فى الفصل السادس من كتاب ( وجـوه الحب السبعة ) ، أول كتاب من الإصدار الجديد لسلاسل ( كتـابى ) ، حدثنا الكاتب العالمى ( أندريه موروا ) عن رواية ( مدام بوڤارى ) باعتبارها تمثل الوجه السادس من وجوه الحب السبعة ، وهو الحب الذى يوحى به ( الغجـر ) والرغبـة فى الفـرار من الواقع .. واليوم أقدم لك الجزء الأول من الترجمـة الكاملة الأمينـة لهذه الرواية الخالدة ، التى كتبت لمؤلفها ( جوستاف فلوبير ) الخلـود فى عالم الأدب ، ودفعت به إلى قمة المجد ، تقديرًا لبراعته الفائقة فى تحليل خلجات نفس الزوجـة الخائنة ( إيما بوڤارى ) زوجة الطبيب الريفى الطيب ( شارل بوڤارى ) ، التى تمردت على زوجها لترتمى فى أحضان عشيقها ، حالمة بأن يحملهـا إلى عوالم خيالية طـالما سمعت وقرأت عنها .. ولكن ..
وفى نهاية الجـزء الثـانى والأخير من الرواية ـ الذى تقرؤه فى الكتاب القادم بإذن الله ـ أقدم لك تفاصيل المحاكمة التاريخية التى تعرض لها المؤلف على إثر نشر الرواية ، فى عصر لم يكن مهيأ لتقبل هذا النموذج الفذ من نماذج الأدب ( الواقعى ) !
Gustave Flaubert was a French novelist. He has been considered the leading exponent of literary realism in his country and abroad. According to the literary theorist Kornelije Kvas, "in Flaubert, realism strives for formal perfection, so the presentation of reality tends to be neutral, emphasizing the values and importance of style as an objective method of presenting reality". He is known especially for his debut novel Madame Bovary (1857), his Correspondence, and his scrupulous devotion to his style and aesthetics. The celebrated short story writer Guy de Maupassant was a protégé of Flaubert.
البوفاريزم ..مصطلح ظهر بعد الشهرة الساحقة و الجدل العارم الذي فوجيء بهم العالم بعد صدور هذه الرواية و البوفاريزم تعني التمرد على النعم مما يفسد حياتك و حياة من حولك ريفيو للجزء الأول فقط..او الخطوات الستة لتحول الزوجة الحرة إلى عاهرة !!انا لا احرق الرواية.. فعندما نسمع اسم سي السيد او محجوب عبد الدايم..نعلم جيدا النمط المطلوب.. وهكذا اسم مدام بوفاري في الغرب لا يعني الا الزوجة المتطلعة الخائنة .عندما نقرأ هذه الرواية نفهم جيدا الفرق بين الأدب والسبوبة..الأديب عندما يستغرق بكل جوارحه فيما يكتبه. .حتى تكاد ترى الأبطال و البلدة بكل اهلها بفضل وصفه الاعجازي..
روايتنا فيها 2مدام بوفاري من نفس الخلفية..الأولى:حماتها؛ تتحمل بجلد ما لا يطيقه بشر من زوج بشع والثانية هي بطلتنا ايما بوفاري شخصية سطحية مهزوزة فصاميةتتحمس سريعا وتمل أسرع..
