لقد قرأت بعضا من الرسائل التي أرسلها الصادق لخليفة الفاخري في اماكن متفرقة ولكنها المرة الأولى التي اقرأها بهذه الكثافة ، علاقة مفعمة وصداقة تربط قامتين ، أحببت تحريضه الدائم لللفاخري ( الأديب المزاجي الكسول ) على ممارسة فعل الكتابة ، وأن التجربة لا تنضج بالتراكم وحده بل بالممارسة ، كانت نصائحه أصدق ما يمكن أن يخاطب به ناقد وإنسان لديه حساسية عالية ورؤية ناضجة صديق له روح شفافة مثل الفاخري .
مش النيهوم فيلسوف مقارنة الأديان ،و مش المؤرخ زي في تاريخنا و مش المتهكم استاذ الكوميديا السوداء زي في الدلّال أو فرسان بل معركة.
وجه آخر و مختلف له ، هنا النيهوم إنساناً، الآلمه الشخصية ، مشكلاته، آحلامه ، طموحاته ، طبيعة علاقتة مع أصدقائه، تجد في كلماته صياعة الليبين و"تصكير رأسهم" تارة ، و تجد حدّ منتهى الإنسانية تارة آخرى لكن بالمجمل في إنسان،إنسان غاية الروعة.
في احدى رسائله للفاخري يكتب: "...حدثني عنك، أنت تقضى اليوم بطوله.. في سوق الحشيش..ما الذي تفعله هناك ، ماذا تريد من حارة صغيرة مليئة بالأطفال و الملل،ان سوق الحشيش لا يثيرني أبداً..لقد كان لي دائما مجرد مكان للراحة..مقعد أجلس عليه و أشرع في الحلم.. و لكنه يصيبني بالصدأ..يجعلني أغمض عيني و أرغب في الموت..فماذا تريد أنت من حارة الصدأ..ما الذي سوف تصنعه، و أنت جالس هناك في بالوعة حقيقيةو بلهاء تماما. أخي أنا لا أحتقر حارتنا و أقول عنها أشياءاً قذرة ، و لكني أضع لها اسماً، مجرد بالوعة فحسب و هي مفيدة لكل صرصار..و لكنها تقتل الناس الرائعين، فدعها ..لا تعد تمكث فيها هكذا، اعتبرها مقعداً للتفكير و لقليل من الدراسة ، و لكان كن دائماً في الخارج. لقد عشت أنا في سوق الحشيش و قضيت فيه كل حياتي و لي أصدقاء لطيفين و كثير من الذكريات و لكني لم أعتمد عليه أبــــــداً في بناء رأسي، ان غرفتي المظلمة و بضعة سجائر و أنا ..تفيدني أكثر من سوق الحشيش و هذه حقيقة راهنة فاذكر اني قلتها لك."
هو رجل غادر وطنه حاملاً حقيبة ملابسه و همّ هذا الوطن في صدره، يصف أوروبا بقارة عاهرة بنت عاهرة، و لكن في أحد رسائله لرشاد الهوني يقول: "و لكني سعيد بغربتي." كلمات صادقة و عفوية و طالعة من القلب، فتعبر لقلبك بلا أدنى استئذان، عن وطن ما كان يوما وطناً لأبناءه :( بالأخير شكر موصول للإستاذ سالم الكبتي للتجميع و التحقيق، شكراً له.
