لقد كانت قالة النسخ من أكبر الكوارث الفكرية التي انزلق إليها الأسلاف، وانطلت عليهم فأجازوها جميعاً حتى قالوا إنه الإجماع، وحتى إنهم استنكروا على الشافعي أن لا يقول بنسخ السنة للقرآن على أساس ما زعموه من أنهما معاً وحي، وروى عن ابن عباس أنه فسر الحكمة في قوله الله تعالى (يؤتس الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً) معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه.
وعقيدتنا التي لا تتزعزع والتي انتهينا إليها بعد البحث الدائب هي أن كل الروايات والأحاديث التي تضمنت إجازة النسخ أو وقوعاً له هي من الادعاءات المسمومة التي تدخل فيما أشار إليه القرآن الكريم عن أعداء الإسلام (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه) ولما كان النص القرآني محفوظاً في الصدور ومكتوباً في الرقاع والصحف وغيرها، فإن اللغو في القرآن الكريم ما كان ممكناً إلا عن طريق وضع أحاديث لا عداد لها، ونسبتها إلى عمر بن الخطاب، وعائشة وغيرهما من ثقات الصحابة، وراجت تلك الأحاديث لسذاجة الأفهام وخصوصاً أن المحدثين ما كانوا يسألون عن السند قبل فتنة عثمان، وتلك الروايات ظهرت في عهد الرسول نفسه، بدليل إشارة القرآن إليها، فجازت على المحدثين الذين استبعدهم السند قلباً وقالباً، وفات عليهم أن القرآن الكريم استخدم كلمة نسخ في الإثبات والكتابة كما هو في سورة الجاثية (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) وأن المعنى اللغوي يحتمل النسخ بمعنى الإثبات كما يحمله بمعنى الإزالة، ومثل هذا الدفع كان جديراً أن يجعلهم يترددون قبل أن يعملوا سكين النسخ تمزق القرآن الكريم تمزيقاً.
جمال البنا (ولد 15 ديسمبر 1920، البحيرة، وتوفي 30 يناير 2013 القاهرة) هو مفكر مصري. وهو الشقيق الأصغر لحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمون إلا أنه يختلف مع فكر هذه الجماعة.
الكتاب بينقسم لجزئين متساويين الجزء الأول هو تفنيد دعوى النسخ في القرآن وبيبدأ الجزء ده باستعراض الآيات المنسوخة وفقا لأبو عبد الله بن حزم ( 210 آية ) منسوخة وبيعرض وجهة نظر المؤيدين للنسخ وبيعرض أمثلة للنسخ ومن أهم الأدلة على النسخ من وجهة نظر مؤيديهالآية 106 من سوة البقرة والآية 101 من سورة النحل بعد كده بيبدأ يرد على مؤيدي النسخ من القرآن بشرح الآيتين المذكورتين وبيعرض وجهات نظر شيوخ زي محمد عبده وبينتقل للسنة للرد على مؤيدي النسخ بأحاديث صحيحة من السنة وبعدين بيبدأ يشرح ان مفيش تناقض بين الآيات الناسخة والمنسوخة وان المقصود التعدد في الأحكام لا النسخ من وجهة نظري ان رد جمال البنا على دعوى النسخ كان قوي وشامل لجميع جوانب الموضوع ويستحق القراءة الجزء الثاني من الكتاب عبارة عن مقالات متنوعة تتراوح جودتها بين الجيدة جدا والرديئة
الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات وردود أفعال تدور حول موضوع الكتاب ، إلا أن أكثر من نصف الكتاب لا يتحدث عن النسخ ، بل يتحدث عن قضايا فقهية أخرى مثيرة للجدل مثل هل التدخين التدخين مفسد للصيام أم لا.
يرى البنا أن بعض المتأخرين كالشاطبي كانوا يخشون من التصريح بآرائهم - حول النسخ - حين ينقلون رأي المتقدمين الذين يجعلون مفهوم النسخ أوسع وأشمل من مفهوم رفع العمل بالحكم والذي يشمل تقييد المطلق وتخصيص العام الخ الخ
من غرائب النسخ : أن آية السيف نسخت أكثر من ١٢٠ آية تدعو للصبر والحكمة وقول الحسن للناس .... وأن آية النهي عن الاستغفار للمشركين نسخت آية البر بالوالدين "وقضى ربك" ....وأن آية "فاتقوا الله ما استطعتم" نسخت آية "اتقوا الله حق تقاته".
وهناك رأي تطرف في النسخ وقال أن النبي ص لو كان حيا في عصرنا لنزلت عليه آيات تنسخ آيات القرآن لمواجهة الظروف الحالية ، وأن النسخ في هذا العصر يكون للأمة التي نص القرآن أنها وحدها مصدر السيادة ، وهو رأيه تبناه محمود اللبابيدي.
حمل المؤلف الآيات التي تحدثت عن النسخ "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها" أن معنى كلمة آية هنا هو المعجزة أو العلامة لأنها في معرض تحدي المشركين وليس معناها إيقاف حكم العمل بنص قرآني بدعوى النسخ ، وقد تبنى هذا القول محمد عبده والآلوسي ومحمد الغزالي وغيرهم.
كتاب من أمتع ما قرأت . يحتوى على شقين .. الشق الأول . يتناول المؤلف قضية الناسخ و المنسوخ فى القرأن الكريم ويفندها خير تفنيد . وأعتقد إذا قرأ أى قارىء هذا الكتاب بتجرد وموضوعية وإنصاف سوف ينتهى الى قناعة توافق وجهة نظر الكاتب .. لانه سوف يجد أن القرأن الكريم تم اللغو فيه فعلا .. وبرفض النسخ فى القرأن يصبح القرأن صاحب حرية فى الإعتقاد وتعددية فى الأحكام ..... و الشق الثانى . عدد من المقالات التى تتناول موضوعات مختلفة تدور حول محاولة إصلاح وتجديد فى الفكر الدينى . وأن الإنسان يجب أن يكون محور الإهتمام وليس فقط الدين
كتاب ممتاز عن موضوع ما يسمى النسخ ويعتقد جمال البنا بعدم وجود نسخ لا في القرآن ولا بأن الأحاديث النبوية يمكنها نسخ القرآن فالآيات القرآنية أحكامها صالحة. ولكن حسب نصوص القرآن وخاصة وفق الآيتين (ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها) و آية (وإذا بدلنا آية مكان آية) التي هي مصدر فكرة أو معتقد ما يسمى النسخ ، هل يوجد ما يمنع أن يكون ما يسمى بالنسخ (بمعنى تغيير الآية أو الحكم) قد حدث فعلا أثناء نزول القرآن على النبي على مدار ٢٣ سنة ثم انتهى النسخ واكتمل نزول القرآن وأصبح القرآن بآياته في صورته الأخيرة الحالية الصالحة لكل زمان ومكان وقوم ؟ يتضمن الكتاب أيضا مقالات جيدة في موضوعات متعددة.