لكل شعب تاريخ يروي حركة تطوره ومسيرة نهضته، وإن هذه القصة التي أرويها في أوراق موجزة ما هي إلا فيض من غيض من قصص الاضطهاد والظلم الذي يمارسه الإنسان على أخيه الإنسان، ولهذا كان لزاماً علي أن أتعاطى مع حلم كنت أعيشه منذ سنين، أن أكتب تجربة المعتقل لتبقى حاضرة للأجيال وماثلة أمام الأعين تذكرهم بمن تحملوا قبلهم من أسلافهم. ولهذا كانت هذه الأوراق توثيقاً صادقاً لا يحمل في طياته ذرة من المجاز أو المبالغة والمزايدة.
عبد الشهيد الثور ذلك المبدع المتعدد المواهب يحكي لنا في ( كان في السجن يا ما كان ) قصة أسره و سجنه بأسلوب أدبي جميل ، يروي لنا معاناته و يسجلها للتاريخ ليكون كتابه شاهداً على مرحلة سوداء عاشتها البحرين في منتصف تسعينيات القرن المنصرم، و ينقل لنا صوراً عاشها بنفسه ما كان لنا أن ندركها لولا كتابه القيّم . ، شاءت الأقدار أن يكون والدي هو صاحب السجن للمؤلف مع اثنين من المعتقلين ، فكنت كلما مر ذكره ، أحادثه عن نفس الواقعة فيحكيها لي كشاهد على العصر لأعيشها و أتجسد معاناتها . ، أتمنى لكم قراءة واعية تحكي فصلا من فصول تاريخنا الحديث ، و لابد لنا من فهم الماضي و معرفة الحاضر لاستقبال المستقبل .
أول رواية لي من هذا النوع. من السطور الأولى تشعر بالظلم بعدم الأمان تشعر بنفس برودة الجو إلا يبعثه الظلم! لأكون صادقة أول ما قرأت الرواية احسست بالتعجب _ما شاء الله بسرعة في احد من المساجيين كتب معاناته في السجن_ ، بس سرعان ما اكتشفت إنَّه يحكي ما حدث له في التسعينيات وليس حكاية اليوم! "وما اشبه اليوم بالأمس" المشاهد الانزرعت في ذاكرتي : اصوات المعتقليين وهم يصرخوا بالاستغاثة بكل صيغاتها (يا علي..آه...باموت) عندما طلب احد المسجونيين أن يغتسل وحينها كان رمضان وايضًا شتاء وجعلوه يغتسل بماء بارد والاصفاد في يديه! كتابة المعتقليين للادعية على جدران زنازينهم لكنها لم تتطول فحين علموا اجبروهم على مسح ما خطت ايديهم فضطروا ليستخدموا حيلة اخرى! لكن ايضًا كشفت ! الكثير من المواقف التي تدمع لها العينيين الطعام الذي كان يقدم لهم ،طرق تواصلهم مع المساجيين الآخريين في الزنزانات الآخرى واشتياقهم إلى اهاليهم والكثير.اللهم فرج عن المساجيين بحق موسى بن جعفر
من الاعتقال حتى الإفراج ينقلنا عبد الشهيد عبر الزنازين بلغة سلسة سحرية يخاطب فيها العقول و يلامس بها القلوب .. الحروف مملوءة بالأمل أكثر منها بالألم .. تخبرنا كيف يطوع السجين طريقه نحو الحرية ...
هذه الرواية مكملة لرواية أيام في ذاكرة الوطن يصف فيها الأحداث في انتفاضة شعب البحرين سنة التسعينات وكيف تكون الاعتقالات التعسفيه التي ينالها خيرة شباب هذا الوطن من الطائفة الشيعية كيفية دخول عناصر الشرطة للبيوت لإعتقال شخص وكيف ينال العذاب في السجن ، طريقة سرد هذه الرواية بإسلوب أدبي شيق وجميل تجعل القارئ لا يتوقف عن القراءة
ينسج عبدالشهيد الثور في روايته صفحةً من معاناته في السجون البحرينية ومعايشته لالام المساجين فيها في سردٍ لواقعٍ عايشه وآلمه. تتخلل المشاهد يوميات تعكس ارتباط المساجين بالجانب الديني وتحين الفرص لاحياء العبادات والشعائر رغم خنق الجلّاد لهم وحرمانهم من أبسط الحقوق.