أود أحيانـًا أن أخرج من قلبي جميع من أحببتهم، حتى لا أحزن يومـًا على فراقهم أو أناجي أشباحهم بقلب منفطر. بعض هؤلاء الرفاق، علَّمتُهم صناعة الطائرات الورقية، لكنني وحدي الذي طرت. يُلقيني الليل في مهب الحزن وحيدًا، مثل شارعٍ لم يجد عابرين. أجلس على الرصيف، مطأطأ الرأس. دمٌ على قميصي يخطُّ صراطَهْ ويبتكر ألمه الفريد.
ياسر ثابت، صحفي مصري، من مواليد ألمانيا عام 1964. حاصل على درجة الدكتوراه في الصحافة عام 2000. تتضمن قائمة مؤلفاته: أولًا: إصدارات باللغة العربية: «حياة جميلة مرت بجانبنا» (دار زين، القاهرة 2024) «سينما النهايات الخالدة» (دار اكتب، القاهرة 2024) «برتقال وأشواك: أدب برائحة البارود» (دار المحرر، القاهرة 2024) «سينما القلوب الوحيدة» (دار المحرر، القاهرة 2024) «سلاطين النغم: من الموشحات إلى الموسيقى التصويرية» (دار اكتب، القاهرة 2024) «عصر المدرجات» (دار اكتب، القاهرة 2024) «دليل مصور للملائكة» (دار المحرر، القاهرة 2024) «كشوف الخالدين» (دار اكتب، القاهرة 2024) «أفضل شركائي في الجريمة» (دار زين، القاهرة 2024) «صندوق العجائب: من الدراما إلى المقالب والفوازير» (دار المحرر، القاهرة 2023) «تاريخ الغناء الشعبي: من الموال إلى الراب» (دار دوِّن، القاهرة 2023) «تاريخ اليهود في مصر والعالم العربي: سنوات الظل والغموض» (دار دوِّن، القاهرة 2023) «مصر المدهشة» (منشورات إبييدي، القاهرة 2023) «سيرة الغبار» (دار زين، القاهرة 2023) «10 قبلات منسيّة» (دار زين، القاهرة 2023) «مشوار الخلود: سيرة محمد صلاح» (دار اكتب، القاهرة 2023) «جنرالات كرة القدم: من مارادونا إلى هالاند» (دار اكتب، القاهرة 2023) «جامعُ الشهوات» (دار زين، القاهرة 2022) «سقف العالم» (دار زين، القاهرة 2022) «كلَّ يومٍ شوق» (دار ميريت، القاهرة 2021) «الموسيقى العارية: أساطير في مملكة الغناء» (دار زين، القاهرة 2021) «طقوس الجنون» (منشورات إبييدي، القاهرة 2021) «مقامات الروح: دليل إلى الأغنية العربية» (دار خطوط وظلال، عمان 2021) «حكمة السيقان» (منشورات إبييدي، القاهرة 2020) «الرومانسيون» (دار زين، القاهرة 2020) «عادات الحب السيئة» (دار اكتب، القاهرة 2020) «صراع تحت القبة» (دار زين، القاهرة 2020) «خدوش إضافية» (دار زين، القاهرة 2020) «إثم قديم» (دار الأدهم، القاهرة 2019) «سعال وطني» (دار الأدهم، القاهرة 2019) «ولع» (دار الأدهم، القاهرة 2019) «الحرب في منزل طه حسين» (دار زين، القاهرة 2019) «عشاق وشياطين: التاريخ الممنوع للسينما» (دار اكتب، القاهرة 2019) «أبناء البكاء» (دار زين، القاهرة 2019) «الأهداف لا تعتذر» (دار اكتب، القاهرة 2019) «مراعي الذئاب» (دار زين، القاهرة 2018) «يطل الخجل من حقيبتها» (دار زين، القاهرة 2018) «موسوعة كأس العالم: من أوروغواي 1930 إلى روسيا 2018» (دار كنوز، القاهرة 2018) (طبعة ثانية، دار دوِّن، القاهرة 2022) «الملك والفرسان الثلاثة: عرب روسيا 