Jump to ratings and reviews
Rate this book

تلخيص السياسة

Rate this book
خدمة لتراث ابن رشد السياسي والأخلاقي والاجتماعي، ولإماطة اللثام عنه، آثر المترجم، ولأسباب عدة نقل هذا الكتاب الموسوم بـ"تلخيص السياسة لأفلاطون" إلى العربية، حيث تشير المصادر العربية القديمة، فضلاً عن الحديثة منها، إلى أن ابن رشد قد وضع تلخيصاً لكتاب السياسة لأفلاطون، وتلخيصاً لكتاب الأخلاق النيقوماخية لأرسطو، ووضعه بين أيدي الدارسين لفلسفة هذا الفيلسوف الكبير والمهتمين بفلسفة القرون الوسطى العربية منها وغير العربية، كما أشار إلى ذلك بحق ارفن روزنتال في ترجمة الكتاب، ولربط التراث السياسي والأخلاقي للأمة ببعضه البعض حتى تستكمل الصورة تماماً وتكون الأحكام حوله صحيحة وليست افتراضية أو جزافية.

ولهذا وبعد أن حُرّر أصله العبري إلى الإنكليزية من قبل أكثر من مستعرب، وأولهم ارفن ورزنتال، إذ صدرت نشرته عن مطابع جامعة كمبردج بطبعته الأولى عام 1956، حيث أن الأصل العبري كان قد نقله من العربية المترجم العبري شموئيل بن يهودا من مرسيليا، أما الترجمة اللاتينية له فقد قام بها الطيب العبري يعقوب بن مانتينبوس الطرطوشي، كما أشار إلى ذلك بالتفصيل ارفن ورزنتال في مقدمته لهذا الكتاب. فيما النشرة الثانية قام بها المستعرب رالف ليونر وصدرت عن مطابع كورنيل عام 1974.

من هنا، فقد تمّ العزم على نقل النص إلى العربية لإعادته إلى أصله الذي وضع فيه أول مرة. والكتاب هو من الكتب المؤكدة نسبتها إلى ابن رشد، حيث أنه لا يوجد هناك من يشكك في هذه النسبة سواء من القدامة أم المحدثين، إلا أنه قام بينهم تنازع في تسمية هذا الكتاب: هل هو جوامع لسياسة أفلاطون، أم أنه تلخيص لسياسة أفلاطون؟ والرأي أن كتاب ابن رشد هذا هو إلى التلخيص أقرب منه بالعنوان إلى الجوامع، وإن كان ابن رشد يشير في أول كلامه في مقدمة هذا الكتاب إلى أنه يريد جرد الأقاويل العلمية فيه، وهي سنته التي درج عليها عند كلامه في تآليفه المسماة بالجوامع؛ ولا سيما جوامع العلم الطبيعي، ولكن هذا القول سرعان ما يغادره ابن رشد أثناء تلخيصه لسياسة أفلاطون، وذلك حينما يستعمل عبارة "قال أفلاطون"، أو "قال..." ويورد قولاً لأفلاطون ثم بعدها تتداخل أقوال هذا مع ذاك بحيث لا يمكن التمييز بين ما هو لكل منها، حيث يستطرد كثيراً في مناقشة قضايا تهمّ العلم الطبيعي والأخلاق والتاريخ والعادات والشيم والجغرافيا وغيرها.

ويلاحظ في تلخيص ابن رشد هذا، تداخل أقوال أفلاطون في كتابه السياسة (=الجمهورية) مع كتاب أرسطو في الأخلاق النيقوماخية، وكأنه يكيف أفلاطون لأرسطو، أو أرسطو لأفلاطون، أو يكيف كليهما للإسلام والشريعة الإسلامية، كما ويستطرد كثيراً في ذكر أحداث تاريخية مهمة حول تاريخ وشكل النظام السياسي في الدولة العربية الإسلامية سواء في عصورها الأولى وحتى عصر المرابطين والموحدين في زمانه، مقارناً ذلك كله بما حدث في أمم أخرى كاليونان والفرس، مما يقوي الاعتقاد بأن هذا الكتاب هو بمثابة تلخيص لجمهورية أفلاطون، وليس بجوامع لها.

وفضلاً عن ذلك، فإن مقدمة روزنتال تشير إلى أن المترجم العبري لهذا الكتاب يذكر أنه قد ترجم هذا الكتاب من شرح ابن رشد لكتاب "الأخلاق النيقوماخية"، وأنه قد راجع الترجمة مرتين.