رابط الكتاب للتحميل my link text . كلمات صادقة تعبّر عن مدى الوحدة و المعاناة التي مرّ بها في غربته و كم كان اشتياقه عظيما لأصدقائه و لبنـغازى مشكورا يا سيد سالم الكبتي علي جهدك في تجميع الرسائل من اصدقاء النيهوم لتضعها بين ايدينا و كم حزنت بخبر ضياع حقيبة السفر الكبيرة الممتلئة برسائل النيهوم الي ابيـه و اخوته . اترككم مع هذه الاقتباسات : _ ان شعب ليبيا ما يزال شعبا اميا جاهلا ممتللأ بالعقد النفسية التي تجعل محاولات النقد اكثر بشاعة من محاولات النتحار . _ ان مشكلة ليبيا ليست هي الامية و لكنها الغربة الثقافية بين افراد المجتمع الواحد , ان بلادنا مصابة بمرض الاقفال _ ان ليبيا بلد مبني بالقش و يطفو فوق بحيرات البترول , فما اسهل ان تندلع النار فيه , ان تحرقه من اساسه , فلا يبقي منه سوى عظام الخنازير و النساء
و هنا يحكي النيهوم عن غربته في اوروبا و غربته في بلاده ليبيا ايضا : _ ولكن .. هل انكر سعادتي بهذه الغربة ؟ كلا ,, انني في الواقع سعيد بغربتي لانها اقل ثأتيرا في نفسي من غربتي في بلدى , و ما اسوأ ان يحس الانسان بالغربة في بلده , لقد اصاب الناس الذهول و عبروا السنوات الماضية بقفزات شيطان اعمي .
ثلج .. كل الطرقات مغطاة بالثلج .. والنوارس وصلت لتوها من أقصى القطب ، وطفقت تذرع أرض الميناء بحثاً عن سفينة ذاهبة إلى أفريقيا .. لو كنت رباناً ! لو كنت قرصاناً وعندي سفينة لتركتها الليلة تنام في عنابري وأطعمتها قمحاً مغربياً ، وحملتها إلى أفريقيا ، فالجوع مر مثل أكل الملح والطرق مغطاة بالثلج ، والغربة مكتوبة على جبين النوارس لمن أكتب أنا ؟ للجزار عبد الرازق ؟ لباعة الصحف والخبز ؟ للمتعهدين البؤساء وسائقي عربات النقل والطلبة .. والخفراء ..؟ لمن ؟ ومن يهتم بنوارسي في نهاية المطاف . :: بعض من الرسائل النيهوم كان قد أرسلها في بداياته ككاتب واثناء تنقله للدراسة بين القاهرة ، ودبلن ، هلسنكي ، بادرايخن هال مع أصدقائه الكاتب خلفية الفاخري وصديقه رئيس تحرير جريدة الحقيقة رشاد الهوني والشاعر علي الفزاني ، والشاعر محمد الفيتوري وغيرهم :: رسائل النيهوم نوع من المراسلات الأدبية تكشف لنا الوجه الاخر الإنساني للكاتب رسائل مفعمة بالحنين والحزن والقلق والترقب والغربة والإندهاش مسكونة بقلق اللهفة على إيجاد الحقيقة واكتشاف العالم حتى وإن يكن وسط حوض من الأشواك
رسائل ودية تتزاحم بمشاعر الشوق والحنين للوطن وللأصحاب وتصور مرارة الوحدة و ألم الغربة. هذا الكتاب يقربنا اكثر من شخصية الصادق النيهوم بكل انفعالاته وفليسفته ونظرته للحياة وهمومه في الغربة رحمة الله عليه ورحم كل من توفي من رفاقه.
يعني مااعرف كيف اقيم الكتاب من شده ماحبيته.. لكن بحاول ااقول اني اتمنى صديق مثله يكتب لي رسائل مثلما كان يكتب ل اصدقائه تحديدا حابه كون صديقه له مثل خليفه الفخاري او محمد الفيتوري حبيت الاسلوب والكلمات حاد اوقات محب اوقات ناقم اوقات لكن اشعر بتلقائيتها هذي الكلمات في الرسائل ..حقيقه شكر كبير ل سالم الكتبي اللي جمع وقدم الرسائل ووضح التواريخ والاسماء فعلا هي اكثر من رسائل بتكون وثائق ادبيه .. من خلالها عرفت كثير من الادباء الليبين في تلك الفتره ..وتعرفت كثير ع شخصيه الصادق واحببته اكثر ..لولا كثره شتمه في الرسائل