تصلح كدرس في علم النفس لهذا المرض المكتشف في أواخر القرن العشرين "الاضطراب ثنائي القطب" وهو مصاب به عدد من الممثلين حيث انه يميز الشخصيات الاستعراضية المنفتحة
و باطول التفاصيل الممكنة نري كيفية سقوطها التدريجي ..اولا في حب افلاطوني ثم في براثن ذئب متمرس في إيقاع مثيلاتها
هذه الرواية ليست للقارىء الملول الذي يكره التفاصيل والسرد المطول بل دعني أقول لك أنها ليست تفاصيل بل تفاصيل التفاصيل تناسب عشاق الواقعية وقراء الأدب الروسي القديم كتب فلوبير هذه الرواية على مدار خمسة أعوام يتحرى فيها الكلمة والحرف بصبر عجيب ودقة بالغة وقدرة خيالية على تصور وتصوير أدق وأصغر التفاصيل لتشعر أنك تحيا مع أبطاله قادر على رؤية تفاصيلهم بل ليس صعبا عليك أن تتخيل شكل بيوتهم وغرفهم الخاصة فتجد نفسك تقرأ ما يزيد عن أربع أو خمس صفحات تصف أدق تفاصيل شخصية ما أو حجرة أو قرية صغيرة رواية تُرجمت فيما يقرب الستمائة صفحة ومع ذلك تستطيع إختصار أحداثها في مائة صفحة ! بلا شك هناك براعة في الوصف ولكنه ممل برتم بطيء .. قاتل سرد يدعوك للنوم قرأته تصلح كعلاج للأرق حيث سيختار عقلك الباطن النوم هربا من هذا الجحيم
كان يمكن أن أتعاطف مع مدام بوڤاري إذ من الطبيعي أن تجد في قلبك مكان للتعاطف مع من وقع عليهم ظلم فتحولوا من مظلومين إلى ظالمين من السهل أن تلتمس لهم العذر حتى وإن لم تبرأهم بشكل كامل مثل ما حدث مع شبيهتها الروسية آنا كارنينا أما مع هذه الشخصية المتطلعة صاحبة الطموح الظالم والقلب الذي لا يعرف الميل إلا تجاه الخطيئة فلن تملك إلا لعنها فماذا كانت مأساة تلك السيدة الحياة الهادئة الخالية من مظاهر البذخ الزوج المحب هاديء الطباع والذي يفعل كل ما في وسعه لإرضائها الهدوء .. البساطة .. الميسور من الحال مفردات صنعت مأساة إيما بوڤاري فخلقت منها شخص ساخط لا يعرف للرضا سبيل شهواني كما الحيوان الأعجم التعاطف معه خطيئة من نوع خاص !
ربما كل رصيدي الإيجابي مع تلك الرواية الإستثنائية هو تسجيل قرأتي لها كواحدة من أهم الكلاسكيات في تاريخ الأدب
لكن بالرغم من هذا ومن الحالة النفسية السيئة التي وضعتني بها تلك الرواية بجزأها الأول والتي منعتني من البدء في الجزء الثاني لكني ممتنه للاسباب التي وضعتني وجها لوجه مع هذه الشخصية التي لن انسى أثرها على نفسي ما حييت ..
تصور أن محاضرات كلية العلوم الفظيعة أكثر إمتاعاً من هذا الملل الذي جعلني أكره اليوم الذي نويت فيه قراءة هذه الرواية..؟ لا أستطيع أن أفهم أبداً ما السر وراء شهرة هذه الرواية، وما الشئ الرهيب فيها والخارق للعادة حتي يتم ترجمتها بل ويتم محاكمة الكاتب علي كتابتها كما يقول المترجم أننا سنقرأ في الجزء الثاني- هذا أن قرأته- أعلم أن في زمنهم كان موضوع الرواية خارجاً عن المألوف والتقاليد، ولكن ها هو الجزء الأول قد انتهي وأنا أنتظر الست "إيما" حتي تخون زوجها ولم يحدث أي شئ..أي شئ علي الأطلاق! كثرة التفاصيل بالعمل لا يمكن إحتمالها بالمرة أو حتي تقبلها، فالكاتب طيلة الرواية يسهب في وصف الشوارع والريف وصهيل الخيول وخوار الأبقار وتمثال القس وملابس السيدات والرجال و و و..