غاصت الروائية سوزان مصطفى في أعماق أرواح و أجساد المرأة و الرجل العربيين، عبر سردها، الذي كان مكفهراً على الدوام بالحرقة و الألم المنبثقين مما تعانيه المرأة من تعامل، من قبل الرجل، ينطلق دائماً من التشييئ. و للوهلة الأولى، قد يعتقد القارئ أن هذه المقاربة بعيدة عن الواقع، إلا أن واقع الحال هو ذلك، حينما تتداخل الموروثات و التربية السيكولوجية الذكورية العربية مع العادات و التقاليد البالية، إضافة إلى الأنانية الذكورية المفرطة، لتجعل هذا جميعه أقرب ما يكون للوحة سريالية، لاسيما حينما تكون أغلب شخصيات الرواية من الشرائح "المثقفة" و المتعلمة، التي لم تكتف بتطبيق ذلك في الوطن، بل أخذت تمارسه ممارسة أكثر شراسة في بلد الاغتراب، حيث كانت تجصل علمياً. في أشرعتها، التي مزقها الذكر، رصدت سوزان مصطفى هذه الظاهرة عبر شخصيات مختلفة المنبت الديني و الطبقي و أجيال مختلفة، كما أنها نقلتنا من أمكنة أخرى كبيرة الاختلاف (سوريا، الاتحاد السوفييتي، ليبيا). و هي في أشرعتها لم تنس الهم الاجتماعي العام و نقد الفساد المستشري، إذ تتوصل إلى نتيجة تقول فيها أن المال كفيل بأن يُشرع جميع الأبواب الموصدة و تجاوز جميع القوانين. رواية، تشعر أثناء قراءتها أنك أمام كاتبة لم تغمس ريشتها حبراً لتكتب، بل كانت تغمسها من دم الأنثى العربية الطامحة للحرية و النطلاق.