إذا كنت ممن يشكّكون في إمكانية وجود أو حدوث حب رقمي، فما عليك إلا المبادرة لمطالعة رواية الكاتب الأردني جلال برجس، التي تدثرت بعنوان شعري لافت هو (مقصلة الحالم) وطالت حتى بلغت 368 صفحة من القطع المتوسط، إلى الحد الذي يمكننا أن نعدّها معه، تأملاً مطوّلاً في مدى واقعية هذا الضرب من الحب الذي يتخلّق عبر ذلك السيال من الشحنات الألكترونية الصانعة لما تم الاصطلاح على تسميته (الواقع الافتراضي الموازي)، بل هو تأمل سردي يتجاوز حد إثبات مدى واقعية هذا الحب، إلى ما هو أبعد من ذلك، أعني الحفر في الفجيعة المضاعفة التي يمكن أن يتمخّض عنها هذا الحب العاصف الجامح.
ومع أن جلال برجس ليس الكاتب الأردني أو العربي الأول الذي يتصدّى لمدى حضور وتأثير ومأساوية الواقع الافتراضي في حياتنا اليومية –فقد سبقه إلى ذلك العديد من الكتاب الذين استحضروا العالم الألكتروني والمراسلات الألكترونية والعلاقات الألكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي بوصفها شكلاً من أشكال التعبير الروائي الجديد- إلا أنه يتفرّد بتشريح وتفتيت مضمون المقدّمات والأعراض والنتائج، فيما اكتفى الآخرون بالاستحضار الشكلاني الذي يتراوح بين الاستجابة لداعي المواكبة أو التجريب أو الزركشة الأسلوبية التي عمّقت في وجدان المتلقي تحصيل الحاصل، بوصفه نتيجة حتمية لا تحتاج إلى تفسير أو تحليل.
في "مقصلة الحالم" ثمة سبر عمودي، لماهية هذه العاطفة المشبوبة التي تتخلّق تدريجيًا في "سرير اللغة" بوصفه حاضنة تعمل بطاقة إيحائية مضاعفة؛ فيكتسب وقع كلمة "أحبك" مثلاً أضعاف أضعاف الشحنة الشعورية التي تتخلّق على أرض الواقع، وتنتج الكلمات مستوى محمومًا من العلاقات والسياقات الذهنية والشعورية فوق الواقعية، جرّاء تحالف الحرمان من جهة، والخيال من جهة ثانية، ووهم الحرية التامة في التحكّم بالشروط المثالية لتطوير وانضاج العلاقة، رغم أية تناقضات في المواصفات المادية التي يمكن أن تتكفّل بالتباعد على صعيد الزمان والمكان والإنسان.
ووفقًا للتجربة الاستثنائية التي يتجلّى جلال برجس في سردها عبر "مقصلة الحالم"، فإن الحب الرقمي واقع جارح لا يمكن التشكيك في إمكانية حدوثه أو وجوده، بدءًا من تلك المشاعر العذرية التي يمكن أن تجتاح العاشق الحالم المأزوم، مرورًا بتلك المشاغبات والمناكفات الجريئة التي يمكن أن تضعه على أعتاب علاقة غرامية صاخبة، وصولاً إلى تلك التجارب الجنسية الجامحة التي يمكن أن تشبع توقه الشديد إلى امتياح كل ما لم يتمكّن من امتياحه على أرض الواقع.
إن هذا الضرب من الحب الرقمي، سرعان ما يتحوّل إلى شكل ضار من أشكال الحاجة اليومية التي تتواطأ على تضخيمها وترسيخها ملكات العقل والنفس والجسد، وتتشارك في تجسيدها أصابع اليد واختلاجات العين وتوترات الأذن التي اعتادت على ذلك الإيقاع الناتج عن نقر أزرار لوحة الحاسوب. وباختصار شديد فهو شكل من أشكال الحاجة التي تصبح عادة تفضي إلى إدمان على التواصل مع إنسان محدّد. ولا بد من إشباعها على الدوام عبر جرعة كافية من المؤثّرات العصبية المضاعفة، والتي يتكفّل بانتاجها ذلك السيال المتدفق غير المرئي من الشحنات الألكترونية.
ما قبل الفيسبوك!
الاستلقاء في سرير اللغة، يمثل الحلقة الأحدث في حياة المناضل التقدمي المخدوع (خالد)؛ المناضل البدوي القادم من ريف مأدبا، والذي نجح في ردم الهوة الفاصلة بين البداوة والحداثة، عبر تثقيف نفسه أدبيًا وفكريًا وسياسيًا، وعبر الانخراط في كتابة الشعر والنضال ضمن صفوف الحزب الذي يرفع شعار الحرية والعدالة والتحرّر، فضلاً عن الاندماج في الحياة الجامعية الحافلة بالاكتشافات والاندهاشات والصدمات والنقاشات الأولى، إلى الحد الذي ينسى معه القدرة على تفهم مشاعر رفيقته التي أحبته عن بعد، على وقع مناقشاته وكتاباته، فما كان منها إلا أنها وشت به، فاعتقل بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، ودفع تكفيرًا عن هذه التهمة عشرين عامًا قضاها في سجن صحراوي. وحينما يغادر السجن ويعود لقريته، يعاني الأمرّين بسبب عدم قدرته على الاندماج أو التعايش مع إيقاع الحياة الجديدة الذي اقتلع كل ثوابت حياته السابقة، فراح يغرق في سجن جديد بلا قضبان، عنوانه الوحدة والحزن والإحباط وعدم القدرة على احتمال أعباء الحرية التي تحوّلت إلى هم ثقيل جدًا.
ما بعد الفيسبوك!
وهنا، يظهر الرفيق والصديق (ردّاد) الذي يبادر لتأمين خالد بوظيفة مريحة، ويهديه سيارة وهاتفًا يدويًا وحاسوبًا محمولاً، ناقلاً إياه من حقبة السبعينات إلى حقبة التسعينات ومستهل الألفية الثالثة، فيبادر خالد إلى تقبل هذه العطايا بأقل قدر من الممانعة، رغم كل ما يخامره من الارتياب بشأن مصدرها أو الهدف المرجو من تزويده بها، وسرعان ما ينهمك في هذا العالم الجديد الذي حملته إليه شاشة الحاسوب المحمول، وينخرط في علاقة افتراضية جامحة مع امرأة تقطن خلف المحيط، تفضي بهما إلى الالتقاء على أرض الواقع، فيلتقيان في عمان وفي مأدبا، ويتطارحان الغرام في منزلها، ثم فجأة تتراخى العلاقة بينهما وتتوتر وتختتم بلقاء غرامي صاخب، ليبدأ خالد رحلة عذاب جديدة في ظل اختفاء (سعاد) من شاشة الحاسوب وعدم استجابتها لكل محاولاته للتواصل معها، ما يدفع به إلى اللجوء لأحد الكهوف في جبل نيبو في مأدبا، فيقضي فيه ليلة ليلاء، تتكفّل بالإجابة عن كثير من أسئلة القرّاء، وأبرزها طبعًا: من هي سعاد؟ ليتبيّن لنا أن سعاد ما هي إلا رفيقته التي أحبته عن بعد وصدّها صدًّا عنيفًا دون أن يراها، فانتقمت منه بأن وشت به وألقت به في غياهب السجن، ثم قررت أن تكفّر عن ذنبها بأن تمنحه حبها وجسدها مجدّدًا، لكنها لم تفعل -في الواقع- أكثر من أنها ألقت به مجدّدًا إلى الضياع الأبدي.
التعاطف مع الجلاّد
رغم التداخل الشديد بين ما يعرف نفسيًا بـ(الانعكاس الشرطي) و(عقلية الضحية) و(تعاطف الضحيّة مع الجلاّد)، ورغم أن السارد لا ينفك يلح على (عقلية الضحية) تبريرًا لحنينه الجارف وتوقه الشديد إلى استعادة تجربة السجن وذكرياته، إلا أن التشخيص الأدق لما يحدث في (مقصلة الحالم) يتمحور حول تعاطف الضحيّة مع...