لو لم تكن القصة زاخرة بكل هذه التفاصيل لكان عدد صفحاتها لا يتجاوز العشرين صفحة! ليس عندي مشاكل في العادة مع وصف المنظر العام للمشهد في أي عمل ولكن الموضوع هنا زاد عن حده بطريقة منفرة، أما بالنسبة لوصف مشاعر "إيما" فلم يكن كثيراً كوصف المكان، ولم يكن مبهراً كذلك.. فهي مجرد قصة تحكي عن امرأة لا يملأ عينها إلا التراب، حضرتك متزوجة من سيادة الضاكتور وأة لو تعلمين أن الفتيات والأهالي هنا يتهافتون علي الزواج من "الضاكتور" الذي لا يعجبك! أمير وابن حلال يحبك ويقبل الثري الذي تمشي عليه أقدامك، ويوفر لكِ عيشة مرتاحة بدخل لا بأس به ومناسب لحياة لا ينقصها شئ، كما أنكِ تزوجتي بإرداتك وليس غصباً عنك..ولكن الست "إيما" تريد كل شئ وعكسه، أنها تريد الحياة بالمدينة الصاخبة والأضواء المبهرة، وفي نفس الوقت تتمني العودة للدير الذي قد سأمت الحياة منه فيما مضي! وإذا ذهبت الي المدينة ستمل منها وتريد العودة للريف فيمكنني تخيل ذلك! يا ست "إيما" أنكِ تستحقين الموت بالقباقيب كما ماتت شجرة الدر، والكاتب يستحق كل الأنتقادات في هذا العالم لأنه أوجد هذه المخلوقة الي عالم القصص والروايات، ولأنه أمضي 286 صفحة دون أن نعرف مع من ستخون "إيما" زوجها! هل مع الفيكونت الذي قابلته لمرة واحدة ورقصت معه الفالس، أما مع "ليون" الشاب الذي أحبها ولكنها تمنعت عليه حتي تركها وسافر، أم مع "رودلف" ولسانه المعسول؟ قد يكون هذا هو السبب الوحيد الذي سيدفعني الي تصفح الجزء الثاني! وأنا أقول مجرد تصفح وليس قراءة، ثم أن "إيما" مثل المراهقات تماماً في مشاعرها المتخبطة، قلبها مخرم، فما أن تقابل رجلاً حتي تنجذب له حتي حماها لم ترحمه، هي تحب كل الرجال إلا زوجها، فعلي رأي المثل، الكحكة في يد اليتيم! أري أن الرجل المناسب لهذه الملعونة هو "رودلف"، لأنه رجل فاسق ماجن ويعرف كل يوم امرأة جديدة، هي تستحق شخص سيئ يلائم شخصيتها السيئة. يوجد ببداية الكتاب مقدمة طويلة عريضة عن حياة الكاتب ودراسة تحليلية له، وبين كل الجملة والأخري يقول المترجم، كان "جوستاف فلوبير" جميلاً كآله من آلهة الأغريق! حتي دفعني الفضول لرؤية هذا الأغريقي الوسيم، وكانت الصور التي رأيتها شئ يقطع الخميرة من البيت! بين أسطر هذه القصة تشعر أن الكاتب شخصياً انسان مستفز مثل بطلة قصته، وإذا كان الأدب الفرنسي علي نفس هذه الوتيرة المملة فشكراً لقد نفذ رصيدكم مبكراً للغاية! علي أنني لربما أقرأ ل"ميشيل بوسي" بما أنه يكتب نوعي المفضل في الروايات وهو الجريمة والأثارة، وعلي هذا فأن المقدمة التي تبلغ اربعين صفحة فيها من المبالغة التي تشعرك أنك لن تستطيع إغماض عينيك للحظة أثناء القراءة، ولكن الواقع أنني ذهبت في نوم عميق لمئات المرات وأنا أقرأها. وماذا أيضاً؟ حسناً هذه الرواية قد أخذت من وقتي الكثير، حوالي الأسبوع أو الأكثر وكنت أقرأها كنوع من العقاب والتعذيب الذاتي تقريباً، وأنني لأشعر بالحسرة الشديدة علي مثل هذه الروايات عديمة القيمة ومع ذلك قد نالت نصيبها من الشهرة، بل يكفي أنها نالت نصيبها وتم نشرها أصلاً! جميع الشخصيات باردة وليس بها أي شئ مميز، حتي أن الزوج "شارل بوفاري" لم أشعر تجاهه بالشفقة..ومفردات القصة بشكل عام كان بها نوع من الأبتذال. لنري مع من ستخون الست "إيما" الضاكتور "شارل" في الجزء الثاني!
