من سرَّه أن يقرأ كتاباً ماتعاً لعالم معاصر .. فعليه بهذا الكتاب. الكتاب ثمرة ما زالت يانعة صدرت قبل أكثر من ثلاثين عاماً؛ يحكي فيها الدكتور محمد الطرهوني سيرة خير الخلق ﷺ وما يحيط بها بشكلٍ علمي مضبوط؛ مستبيناً في ذلك منهجه، وأدواته، وآليات ترجيحه.
لن أقول أن في الكتاب علم جمّ، فالكاتب، والكتاب لا يحتاجا لتزكيتي. ولكن سأقول أن هذا الكتاب في زمانه كان أول عملاً حقيقياً لصحيح السيرة النبوية، ثم بعد ذلك تابع العلماء مثل الدكتور أكرم ضياء العمري في السيرة النبوية الصحيحة، والدكتور مهدي رزق الله في السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، إلى اللؤلؤ المكنون للشيخ موسى بن راشد العازمي، وغيرهم لم أصل إليهم، ولم يصلوا لي.
في حواشي هذا الكتاب تجد عصير العلم الصافي، لا المصنوع، ولا المقلَّد. لا المسروق، ولا المزيَّف. ولم أرى في الكتاب نقصاً، ولا عواراً، ولا خللاً، إلا بعض الباب المتعلق ببشارات رسول الله ﷺ في الإنجيل، والتوراة. هذا الجزء تحديداً كان يحتاج إلى خبيراً، ومختصاً في هذا العلم، إلا أن الكاتب قد حمل فيه ما بين الغث والسمين، دون الإحكام، والتبيين. وإن كان حذف الباب كله من وجهة نظري أولى، وهو زائد على ما هو معروف في أبواب السيرة.
ونسئل الله أن يجعله علماً نافعاً في ميزان كاتبه، وأن يُنعم عليه بتمام مشروعه المبارك.