إذا كان أدب النفس ضرورياً فإن الحكيم التزمذي- وهو عالم من علماء القرن الثالث الهجري- شغل نفسه بأدب النفس، ومن ثم زخرت حياته بالاشتغال به، وترك مؤلفات كثيرة تأخذ بالنفس الإنسانية إلى المسار الصحيح، وتقدم للإنسان النصح الجميل، وترسم له طريق المجاهدة، والتربص، ليخلص الإنسان إلى عبودية الله سبحانة وتعالى، فيتحرر من الخوف ومن الأسر، ويبقى خالصاً لله عزوجل.
وهذا الكتاب أحد هذه المؤلفات.. فالأمة الإسلامية وهي تتطلع إلى غد مشرق، ومستقبل زاهر جدير بها أن تسعى غلى تطهير النفس مما علق بها، حتى تتأدب النفوس وتتهذب، وتصبح راضية مطمئنة.
أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين الترمذي الملقب بـ الحكيم الترمذي، أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني في القرن الرابع الهجري، من كبار مشايخ خراسان، لقي أبا تراب النخشبي وصحب أبو عبد الله بن الجلاء وأحمد بن خضرويه توفي سنة 320 هـ.
الحكيم الترمذي ( 000 - نحو 320 هـ = 000 - نحو 932 م) و هو غير الإمام أبو عيسى الترمذي صاحب السنن هو محمد بن علي بن الحسن بن بشر، أبو عبد الله، المعروف بـ الحكيم الترمذي: باحث، صوفي، عالم بالحديث وأصول الدين. من أهل (ترمذ) نفي منها بسبب تصنيفه كتابا خالف فيه ما عليه أهلها، فشهدوا عليه بالكفر. وقيل: اتهم باتباع طريقة الصوفية في الإشارات ودعوى الكشف. وقيل فضل الولاية على النبوة، ورد بعض العلماء هذه التهمة عنه. وقيل: كان يقول: للأولياء خاتم كما أن للأنبياء خاتما. وقال السبكي: فجاء إلى بلخ - أي بعد إخراجه من ترمذ - (فقبلوه) لموافقته إياهم على المذهب. وأخطأ بعض مؤرخيه من المتأخرين بأن جعل العبارة: جاء إلى بلخ (فقتلوه) وهذا لا يتفق مع بقية ما قاله السبكي من موافقتهم إياه على المذهب. وفي (لسان الميزان) أن أهل ترمذ هجروه في آخر عمره لتأليفه كتاب (ختم الولاية وعلل الشريعة) وأنه حمل إلى بلخ فأكرمه أهلها وكان عمره نحو تسعين سنة.
واضطرب مؤرخوه في تاريخ وفاته، فمنهم من قال سنة 255 وسنة 285 هـ، وينقض الأول أن السبكي يذكر أنه حدث بنيسابور سنة 285 كما ينقض الثاني قول ابن حجر: إن الأنباري سمع منه سنة 318 أما كتبه، فمنها (نوادر الأصول في أحاديث الرسول - ط) و (الفروق - خ) يفرق فيه بين المداراة والمداهنة، والمحاجة والمجادلة، والمناظرة والمغالبة، والانتصار والانتقام الخ، وهو فريد في بابه. وله كتاب (غرس الموحدين) و (الرياضة وأدب النفس - ط) و (غور الأمور - خ) و (المناهي) و (شرح الصلاة) لعله (الصلاة ومقاصدها - ط) و (المسائل المكنونة - خ) وكتاب (الأكياس والمغترين - خ) و (بيان الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب - ط) رسالة طبعت سنة 1958 مصدرة بترجمة حسنة لمؤلفها وبأسماء 57 كتابا أو رسالة من تصنيفه، و (العقل والهوى - خ) [ ثم طُبع ] و (العلل - خ) رسالة، وفي الظاهرية، بدمشق بعض رسائله
يركز هذا الكتاب على رياضة النفس، وكسر شهواتها، وغلبة الهوى؛ حتى يستقر اليقين في القلب.. مدار الكتاب على آيتين من كتاب الله: "وجاهدوا في اللّه حق جهاده..."، "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن اللّه لمع المحسنين". ويقوم الكتاب على عدة فصول متصلة ببعضها؛ منها رياضة النفس، واليقين، وكيف تكون نصرة الله لمن جاهد فيه، وكيف نجاهد في الله حق جهاده -وهو من أجلّ فصول هذا الكتاب-، ختامًا بفصل الهوى وبيان حقيقته وثمرته -وهو كذلك من الفصول العظيمة-. الكتاب صغير، ويتناول معانٍ مهمة.. ربما يعيبه الاستشهاد ببعض الآثار الضعيفة، وصعوبة لغته في بعض المواضع.
