن تقوم عليها دراستنا له، وأهمية ذلك في حياة الأفراد والمجتمع والأمة ومستقبلها ودورها ورسالتها . رحم الله الدكتور وغفر له وكتب له الجنة ونعيمها
هذا الكتاب عبارة عن صرخة للعالم الإسلامي ولفت نظر للاهتمام بالتاريخ الإسلامي وتصحيح المغالطات التي سببها المستشرقين ومن شابهم من المسلمين الذين حذو حذوهم فهل ياترى من يأخذ بعين الاعتبار المقترحات والرؤى التي قدمها الراحل الدكتور عبدالرحمن على الحجي.