صدر حديثاً عن المنظمة العربية للترجمة كتاب: "بمَ يفكر الأدب: تطبيقات في الفلسفة الأدبية" تأليف بيار ماشيري، ترجمة الدكتور جوزيف شريم.
"...إذا كان الأدب لا "يفكّر" كما تفكّر الفلسفة، ولا يحتمل وجود أفكار فلسفية جاهزة تضاف إليه وتُنتزَع منه، لأنها تكون بمثابة خلايا ميتة في جسد حيّ، وإذا لم يكن فناً لغوياً صرفاً ولا شكلاً خالياً من مضمون، فإنّ الأدب وهو يُنتج أشكالاً وصوراً وأنماطاً تعبيرية وصفية وسردية وحوارية، يُنتج في الآن ذاته "أفكاراً" ويطلق "رسائل"، ولكنها ليست أفكاراً مجردة كما هي المفاهيم الفلسفية، وليست رسائل مباشرة، كما هي الرسائل في التوجيهات الأخلاقية والمبادىء التعليمية، وكونها كذلك لا ينتقص من قيمتها كتجارب فكرية، بل يُكسبها صفة خاصة ويمنحها بُعداً آخر. إنها نسيج ضمن نسيج متشابك الخيوط كثير التشعب، متعدّد الألوان، على الباحث أن يُحسن تمييزها وملاحقة تعرجاتها والتفافاتها من دون أن ينقلها إلى نطاق آخر، ومن دون أن يجردها من طبيعتها الأدبية..."
• بيار ماشيري: فيلسوف فرنسي. ولد عام 1938. أستاذ في جامعة ليل الثالثة (فرنسا). من مؤلفاته: Pour une théorie de la production littéraire (1966), Hegel et la société (1984), Avec Spinoza (1992).
• د. جوزيف شريم: أستاذ في جامعة الروح القدس- الكسليك، لبنان.
Pierre Macherey is a French Marxist literary critic at the University of Lille Nord de France. A former student of Louis Althusser and collaborator on the influential volume Reading Capital, Macherey is a central figure in the development of French post-structuralism and Marxism. His work is influential in literary theory and Continental philosophy in Europe (including Britain) though it is generally little read in the United States.
إذا كنت تدرس الأدب أيا كان التخصص فلا غنى لك عن هذا الكتاب جمال الأدب نابع من الإضافة الفكرية التي تنتقل من توهج عقل المبدع لصفاء وعي المتلقي تلك الطاقة المغناطيسية التي تصل النفوس عن طريق اللغة في صحبة ناقد لا يرى الجمال إلا في الأفكار التي سكنت منازل الإبداع حين تنعكس شموس العقل في طرق البيان الفن مرآة الفلسفة الأبجدية الجميلة التي تحتضن الأفكار المجردة وتفسح لها مساحة أنيقة في حجرات الكتب وأروقة المعارض كل الفلسفات لن تضيف للإنسانية إذا لم يحمل المبدعون أمانة توصيلها رصينة حيوية زاهية راقية تصنع الموضة وتصبح أساليب التعايش المتفاهم المتناغم بين جذر الإنسانية الثقافية التي تبدو في عزلتها الوهمية متباعدة غارقة في تقاليد تكرر شكلا واحدا للحياة أصبح الأدب عالميا حين مست قلب المرأة شعلة الحضارة الحديثة أخذت مدام دوستال فكر كانت النقدي الذي يتجاوز العقل المحض والتجربة الحسية المباشرة بالتعالي الروحي الحاضر في عمليات الإدراك وحاولت جورج ساند استكمال حدس سبينوزا في اكتشاف الروح البشرية المشتركة ومضت الأداب تعانق الفلسفة لتعد مسرح الحياة للحداثة كل عنصر جمالي يعلن عن رؤية المبدع للعالم إذا كان المبدع ينطلق من فلسفة ناضجة فن فرنسي وفكر ألماني يرسم ملامح أوروبا في القرن التاسع عشر وفي الشرق لم يفطن إلا قلة من الأدباء لرسالة الأدب التنويرية عن طريق تحويل الفكر الراقي لأسلوب حياة بيير ماشيري يعيد العلاقة بين الفن والفكر بعد أن قطعتها الدراسات النصية الإجرائية الغارقة في تقنيات بلا روح
كتاب ذو قراءة عميقة وشاملة لعدة أدباء ومفكرين فرنسيين يقارن في الاثناء بين ما يقوله الأدب وكيف يقوله وبين ما تحسمه الفلسفة بوصفه نهائياً، يقترب بحب من ميشيل فوكو وذائقته.
"من الممكن إذا أن يكون هناك نوع من اللافكري في اللغة و الذي يكشفه اﻷدب: هو الذي من أعماق اللغة، من تحت الكلمات، يجعل شيئا ما يتكلم. و لكن عن أي شئ يتكلم؟ عن هذه التجربة المعدمة بالضبط: عن الموت الذي هو سر كل لغة حقيقية. و لكن إظهار هذا اللافكري، بدل أن يمركز حول نفسه نظام اللغة، معيدا إليه الدلالة، فإنه ينقله من مكانه و يخل بتوازنه أكثر: يجعله ينزلق إلى اللانهاية، و حرفيا "يفنى" بمعنى أنه يضل، يسعى إلى فنائه، إلى أن يختفي. اللغة كل اللغة، كل اللغة تعبر عن غياب اللغة و فراغها، الفراغ و الغياب اللذين عليهما تنبني اللغة. اﻷدب يستغل الميزة التي تحدد اللغة بأنها تستغرق في غيابها الذاتي و تزول."