جلال برجس شاعر وكاتب أردني، حائز على جائزة البوكر العربية2021 عن روايته (دفاتر الوراق) وجائزة كتارا للرواية العربية 2015 عن روايته أفاعي النار/ حكاية العاشق علي بن محمود القصاد، وجائزة رفقة دودين للإبداع 2014، عن رواية (مقصلة الحالم، و جائزة روكس بن زائد العزيزي 2012 عن المجموعة القصصية الزلزال. وصلت روايته سيدات الحواس الخمس للقائمة الطويلة في البوكر 2019 تخرج من مدارس محافظة مادبا ثم درس هندسة الطيران الحربي وعمل في سلاح الجو الملكي الأردني حتى عام 2007، انتقل بعدها للعمل في الصحافة الأردنية كمحرر في صحيفة الأنباط، ومن ثم مراسلاً لصحيفة الدستور. وعضو هيئة تحرير عدد من المجلات الثقافية. عمل في أكثر من شركة للطيران المدني إلى أن عُيِّن في المركز الأردني للتصميم والتطوير.
بدأ بنشر نتاجه الأدبي في أواخر التسعينات في الدوريات والملاحق الثقافية الأردنية والعربية. إضافة إلى عضويته في الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين، والهيئة العامة في اتحاد الكتاب العرب، واتحاد كتاب الإنترنت، وحركة شعراء العالم فهو يشغل موقع رئيس مختبر السرديات الأردني، ورئيس تحرير مجلة صوت الجيل، وأميناً سابقاً لسر رابطة الكتاب الأردنيين فرع مادبا، ورئيساً سابقاً لعدد من الملتقيات الأدبية، مثل ملتقى مادبا الثقافي، وملتقى أطفال مادبا الثقافي، اللذين أسسهما بمعية عدد من الأدباء والناشطين في العمل الثقافي، وترأس هيئتيهما لدورتين متتاليتين.
عمل مدير تحرير لعدد من المجلات الثقافية مثل مجلة مادبا، ومجلة الرواد. إضافة إلى ترأسه هيئة تحرير مجلة أمكنة الأردنية التي تهتم بأدبيات المكان، قبل توقف صدورها. يعد ويقدم برنامجًا إذاعيًا بعنوان (بيت الرواية) عبر أثير إذاعة مجمع اللغة العربية الأردني. كتب الشعر، والقصة، والمقالات النقدية والأدبية، ونصوص المكان، والرواية. اهتم بالمكان الذي تطرق له عبر عين ثالثة تجاوزت التاريخ، والجغرافيا لصالح القيمة الجمالية عبر رؤية شعرية لما وراء المكان؛ إذ نشر كتابه (رذاذ على زجاج الذاكرة/حكايات مكانية) قبل أن يصدر، في ملحق الدستور الثقافي في حلقات متتابعة. كما أصدر في هذا المجال بالتعاون مع رواق البلقاء كتابه الذي ترجم لسبع لغات (شبابيك مادبا تحرس القدس) عبر تداخل ما بين عدد من اللوحات الفنية لفنانين أردنيين وعرباً.
الجوائز جائزة كتارا للرواية العربية 2015، عن رواية (أفاعي النار/حكاية العاشق علي بن محمود القصاد) القائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية 2019 (البوكر)، عن رواية سيدات الحواس الخمس جائزة رفقة دودين للإبداع السردي 2014، عن رواية «مقصلة الحالم» جائزة روكس بن زائد العزيزي للإبداع 2012، عن مجموعته القصصية «الزلزال» الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) 2021 عن رواية «دفاتر الوراق» الترجمة الرواية
أفاعي النار: اللغة الفرنسية، اللغة الإنجليزية.
دفاتر الوراق: اللغة الإنجليزية. دار النشر: Interlink. المترجم: paul starkey 2) اللغة: الفارسية. دار النشر/ مرواريد. المترجم: كريم أسدي أصل. اللغة الأردية الهندية. المترجم راشد حسن.
الإصدارات الشعر
كأي غصن على شجر 2008. قمر بلا مَنازل 2011 أدب المكان
رذاذ على زجاج الذاكرة 2011 شبابيك تحرس القدس 2012 القصة
الزلزال 2012 الرواية
مقصلة الحالم أفاعي النار سيدات الحواس الخمس دفاتر الوراق بحوث حول الروايات رسالة ماجستير بعنوان: جماليات المكان في تجربة جلال برجس الروائية. وائل الزغايبة. جامعة فيلادفيا.الأردن 2020م رسالة ماجستير بعنوان (الأنا والآخر في “رواية سيدات الحواس الخمس” للروائي جلال برجس). حسين أبو حجيلة. جامعة فيلادلفيا. الأردن.2020م. (بحث محكم) لميادة الصعيدي بعنوان (ذاكرة المكان في السرد المعاصر مقصلة الحالم لجلال برجس أنموذجا) مجلة التحبير الجزائر (بحث محكم) للدكتورة درية فرحات بعنوان (أشكال السرد في رواية سيدات الحواس الخمس) مجلة المنافذ الثقافية أنماط المكان في رواية «سيدات الحواس الخمس» لجلال برجس دراسة تحليلية/ جامعة آل البيت
مقصلة الحالم، رواية رائعة وشيقة لها مزاج من طراز رفيع، يختلط فيها الواقعي بالسحري، الألم بالفرح، الحب بالإنكسارات. هي رواية بعد أن قرأتها أدركت كم أن للحب معنى شاسعاً يمكنه أن يجعلنا سعداء في انسانيتنا الشقية
قرأت الرواية وأعجبتني جدا. أرى أنها رواية جمعت أكثر من عنصر. ففيها لغة رائعة جداً، وفيها يظهر المكان بلغة رشيقة. وفيها الفانتازيا التي أحبها جداً. وفيها رؤية جديدة للحب وعنه. رواية جميلة ومتعبة فهي تتنقل بك من عالم إلى عالم، إلى أن تصل إلى النهاية الصادمة, سعيد بأني تعرفت على هذا الروائي خلا أول رواية أقرأها له.
استطاع جلال برجس في روايته الرائعة (مقصلة الحالم) أن يتمثل دور الشخصيات بمهارة فائقة بحيث أن مستوى الإقناع كان مرتفعاً جداً مما أدى إلى تناغم القارىء مع العمل الروائي وتفاعله معه بصورة قصوى. الحب في هذه الرواية ليس كأي حب، بل إنه حالة جسدها جلال برجس بمهارته التي عهدناها
قرأت "مقصلة الحالم" التي وصلتني قبل شهر، وأعجز الآن أن أفي هذه الرواية حقها. هي رواية رائعة بكل المقاييس من حيث لغتها وحكايتها وقدرة الكاتب الرائع جلال برجس على الابتكار. هذا الروائي جميل جداً. الرواية تتحدث عن علاقة رجل كان في السجن السياسي لعشرين سنة، عرف امرأة هي الأخرى كانت سجينة ولكن سجينة وراء قضبان رجل متسلط وذكوري. الرواية فيها مفهوم مختلف عن الحب أنصحكم بقرائتها فهذا الروائي الجميل يستحق العالمية لأنه مخلص لما يكنب
أهم ما يميز الروايات الجميلة أنك منذ دوخلك لعالمها ابتداءً من الصفحات الأولى تصبح أسير دهشتها، فلا تتواني عن متابعة الصفحة بالصفحة، ليس فقط لعنصر التشويق المبهر، ولا لفرادة الحكاية، ولا للغتها الجميلة المحلقة، بل بالإضافة لما سبق، تصبح أسير مشاعر سرية غامضة لايمنحها سوى روائي متميز مثل جلال برجس الذي أندم أنني لم أقرأ له من قبل، وهانا أبحث هذه الأيام عن كتبه السابقة. منحتني رواية مقصلة الحالم مشاعر جميلة، وثقة كنت أنشدها، فخالد بطل الرواية حقاً إنسان حالم، جسد مامعنى أن تحب في زمن أصبح فيه الحب عملة نادرة، والحب في هذه الرواية ليس حباً مبتذلاً، إنما يتمتع بمرتبة عالية لايصلها إلا عاشق صادق. جلال برجس، شكراً لمدينة مادبا التي شهدت ولادتك.
اقتباسات جميلة خرجت بها من هذه الرواية.. اللغة عذبة والاحساس مرهف لدى الكاتب وصياغة الجمل بمنتهى الجمال.. ما ازعجني في الرواية هو الأفراط في أستخدام المفرادات الجنسية وجعل من الجنس محور الحياة داخل السجن وخارجها.. وشعرت بالملل من كثرة الرجوع الى الماضي ثم سرد الحاضر وكذلك تكرار بعض الجُمل والمواقف بدا سخيفاً جداً.. اُقدر موهبة الكاتب الادبية ولكن المهم عندي هو محتوى الرواية وهو ماعجز عن توصيله إلي.. ولا يغرنك التقييم الكبير المبالغ فيه الذي حصلت عليه الرواية.. فأنظر الى عدد الذين قيموا الرواية ب 5 نجوم وهم على الاغلب مستخدمون أفتراضيون لا يوجد في رفوفهم غير هذا الكتاب والتقييم هو 5 نجوم !!! ازعجني ذلك الخداع كثيراً..