وهذا القول يعززه ما ذكره ابن رشد في مقدمة كتابه تلخيص السياسة لأفلاطون، من أنه يشكل الجزء الثاني من العلم العملي السياسي بعد أن شكل شرحه أو تلخيصه لكتاب الأخلاق النيقوماخية جزئه الأول، باعتباره الجانب النظري من العلم العملي بينما السياسة تمثل الجانب التطبيقي.

ومن زاوية أخرى فهناك إشارات إلى أن لهذا الكتاب علاقة رئيسية مباشرة بنكبة ابن رشد، وهو أمر غير مستبعد، حيث أنه كثيراً ما كان ابن رشد يورد أقوالاً حول شكل النظام السياسي المضاد للمدينة الفاضلة، ولا سيما النظام الاستبدادي أو النظام القائم على الجاه والشرف والمجد، أو ما يجمع بين النظام القائم على الجاه والنظام القائم على الثراء والمال، ويشير إلى أن هذه الأنظمة موجودة في زمانه وبلاده الأندلس.

وفضلاً عن ذلك، فإنه يورد آراء جبال دولة المرابطين ثم دولة الموحدين التي قامت على أنقاضها، وكيف سقطت دولة المرابطين وأسباب ذلك هو ابتعادها عن دولة الشرع التي بنظره تساوي المدينة الفاضلة، حيث تحولت بعد 20 سنة إلى دولة المال، ثم بعد 20 سنة أخرى تحولت ومع حفيد يوسف تاشفين، مؤسس الدولة المرابطية، إلى مدينة قائمة على الاستبداد.

ويقول ابن رشد بأن فنائها هو وجود نظام وحركة سياسية مضادة لها قائمة على الشريعة، وهو إنما قصد بذلك دولة الموحدين ومؤسسها المهدي بن تومرت، وقائد جناحها العسكري عبد المؤمن، ثم يصف بعد ذلك ما جرى في أول قيام دولة الموحدين القائمة في أول أمرها على الشريعة الإسلامية.

والشرع هنا وبنظر ابن رشد في هذا الكتاب يعادل المدينة الفاضلة، إلا أنه بعد أن تحولت إلى مدينة الشرف والجاه فإلى مدينة الاستبداد آخر الأمر، وهو ما يشير إليه على أنه موجود في زمانه وبلاده. ثم إن ابن رشد يفصح بوضوح عن سبب تحول المدينة في الإسلام من العدالة والفضيلة (=المدينة الفاضلة) زمن الخلفاء الراشدين إلى مدينة الوجاهة والشرف مع معاوية، معتقداً أنه إنما يوجّه بذلك انتقاداً مباشراً للدولة والنظام اللذين أنشأهما معاوية، بحيث يمكن تطبيقه على أية ناحية من نواحي التاريخ الإسلامي في زمانه. كما ويفهم من كلامه أن سبب التحول والتبدل في المدينة من شكل إلى آخر إنما يقف وراءه معاوية.

Unknown Binding

First published January 1, 1998

13 people are currently reading
549 people want to read

About the author

ibn Rushd

205 books272 followers
Arabic version: ابن رشد
Commentaries of well known Arab philosopher, jurist, and physician Averroës or Averrhoës, also ibn Rushd, of Spain on Aristotle exerted a strong influence on medieval Christian theology.

Abu'l-Walid Ibn Rushd, better as Averroes, stands as a towering figure in the history of Islamic as that of west European thought. In the Islamic world, he played a decisive role in the defense of Greeks against the onslaughts of the Ash'arite (Mutakallimun), led by Abu Hamid al-Ghazali, and in the rehabilitation.

A common theme throughout his writings properly understood religion with no incompatibility. His contributions took many forms, ranging from his detailed, his defense against the attacks of those who condemned it as contrary to Islam and his construction of a form, cleansed as far as possible at the time of Neoplatonism.

After centuries of nearly total oblivion in west Europe, world recognition as early as the 13th century contributed to the rediscovery of the master. That instrumental discovery launched Scholasticism in Latin and the Renaissance of the 15th-century Europe in due course. Since the publication of [title:Averroes et l'averroisme] of Ernest Renan in 1852, notwithstanding very little attention to work of Averroes in English, French showed greater interest.

