يدور هذا النصّ الروائيّ حول الوضع الجزائريّ المتأزّم، الذي تصوغه نخبة عسكريّة متسلّطة وجماعات دينيّة متطرّفة، وضياع إجتماعيّ، وأسى على ثورة وطنيَّة مجهضة. بنى الروائيّ عمله متوسّلاً أدوات فنيّة ملائمة: الرمز، السخرية السوداء، الشخصيّات المقابلة، الحوار الداخليّ، ووثائق إجتماعيّة تاريخيّة، وشيئاً من الكتابة المباشرة التي تحتجّ على وضع سلطويّ يستعمل الجزائريّين ولا يحل مشاكلهم.
تقيّيم هذه الرواية قد يكون مربكًا بالنسبة إليّ بعض الشيء، فهي رواية جيّدة الفكرة قُدّمت بطريقة سيّئة.
أسلوب الرواية استقصائي صحافي يفتقر الكثير من عناصر الرواية الناجحة، أو على الأقل يفتقر عناصر الرواية بشكلٍ عام سواء كانت ناجحة أو غير ذلك. ففي سبيل المثال ثمّة بعض الأحداث الجوهريّة في العمل تُركت مفتوحة من دون حتّى أدلّة أو مسبّبات منطقيّة لها تستحثّ القارئ على التفكير بها، فمثلًا يُتّهم ابراهيم بجريمة قتل ويُدخل السجن ثمّ فجأة يُفرج عنه، ويختفي حميد الضابط أيضًا فجأة ويكتفي الكاتب بالقول إنّه ارتكب غلطة كبيرة. حتّى عَلاقة ابراهيم بحبيبته ابنة أخ الجنرال لم تكن واضحة... كيف بدأت وأين كان مآلها؟ من قتل الضابط في الحديقة؟ الرواية أتت كخطاب شعبوي جيوسياسي مطوّل وممل بعض الشيء عن انتقاد السلطة الجزائرية من دون الغوص منطقيًّا في أسباب هذا الانتقاد، فمثلًا الشخصيّة الوحيدة في الرواية التي كانت تعاني من السلطة، وليس بشكل مباشر، هي ابراهيم إذ تخرّج من كلّيّة علوم الرياضيّات ولم يجد عملًا! كان الكاتب يريد أن يعبّر عن حنقه على الحكومة الجزائريّة فقط بلا أيّ مبرّرات تجعل القارئ غير الجزائري على الأقل يفهم سبب هذا الحنق. يُحسب للكاتب تمكّنه اللغوي ونهاية الرواية التي أبدع فيها. غير ذلك فهذه الرواية طفلة جائعة بحاجة إلى الكثير من الغذاء لتنجو.