تمتاز الرواية بجمال اللغة والمفردات التي أستخدمت فيها والتي أقرب ما تكون إلى المفردات الشعرية، راق لي ذكر أماكن محددة في الأردن مثل مادبا، وكذلك وصف للتغير الذي حدث في الأردن خلال الفترة الزمنية التي امتدت عبر الرواية، كما أنها الرواية الأولى التي (قرأتها) وقد أدخلت العالم الافتراضي وتقنياته كلاعب أساسي حتى تخاله جزءاً من شخوصها، ما يؤخذ على الرواية وقد يراه آخرون أنه يميزها أنك تشعر أن (خالد وسعاد) خلال حوارهما شخص واحد. أما الزمن فبرع الكاتب بالتنقل خلاله بسلاسة.
رواية متقنة، وبديعة، إنها من تلك الأنواع من الروايات التي تصاب بهوس جمالها. هي رواية العشق المختلف. عشق الوطن واتلمرأة والإنسانية. لغتها ماسية، وحكايتها مدهشة، وأجواءها تجعلك أن لا تسرع في القراءة حتى لاتنتهي منها سريعاً . رواية تحفة لهذا الروائي المذهل
هنالك الكثير من الأشياء التي جعلتني أحب هذه الرواية أهمها أن المؤلف احترم عقل القارىء ولم يستخف بها، بحيث لم تدخل الرواية في باب الاستخفاف بنا كما لاحظت في روايات لآخرين. لمقصلة الحالم حكاية جميلة فيها تشويق رائع، ولها لغة راقية بل محلقة فيها من الشعرية ما يدهش. العلاقة بين الشخوص جميلة ومتقنة بحيث كشف لنا جلال برجس جوانباً مهمة من معاناة لنا علاقة بها جميعاً. فقد نجع في الحديث عن مفهوم السجن سواء في الحياة أو السجن ذاته فبرزت شخصية سعاد كنموذج مهم للمرأة العربية التي تحلم بمساحات أخرى من الحرية وبرزت شخصية خالد كفرد عربية حالم بالحياة. قرأت الرواية أكثر من مرة ولن أمل من قرائتها مرات أخرى. احترامي لك أستاذ جلال
رواية جميلة الى درجة التعب حيث اني قرأتها بشكل متواصل دون ان اتوقف ليس بحثا عما يشفي غليل التشويق الرائع انما لعذوبة لغتها وموضوعها الجميل. رواية تستحق كل التقدبر . ليس لي مآخذ عليها إلا جرأتها وخاصة اللقاءات الحميمة ان كان هذا مأخذ. لكني اعترف انني حزنت بعد ان اكملتها لأنني تمنيت لو انها استمرت. سأبحث عن كتب هذا الروائي الجميل فله أسلوب ممتع وعميق وفي ما يكتب عمق مهم جدا جدا
رواية جميلة وأعجبتني جداً وسر اعجابي بها الصدق الذي لم اجده في كثير من الروايات لكن مأخذي الوحيد عليها أنها لم تكشف جوانب انتظرتها في شخصية سعاد. انها رواية الحب لكن من منظور مختلف وجميل
رواية تجبرك على قراءتها دفعة واحده، مدهشة حقاً بكل ما تحمل من معنى لم تخيب ظني هذه الرواية منذ أن بدأت اسمع عنها. عندا بدأت بقرأتها شعرت بأن هنالك روح ترافقني أثناء القراءة. بكل بساطة هذه الرواية هي رواية الحياة بحبها وعيشها وموتها وانكساراتها ونجاحاتها. رواية عميقة جداً وفاتنة
هذه من الروايات التي تستحق حقا أن يتداول القراء الحديث عنها كما سمعته في اكثر من مكان. كنت اعتقد أنها رواية تتحدث عن قصة حب والسلام لكن ما وجدته في هذه الرواية مختلف تماما... انها من نوع الروايات التي خالفت الرواية الكلاسيكية بحيث أنني فهمت الان لماذا لم يحبها البعض وهم قله. أولا لغة الرواية جميلة بل ساحرة وحينما بحثت عن جلال برجس في الغوغل وجدت انه شاعر فعرفت من اين اتت هذه اللغة الجميلة في الرواية. حتى انني احتفظت بعدد كثير من الجمل المهمة وكأنها قصائد. القصة التي تتحدث عنها الرواية قصة تمس كل واحد منا فمن منا لم يحب، ومن منا لايحس بأنه سجين في بلاده، ومن منا لم يظلم، ومن منا لايشعر بأنه سجين لعالم الانترنت.. تتحدث مقصلة الحالم عن شاب يعتقل لمدة طويلة تصل لعشرين سنة، ورغم انه سياسي يعتقل بتهمة لاعلاقة له بها، في السجن يتعرف على أجواء المعتقلين السياسين، حينما يخرج من المعتقل يكتشف أن كل شيء تغير حتى عائلته لم يجد منها أحد غير جدتهفيعيش سجن موجع لاينقذه منه الا امرأة عرفها من خلال الفيس بوك بعد جهد لاستيعاب هذا العالم الغريب عليه. لكن المفاجأة حينما يجد الاجابة على سؤال ظل يقلقه من السبب بسجنه يكتشف ما لايتوقع، في��رب الى جبل ويعيش هناك في حالة شعرية صوفية مع نفسه ومع المطر. رواية جميلة فتنتني ولم اضع لها خمسة نجوم لأن النهاية أبكتني أكثر مما افرحتني.
المعتقل الأقسى ليس ذلك المكان بجدرانه؛وأسلاكه الشائكة وحراسه وقوانينه. بل إنه الحياة التي ما أن تترك وراءك سنين الاعتقال؛حتى تكتشف أنها لم تنته كما زعم عقلك الذي بقى يحاول أن يتجاوز الجدران العالية .إذ تصبح الحياة محض سجن كبير .إلا من معجزة كالتي يخلقها حب ؛إما أن يسندك وهو ينتزع من صدرك شوك المعتقل ؛فتدب في أوصالك الحياة. وإما أن تمنح ذلك الشوك صفة الخلود . .فتصبح مجرد كائن يكابد سجنه الأزلي
رغم اللغة الراقية ورغم الأسلوب الأنيق ورغم الكتابة المتمكنة ولكن يبقَ شيءٌ ما جعل هذه الرواية بعيدة عن قلبي أكثر ما ضايقني فيها هو الاعتماد على الفلاش باك بكثرة استطاع الكاتب أن يشدني للرواية بعد منتصفها.. أحببت مشهد الذئب الذي أحسست فيه محاكاة لقصيدة "وأطلس عسال" النهاية جاءت جميلة ولكنها أحبطت آمالي.. فلكم رغبت بأن تتصل سعاد ولو للمرة الأخيرة
نجمة لـ اللغة العذبة ولأنه سجين سياسي ، لكن الحب في الرواية كان مبتذلا و مكررا كأن الكاتب يحاول ان يسد الفراغ في مخيلته بتفاصيل فجة يخدش رُقي الحُب ، ثلاث مرات خطر ببالي أن اختار كتابا آخر على ان اُضيع وقتي بقراءة هذه، لكنني تحاملت لأجل ان ارى نهاية هذا الانحلال إلى اين يصير !؟
الي امرأة بيني و بينها قمر، كلما أطل من جبين السماء، نراه بعين القلبفينير عتمة المسافات
الرواية للكاتب والشاعر الاردني المميز جلال برجس تمهلت بقرأتها قدر المُستطاع واستمتع فيها بسبب فخري الكبير بالاستاذ جلال حوار صغير مابين خالد وجدته كان باللهجة الاردنية البحتة اسعدني جداً مع صدى لهجتنا البدوية التي تبعث على الاصالة ,, تشبيهات الكاتب لكل شيء جامد بالغرفة جعلني اشعر انها ليست نوع من انوع الجماد انما شيء يتنفس ويتحرك ويملؤه الدفء , صراع داخلي بين الحاضر والماضي والمُستقبل الذي لا يُرتجى شيء منه كيف من الممكن إن نحيا حياة لا نرجو منها سواء الذكريات وتلك المؤلمة منها كأنما ساعة العقل تدور بشكل عكسي في رأس سجين يرفض الخروج قضبان الواقع كأنه غاب عن الوعي لمدة عشرين عاماً ولم يستطيع إن يتقبل هذا العالم الجديد... من لا يعرف عَمان يعتقد أنها باريس مدينة الحُب " لأن مدينة مثل عمان لا يمكن فهمها دون حب مجنون كالذي حدث بيننا " ومن مدينه الحب الى معتقل الحرب ! فلاش باك ... سجن في الصحراء وتهمه ملفقة والسؤال الذي يشغل بال خالد من وراء هذه التهمه .. يعتقدون حين تكبل ايديهم وتغلق الابواب في وجه المعتقلين سوف يقتلون حُب الفِكر فيهم ويدمرون ما يؤمنون فيه لكن هيهات فَتكبر الفكرة في مخيلتهم ويصبحوا اكثر اعتقاد بما يؤمنون فيه ...