See more here.

Ratings & Reviews

What do you think?
Rate this book

Friends & Following

Create a free account to discover what your friends think of this book!

Community Reviews

5 stars
21 (35%)
4 stars
13 (22%)
3 stars
14 (23%)
2 stars
7 (11%)
1 star
4 (6%)
Displaying 1 - 7 of 7 reviews
Profile Image for Khaled Awad.
121 reviews81 followers
August 6, 2013
في البداية كنت أتصفح كتاب الضروري في السياسة تحقيق محمد عابد الجابري لكتاب إبن رشد "مختصر السياسة (الجمهورية)" لأفلاطون.

وبعد أن أنهيت المقدمة وقبل أن أدخل في المهم إتجهت إلى كتاب "الجمهورية" لأفلاطون فقرأته ثم لخصت أهم ما جاء به على دفتري الصغير..

ثم إتجهت إلى كتاب "رجال الفكر" لطه حسين والذي يتحدث بجزء كبير منه عن رجال الفلسفة في عهد اليونان وهم "سقراط وأفلاطون وأرسطو" فانهيته وسجلت بعض الملاحظات عنه.

ثم إزداد فضولي لمعرفة هؤلاء الفلاسفة الثلاثة وظروف نشاتهم وأحوال اليونان في عهدهم فإتجهت إلى كتاب "الحضارة" و بدأت بـقراءة الجزء المتخصص باليونان
وهناك غرقت في أحوال اليونان وآلهتمهم وأطبائهم فقررت التوقف مؤقتاً.
وقبل أن أتجه لقراءة كتاب "المدينة الفاضلة" للفارابي ضبت نفسي وقررت العودة لقراءة كتاب الضروري في السياسة لإبن رشد...

هذا ما يشبه الدومينو في القراءة ،كل كتاب يدفعك لقراءة كتاب آخر وهكذا...
Profile Image for Αβδυλλα Aωαςhι.
92 reviews69 followers
August 1, 2016
في هذا الكتاب يقدم ابن رشد تلخيصاً و تعليقاً على كتاب المدينة الفاضلة لأفلاطون أو الكتاب المعروف بالجمهورية، و لكني أجد أن طرح الجمهورية و بعض التعليقات من ابن رشد قد جانب الصواب و منها مثلاً:-

١- عن الحب الأفلاطوني و كيف أن الشرف يكون فيه بعدم امتزاجه باللذة ، و أعتقد أن الخطأ الذي وقع فيه أفلاطون كما غيره هو تقليل مرتبة الجسد و النزول به لمرتبة الخطيئة و العار و هذا النزول امتزج لفترة طويلة مع نظرة الناس في العالم الغربي لكل ما يتعلق بالجسد و اللذات الجسدية. و الرأي الصائب أنه يجب أن تعطى اللذات الجسدية حقها كما اللذات الروحية و اعتبار الأولى طريق للثانية. أما تلك النظرة القاصرة فإني أجد نفسي لا أتفق معها.

٢- عدم الحاجة للقضاء و عدم الحاجة للطب: يقول أفلاطون أن المدينة الفاضلة من شدة فضل سكانها يجب ألا يحتاجون لقاض يحكم بينهم و الحال أننا نجد ذلك ممتنع عقلياً فحتى الفضلاء يختلفون فيما بينهم و حتى المؤمنين يختلفون أحياناً و يتطور الخلاف، فالخلاف أمر طبيعي جداً و يعتبر من علامات تطور البشرية و نتيجة لتفاعلها الكافي مع بعضها البعض ، أما عدم الاختلاف فلست أراه مؤشراً لمدينة فاضلة بل على العكس لمدينة سكانها لا يعرفون بعضهم و لا يثقون ببعضهم البعض و لا يسمحون لأنفسهم بالاختلاف الطبيعي.