عشرة أيام امضيتها في حضرة شخصيات الرواية ، من المخجل أنني لم أقرأها منذ حصلت عليها لأنني أعلم مسبقا انها قصة امرأة خائنة ، لكن قراءة تشريح للذات كهذا الذي صنعه جوستاف ، بين تلك الأجواء العتيقة ..مختلف وندمت أنني لم أقرأها كل هذا الوقت ، فهو يغوص غوصًا في عمق إيما التي شرحها نفسيّا بشكل عبقري ، أراد أن يقول أننا نحن النساء هيستيريات ، فعلى مدار كل ما سرده وحكاه عنها أعتقد أننا كنساء ننتج البوڤاريزم في أشد مراحل ترنحنا العاطفي ولا نقوى على مواجهة ما نتج عنه من تهور ، تلك الرواية التي منعت من النشر لفترة احتجاجا على انتحار ايما ، أثارت بداخلي شجونًا تشترك فيها كل النساء، الكثيرات تحت العاطفة الجامحة فقدت عملها او بيتها او ابنائها ، الكثيرات يبنين قصور وهم ويصدقت ، واليوم تساعد المسلسلات التركية ومثيلاتها في صناعة رجال وهميين يتصدرون المشاهد باعتبارهم ايقونات الرومانسية ، ملايين البوڤاريات يصدقن هذا الوهم ويسقطن فيه ، الآلاف منهن لا يقنعن بشركاء الحياة المملين فيسقطن ، أو منهن من تقاوم ومنهن من تسقط ، ليس بالضرورة السقوط في خيانة لكن تبعات السقوط في اي شيء يخذل يسبب كره الذات الذي ينتج عنه الرغبة في الموت، نهايتها منطقية وطبيعية وغير مبالغ فيها ابدًا كما سمعت
كان ينقصها العقل ، هذا كل ما في الأمر ولو أنها عاشت متعقلة بعض الوقت لاستطاعت اصلاح ما فسد ، لكن روحها كانت مرهفة لم تستطع تحمل الألم، عبثت إيما بالحياة وبالموت أيضًا ، أي وهم هذا الذي نبني عليه كل هذا ليفعل بها ما فعل ؟
لست من هواة قراءة الروايات العاطفية،وقد أنتهت أخر محاولتين لي(الحب في زمن الكوليرا و كائن لا تحتمل خفت��)بالتوقف عن القراءة في منتصف الرواية رغم أعجابي فعلاً بالروايتين،الأمر فقط أني أشعر بالعجز عن الأندماج في حالة شعورية رفيعة أنا غير مهتم بها في الواقع حالياً،الأمر أنقلب تماماً مع مدام بوفاري!!
سأعترف:فولبير ساحر و تصنيف روايته ضمن الكتب ال50الأعظم في تاريخ يبدو الأن مبرراً بالنسبة لي،فأنا-على عجزي عن الأندماج في القصص العاطفية-أجدني الأن شديد الأندماج و التفاعل مع الرواية العبقرية بدرجة لم أعهدها في نفسي من شهور،يكفي أن أذكر أنني بالأمس ضبط نفسي مهموماً بينما كنت أقرأ الرواية و ظننت أن الأمر حالة عارضة لكني تنبهت إلى أن الرواية هي السبب!!أعلم أن الكلام يبدو سخيفاً لكنها الحقيقة،بأستطاعة تلك الرواية أن تبث فيك مشاعر الهم و الترقب و الفرحة و الغضب و التقزز في براعة بلغت الحد أنك لا تدرك ذلك ألا عرضاً.
أستكمل الأن الجزء الثاني و كلي ثقة في قدرة فولبير على أبهاري بالمزيد...مع التغاضي عن بعض الأخطاء السردية البسيطة-ولكن غير المقبولة-ولا سيما في الحوار الذي دار في المعرض الزراعي.