2018» (دار كنوز، القاهرة 2018) «قبل الذروة بقليل» (دار زين، القاهرة 2018) «قانون رأس السمكة: أمة في خطر» (دار دلتا، القاهرة 2018) «لصوص وأوطان» (مركز الحضارة العربية، القاهرة 2018) «فاسدون والله أعلم» (دار دلتا، القاهرة 2017) «الوزير في الثلاجة: كواليس صناعة وانهيار الحكومات في مصر» (دار دلتا، القاهرة 2017) «أهل الضحك والعذاب» (دار اكتب، القاهرة 2017) «سيرة اللذة والجنس في مصر» (دار اكتب، القاهرة 2017) «موسوعة حصاد الأولمبياد: الدورات الأولمبية في 120 سنة» (دار كنوز، القاهرة 2016) «باشوات وأوباش: التاريخ السري للفساد» (مركز الحضارة العربية، القاهرة 2016) «خنجر في المرآة: نصوص ووجوه منسيـّة» (دار اكتب، القاهرة 2016) «جمرتان: تمارين على النسيان» (دار اكتب، القاهرة 2016) «الموت على الطريقة المصرية» (دار اكتب، القاهرة 2016) «حرائق التفكير والتكفير: شخصيات وصدمات» (دار اكتب، القاهرة 2016) «العصا والمطرقة: صراع السلطة والقضاء» (دار اكتب، القاهرة 2015) «صديق الرئيس: حكام مصر السريون» (دار اكتب، القاهرة 2015) «دين مصر: أمراء الدم والفيديو» (دار اكتب، القاهرة 2015) «وطن محلك سر» (دار اكتب، القاهرة 2015) «المتلاعبون بالعقول: سقطات الإعلام في مصر» (دار اكتب، القاهرة 2015) «حروب الهوانم» (دار اكتب، القاهرة 2015) «مصر قبل المونتاج» (دار دلتا، القاهرة 2015) «حكام مصر من الملكية إلى السيسي» (دار الحياة، القاهرة 2014) «غرفة خلع الملابس: وجوه وقياسات» (دار اكتب، القاهرة 2014) «أجمل القتلة» (دار اكتب، القاهرة 2014) «ذنب» (دار اكتب، القاهرة 2014) «الصراع على مصر: ذئاب مبارك والعهد الجديد» (دار كنوز، القاهرة 2014) «أيامنا المنسيّة» (منشورات ضفاف، بيروت/منشورات الاختلاف، الجزائر 2014) «تحت معطف الغرام» (دار اكتب، القاهرة 2014) «مراودة» (دار اكتب، القاهرة 2014) «زمن العائلة: صفقات المال والإخوان والسلطة» (دار ميريت، القاهرة 2014) «صناعة الطاغية: سقوط النخب وبذور الاستبداد» (دار اكتب، القاهرة 2013) «رئيس الفرص الضائعة: مرسي بين مصر والجماعة» (دار اكتب، القاهرة 2
هل أيامنا المنسية هي أيام الثورة أو الثورات، أم أيام الصبا وتفتح بذور الشباب، أم الاثنان معًا؟
رواية أقرب لمشاهد خاطفة خلال ست سنوات من ٢٠٠٨ ل٢٠١٤، جلها سياسة، بعضها دراما إنسانية، طابع إيجاز الكثير من الكلمات والمشاعر في جمل قصيرة(الذي يمتاز به الكاتب) غلب على هذا العمل، لا أنكر أني أحب أسلوب ياسر عامة؛ لكن هناك شيئاً ما ينقص هذا العمل، علها قصة حب دامية، علها عرض الوضع بحيادية أكثر، علها عدم تبني فكرة بذاتها، عل العبث والتُوهة التي تلبست الشخصيات هي ببساطة التُوهة التي أصابت كل المصريين بعد أن توّهت مصر نفسها.
حتى رواياتك يا كاتبنا العزيز تأريخ لمعنى الوطن، وما لاقاه من خطوب وويلات، لازلتُ أرى "ذنب" عندي أجمل ما كتب الكاتب روائيًا، وفي انتظار حضور أدبي أقوى، وأكثر استقرارًا في الأفئدة.