٣- شروط الملكية و الزواج على الحفظة: و يقصد بهؤلاء الحفظة الحراس و الجنود الذين يدافعون عن المدينة و حجته في ذلك أنهم إن ملكوا أو تزوجوا ستفسد أخلاقهم و لا يدافعون عن المدينة بحماس ، و التعليق على ذلك أنه لمَ لا تفسد أخلاقهم بسبب هذا المنع ، خصوصاً عندما يقارنون أنفسهم بغيرهم ممن له حق الزواج و الملكية فسيصبح هذا دافعاً لهم لترك الحماية نتيجة قلة الحقوق المرتبطة بها و هذا الوضع سيجعل الناس تزهد في شغل مناصب الجندية و الحماية مما سيعرض أمن المدينة الفاضلة للخطر الحقيقي من جهة أخرى. فسنجد أننا أمام مدينة فاضلة لكن غير محمية بالقدر الكافي نتيجة إحساس الجنود بالنقص أمام نظرائهم بل قد يدفعهم ذلك لأكثر من ذلك ؛ للسرقة و الاعتداءات على أهل المدينة، لأن الانسان العادي من طبيعته أنه يميل للملكية و يميل للزواج و سلب هذين الحقين يجعل شخصيته مضطربة بما يؤثر على تفاعله مع بقية أفراد المجتمع.

٤-الرئيس الفيلسوف: ربما هذه النظرة لها شيء من الواقعية ، و لكن أمامها الكثير من الأسئلة ، هل ستكون لهذا الفيلسوف الدراية الكاملة و الاحاطة العملية بمشاكل الناس و أساليب علاجها أم سيبقى ينظر من البرج النظري العاجي كما لاحظنا نظرة أفلاطون في الثلاثة مسائل السالفة الذكر.و لذلك فإنني أجد الترويج لرئاسة الفيلسوف قد يكون ترويجاً لمن هم ليس أهل لاتخاذ القرار و معرفة المصالح و معرفة الأمور على ماهيتها، إنما هي بحاجة لمن خبر الدنيا و عرف الحياة و احتك بطريقة عملية مع مختلف ظروف الحياة القاسية و الراخية حتى يتسنى له أن يؤدي دوره على أكمل وجه.

و كخلاصة أعتقد أن كتاب أفلاطون تم تضخيمه كثيراً في عالم الكتب و الإعلام ، و هو يمثل نظرة قاصرة جداً لمدينة فاضلة مرسومة ملامحها داخل ذهن أفلاطون وحده و نمطياتها يراد لها أن تعمم على سكان هذه المدينة بالموسيقى و الأناشيد منذ الصغر ، لكنها تغفل عن الغوص لأعماق الانسان و دراسة سيكولوجية الانسان و حاجاته كما وضحنا و مشاعره و أحاسيسه و تقلباته المزاجية و تغفل عن الأخذ بعين الاعتبار ديناميكية المجتمعات و سرعة التغييرات التي تحدث بها و كيف أن هذا المستوى من الطرح الفاتر الذي يبسط المسائل المعقدة لا يجدي نفعاً لإقامة مدينة فاضلة و لا قرية فاضلة.