يقدم تحليل نفسي رائع لحالة النزاع في إلانا الداخلية و العليا لشخصية مدام بوفاري و نزوعها نحو اخفاء ما تريدة وحالة المجتمع الذي يكبت رغبتها الحقيقة فوق شخصية تحاول ان تخفيها لارضاء المجتمع وثم تنطلق و تطلق العنان لنفسها لتلقي مصيرها الذي أظن لم تتوقعه
لم يعجبني هذا الجزء، مئتا صفحة هكذا في الهباء لا معنى لأكثرها. الرواية تسير ببطء شديد، وتندّ منها استطرادات لا داعي لها في الوصف للطبيعة والأشخاص والمشاهد.
مادام بوفاري رائعة غوستاف فلوبير التي حولت في 2014 الى فيلم سينمائي رائع الرواية تحكي قصة شابة من الريف تزوجت طبيبا شارل بوفاري لتبدأ بعد دلك في رحلتها كحبيبة و زوجة خائنة تطلق العنان لنفسها و تغرق في الانا الاعلى المتمتل في عقدة الانفاق و التسلق الطبقي الغير السليم لتغرق نفسها في دوامة من الديون و الاحباط النفسي بعد هجران الاحبة لتنتهي قصتها بالانتحار اتسمت الرواية لغويا بداسمتها الادبية و تفاصيلها الرائعة حيت يخوض الكاتب في التفاصيل التي تجعلك تغوص في عمق الكتاب بشكل فني رائع فيصف المناظر الطبيعية كرسام متمرس بسريالية و تعبيرية جميلة او يخوض نقاشا دينيا كفولتير او روسو حيت ارخت الرواية لفلسفة الانوار او ما بعد فلسفة الانوار و تبنت مبادئها و يتمتل ذلك في شخصية الصيدلي او نقيضه رجل الدين الرواية تؤرخ لفرنسا القرن 19 فرنسا ما قبل التورة الصناعية و ما ساحبها من طبائع و افكار.
طموح من طبيب ريفي ليتزوج جميلة وطموح من الجميلة بمايفوق قدرة زوجها صراع بشري كُتب بسلاسة وحرفية تعاطفت معها أشفقت عليه وازعجني غباءه رواية لنهاية الإسبوع
لويز كوليه أو مدام بوفاري كان فلوبير رجلا يقدس فنه ويعيش من أجله ، ولا يعتقد ان في العالم فتنة بالغة ما بلغت من الروعة يمكن ان تصرفه عن هذا الفن ، يحب العزلة والتأمل في كل ما يحيط به وتقع عليه عيناه ، يقضي سحابه يومه في داره يقرأ ويكتب ، كان يؤمن ايمانا راسخا بأن الانسان ، كل الانسان لا يستطيع ان يعيش طويلا جميلا بدون تجديد وممارسة وتجربة ، ويعتقد ان خيال الفنان هو كل شئ ، وان الحياة بأسرها قد جمعت في خياله المتقد ، وأن الطبيعة قد حشدت في ذهنه الخارق من الاشكال والالوان والظلال مايغنيه عن المرأة وعن التطلع الى أي حافز عاطفي ، كانت نظرته الى المرأة مثل صديقه " بلزاك " ولا يفتأ يردد مثله " إن أجمل بدن لأجمل امرأة لايساوي سطرا واحدا يخطه قلمي " ، وكان سعيدا بهذه القناعة منسجما معها ومع نفسه لا يسعى الى اي نعيم ولا ينزع الى اي ترف مادي ، ولا يطلب من الدنيا اكثر من حياة متواضعة يستطيع ان يستخدمها خياله لابداع روائع الاعمال التي يزخر بها عقله ، ولطالما نصحه اصدقاؤه بالزواج ولكنه كان يكره ان تسلب منه المرأة ولو جزءا من وقته ، وان تهبط به فتعكر مجرى حياته وتفسد جمال وحدتها وتملؤها صخبا وضجة وعبثا ، كان فلوبير رجلا قوي البنية مديد القامة مفتول العضل جم الحيوية ، يحس من نفسه في احيان كثيرة رغبة عنيفة في المرأة ، فيتألم في صب ويجاهد في صمت ويلجأ الى " البرومور " يقر به الهدوء في حواسه واعصابه. ويشاء القدر ان يحب هذا الرجل حبا مبرحا لم يكن في حسبانه ، كان يتردد بين الحين