حسنًا؛ وهذه مشكلة العمل الأول لمن قضي وقتًاطويلا في العمل بالصحافة - أقصد الروية فقط و ليس الكتابة الأدبية - طيّب ، الكاتب يملك أدوات السرد كاملة حسب ما وصلت إليه قراءاتي، و لا ينقصه الخيال ؛ بل العكس ؛ هناك جملٌ منحوتة لا شبيه لها في تطرّف الخيال و إتّساعه : لا تلبسوا الأخضر . قلوبكم صحراء قاحلة ؛ لا تظلموا اللون . - أحاول بلا جدوي أن أرفع عن رأسي قبعة التفكير . الأرق لسعة بعوض ، تمتص نعاسك .. و تبث فيك الهواجس نكالا بنومك . ص 43 - تصمت و الصمت حيلة الثغر الجائع ص 121 - الكلمات القريبة إلي الهمس ، و الفراغات بين الكلمات ، كافية كي تحكي و تبوح لنا بكل الأسرار . تعلمنا كيف نختزل القبلة في مهاتفة ن والعناق في هدية ، و الشوق في رسالة نصّية ص 119 يمر مصوّر خمسيني.... تلك اليد التي ترتجف ، تلتقط لحظات الاسعادة حتي و إن كانت حزينة . كمتشعر الكاميرا بوحدة قاتلة ، رغم إحتضان المصور لها ص 27 - أتوق لأن يرتدينا الصباح ، فلا نتوب عن ملاعق السُّكر و ملاعب الأكواب الساخنة، التي تذيبنا ببطء . ص 32 - في عينيها زرقة ، كما لو أنها قصيدة لم تخرج بعد من البحر . تهوي وضع زبدة الكاكاو علي شفتيها ، فيبتلع الآخرين ريقهم ص 117 فيبتلع الآخرين ريقهم : فهمنا المعني بأناقة دون أيّ إبتذال ، الله ! الأجزاء الأيروتيكيّة بديعة للغاية ، إستخدمت فن الإيحاء لا البوح ، حسنا : المشكلة هي الوقوع في فخّ النبرة التقريريّة الصحفية . الروايةبمكن إعتبارها تأريخيّة لأحداث ما بعد الثورة و إنعكاس هذه الأحداث في حياة شاب ، بعد الثورة ؛ كُسٍرت حواجز كثيرة ، عُبّر عنها -بقصدٍ أو دون قصدٍ - . - من إنفراجة حلقة الخجل أو الخوف للدخول في تجارب جسديّة الصفحات من 127 إلي نهاية الفصل من أبدع ما يكون المشكل أن الرواية صارت سرد تقرير لوقائع نحن نعرفها ، من الممكن لو قرأها متحفّزٌ غريب عن اللسان العربي أو حتي مهتمٌ بمعرفة أحداث ما بعد الثورة أن تعجبه كثيرا ، لكن بالنسبة لي : مقدار الدهشة الذي تلقيته ليس عاليا كما كنت أتوقع - استشهاد بديع لجمال حمدان في صفحة 29 يلخّص اللاوعي الجمعي المصري و يشرّحه في سطر و نصف المشهد في صفحة 200 في حديث : في الطريق لزيارة عائلة جيكا ، و يدور حوار ثم فجأة يحدث كسر في 201 في الفقرة الثالثة : يقترب مني أبي و يربّت علي كتفي " المشهد غير متّسق زمنيا و هناك تفكّك في رأيي هناك خطأ موسيقي ورد و لابد أن أعلّق : الصفحة 140 : الحديث عن دارت الأيام " من مقام الفالس الغربي في -وصفولي الصبر إلي الحجاز المصري الشعبي المقسوم فورا في " عيني ،ن عيني ع العاشقين " المقام الموسيقي في تلك الجملة"عيني عيني ع العاشقين" ليس حجازًا بل و أبعد ما يكون عن أبعاده الموسيقية :المقام هو الرّست المُضمَّن الرّبع تون
الملاحظ هو أمانة الكاتب في الإستشهاد و الإشارة للمصادر حتي لو مقطع من ثلاث كلمات ذلك يثقل السرد بعض الشيء و لكن أري أنه من الممكن أن يكون هناك حيلة لذلك مع الإحتفاظ برونق التعبير البطل هنا هو الأحداث لا الراوي
ملاحظة سورياليّة :
أتت فصول الرواية في 28 فصلا ، هل قصد بذلك عدد أيّام فبراير الذي إنتهت فيه أيام الثورة الرسمية و هو عدد أيّام الشهر في السنة غير الكبيسة كترميز لإعطاء بعض الأمل ؟ أم أنه لم يكتبها في 29 فصلا متمثّلا الرقم في كونه يرمز للسنة الكبيسة ؟ أم ترانا كمصريّيّن تم التأريخ لأحداثٍ لنا في الرواية لم تكتمل دورتنا - كما تكتمل دورة الأرض الفلكية حول الشمس - و عني بذلك عدم النضج الكامل بعد ؟
نعود مرة أخري : التقريريّة زائدة جدا في صوت الرواية ، بالنسبة لقاريء يبحث عن الدهشة من الممكن أن نعتبرها تطهّرًا منها في العمل الأول وواثق أن صاحب العمل أدرك ذلك و أن القادم أكثر إبداعية .