حُبها جعله حبيس الصحراء لعشرين عام وعندما قام بفك رموز قفل العبودية ودخول باب الحرية عادت مرة اخرى لتدخله الى سجن من نوع اخر اشد قسوة من تلك القضبان التي التهمت جسده عشرين عاماً وما إن قام بترميم جسده خارج ذلك المُعتقل حتى بدأتي بإلتهام قلبه شيئاً فشيئاً هل يمكن للحُب إن يفتك بقلب لم يستطيع السجن يزعزعه !
تختصر معاناة بطل روايتنا الذي بقي حبيس السنين الماضية متصلباً لا يستطيع إن يُقدم ولا يؤخر خطوة "يحدث يا خالد أن تحب الضحية قاتلها"
كل التحية والشكر للأستاذ جلال رواية تستحق كُل الثناء واتمنى له النجاح الدائم في اعماله القادمه
كنت سأضع لهذه الرواية خمس نجمات لولا أني وجدت فيها ميلا للحديث في التابو الجنسي، وأنا لا أحب الروايات التي تتطرق لمواضيع مثل هذه. لكنها في المحصلة رواية رائعة من كافة جوانبها من حيث الحكاية التي تقترب مما يحدث في عصرنا، واللغة الجميلة حد الجنون، وعنصر التشويق الذي وجدت جلال برجس يبرع به. لقد سمعت الكثير عن هذه الرواية ولم أوفق في شرائها ورقيا ولكني وجدتها الكترونيا وقرأتها دفعة واحدة. وهذا ما أسعدني بها فهنالك روايات تمل منها من أول صفحاتها، وهنالك روايات تجبرك على أن تقرأها كلها. الحكاية في مقصلة الحالم هي حكاية كل واحد منا في هذا الزمان الذي بدأ يشعرنا بأننا سجناء له، الزمان الذي تغير كثيرا وغيرنا معه. إنها حكاية رجل يعتقل ظلما ويبقى في السجن لعشرين سنه، حيث يتعرف القارىء على السجن السياسي من وجهة نظر لم تطرق من قبل. أي طريقة ليست نمطية، بعد أن يخرج من سجنه يجد كل شيء تغير فيشعر بسجن جديد، يعشق امرأة عبر الانترنت وتبدأ الحكاية بكل غرابتها ومفاجآتها. فنتعرف على قصة حب أجمل ما فيها الصدق . بل يتعرف القارىء على وعي مختلف بالحب. يسرد جلال برجس روايته من كهف في جبل نيبو في ليلة عاصفة، عبر ذلك السرد يحس القارىء بكل التقلبات النفسية والمشاعر بل حتى يرى نفسه بدلا من المؤلف وكأن هو من يكتب الرواية ويعيشها. نهاية الرواية جميلة بشكل استثنائي.
الثريا رمضان - تونس - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة " مقصلة الحالم، رواية تنفث الدخان في سماء التابوهات التي يخاف الكثيرون فتح ملفاتها، العلاقات الافتراضية، الجنس الافتراضي، العادة السرية كحلّ أخير لإشباع رغبات من يمارسون الجنس كروتين يندرج في إطار العلاقات الزوجية الباردة. العذرية، التي تبقى سمة العفاف لدى المرأة، العفاف الكامل في المجتمعات الشرقية، دون احتساب ما يخرج عن الفخذين. الشاعر والأديب الأردني جلال برجس في روايته مقصلة الحالم الصادرة عن دار الأهلية للنشر والتوزيع في عمّان لسنة 2013، كسر التابوهات، وأعلنها مع بطلي الرواية خالد وسعاد صرخة البحث عن الحرية من كل السجون المفروضة على الإنسان داخل المجتمع الشرقي. 368 صفحة جمعت بين الواقعية والرمزية في لغة مسهبة في الشاعرية، مع تكثيف للوصف، فكأنّ المؤلّف كان يكتب نبضات قلبه لا أفكاره، معتمدا على تقنية الفلاش باك وعلى المونولوج ليصل بين الحاضر والماضي في حياة الأبطال وبين القارئ وشخوص الرواية، ليترك للقارئ فرصة العيش داخل الحكاية بكل تعاريجها الزمانية والمكانية. ثنائيّة العقل/العاطفة كانت واضحة في الرواية من خلال البطلين الرئيسيين خالد وسعاد، ولعلّ الكاتب أراد تحطيم الفكرة السائدة القائلة بأن المرأة كائن أكثر عاطفية من الرجل. ولقد برز ذلك جليّا في مناجاة خالد المتواصلة لسعاد، المرأة التي أدخلته المعتقل السياسي لمدة عشرين عاما فقط لأنه رفض حبّها في الماضي. ومن هنا نكتشف المرأة الدّاهية والمتسلّطة، التي لديها من القسوة ما يهدّ جبالا، أمام الرجل الرومانسي الحالم الذي حتى حين دخل معترك السياسة، كان يبحث عن تحقيق حلمه بالمدينة الفاضلة. ثنائية أخرى ورئيسية نكتشفها عبر أجزاء الرواية، هي ثنائية الواقعي/الافتراضي لنعيش طوال الرواية داخل عالمين متوازيين امتزج أحدهما بالآخر من كثرة ما عاش بينهما البطلان. الفيسبوك كنموذج لهذا العالم الافتراضي يشرّع الأبواب للكثير من التساؤلات التي سنعرّج عليها في ما يلي. سعاد، ثمرة سجن مجتمعي: علاقة بدأت بنقرات على اللّوحة الرقمية، لتتحوّل إلى علاقة حب مكتملة الجوانب "افتراضيا" وصوﻻ إلى أرض الواقع. شخصية سعاد في الرواية تفتح الباب للعديد من التساؤﻻت حول العلاقات الزوجية في المجتمعات العربية، وحول المرأة وكينونتها ومدى تقدير قيمتها من عدمه داخل هذه المجتمعات. البداية مع القمع العاطفي للمرأة منذ نعومة أظافرها، ليصل بها اﻷمر إلى البحث في مكنونات جسدها، لغة الشهوة التي تفسرها البطلة حبا حسب تحليل فرويد النفسي. الشهوة التي تبدأ أمام المرآة للتثبّت من تعاريج الجسد الناضجة ومدى صلوحيتها لحبيب قد يأتي يوما ما، وقد تفرض الظروف عليها رجلا غريبا سيكون مجرد مرافق جنسي لها بوثيقة رسمية تسمّى عقد الزواج. العلاقات العاطفية اﻷولى لامرأة مقموعة عاطفيا تصبح مثل الشراب المُسكِرِ في عالم تُمنَع فيه قراءة روايات الحب بدعوى العيب والحرام. لكن التربية المحافظة تغلب سعاد في فكرة الشرف/غشاء البكارة، فتمارس كل الشهوات مع حبيبها دون المسّ بهذا الغشاء. إنه التمرد على النواميس بشكل خبيث. وهنا تبدو لنا سعاد منذ شبابها امرأة متمرّدة وماكرة في الوقت نفسه، عرفت كيف تغطّي ثورتها العاطفية برداء الدهاء لتظل شريفة داخل مجتمعها المنغلق على عاداته وتقاليده. عند الزواج بدون حب قد تختلف اﻷمور، فإما أن يولد الحب والمودة بين الزوجين، وإما أن تصبح المسألة لعبة محاباة للآخر في كل ما للكلمة من معنى قد يفضي إلى النفاق اليومي. في الرواية، بتر زوج سعاد فكرة الفرح الزوجي منذ الليلة اﻷولى، ﻷنها أحسّت أنها الماكينة التي جُرّت للسرير بوثيقة ستصبح فيما بعد سبب تعاستها النفسية. علاقة سعاد بجسدها تفسّر مدى ارتباطها بفكرة الحب جسدا قبل الروح، ذلك أنها ظلت لسنوات تراقب تجسّد الحب لدى الجيران في لعبة السرير، بشكل جعلها تنتظر حبا في فراش الزوجية، لكنها اصطدمت برجل أناني، اشترى ماكينة ليلهو بها قليلا ثم يعود إلى حياته الماجنة الملوّنة بالنساء، لتواجه واقعها