والحين على مرسم "برادييه " وهناك لقى في احد الايام فيكتور هوجو وتعرف على احدى السيدات المتأدبات المعروفات في ذلك تاعصر السيدة " لويز كوليه " مديدة القامة مثله عريضة الكتفين ناهدة الصدر ممتلئة حيوية وجمالا وحياة ، كانت أديبة وكانت تعجب بأعماله تفهمها وتناقشه فيها ، وكانت الى ذلك ملكة من ملكات الصالونات ، ذات سحر أنثوي خلاب مقرون بموهبة شعرية نامية ، فأحبها فلوبير وخيل اليه انها الالهام والوحي ، وفكران يتخذها زوجة له. وكانت تكتب رسائل شائقة اليه ، يقرأها وصراع يشتعل في اعماقه بين حبه لفنه واخلاصه له ، ووبين حبه تلك المرأة وهيامه بها ، وخوفه الشديد من ان يطغى عليه حبها فيبدل حياته ويخرجه من هدأة العزلة والتأمل والتفكير ، ومع ذلك نسى كل شئ من اجل " لويز كوليه " ، خرج من محبسه وشرع يقتفي خطواتها ويغشى الصالونات ليراها ، تبرم بكتابة القص ومضى يكتب لحبيبته رسائل الغرام ، نمت العلاقة بينهما وتوثقت واتقد الحب في صدر فلوبير واستيقظ شيطانه النائم ، الشيطان الجاثم في قلب كل عاشق مفتون ، شيطان القلق والتوجس والشك والغيرة ، فكان يغار عليها من اقاربها ، اصدقائها ، من رهط الادباء والفنانين المعجبين بها ، بل ذهب في غيرته المخبولة الجامحة ان حرم عليها الاتصال بطائفة معينة من الاصحاب وحرم عليها الخروج من بيتها الا باذنه وحرم عليها ارتداء الفساتين الصارخة الالوان والظهور بأثواب تكشف عن الصدر والذراعين وتغري بها الرجال ، روعت " لويز كوليه " وضاقت ذرعا بغيرته ولم يعد بمقدورها ان تحتمل وتصبر ، فابتعدت عنه اياما ثم ارسلت اليه بخطاب طويل عبارة عن مجموعة رسائل متصلة افرغت فيها كل ما يجيش بصدرها من غضب ورفض وامتعاض بل ونفور ، قالت : لماذا تغار علي بهذا بهذا العنف ؟ أمجنون أنت يارجل ؟ أتظن ان في وسعك ان تحرمني من التمتع برؤية الناس والاتصال بهم والتحدث اليهم ؟ كيف يمكن ان توفق بين افكارك السامية ومبادئك الحرة وبين هذه الغيرة الطائشة التي تلاحقني بها وتحاول ان توقعها علي كحكم الاعدام ؟ .... رسالة في توبيخه وتقريعه .. ثم قالت له : أنا لا افهم الحب على هذه الصورة ، الحرية عندي فوق الحب والكبرياء فوق السعادة واحترام النفس وتقديس الشخصية فوق كل متعة وكل نعيم .... رسالة في فهمها للحب ثم راحت تنصحه وتتوعده قالت : ثب الى رشدك واهدأ ، اكبح جماح غيرتك وفكر ، كن ماشئت ولكن لا تتهور ، اما ان تخنق غيرتك واما ان تركني ... رسالة أخرى نصح وارشاد وتهديد ووعيد. انخلع قلب فلوبير بعد ان طالع خطابها الطويل الذي تتضمن رسائلها التي نزلت على قلبه كباقة من اللكمات ، أخذها برفق ووضعها الى جواره كمن يأخذ السوط من يد جلاده حتى يستريح قليلا بعد ان اشبعه صفعا وركلا وضربا ولطما هاله ان يفقد المرأة ، كما هاله ان يظل فريسة لمتعة الحب والغيرة ، لمتعة الفرح والألم ، لمتعة النعيم الذي يعقبه جحيم مقيم ، فالتمس الى المرأة أن تصفح عنه واستسلم لها مكرها ، بل نزل على حكمها صاغرا وكف عن غيرته ووثق فيها وآمن بصدق اخلاصها ووفائها ، وعندئذ تبدلت المرأة نفسها !!! لم تكد تشعر ان الرجل قد استلان لها ، ومكنها من قلبه ومشاعره حتى ارتدت اليها غريزتها النسوية الغاشمة ، أصبحت هي التي تغار في عنف على حبيبها ، وهي التي تضيق عليه الخناق ، وهي التي تحرم عليه استقبال أي امرأة في بيته ، وهي التي تنتشي خيلاء وعجبا كلما احست بسلطانها واستوثقت من تأثيره العميق ، اسرفت في السيطرة على الرجل كي تبقيه لها وحدها وتحتفظ ابدا به وتجعل منه متاعها ، وهنا استفاق فلوبير بغتة وحدق الى المرأة وارتعد أبصرها مخلوقا نصفه ملك ونصفه وحش ، وابصر نفسه انسانا مستعبدا ، مسلوب الكرامة والحرية ضائعا شريدا متخبطا ، موزعا بين الكسل والهوى ، بين النشوة والهمود ، بين الشهوة والاشمئزاز ، بين المتعة والعدم ، ثم تلفت حوله وارتمى على مكتبه وجعل يقلب في اوراقه ، فتبن له ان كل ما كتبه في تلك الفترة كان غثا ، وما اعتقد انه طريف كان شائعا ، فثارت ثائرته ، خشى ان تصيبه المرأة بعقم مروع في ملكاته ومواهبه ، لم يحتمل ، عزت عليه نفسه ، كبر عليه ان تخنق هذه الانثى الدخيلة المستبدة عبقريته ، فاستجمع قواه وصد عنها ، تذرع بشتى الوسائل وفر منها ، ثم أغلق بابه في وجهها آخر الامر وأبى ان يستقبلها ، فاستهولت قسوته وجفاءه ، واحنقها منه ان يطعنها في صميم كبريائها وأنوثتها ، وان تغدو هي المهزومة بعد ان كانت هي الظافرة ، فراحت تغتابه في المحافل العامة وتعرض به ، وتسخر من اعماله الادبية وتأمل – ولذة الحقد والانتقام تنهشها – ان يضعف الرجل وتفتر عزيمته ويرتد من تلقاء نفسه اليها بيد ان فلوبير ظل في ثباته راسخ العزم قويا ، تنفس الصعداء وعادت اليه روحه وعاد هو الى عزلته وتأملاته ، تناول جرعة من " البرومور " وشرع يكتب وهو يردد عبارته المشهورة " الانسان لاشئ ... العمل الفني هو كل شئ تجربة لويز كوليه التي تعرف عليها فلوبير سنة 1846 واستمرت حتى 1854 كانت هي التجربة العاطفية الوحيدة التي عاشها الرجل ، هل كانت لويز كوليه هي بطلة روايته مدام بوفاري ، ربما ، لكن فلوبير يقول " مدام بوفاري هي أنا "
"مدام بوفارى" هى تلك القصة المأساوية لحياة كل نفس خاطئة مثلها مثل ملحمة "جيته" الشهيرة "فاوست" مع فارق هام هو أن بطل "جيته" تقوده غريزته فى النهاية إلى الطريق الصائب ، بينما بطلة "فلوبير" تقودها غريزتها إلى الطريق الخاطىء ، رغم تخبط الأول فى حياته ، وتدبر الثانية لأمر مستقبلها .. وما ذلك الطريق الخاطىء غير طريق الخطيئة والهلاك الذى يبدأ من مجرد شعور بسيط بالضجر ، والملحوظ فى الرواية أن جميع شخوصها غلبت عليهم الوضاعة والنذالة والسوقية والتفاهة الممزوجة بالغباء ، وهنا يظهر الانعكاس المباشر لنفسية الكاتب التى أثرت عليه ودفعت به إلى الخلود فى عالم الأدب وقمة المجد تقديرا لبراعته الفائقة فى تحليل خلجات نفس الزوجة الخائنة "إيما بوفارى " زوجة الطبيب الريفى الطيب "شارل بوفارى" التى تمردت على زوجها لترتمى فى أحضان عشيقها حالمة بأن يحملها إلى عوالم خيالية طالما سمعت عنها ولكن ينتهى الأمر بمأساه .. تعرض الكاتب إثر نشر الرواية لمحاكمة تاريخية بتهمة خدش الآداب العامة والمساس بالدين فى عصر لم يكن مهيأ لتقبل الأدب الواقعى وانتهت المحاكمة بتبرأته وتسجيل احترامه للمعايير الأخلاقية والدينية وبذلك أسدل الستار على ذلك الاتهام ورد اعتبار المؤلف.