مازلت أنتظر ظهور الفصل رقم 29 الذي يشرح لنا كيف نحن كمصريّيّن سننضج يوما ما
"علّمتني أيام ثورة يناير ألا أسأل أحداً عن انتمائه، فمن رفع علم مصر وهتف بمثل ما تهتف من أجل الثورة مرحباً به شريكاً...ليس لأحد الحق في توزيع صكوك الوطنية على أحد"
وكي لا ننسى...كانت رواية "أيامنا المنسية" توثق تفاصيل ثورة ثورة لم تكن ترجمة لأي ايديلوجيا ثورة لم يصنعها حزب ولا طائفة ولا قبيلة بل فعلا شعبيا عفويا بدأه الشباب "الجيل الذي صرخ بالنيابة عن أجيال الصمت"
ومع أحداث الرواية، نتابع يوميات شاب في الثورة المصرية على مدى خمس سنوات وذكريات تختلط فيها الهموم بالأمل، والحزن بالسعادة، وأحلام الأنا بآلام وطن منهوب متعب، فنتحول من مشاهد عن بعد إلى متابع من داخل المشهد نفرح معه في البدايات ونحن نشعر بهبوب رياح التغيير حين "يستحيل الليل الى أمل" ونتألم معه كلما تساقط حوله رفاق الدرب كأوراق الخريف في ربيع العمر يموت مينا.. "عندما ينزف الوطن لا يدقق أحد في هوية أصحاب الجرح، يتكلم الدم فيصمت الجميع" ثم يتبعه جيكا... "هذا الثقب في جسدك اسمه الوطن" ونتساءل معه... "نموت نموت...فلماذا لا تحيا مصر؟"
وتأخذنا الرواية بسرد شاعري ممتع، الى فضاء المكان والزمان، فنقرأ على مهل مفرداته واحد تلو الآخر...كي لا ننسى
جبت الرواية دي بالصدفة، كنت بقلب بين الكتب القديمة والروايات المستعملة في أحد مكتبات الأزبكية وفجأة لقيت اسم ياسر ثابت ، في الأول استغربت وسألت البياع هو دا ياسر ثابت الكاتب الصحفي المعروف ؟! ، هو كتب أدب امتى ؟! ، أكد لي انه هو ومش تشابه أسماء ، مسكت الرواية ومن اسمها و غلافها الجميل خمنت انها أكيد رواية عن يناير بنكهة سياسية واجتماعية ، وبعدين قريت المكتوب على الضهر انها بتحكي قصة شاب عايش وشارك في "أيامنا المنسية " الأحداث من ماقبل يناير ٢٠١١ إلى ما بعد يونيو ٢٠١٣ الحقيقة أنا من الأشخاص اللي ندمانه انها اجتازت الفترة دي والثورتين مش بس بلا مشاركة ، لكن حتى بلا أي رأي أو موقف رصين وواعي ، مجرد شاب يحلم بالتغيير والقضاء على الفساد لكن بلا وعي أو توجه سياسي معين ، كانت فترة الثانوية ومكنتش لسه بدأت قراية وابتديت أكون أرائي ، عشان كده كان عندي دايما رغبة اني أقرا أي كتاب ييجي قدامي عن الفترة دي ، مش بس كتب السياسة والاقتصاد ، كنت بدور على الأدب
الرواية دي إلى حد كبير نجحت في سد الفجوة دي ، خلتني أعايش كل الفترة دي باحداثها ماسبيرو ،مجلس الوزاء ، محمد محمود، مجزرة بورسعيد،الاتحادية ، المجلس العسكري.
ممتن لياسر ثابت انه حققلي الرغبة دي ، وانه طلع أديب جيد جدا -وإن تفاوت المستوى أحيانا في الرواية- لكنه لايقل كفاءة عن مستواه كباحث وصحفي جاد
الحياة اليومية في القاهرة في سلاسة وتتابع شيق يوثق أياما مفصلية في تاريخ مصر.الرواية المصرية تتفوق دائما في أن تمنح القراء فضاءات الأمكنة ليعيشوا كما لو كانوا أبطالا حقيقيين في الرواية
"إن جروحي تتعقبني وتغذ الخطى في أثري كالسعار. كم قطبة تكفي لرتق جروح ذاك الذي يحمل على ظهره خسائر الآخرين؟ اضع حاجزا بيني وب��ن النهايات الصماء، وأقاوم السواد بألوان الحياة. افتح كتاب ايامي، أنا الذي خلقت لأنسى. أنفخ بقوة في الشمعة المتقدة، علَّها تنطفئ. أنفخ.. أقطع كعكة الزمن.. وأيمم وجهي شطر النسيان."