المرير، زوج خائن وروتين قاتل وأطفال عليها أن تربّيهم في إطار عائلي "سعيد". إزاء هذه الحياة النمطيّة الحزينة، برزت سعاد بشخصيتها العقلانية، فقرّرت اﻹبقاء على هذه الحياة ظاهريا لضمان حياة متوازنة ﻷطفالها، وخلق حياة موازية خاصة بها، وهنا يفتح المؤلّف جلال برجس ملف العلاقات اﻻفتراضية ومدى قدرتها على التجذّر في الحياة الواقعية، لتصبح حبا مترسّخا في قلبين على أرض الواقع. تلك العلاقات بكلّ ما تحمله العلاقات "الطبيعية" من تفاصيل، حتى الجنسية منها، كانت موضوعا لعدد من المقاﻻت الصحفية، لكنها لم ��كن يوما موضوعا لرواية أدبية بهذا البذخ في الوصف والتعمّق في أدقّ التفاصيل. الفيسبوك متّهم لدى الكثيرين بأنه سبب خراب بعض العلاقات الزوجية وانهيار بعض اﻷسر، لكن جلال برجس في روايته مقصلة الحالم، لم يُعطِ النتيجة بل مدّنا باﻷسباب التي تجعل شخصا متزوّجا يبني علاقة حب افتراضية متكاملة الجوانب، إذ قام بالبحث عن أسباب الهروب من الواقع المعاش إلى الواقع اﻻفتراضي، ليبحث في جوانب الشخصية اﻹنسانية المقموعة والباحثة عن التعويض النفسي داخل فضاء ﻻ يمكن فيه لمس اﻵخر، لكنّه يفتح نافذة الخيال والحلم. الجنس اﻻفتراضي جُزء ﻻ يتجزأ من هذه العملية التعويضيّة، الهدف منه خلق نمط جديد من الحب المرتبط بالشهوة، في هذه الرواية كانت شهوة متجذرة في أعماق المرأة المكبوتة عاطفيا منذ طفولتها. هنا يدخلنا جلال إلى عوالم سعاد، ليبرز مدى رفضها لعالم الرجل من خلال توفير اللّذة الجنسية لنفسها بنفسها في إطار ممارسة العادة السرية، وهو نوع من التمرّد على منظومة رجالية تحرك المنظومة الجنسية في الشرق، فالرجل مسموح له بممارسة الجنس كما يشتهي، ليس فقط لأنه مُنزّه عن كل الذنوب والخطايا اﻷخلاقية، وإنما ﻷنه ﻻ يملك غشاء البكارة الفاضح للـ"شرف" في مجتمع ﻻ يرى من الشرف إﻻ هذا الغشاء، القابل للتبديل في سوق طب التجميل بغشاء صيني رخيص. وبالتالي فقد اعتبر الرجل داخل هذه المجتمعات المصدر الرئيسي لهذه اللذة، التي هي باﻷساس غريزة إنسانية ﻻ عيبا خلقيا. في حين قررت سعاد الاستغناء عن هذا المصدر لتثبت أن الرجل لا يملك جميع مفاتيح اللذة. خالد، حلم التحرّر ورمزية المعتقل: خالد، الرجل الحالم، الحامل في قلبه الحب البدوي بكل تفاصيله النقية من إخلاص وصدق وبراءة، يصطدم بمفهوم الغدر منذ سنواته الأولى في المدينة وهو طالب جامعي، سواء في مشهد خيانة خطيبته له، أو دخوله المعتقل بتهمة ملفّقة له، أو تحطّم فكرة الحزب المناضل من أجل الحريات والديمقراطية. خالد في ما بعد يُصبح المحبط من غدر الحياة بشكل عام، إذ كان في كل محاولة له للبحث عن الحرية يدخل معتقلا جديدا. المتصفّح لرواية مقصلة الحالم، يكتشف ليس فقط المعتقل السياسي بكل غرائبيته، بل أيضا معتقلا نفسيّا يعيش فيه خالد بكل ما يحمله من شروخ داخل الشخصية، وهو ما يبرزه الكاتب في جملة "أقسى أنواع الغربة هي الغربة في الوطن". إحساسه بالغربة كان يفسّر هروبه المتواصل داخل غرفته، وفي ما بعد هروبه نحو العالم الإفتراضي. بعد خروجه من المعتقل السياسي، بقي بطل الرواية عالقا داخل قضبان سجن آخر، زُرِع في داخله، بعد أن اصطدم من جهة، بتغيّرات العصر وسرعته والتكنولوجيا التي تتحكّم به، ومن جهة أخرى بموت أغلب أفراد العائلة وتركِ البقيّة منهم للبلاد بحثا عن موارد رزق أفضل. فانعزل داخل غرفته في بيت يجمعه وجدّته في القرية، جدّته، ذلك الشخص الوحيد الذي تبقّى من زمن بريء من نزق الحياة. غرفته جمّعت أجزاء شخصيّته الحالمة داخل روايات ودواوين شعر ودفاتر جمع فيها كتاباته على مدى سنوات، وموسيقى كلاسيكية مثّلها في الرواية بأعمال أندريا بوتشيلي الفنية. كان خالد طوال رواية "مقصلة الحالم"، يبحث عن الحرية، حرية الإنسان/المواطن، الإنسان/العاشق، الإنسان/الجسد، الإنسان/الكبرياء. وخلال رحلة البحث، دخل العالم الافتراضي من خلال شبكة الفيسبوك، هذا العالم الذي أكسبه مدى آخر للتعبير عمّا يُخالجه على مرآى ومسمع من أشخاص لا يحتاج في التعامل معهم إلى تعاملات مجتمعية واقعية، أو مجاملات وتعاملات ملموسة. في هذا العالم أيضا، ظهرت له سعاد، شدّته إليها، وجرفته نحو علاقة حبّ كانت في بدايتها انعتاقا من عزلته وسجنه، لكنّها في نهايتها أدخلته معتقلا جديدا، هو معتقل المرأة/الحبيبة. ومن هنا تبرز شخصية خالد المرتبطة بشكل كبير بسعاد/الصدر الحنون/الأمّ، خاصة وأنه كان يعشق النوم على صدرها ورضاعة نهدها كطفل صغير يبحث عن الدفء هربا من برد الشوارع وأوجاع روتين الحياة. خالد، شخصية بقيت تعيش الحلم في عزلتها الاختيارية، حتى صنع لنفسه عالما موازيا داخل مدينة افتراضية يحاول التحليق فيها نحو أحلامه المثالية، وتبقى الأنثى دائما سيّدة الموقف، فهي بالنسبة إلى خالد المحرّك الرئيسي للأحلام، المرأة التي تختطف الغرباء في المدينة الافتراضية ليتمكّنوا من التحليق بكل حرية، الأمّ الحنون الغائبة الحاضرة في الذاكرة وفي صورة الحبيبة، الحبيبة التي توقظ الشبق والمشاعر في الوقت نفسه لدى الرجل، والمرأة القوية القادرة على كسر النواميس المجتمعية. خالد راوح أيضا بين الخيال والواقع، من خلال شخصيّة الذئب التي كانت حاضرة معه في كامل الأحداث تقريبا، لكنها في الحقيقة كانت حاضرة في ذهنه فقط، وليست هذه الشخصية سوى صورة خالد نفسه، الوحش/الرجل الذي وجد نفسه مطرودا من القطيع ومنبوذا من الجميع. جلال برجس يطرح تساؤلات عن شخصية الذئب على لسان خالد، في محاولة للتعمّق فيها، ونحتِ صورتها بشكل أكثر وضوحا، إذ نستشفّ منه أن الذئب ليس وحشا مخيفا غدّارا، بل هو في حقيقة الأمر كتلة من مشاعر الغربة والحزن والإحباط، عبّر عنها بعوائه، وكان العواء صرخة خالد في رحلة بحثه عن الحريّة. "مقصلة الحالم"، عنوان حمل فكرة اليأس والموت لرواية مليئة بالأحداث المتشعّبة والمشوّقة ضمن عالميْن متوازييْن. لكنّ المشهد الأخير جعلنا نتشبّث بشيء من الأمل، بوصول رسالة الكترونية لسنا ندري فحواها، لأن التكنولوجيا قالت كلمتها الأخيرة مع انتهاء الشحن للحاسوب، لتتحكّم حتى في تلك الشعلة التي انتظر خالد، والقارئ معه، أن تتّقد من جديد.
