أبو المُظَفَّر أسامةُ بنُ مرشِد بنِ عليّ بنِ مقلَّد بنِ نصر بنِ مُنقِذ الكِنانيُّ الكلبيُّ الشَّيْزَرِيُّ (488هـ/1095م - 584هـ/1188م) المُلَقَّبُ بـ«مؤيِّدِ الدولة» و«مجدِ الدين». أمير وفارس من بني منقذ، وشاعر أديب ومؤرخ مسلم. عاصر الحروب الصليبية منذ أيامها الأولى، وعُمِّرَ حتى بلغَ عمرُه ستّاً وَتِسْعين سنةً، عاصر فيها سقوطَ عدةِ إماراتٍ إسلاميةٍ وظهورَ غيرِها، وخاض حروباً كثيرةً ضد الصليبيين، وقاد بعضها بنفسه. كما كان أسامةُ شاعراً أديباً، اشتُهر شعرُه وشاعَ في حياته وبعد موته. قال مُعاصرُه ابن عساكر: «له يدٌ بيضاءُ في الأدبِ والكتابةِ والشعرِ». وذَكَرَ أبو شامة المقدسي أن صلاح الدين الأيوبي كان شديدَ الإعجابِ بشِعره، «وَهُوَ لشغفه بِهِ يُفَضِّلُه على جَمِيع الدوّاوين».
كتاب جميل في الآداب للأمير أسامة بن منقذ المتوفى سنة 584 ويحوي الكثير من الأشعار والحكم المفيدة وزاد من قيمة النسخة التي لدي كونها بتحقيق الشيخ أبو الأشبال أحمد شاكر-اخو محمود شاكر- الذي خدم الكتاب خدمة عظيمة وخرج اياته واحاديثه وحقق الأبيات وقارن بين النسخ فأضاف للكتاب قيمة إضافية.
بدأت بقراءته قبل سنوات وتوقفت. ثم صرت أعود إليه بين فترة وأخرى. وهو كتاب جليل ألفه أسامة بن منقذ وهو في عمر 91 سنة كما في خاتمته للكتاب. وهو متنوع الأبواب وكل باب مرتب بترتيب سار عليه المؤلف دون إخلال؛ فهو يبدأ بذكر الآيات الكريمة ثم الأحاديث الشريفة ثم الشعر والنثر. وأذكر أن باب السياسة أحد أجمل الأبواب التي أعجبتني. وسيلاحظ القارئ سعة اطلاع الأمير أسامة بن منقذ؛ حيث يورد أقوالاً لفلاسفة اليونان والفرس، وإن كان بعض هذه الأقوال يظهر فيها النفَس العربي أو ما يُشك في نسبته. فعلى سبيل المثال ذكر أن أحد هؤلاء الفلاسفة قال: "ما أولى بنا القبول ممن عمل بالسُّنة وأمر بها". وهو قول غريب كما يُلاحَظ. والكتاب رائع في عمومه، وهو من الكتب المهمة في نظري، وكما ذكر محققه الشيخ أحمد محمد شاكر في مقدمته: "وسيرى قارئه أنه ينتقل فيه من روض إلى روض، ويجتني أزاهير الحكمة، وروائع الأدب، ويقتبس مكارم الأخلاق". وهو كذلك
ثاني كتاب أقرأه لابن المنقذ بعد أن قرأت سيرته الشهيرة (الاعتبار).
هذا الكتاب كتبه وعمره قد تجاوز التسعين ووضع فيه أبواب من الوصايا والآداب. وكما هو في هذه الكتب القديمة، أغلبه اقتباسات وقصص من العهود الأموية والعباسية أو كلام للحكماء من فرس ويونانيين. تحدث عن السياسة والكرم والشجاعة والأمانة والتواضع والصبر والحياء وذكر شعر كثير. قرأت الكثير من الكتب المشابهة له، إلا أنني وجدت اللغة المستخدمة في هذا الكتاب غريبة وثقيلة في بعضها. لم ترق لي أيضا القصص المذكورة التي جاءت وكأنها تميل لفئة معينة دون أخرى ! وكالعادة في مراجعتي لمثل هذه الكتب أقتبس من صفحاته كأسهل طريقة لإعطاء صورة عن الكتاب. الحظوظ مراتب
التوفيق حفظ التجربة
الدنيا تجبر كما تكسر، والدولة تقبل كما تدبر
ولتكن مشاورتك بالليل، فإنه أجمع للفكر، وأعون على الذكر، ثم شاور في أمرك من تثق بعقله ووده.
نفسك تقتضيك ما عودتها من خير أو شر
سُئل ذيوجانس: مالعشق؟ فقال: شغل قلب فارغ لا هم له
ولولا أن النفس غُولبت غلبت، وإذا زجرت لجّت وأبت، لكان اشتغال من بلغ من السنين إحدى وتسعين بأعمال البر والثواب أجدى من الاشتغال بتأليف كتاب..