عبدالله عواجي

٢٢ شباط ٢٠١٦
Profile Image for Chaimae Driyae.
132 reviews5 followers
February 24, 2021
كتاب الضروري في السياسة مختصر كتاب السياسة لأفلاطون، لأبي الوليد محمد بن رشد الحفيد المعروف عند الأوروبيين بـــ Averroes ، فيلسوف من أهم فلاسفة الاسلام، نقله عن العبرية الدكتور أحمد شحلان ذلك أن أصله العربي قد فقد، وطبعه مركز دراسات الوحدة العربية ضمن سلسلة التراث الفلسفي العربي مؤلفات ابن رشد بإشراف الدكتور محمد عابد الجابري.
والكتاب هو تلخيص لكتاب السياسة (الجمهورية) لأفلاطون وربما لجأ إليه ابن رشد لكونه لم يحصل على كتاب السياسة لأرسطو خصوصا "وأن المشروع الفلسفي لابن رشد كان يتحرك في النطاق الأرسطي وحده، معتبرا ما قبل أرسطو مرحلة ما قبل العلم" كما يقول الجابري في المقدمة التحليلية للكتاب.
وقد بين ابن رشد غرضه من هذا الكتاب بقوله: "قصدنا في هذا القول أن نجرد الأقاويل العلمية التي في كتاب السياسة المنسوب لأفلاطون في العلم المدني" ، وابن رشد يعتمد على تقسيم أرسطو للعلوم قسم نظري القصد منها العلم لذات العلم فقط، وقسم مدني وهي العلوم التي يعلمها الانسان ليعمل بها؛ وهي علم الأخلاق وعلم السياسة، وهذا الأخير هو موضوع هذا الكتاب، ولم يقف فيه ابن رشد عند حد تلخيص وتجريد الأقاويل العلمية من جمهورية أفلاطون بل تعداه إلى بسط آراءه وتصوراته حول إمكانية قيام المدينة الفاضلة وذلك من صلب الحضارة العربية والأندلسية خصوصا.
وابن رشد لم يتقيد بتقسيمات أفلاطون في كتابه بل انتهج لنفسه تقسيما جديدا حيث جعله في مقدمة وثلاث مقالات وخاتمة، في حين جعل أفلاطون محاورة الجمهورية في عشرة أبواب.
استهل ابن رشد الكتاب بمقدمة بين فيها موضوع الكتاب ومنهجه والقصد منه، لينتقل إلى المقالة الأولى التي ناقش فيها تشييد المدينة الفاضلة وذلك من خلال نقاط مهمة أصل لها بالحديث عن العلم المدني باعتباره مختلفا عن العلوم النظرية موضوعا ومبدأ، فموضوعه "هو الأفعال الارادية التي تصدر عنا، ومبادؤها الإرادة والاختيار" ، ثم بين ابن رشد مدنية الانسان الطبعية وحاجته للآخر والتي اقتضتها الضرورة لبلوغ الكمالات، فتعذر اجتماع الكمالات الانسانية في انسان واحد لذلك "ينبغي أن تكون هاهنا جماعة من الناس تتكامل فيهم جميع أنواع الكمالات الإنسانية فيتعاونون على بلوغ أقصى الكمالات" ، ثم يشرع ابن رشد في تفصيل القول في هذه الفضائل النفسية ويربطها بالمدينة لأن نسبتها "في أجزاء المدينة هي كنسبة القوى النفسانية في أجزاء النفس" .
فكما أن النفس تتكون من ثلاث قوى هي: القوة العاقلة ومركزها الرأس، القوة الغضبية ومركزها الصدر، والقوة الشهوانية ومركزها البطن، فكذلك المدينة تتكون من ثلاث طبقات هي: طبقة الرؤساء، طبقة الجنود وطبقة العمال والفلاحين،ثم ينخرط ابن رشد في تفصيل القول في أجزاء المدينة وكيف ينبغي أن تكون وما يجب على أفرادها اكتسابه من فضائل، وما لا يجوز لهم كمنع الملكية عليهم وتقرير نظرية الشيوع بين أفراد المدينة.
وفي المقالة الثانية يتحدث ابن رشد عن رئيس المدينة افاضلة وما يجب توفره فيه من شروط أولها أن يكون فيلسوفا، متسما بصفات كاستعداده لتحصيل العلوم النظرية وإيثاره للعلم، ومحبته للصدق وكرهه للكذب وبعده عن اللذات الحسية وعلو همته وغيرها من الخصال الفضيلة، ثم لفت النظر إلى أن الفضائل الانسانية تنقسم في الجملة إلى أربعة أقسام: الفضائل العقلية، الفضائل الفكرية، الفضائل الخلقية والصنائع العملية.
