للتو انتهيت منه بحمد الله.. كتابٌ أراد به الطوفي التعليق على الآيات المتعلقة بأصول الدين وأصول الفقه، وقد غلب جانب أصول الدين كثيرًا، وقدَّم للكتاب بمقدمة عن القدر وعن العموم والخصوص، ولا أدري لم خصّ الموضوعين، فهناك أحقّ منها بالتقديم أو ما يساويهما في الأحقية؛ كالمطلق، وتناوب حروف المعاني، والأسماء والصفات..
وقرّر أن على القارئ استصحاب ما ذكره في المقدمة؛ لأنه سيتكرر في صلب الكتاب، وفعلًا تكرر كثيرًا الكلام على القدر والخلاف فيه واستدلالات الجبرية والقدرية والكسبية.. أما العموم والخصوص: فلم يتطرق له، ثم لعله انتبه فجأةً في البقرة أنه لم يتطرق له :) فقال: فلنعد من بداية المصحف لذكر كل عموم ومخصص. والتزم هذه الجادّة إلى نصف القرآن تقريبًا، ولعلّه ملَّ فعادَهُ نسيانه ولم يعد يهتم بذكر كل عام ومخصِّصه! :) وفي البداية أجلى رد لمن زعم أن العمومات التي لم تخصص محصورة، بل هي كثيرة جدًا جدًا!
وبالكتاب استدلالات للنصارى، ويظهر به عناية الطوفي بمناقشتهم والمناقشات بين الأديان؛ كاليهود والمجوس والملاحدة والقائلين بالتناسخ.. الخ
وقد تجرّد الطوفي في هذا الكتاب تجردًا عجيبًا؛ فاعتنى بنقل أدلة الأقوال المختلفة، وهو في هذا يلتزم ذكر الأقوال بكل حياد، وقد يرجّح، وله عناية شديدة باستدلالات الشيعة، وكثيرًا ما يسكت عن أدلتهم أو ردودهم على السنة، بل وربما اختار غير قول مفسري السنة والشيعة، لكنه يكرر لعن الشيعة والدعاء عليهم؛ لذا فاعجب لمن يتهمه بالتشيع! ولعله لشدة تجرده في إيراد أدلة الشيعة وسكوته عنها كثيرًا: اتهمه من اتهمه بالتشيع، مع أنه خالفهم كثيرًا ولعنهم كثيرًا وأجاب عنهم في مواضع عديدة!
ومن هنا كان الكتاب ميدانًا لرياضة الذهن على مناقشة الأقوال والاستدلالات، والخوض مع الخائضين من العلماء المختلفين، والتفكير مع الطوفي والقائلين وأقوالهم، ودرسًا في التجرّد والحياد والصدق وتتبع الحق دون التفات للمسميات والانتسابات!
وبالكتاب استدلالات أصولية لطيفة، ولم يخل الكتاب من قصص له مع النصارى أو منامات وقعت له :)
أما بعد: فأعاد الله علينا وعليكم رمضان أعوامًا عديدة وسنين مديدة بخير وصحة وعافية نحن ومن نحب، والمراجعة التالية في رواية العيد إن شاء الله، وكل عام وأنتم بخير ❤️