ابدأ المراجعة باقتباس سطور من نهاية الرواية الرائعة للكاتب الكبير والمكتبة التاريخية دكتور ياسر ثابت
فكما قال عن لسان بنجامين فرانكلين منذ أكثر من مائتي عام : "إن هؤلاء الذين يضحون بالحرية مقابل الأمن ..( والاستقرار ) لا يستحقونها"
فنحن أمام عمل يصف بشكل حسي وتتابعي وملحمي أحداث آخر ست سنوات من تاريخ بلدنا الحبيب منها ثورتنا المجيدة في ثمان وعشرين فصل بعدد أحرف أبجديتنا ويبدأ كل فصل باقتباس جميل ومميز من مختلف أصناف الأدب والشعر والصحافة والأقوال المأثورة وحتى أناشيد ألتراس.
أتذكر قول كاتبنا العظيم " الكاتب الجيد هو قارئ جيد " .. وانت يا دكتور موسوعة في التاريخ. الاقتباسات تدل على عمق ثقافة الكاتب الكبيرة. كما نجد بين طياتها أقاصيص وسطور غرامية مكتوبة بعناية ولمسة أدبية جذابة. العنوان يصف ويشف حال تلك الفترة المخطوفة المنسية من تاريخ بلدنا من خلال وصفه التدهور والخراب بها. أعجبت كثيرا بحيادية الكاتب السياسية، بل نراه منحازا للشعب من خلال تسليط الضوء على عادات المصريين مثل عادة شق البحر في دمياط والمدن الساحلية. كما أبرز تكاتفهم في الشدائد مثل مواقف أهل منطقة السيدة زينب بجوار مشرحة زينهم لأهالي القتلى والشهداء. تأثرت كثيرا لسطور سقوط واستشهاد الكثيرين. مثل جيكا وغيرهم، كما تأثرت لهول ما قرأت عن مشرحة زينهم.
في المجمل فنحن أمام عمل رائع ، سهل اللغة ، غني بالمعاني والتشبيهات والإسقاطات. الاحظ ان الكاتب لم يذكر اسم البطل .. لا ادري هل ذكره الكاتب ونسيته أنا ؟ أم لم يذكره الكاتب فعلا ؟ وإذا لم يذكر اسمه، فما معنى هذا ! .. لا أدري.
اكثر ما اعجبني هي تعبيرات واقتباسات الكاتب.
"متى ظهرت فكرة العبودية تاريخيا ؟ بل قل متى ظهرت فكرة الحرية ! إنها وليدة سلوك الإستعلاء ونظرة التفوق لدى بعض الأعراق والأجناس وربما الأديان، التي تمهد للعبودية ، ثم يفتح لها الباب انحناء الآخرين واستسلامهم لهذه الأفكار البغيضة والنظريات الفاسدة. يعيش العبيد في مجتمعات ضيقة النظر والمخيلة، لا تمنح أفرادها خيارات تُذكر، وتروضه وتستأنسه حتى يتشابه مع الآخرين. ولهذا لا تستغرب إن كان مجتمع العبيد - حتى وإن بدا في مظهره حرا - يتألف من نسخ متطابقة عن بعضها البعض. هؤلاء ليسوا سوى مسوخ تخلوا عن نعمة التفكير وحق الاختيار، وارتضت لها الذلة والخضوع."
"سألتها ذات يوم عن اسرار القهوة، فقالت مبتسمة: الهيل عبق سرمدي، والقرنفل جماله متفرد، وحبات بن الحبشة مس من الجنون؛ من حلاوته لا يعرف الا طيف النار، فإذا به ينضج.. وننضج معه."
"سقطة رجل الدين تكون أكثر دويا من سقوط الراقصة؛ لأنها تقع من أعلى المسرح ومن أعين جمهورها فقط، أما رجل الدين فسقوطه من السماء السابعة."
رواية الثورة المصرية..بدءا من ماقبل ثورة 25 يناير ووصولا الى بداية عبادة الرب الجديد "السيسي".. ياسر ثابت قال كل مايمكن قوله عن هذه الفترة التي عاشها الشعب المصري..بعض الاجزاء كان من الممكن الاستغناء عن سردها..