وأشار ابن رشد الى أنه يخالف أفلاطون في مسألة البدء بالرياضيات في التعليم فهو يرى الأصح البدء بالمنطق أولا ثم "علم العدد ثم الى علم الهندسة فعلم الهيئة فالموسيقى،ثم إلى علم المناظر فعلم الأوزان" ،وخلافا لأفلاطون ذي النظرة المتشائمة التي خلص بها في الجمهورية إلى استحالة قيام المدينة الفاضلة في الارض، يخلص ابن رشد في نهاية المقالة إلى إمكانية قيام المدينة الفاضلة مع التأكيد على أن قيامها رهين بمدى تحقق الشروط اللازم توفرها في الرئيس، وأشار إلى أن المدينة لا تكون فاضلة إلا إذا اقترن الرأي الحسن بالعمل الصالح ذلك "أنها لن تؤول نحو الأفضل بالآراء وحدها" .
وبعد الفراغ من الكلام عن نموذج المدينة الفاضلة، يقدم ابن رشد في المقالة الثالثة تفصيلا حول غيرها من أنواع المدن التي تنشأ عن أربعة أنواع من السياسات البسيطة وهي: الأول: رياسة الكرامة، والثاني: رياسة الرجال القلة وتعرف برياسة الخسة، والثالث: الرياسة الجماعية، والرابع: رياسة وحدانية التسلط، ثم يعود ليضيف إليها سياسة صاحب الشهوة وسياسة الضرورة.
فالأول وهو رياسة الكرامة فتنشأ عنها المدن الكرامية وهي "المدن التي يتعاون أهلها على طلب الكرامة وبلوغها" ، والثاني سياسة أصحاب الخسة وتقوم هذه المدينة على الاسراف في النفقة وجمع الخراج والثروة لينفقوا على أنفسهم دون إشراك للآخر، والثالث السياسة الجماعية وهذه مدينة الحرية التي يفعل فيها كل واحد ما يريد ويتحرك كما يشاء، وقد يجتمع في هذه المدينة ما تفرق في غيرها "فيكون فيها قوم ممن يحب الكرامة وقوم يحبون اكتساب الأموال وآخرون يحبون التغلب" .
والرابع؛ هو سياسة التسلط وهو الطرف المناقض للسياسة الفاضلة التي فصل القول فيها، والتي ينتج عنها مدن التغلب وهي "المدن التي يقصد من اجتماع أهلها وسعيهم إلى الكمال قصدا واحدا: وهو قصد الغالب في الوصول إلى ما يضعه غاية لنفسه" .
وهذه الرابعة هي التي يطنب ابن رشد في الكلام فيها ومنها ينطلق ليؤسس لمصطلح وحدانية التسلط، والذي يعتبر ابن رشد أول من استعمله للتعبير عن الحكم المستبد وعن الطغيان السياسي الذي يبدو أنه عايشه إذ يشير في أكثر من موضع بقوله: "مدننا هذه، زماننا هذا"، بل ولم يكتف بالاشارة فقط بل صرح مرة إذ يقول في تحول المدينة الجماعية إلى وحدانية التسلط :"إنها كثيرا ما تؤول إلى تسلط. مثال ذلك الرئاسة التي قامت في أرضنا هذه، أعني قرطبة بعد الخمسمائة، لأنها كانت قريبة من الجماعية كلية، ثم آل أمرها بعد الأربعين وخمسمائة إلى تسلط."
ثم يشرع ابن رشد في تفصيل الكلام في وحداني التسلط؛ المتسلط كيف يكون وما يكون من أمره، فيقول إنه: " يعمل على حمل جميع الناس ودفعهم ليستمسكوا بالناموس حتى يظنوا أنه ليس وحداني التسلط وأنه هاد ومرشد لأهل المدينة" ، وفي هذا الصدد يميز ابن رشد بين سياسة المتسلط الخارجية والداخلية، ذلك أنه يسالم الأعداء الخارجيين إما بالصلح أو بالقوة، ليعود إلى مدينته فيثير بين أهلها الحروب ليستولي على أموالهم ليشغلهم عن خلعه بأنفسهم وبالبحث عن قوتهم اليومي، ثم يشير إلى أن وحداني التسلط يرث ابنه عنه هذا التسلط ذلك أنه يربى عليه ويعيش حياته في لهو؛ حياة مبنية على اللذات الشهوانية التي تقوده الى السلب والنهب وقد يصل به الأمر إلى قتل أبيه.
وإذ يفصل ابن رشد القول في حقيقة وحداني التسلط ومدينته فهو يؤكد على أنها مدينة "في غاية العبودية وأبعد ما تكون عن الحرية" ، وان كان هذا الحال في المدينة، فكذلك صاحبها المتسلط "نفسه مملوءة بالعبودية وخالية من الحرية" ، وهو "رهين الرغبة والرهبة، وهو مع هذا في نفسه شره جامح وليس له على نفسه سلطان." بل يزيد ابن رشد فيصف بأنه "أشد الناس عبودية وليس له حيلة في إشباع شهواته بل هو أبدا في توتر دائم، ومن هذه صفته فهو ضعيف النفس وهو حسود وظالم لا يحب أحدا من الناس وذلك أن هذه الصفات لما كانت موجودة فيه قبل الرئاسة، فهي ألزم به بعدها."