في روايته "مقصلة الحالم" الصادرة عن دار روافد يطرح الشاعر والكاتب "جلال برجس" العديد من القضايا الشائكة حيث يقوم بتسليط الضوء المباشر عليها بحرفية شديدة فيتطرق لكل من الحدث والسبب والنتيجة ليترك القارئ في حيرة من أمره فتارة يتفاعل مع الحدث من مُنطلق العقل والرؤية الشمولية للأحداث وتارة أخرى تغلبه العاطفة فينطلق في إثر قلبه ليتخبط في حيرته كما أبطال العمل فتتباين الآراء ويظل الحدث قائم بلا إنتهاء.
تتحدث الرواية على لسان كل من راوي عليم وراوي مباشر عن "خالد" شاب في مقتبل العمر في سنيه الأولى من الدراسة الجامعية من بدو "مادبا" يحلم بالتغيير ويأخذ على عاتقه هذه المهمة بجدية فيتولى تثقيف نفسه بنفسه ليُبدد أفكار القرية والبدو ويبدأ مشواره الثو.ري والذي يحلم فيه بالحرية والعدل والخير بطريقة سِلمية حالمة لا تحمل في طياتها أي بوادر عن.ف فقط الكثير والكثير من الحلم والتمني فينضم في طريقه لتحقيق حلمه إلى حزب سيا.سي ما يتولى نشر فكره ورؤيته عن طريق ترديد الشعارات الرنانة التي تجذب الشباب قليلي الخبرة ليكونوا كبش فداء لهم عند الحاجه وما اكثرهم. تمر الأيام ويتعرض خالد لمكي.دة مُدبرة يتم الزج به على إثرها إلى الس.جن كمس.جون سيا.سي بتهمة التآ.مر لتخ.ريب البلاد حيث يتم العثور على كتب ومنش.ورات في غرفته والتي لا يدري عنها شيئا فيُس.جن من اجل ته.مة ملفقة لا من أجل أفكاره ومعتقداته هو لمدة عشرين عام في س.جن صحراوي تتوافر فيه كل ألوان التعذ.يب والإها.نة والمعا.ناة المادية والمعنوية.
*صدمة الواقع الجديد: تنقضي مدة العقو.بة ويخرج خالد من الس.جن ليصطدم بواقع آخر وهو تبدل البلاد واحوالها فعشرون عاما لم تكن بالأمر الهين فتبدلت الأحوال في كل شيء فالحزب الذي كان ينتمي اليه قد إنحل وأعضاؤه ومن بقى منهم أصبح تابع للن.ظام وفي مركز مرموق فقد دفع غيرهم الثمن بالكامل والقرية التي تركها لم تعد كما كانت فقد تبدلت المباني والبيوت وحتى طابعها البدوي البسيط تبدل وحده بيتهم البيت الكبير ظل على عهده وشموخه يتابع تقلبات الزمان من علٍ. والرفاق لم يجد منهم أحد فقد تفرق الصحب بما فيهم العائلة والأخوة فقد مات من مات وهاجر من هاجر بحثا عن معيشة أفضل وحدها الجده ظلت على العهد رهن الإنتظار تنتظر قدوم خالد لتسلمه حملها الذي حملته لمدة ربع قرن من الزمن تقريبا لتشيخ بين يديه فجأة. على إثر ما وجده خالد من تبدل للأحوال آثر العزلة في غرفته فحتى المُبارِكون لم يكن يعلم منهم أحد بالكاد تعرف على صديق والده في الحرب والذي شاركه حزنه على أحوال البلاد التي تدهورت بعدما هَدم الإخوان أُسسها إبان فترة حكمهم .
على ذكر التغيير نجد طفرة هائلة حدثت في التكنولوجيا فأصبح الجميع يحمل الموبايل والذي إعتقده خالد في بادئ الأمر جهاز لاسلكي خاص بالشرطه كما إعتاد في الماضي فظن أن الجميع في الحافلة والطريق مكلف بمراقبته وأن خروجه من المعت.قل كان صوري ولكنه تبين العكس بمرور الوقت وبمساعدة صديقه "رداد" دخل إلى شرنقة الشبكة العنكبوتية وأصبح أحد ضحاياها. فما بين صدمته بم.وت رفيق كفاحه الذي إختفى منذ زمن وإستخدام ابنه لحسابه الشخصي لنشر كتابات والده والتي كانت دَفعة ل "خالد" ليقوم بنفس الامر وما بين التعاطي مع ساكني هذا العالم الوهمي وحبه ل "سعاد" تجددت مأس.اته وتضخم شعوره بالإعت.قال فهو في آخر الأمر بلا وطن او مرفأ ففي النهاية "لا تختلف الخيبة في الحب عن الخيبة في الوطن، فكلاهما وطن وأنت وحدك الشريد بعد خسارة أي منهما".
*الصراع بين المراة و المجتمع: في شخصية "سعاد" نجد التناقض الضارب في عمق كل الأشياء فقد نشأت في حي من الأحياء الفقيرة المنتشرة بالبلاد وعلى الرغم من عشوائيته وابتذاله تجد الحميمية بين أفراده ومؤازرتهم لبعضهم البعض والتي لا تنفي عنهم شراستهم إن إحتدم الخلاف بينهم. كذا نجد نظرتهم للمرأة على أنها عو.رة يجب مُداراتها وأن تتمتع بالتد.ين الظاهري حتى تتحسن صورتهم وإن كانت في الحقيقة عاه.رة ففي حين كان والد سعاد واخوتها يمنعوها من قراءة القصص والروايات من مُنطلق أنها تدعو للفج.ور بما تحويه من مشاهد رومانسية نجد أن اخيها كان لا يتورع عن مُلاقاة إبنة الجيران في الظلمات ونيل ما يستطيع بل وتهد.يد اخته بالعق.اب إن هي أفشت سره لتكون النتيجة قم.ع للأنثى بكل ما يشتملها من كيان وشعور وغر.يزة أيضا فنجد "سعاد" وقد حُرمت من الشعور بكيانها تنجرف مع أول علاقة تقابلها وتتمنى أن تعيش ما حُرمت منه على أن تظل عذري.تها هي الخط الفاصل ما دام المجتمع يحكم عليها من هذا المنطلق فقط، فحتى بعد زواجها اكتشفت أنها مجرد أداة لإمت.اع زوجها وتربية أطفاله فيما بعد فلجأت للإعتماد على نفسها في كل ما يخصها حتى الأمور الجن.سية منها كنوع من أنواع التم.رد على الواقع والمجتمع.
*ما بين الواقع والخيال: بالرغم من خروج "خالد" من المعت.قل إلا أنه ظل حبي.س معت.قل أكبر وهو معت.قله النفسي ليظهر "رداد" حاملاً معه الحل السحري سيار�� ولاب توب وجهاز محمول الثلاثي السحري للخروج من الإكت.ئاب ولا مانع من وظيفة مستقبلا . يقوم "رداد" بتعليم "خالد" كيفية إستخدام هداياه وإقناعه أنه سيسترد ثمنها لاحقاً ليوافق خالد على مضض عن غير اقتناع وفي نوبة ملل يقوم بفتح حسابه الإفتراضي ومحاولة التعاطي مع الواقع بنشر كتاباته السابقة ليجد شبيهته "سعاد" على بُعد اميال منه تجذبه بجرأتها وحديثها معه لتصبح جزء لا يتجزأ من حياته هو الذي ظل عمراً يبحث عن وطن ومرفأ للأمان وجده في إنتظاره مُهيأ له على قدر أحلامه وتوقعاته فأنجرف بمشاعره تجاهها حاملا بين جنباته سنين من الحر.مان والتخيلات التي لم يجد طريقة لإشباعها خلال فترة اعت.قاله وبمساعدة خياله رسم لها صورة أقرب للكمال وتلاقيا سوياً على "سرير اللغة" كما عَبِّر يتشاطران الغرام سوياً حتى تحول الوهم إلى حقيقة وأتت "سعاد" قاطعة أميال من الشوق والأمنيات بلقاء يليق بعاشقين تشاطرا روحهما ولكن "خالد" وجد أحلامه تتحطم على صخرة الواقع الباردة ما بين برود لم يكن يتوقعه أو إختفاء غامض حتى قررت "سعاد" أن تهبه جسد.ها كما وهبته قلبها مسبقاً بعد جلسات طويلة من الإعتراف والبوح المضني عن زمن غابر وأُنوثة مكب.وته لم تسطع السنين قت.لها بل كانت بمثابة حطب يؤججها بمرور الأعوام.