ترجمة حلمي مراد الرائعة. الجزء دا كأنه تمهيد لسا محصلش حاجة. عجبني أوي الوصف و السرد و ان كنت كقارئ معاصر بميل للقفز من بعض التفاصيل التي لن افهمها والتي لن تخدم الأحداث أو العمل و تجعله طويلا بلا فائدة و لكن في زمن تلك الرواية و قبل الإنترنت أظن الناس كانو أكثر صبرا لقراءة التفاصيل المسهبة و الوصف المفصل فلا عيب للكاتب هنا. أنقصت نجمة لأن العمل مقتبس من فصة واقعية حدثت و جل ما فعله هو تغيير الأسماء مع إضافة سرد عبقري لنفسية السيدة. أنوه علي امتناني للأسلام والذي قدم لنا دستورا كاملا عن الصبر و ضبط النفس و مغالبة الهوي و إلا وقعنا فريسة للبؤس الأبدي ذلك البؤس الذي لا تمحيه عاطفة ولا مغامرة بل ما يدوم هو الإيمان و الصبر و التيقن ان لا شئ كامل و حمد الله علي النعمة التي بأيدينا ففي السعي الحثيث وراء الكمال نخسر الكثير لأنه ببساطة لا شئ كامل و لأننا جل ما نستطيعه هو جعل المعاناة أقل وطأة و أكثر قابلية للإحتمال.
الجزء الاول من رواية مدام بوفارى فى هذا الجزء يوضح الكاتب تأثير الاحلام الزائدة وعدم التكيف مع الواقع على حياة ايما او مدام بوفارى من وهى فتاة وحتى بعد زواجها وكيف انها كانت دائما ما تبحث عن ما يبعث فى حياتها التوهج ويطرد الملل وظنت ان الزواج سيساعدها على ذلك الا انها فوجئت ان الزواج ليس فقط مجرد انتقال من بيت الى بيت اخر ولكن مع مزيد من الواجبات والكثير من الواقعيه التى كانت بعيدة كل البعد عن احلامها القصة تعتبر نفسية اكثر منها رومانسية ولكن يعيبها من وجهة نظرى الاسهاب فى تفاصيل ليس لها اى تأثير فى الاحداث .. هذا رأيي فى الجزء الاول .. اتمنى ان يكون الجزء الثانى اقل اسهابا فى تلك التفاصيل واسرع فى الايقاع
لست أدري كيف استطعت إنهاء الجزء الأول من هذه الرواية ولكن لقد فعلتها! اذهلتني سذاجة الطبيب جدا هو لم يبرع إلا في الطب فقط وهذا أسوأ ما في الحياة إن يتعلم الإنسان جانب واحد من الحياة ويبرع فيه ويعمل باقي جوانب الحياة التي لن ترحم كل من هو ساذج ومغفل وليس لديه الخبرة ليتعامل معها.
قعدت شهر تقريبا بقرأها.. وجبة دسمة من المشاعر الإنسانية المعقدة الموصوفة حلو جدا :) غير المبالغة في وصف تفاصيل الأماكن ف القصة جميلة جدا وكل كلمة في مكانها لدرجة إني لو ما أعرفش إن الكاتب قعد سنين يكتب فيها ف الأسلوب هيقول كل حاجة.. الترجمة لطيفة جدا وأتمنى أوثق قراءتها لنفسي ومخي يسعفني وأكتب ريفيو حلو بعد الجزء الثاني.