وهذا الكلام الأخير لابن رشد، قد أوّله بعض الباحثين وعلى رأسهم الدكتور محمد عابد الجابري بأنه في يعقوب المنصور، ذلك أنه حُكِيَ عن صباه أمور غير حميدة كان قرابته يحتقرونه بسببها، فقد جاء في المعجب في تلخيص أخبار المغرب "وبعد قتله-أبو يوسف- هذين الرجلين-أخوه أبو حفص عمر الرشيد وعمه سليمان بن عبد المؤمن- هابه بقية القرابة وأشربت قلوبهم خوفه، بعد أن كانوا متهاونين بأمره محتقرين له؛ لأشياء كانت تظهر منه في صباه توجب ذلك" ، يقول الجابري:"وإذن فالإشارة بقوله: 'ذلك أن هذه الصفات لما كانت موجودة فيه قبل الرئاسة، فهي ألزم به بعدها،' قابلة للتأويل: قابلة لتفسر على أنها إشارة مباشرة إلى يعقوب المنصور" ، خصوصا وأن ابن رشد يختم الفقرة بقوله "وهذا كله بين وجلي من هؤلاء، كما قلنا مرارا، لا بالقول وحسب ولكن بالمشاهدة أيضا."
ثم يعود ابن رشد إلى أفلاطون ليناقشه في حتمية الشؤون الإنسانية، فأفلاطون يرى أن تحول المدن بعضها إلى بعض أمر حتمي، وهو الذي يرده ابن رشد بأن هذه الحتمية تكون في الأمور الطبيعية، وأما هذه الأمور فهي إرادية. ويختم هذه المقالة بالتأكيد على أن الفضيلة العقلية الحكمة هي أفضل اللذات وهي لذة المعرفة.
ويختم ابن رشد تلخيصه بخاتمة يدعو فيها مع شخصية مجهولة بدوام العز وطول البقاء، ويشرح فيها إهماله للمقالة العاشرة من كتاب أفلاطون لأن الكلام فيها يدور حول الشعر والفن والنفس وقواها وهو ما يراه ابن رشد ليس ضروريا في هذا الموضع لأن القول فيه خطابي جدلي.
Profile Image for Nasrudin.
23 reviews7 followers
January 14, 2015
أفلاطون بنكهة ارسطو
بالرغم من المراوحة بين علم الاخلاق والعلم المدني في الكتاب إلا ان السياسة كانت هي الجانب الرئيسي فيه
واتسمت النسخة الرشدية بالواقعية والعقلانية مبتعدة عن المثالية والخيال
كتاب جميل اكثر ما اعجبني منه وصفه الدقيق لحال المدينة الجماعية الحرة كيف تعود لسلطان الفرد بعدما تخلصت منه قريبا كما هو مشاهد في زماننا هذا في ثورتي مصر الاولى والمضادة
Profile Image for Musaadalhamidi.
1,605 reviews50 followers
Read
September 10, 2022
شير المصادر العربية القديمة، فضلاً عن الحديثة منها، إلى أن ابن رشد قد وضع تلخيصاً لكتاب السياسة لأفلاطون، وتلخيصاً لكتاب الأخلاق النيقوماخية لأرسطو، ووضعه بين أيدي الدارسين لفلسفة هذا الفيلسوف الكبير والمهتمين بفلسفة القرون الوسطى العربية منها وغير العربية، كما أشار إلى ذلك بحق ارفن روزنتال في ترجمة الكتاب، ولربط التراث السياسي والأخلاقي للأمة ببعضه البعض حتى تستكمل الصورة تماماً وتكون الأحكام حوله صحيحة وليست افتراضية أو جزافية.

Profile Image for Shrief Khamis.
46 reviews39 followers
November 23, 2015
تلخيص جيد وغير مخل، لم يتضمن السفسطات ولا الحكايات الخرافية الموجودة في النص الأصلي، لم استطع تحديد مدى جودة إسقاطات ابن رشد على عصره لعدم درايتي بعصره ولقلة تلك الإسقاطات أصلا، يصعب استخلاص تعليقات وآراء ابن رشد من النص إما لإدماجها وشدة تطابقها مع آراء أفلاطون أو لندرة وجودها، ضياع الأصل العربي وكثرة انتقاله بين اللغات جعل النص مجهدا ومشوشا وفاقدا لأي حس أدبي، المترجمان أفسدا الكتاب بمقدمة باهظة مبهرجة وتعليقات كثيرة عديمة الفائدة في الهوامش التي أعدها من أسوأ الهوامش التي رأيتها في حياتي. الكتاب في العموم ليس سيئا إلا أنه لا يغني عن قراءة محاورة الجمهورية
Displaying 1 - 7 of 7 reviews

Can't find what you're looking for?

Get help and learn more about the design.