📖 كتاب " الرياضة وأدب النفس " للإمام أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسن ( الحكيم الترمذي ) ، من إصدارات #مجلة_الأزهر عدد شهر شعبان ١٤٤٠ هـ - إبريل ٢٠١٩ م .
📖 هذا الكتاب مقسم إلى كتابين أولهما : كتاب رياضة النفس ، وثانيهما : أداب النفس . والكتابان من كتب السلوك والمجاهدة التي تهذب النفس وتروضها نحو الطريق السديد ، وتدرب النفس على طريق التزكيه ، وتنحى بالنفس عن طريق الخيبة والخسارة.
📖 ويُشرح في هذا الكتاب أنواع النفس المذكورة في كتاب الله ( النفس اللوامة ، النفس المطمئنة ، النفس الأمارة بالسوء ) ثم يورد لك أنماطاً من مجاهدة النفس عن بعض التابعين. وبين أنه يوجد نوعان من الفرح : ١- فرح مذموم : وقد وصفه الكاتب بالفرح السم لأنه يجرى في العروق حتى يشتمل على الجسد ، لأنه يُملئ القلب من حلاوة ذلك الفرح ، ويصير لا يذكر موتاً ولا قيامة ولا حسابات ولا شيئاً من أهوال القيامة ، فذلك فرح يُميت القلب فهذا فرح مذموم ، ذمه الله عز وجل { وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ } .
٢- فرح محمود : وهو فرح العبد بما فضله الله عز وجل على سائر العبيد ، فمن عليه بالمعرفة والعقل ، فاستنار قلبه ،وطابت نفسه ، فتعاونا على الشكر والحمد { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِۦ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ }.
📖 وفي هذا الكتاب يوضح الكاتب تحريم الله عز وجل للخمر والمعازف لما يُدخلاه على قلب المسلم من فرح فيبتعد قلبه عن ذكر الله. فأما الخمر فشاربها يحتمل مرارتها وذهاب عقله ، وتلف ماله ، وألم جسده ، والأفات التى تحل به ، فإنما يحتمل ذلك كله من أجل ذلك الفرح الذي دب فيه حتى يصده عن ذكر الله عز وجل وعن الصلاة فحرمه الله عز وجل. وأما صوت المعازف والمقاهي ، فتلك الأصوات الممزوجة بالفرح الذي بيده ، فلا يلتذ المستمع إلا بما يُمازحه من الفرح الذي بيد العدو ، فإذا مازحه وسمع الأدمي ، هاج بالفرح منه ودب في جميع جسده ، وطرب حتى وثب ورقص كالقرد ، فحرم الله عز وجل هذه المعازف.
📖 والكتاب الثاني : كتاب أدب النفس بَين فيه الأخلاق اللازمة لأدب النفس من مثل مقامات الصبر والرضا والتأني وطهارة القلب ، والكتاب كله كذلك يُخاطب الروح والنفس ويخرج بها من مدارك الشهوات والشُبهات إلى يفاع الطاعة وأرقى المقامات .
"وإنما تقع حلاوة صنع الصانع في قلبك على قد حبك للصانع، وإنما تحب الصانع على قدر معرفتك بقدره ،وكلما كنت به أعلم، وكان هو أرفع منزلة في الأشياء ،كان قدره عند أعظم ، فهو إليك أحب. ولذلك قيل :أشدهم حباً له أعلمهم به ،وأعرفهم له" الحكيم الترمذي المتصوف الإسلامي العظيم يتحدث في هذا الكتب عن بعض الطرق لتأديب النفس وكبح جماح شهواتها ...كلامه عميق وجميل في آن واحد، ولكني فضلت له كتاب رياضة النفس بشكل أكبر من هذا الكتاب.
كِتابٌ أكْثر من رائع .. فِيه الكَثير عن النفس .. وكَيف عليكَ أن تُعامل هَواك .. الذي هُو لا ينْفكُ عنكَ .. وكَيف أنْ الإحتماء باللهِ وصْدقَ التَوكل عُليه هُو مَلجأ كُل من أرد أن يُنقي قَلبه من التعلقِ بالشَهوات مهْما عظُمت .. وأن نُور اللهِ يسْطع فقط في تِلكَ القُلوبِ التي تَخلت عنْ الدُنيا :) ولكن كَعادة كُلُ تِلك الكُتب فإنها عَادة ما تعج بالأحاديث الضَعيفة والمَوضوعة .. #الترمذي_الحكيم .. أول مرة أقرأ له .. أسلوبه رائع جِداً