تعمد الكاتب كسر التاب.وهات المعهودة من قوة الرجل وشجاعته وضعف المرأة وإستكانتها فقرر أن يعكس الأدوار فكان "خالد" مثال للرجل الحالم العالق في أحلامه حتى وإن قادته للته.لكة وأو.دت به "نحن نحلم حتى لو راحت الطريق تقودنا خلسة نحو المقصلة"، بينما "سعاد" مثال للمرأة القوية المتمردة والتي حينما تعرضت للإها.نة إنتقمت بأبش.ع وسيلة ممكنة ولم تُراعي ظروف ما مر به "خالد" من خيانة سابقة لخطيبته أو جهل بمدى صدق مشاعرها فكان عقا.به لإها.نتها أن وطئت قلبها بقدميها وزجت به في أتون الن.ار.
إستطاع الكاتب تصوير حياة المعت.قلين بحرفية شديدة وكان خير مثال لهم "عبد الغفار" ذلك الثو.ري الذي راح فداء لأخوانه وظل على جَلدَه فقط من أجل "سماح" التي هام بها فكانت مصدر قوته وعذا.به في آن واحد فكان مثال حي لجن.ون الفنان والثو.ري والإنسان والعاشق.
*الرمزية في الرواية: تجلت الرمزية في الرواية في ثلاث نقاط وهي/ 1️⃣ في المدينة الملونة نجد "خالد" يرى أن المرأة هي الأمان فوحدها عازفة الألحان فوق السحاب هي طوق النجاة من التيه وغاية الوصول للأمان الخالص فإن وصل لها تحول عالمه بالكامل وأصبح حر طليق الجناح فظل يحاول الوصول لها ويدور في فَلكها طوال الوقت ينشد الوصول وبلوغ مرامه "بعض الأحلام تجرك من ياقة روحك نحو الهاوية، التي حتى وأنت تهوى عبرها بين تلك الحافة للبئر وبين القعر، لا تحس خلالها بألم السقوط". 2️⃣ خلال فترة المعت.قل ظل عواء ذئب وحيد يصل إلى مسامع "خالد" من أول يوم له وحتى أخر يوم لمدة عشرين عام لم ينقطع كان يُروح عنه بعوائه الحزين ويضيف لروحه شجن محبب يستعذبه وفي زيارته وحيداً لجبل "نيبو" ظهر له الذئب في الملاذ وتشارك معه الطعام والملاذ والدفء وحين انتهت العاصفة وبعد ليلة ليلاء وفي الصباح حينما حاول خالد توديع الذئب وإحتضانه وجد أنه يحتضن الفراغ مما يعني عدم وجود الذئب من الأساس ولكنها روح خالد التي رمز لها بذئب جريح يعوي باحثاً عن وطن ورفيق. 3️⃣تم الإشارة لفلسطين في أكثر من موضع بالرواية كدلالة على وجود الحلم أمام أعين الجميع ولكنه صعب المنال فتجد حلمك أمامك تراه رأي العين ولكنه أبعد ما يكون ويظل يذكرك بإغتصاب حلمك ليل نهار ولا ينفك ينكأ الجرح مرارا وتكرارا.
في ختام الرواية نجد البطل وبالرغم من معرفته بحقيقة سعاد (سحابة) وبإكتشاف علاقتها برداد وتواطئه معها نجده مازال يبحث عنها وينتظر عودتها وظهورها لتعود له روحه التي فقدها بغيابها المفاجئ فهي وإن كانت سبب عذاب سابق لا يتصور أن تكون سبب عذابه القادم وهي متلازمة طبية تُعرف بمتلازمة التعاطف مع الجاني أو "متلازمة ستوكهولم" نسبة إلى مكان وقوعها أول مرة وتتجلى هذه المتلازمة أيضا في حنينه إلى المعت.قل وذهابه إليه ليستأنس به فقد أصبحت شخصيته هشه ومستسلمة للأمر الواقع تؤثر الرضوخ للأمور على الإختيار من بين متعدد بل وتلتمس العذر للجا.ني في كثير من الأحيان.
خلال الرواية تجلت لغة الكاتب الشاعرية بدرجة عالية سواء في وصف أماكن أو أحداث أو مشاعر مما أدى إلى الوقوع في الإسهاب والملل في بعض المواضع كبداية الرواية ونصفها الثاني الخاص بإقامته في الجبل وقد يدرج البعض هذا الإسهاب إلى رغبة الكاتب في بيان الصراع النفسي للبطل وشعوره بالوحشه ولكنه مازال اسهاب كان يمكن تجنبه بدون إخلال بروح النص.كما جاء ذكر الطبيب النفسي لخالد اكثر من مرة خلال الرواية كصوت خلفي لنصيحه مكررة مع عدم ظهور جلي أو تأثير واضح لدوره وهو ما لم أجد له سبب فكان يمكن إستخدام دور الطبيب بمساحة اكبر خلال الرواية تعين خالد على تخطي مح.نته.
كانت رواية تسّطِر بين حروفها ملحمة تجربة الكترونية بالعالم الافتراضي .. كانت فيها متعة كبيرة تبين الجنون الذي يصيب القلب في لحظة مباغته ، يجعل الواحد فينا يصاب بجنون عاطفي أكبر من نبض قلبه القابع في قلبه لِيعيش ، وتبين مدى ضعف الرجل أمام حُبٍ داهمهُ صدفةً عبر أثير الوقت الذي أنصاعَ رغم الزمان والمكان والحالة الإجتماعية ، حتى يظهر لك ذاك الحُب فجأة ليغيرك وكأنك إبن السابعةَ عشر ، ذاك المراهق الذي يتبع نبض قلبه دون أن يَعي جسده الهَرِم .. كانت عبارة عن سرير لغة صراحةً بالبداية وبالنهاية ، كانت تمتلك الكثير من الألفاظ الجريئة والكثير من الوصف الباذخ بعلاقة الرجل بالمرأة ومرحلة الهذيان والنشوة الذي يَصِل لها في لحظة إختراقه لإمرأة ..
بالنهاية اللحظات النادرة الاستثنائية هي التي تصنعُ الحياة .. احببتُ الكثير من الاقتباسات دونتها لاعجابي بها ..
قرأت هذه الرواية في السنة الماضية. رواية جميلة وفيها قدرة كبيرة من قبل جلال برجس على أن يجعل القارىء يعيش الحدث كما هو. لغتا رااااااائعة، وفيها كثيييير من الشعر أو الطقس الشعري. لا تصلح للقراء الذين يملون بسرعة من القراءة هي باجة لقارىء صبور. تسرد الرواية قصة رجل عاد من سجن سياسي ووجد كل شيء تغير فلا يستطيع أن يتعايش مع الواقع فيتعرف بإمرأة على الفيس بوك ويحبها جدا، يكتشف فيما بعد أنها هي السبب في سجنه عشرين عام. أعجبتني جدا رغم أني لا أحب الجرأة في الجنس ولو أن الروائي في هذه الرواية تطرق للجنس بأسلوب بصراحة جميل
لغة جلال برجس في هذه الرواية قوية جدًا وزاخرة بالمعاني والمفردات وهذا أمر لا يختلف عليه اثنان، ولكن فكرة الرواية كفكرة لا ترقى للمستوى المطلوب، يتحدث عن حب ينشأ عن طريق الإنترنت وما يتخلله من علاقات غرامية وهكذا. في الرواية كل شيء واضح، وكل توقعات القارئ تصب في نقطة واحدة وهذا ما أفقد الرواية رونقها، إذ أن عنصر الدهشة والتشويق كانا مفقودين، والنهاية واضحة منذ قبل منتصف الرواية، وما يأتي بعدها هو خيالات متقنة الصنع ولغة سردية جميلة وحبكة ضائعة.
قرأت الرواية وهي رواية طافحة باللغة الشاعرية ، وتغوص في أعماق الإنسان وسجونه المتعددة بأشكالها الحقيقية والإفتراضية ، ، للأديب نفس سردي طويل وقدرة كبيرة على مسك القاريء لغاية الانتهاء من نصه قراءة ، وبعد الانتهاء من قراءته وأثناء قراءتها يجد نفسه محملا بعدّة أسئلة كانت قد انبثقت من النص ،ومن فعل القراءة هنيئا للأديب جلال برجس هذه الرواية ، مع أمنيات التوفيق للكثير من الإبداعات الأجمل والأفضل،
جنحة عاطفية أن نلوذ بآخر حتى ننسى وجع الحب. جنحة عاطفية يجب أن تدرج في دساتير المحاكم الشرعية حتى يتسنى لرجل أن يقاضي امرأة بتهمة استخدامه للنسيان، وتقاضي امرأة رجلاً على كل هذا الوجع" . الروائي جلال برجس
إذا كان ليس لك من عمل سوى أن تتألم وتعاني وتتحمل وتتأمل, فأنت لن تستطيع الصمود عندما تقرأ رواية "مقصلة الحالم" للروائي والشاعر الأردني جلال برجس الفائز بجائزة كتارا للرواية الغير منشورة , ومثل كل الروائيون نجده مفتوناً بالعملية الإبداعية ولحظات الكتابة , فالرواية عميقة الجذور, ولا أحد يقرأ لبرجس بغير أن يؤخذ بالاهتمام الفائق الذي تعطيه روايته للمخيّلة الإبداعية , فشخوصها الرئيسيون يفعّلون حواسهم فيما وراء المنطق العقلي , كما أن الأسلوب السردي يحتفي بالدوافع العاطفية التي تنظم الأبعاد المتناقضة في كُلّ متسّق. حيث يرصُد المؤلف حالات التخلق الذهني لبطل روايته "خالد" الذي يعيش مواجهة كبرى بينه وبين ماضيه وأفكاره,وتتحرك الرواية أماماً وخلفاً ما بين حائطين من الخيال والواقع , وترصد الرواية كل المشاعر والكلمات والإيماءات التي يأتي بها البطل خالد , ومن ثم ترسم ذهنياً حياة متخيلة من خلال التناقض العاطفي والنفسي ,ومثلما فعل بودلير في قصيدة "النوافذ" حين اعتمد الخيال كحيلة ذهنية من أجل انتزاع الأمن من الحياة وخلق شيء من الثقة بالنفس , أكدّ برجس في تلك الرواية على حتمية انتصار روح الحلم داخل الإنسان على روح القنوط التي تصيبه, وبعين العليم الغير متورط استحضر الكاتب الشعر , فتداعت جميع العواصف وأهتزت وربت أرض الحب, هنا يؤمن بطل الرواية خالد أن " الحب الذي لا يمنحك صدراً يطرد منك غربان الأسى، كالأغنيات الخفيفة تموت قبالة آهة واحدة في أغنيات الزمن الجميل" . حيث تجمع الرواية ما بين مشاعر الانكسار , والهروب من الذات متمثلة بخالد الذي لازال يعيش القنوط حتى بعد خروجه من المعتقل والذي قضى به قرابة عشرون عاماً, عصرت زهرة شبابه وفصلته عن الواقع , وعندما خرج من المعتقل لم يجد فضاء يحتويه بل عاش ازدواجية مابين الماضي والحاضر المختلف والغريب عنه , الأكيد أنه لم يستطيع أن يمسح من عقله أسى الماضي, ولكنه يحاول معرفة ما هي تهمته وما السبب في اعتقاله بصور شتى , حيث حضر الذئب كرمز للألم , والخيانة , والبوح , والغدر, وربما العودة للحياة . الواقع أنني بعد انتهائي من قراءة الرواية أردت العثور على كلمة لأعبر عن دهشتي بها ,فبعض الكلمات تكون وحيدة وتعبر عن الشيء الكثير مما نريد أن نقول , ولكني أؤكد أن هذه الرواية باختصار قصة مغروسة في أرض الواقع المتشظي الذي نعيشه , وقد أظهرت شاعرية الروائي جلال برجس بقوة , فكل كلمة كتبها في الرواية كانت تموسق وتلطّف مرارة الواقع بإنتقائية متفردة , يقول برجس في روايته :"الصدفة في الحب اكتشاف للجاذبية من بُعد جديد. كأن يرتطم نجمٌ بقلب فيُضاء الجبين لنعرف معنى آخر للنهار. حينها سنعاتب حاستنا السادسة التي كان قد أخفت بطيبة، ما سيحدث لنا من ابتهاجات ومسرات كثيرة".
تتحدث الرواية بكل فصولها عن شخصيةخالد. الشاب الجامعي الذي كان منخرطا في حزب سياسي محظور. والذي اعتقل ظلما بسبب تهمة لفقت له. فقضى عشرين عاما داخل المعتقل. وحين خرج من معتقله قضى ما بقى من عمره والمعتقل في داخله.
خالد يحاول أن يُخرج المعتقل من داخله بأن يتعرف على سعاد على الفيس بوك. وسعاد هنا هي المرأة التي ترمز للوطن. إن خالد يحاول أن يستعيد وطنه الذي راح منه في سنوات اعتقاله. يحاول أن يستعيد سعاد. أن تكون له. لكنه في نهاية المطاف. يخسرها. فهي لم تكن له منذ البداية.
عن لغة الكتابة نتحدث في رواية مقصلة الحالم نقول أنها لغة الشعر التي يمتاز كاتبنا الرائع جلال برجس بها فهو شاعر يحلق بفضاءات الشعر حيث الصور الفنية الكثيفة التي لا يخلو أي سطر منها في الرواية.
عن فصل المدينة الملونة نتحدث
تسيطر السريالية على هذا الفصل. فاديبنا جلال برجس يخلق عالما سرياليا لا ينتمى الى دنيا الواقع. فهي المدينة التي حلم بها بطل الرواية خالد. والتي بسببها تحمل سنوات المعتقل. انه يحلم بعالم يخلو من الفساد والقبضة الأمنية المتمثلة بأصحاب النظارات كما وصفهم. انها دنيا يحلق بها الأحرار على انغام تعزفها آلهة السعادة التي تجلس فوق غيمة. تختار من تريد ان تشملهم بسعادتها.
عن جبل نيبو نتحدث كعادة الشعراء. يهربون من المدن المزدحمة الى الغاب والى الجبال. لنجد خالد يعتكف على نفسه في كهف بدائي. لكنه اعتكاف لا يفصله عن من أحب.. فسعاد يربطها به رسالة تأتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. وكأن خالد ينتظر رسالة واحدة من الوطن ليعود اليه. يقابل في الكهف الذئب والذي ما هو الا انعكاس لنفسه فعواءه الذي كان يسمعه خلف قضبان المعتقل لم يكن سوى صوت الحزن الذي يأتي من أعماق قلبه.
عن النهابة الجميلة نتحدث (حرق لمن لم يقرأ الرواية) يقول برجس على لسان الطبيب النفسي ويحدث أن تحب الضحية قاتلها. وهذا ما حدث فاللغز الذي ظل يطارد خالد في الرواية عن ذلك الذي كان سببا في تلفيق التهمة له و التي دفع ثمنها عشرين عاما من عمره في المعتقل. ليأتي الجواب الصادم. أنها نفس المرأة التي تعلق بها خالد ليستعيد حياته وينسى سنوات سجنه. انه الوطن يا خالد من لفق لك تلك التهمة. الوطن الذي قضم عشرين عاما من عمرك.. انه نفس الوطن الذي تنتظر منه رسالة حب واحدة لترتمي في حضنه. لقد جاءت الرسالة في نهاية الرواية.. ولكنه قبل أن يفتحها اظلمت الشاشة وانقطع كل شيء ليقال. أن حب الوطن ورضاه يأتيان عند النهاية..
عندما ذاع صيت هذه الرواية كنت في الثانوية العامة، لم أستطع قراءتها، فقط البارحة حانت لي الفرصة. لم أفهم، بل طالتني الدهشة علام ذاع صيتها؟ لا حبكة قوية، أحداث مكررة، أخطاء نحوية ومفردات منمقة كحشوة لملئ الصفحات والسطور. ثمة طريقة تجعل اللحظات الحميمية شيئا إنسانيا، واضح أنه لم يُهتدى إليها هنا، جعلتني بعض السطور أشعر بالغثيان. الشخصية الوحيدة التي ربما تعاطفت معها بعض الشيء هي شخصية عبدالغفار، فيما خلاها قفزت كثيرا من الصفحات بغية العثور على الخبطة/النقلة المهمة لكنني لم أجدها، فضلا عن النهاية غير المشبعة! خسارة
في رواية مقصلة الحالم لحظات حسية وتدفقات شعورية، نشعر من خلالها بأصالة الفكرة والتعبير عنها من خلال يقظة الكلمات وانصهار المشاعر المختلطة بروح واحدة، وهذا الانصهار دليل على قدرة الروائي وثقافته من خلال توظيف تقنيات رائعة تكشف عن .وعي سردي مما يجعل القارئ يتشوق وهو يعيش أنفاس الرواية وأبطالها . لهذا وأكثر أين لي أن اجد عزاءات لا تقل روعة عن هذا الإبداع؟
This entire review has been hidden because of spoilers.