العلاّمة الإمام عبد الحميد بن باديس، من رجالات الإصلاح ورائد النهضة الإسلامية في الجزائر و مؤسس جمعية العلماء المسلمين بالجزائر.
هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن بركات بن عبد الرحمان بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري يوم الأربعاء 11 ربيع الثاني 1307 هـ الموافق لـ 4 ديسمبر 1889 م ..
شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية ومن الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين ويعلم كيف تكون النهضة. يقول«' إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة. ».
وهو عالم مفسّر، فسّر القرآن الكريم كلّه خلال خمس وعشرين سنة في دروسه اليومية كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة، وهو سياسي كتب في المجلات والجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين وخاصة في الجزائر ويهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية ويشرح أصول السياسة الإسلامية، وقبل كل هذا هو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ويسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة. إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر، وقليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس ؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة، ولكن حلمه لم يتحقق، ونظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد، فإصلاح الفرد هو الأساس. طريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما ذكر الشّيخ الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: "كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم وإنما نربيه على فكرة صحيحة"
ينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم والتي كانت تهتم بالفروع والألفاظ - فيقول: "و اقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها" المصدر السابق ص141. أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في "الشهاب" وغيرها ومن دروسه في التّفسير والحديث لم يصلنا كل ما كتبه أو كل ما ألقاه من دروس في ال
ما اعظم فضل الله عندما يهب ويمن على أحدٍ من عباده بعقل نير وفصاحة لسان وقدرة على البيان ويزيد من فضله وبركته فيرزقه نورًا ليتدبر به آيات كتابه العزيز ويلهمه علم صحيح على صراطه المستقيم ليستنبط به غيض من فيض آلاءه في تفسير أحكام ثمانِ عشر آيه أنزلت من رب العالمين هداية وعدل ورحمة ليكتبها هذا العالم الجليل عبد الحميد بن باديس جامعًا لأصول الهداية في رسائل متفرقات لتتم دائرة فضل الله فيطلع عليها عباده فتزيدهم هدى من ربهم ورحمة فاشتملت الرسائل على تفسير ثمانِ عشر آيه من سورة الإسراء تجلت فيها قدرته التفسيريه وعلمه الواسع بأحكام كتاب الله وإلمامه بقواعد النحو والبلاغة وجمال التعبير والبيان فيخرج من الآيه الواحدة معانِ المفردات والتراكيب والأحكام المتعلقة بها وما بها من علوم النحو والبلاغة وآيات قرآنية على علاقة بها لإتمام وإكمال المعنى والاستشهاد وما اشتملت عليه من مسائل فقهية ويخاطب القاريء بِمَا يجول في نفسه بجميل كلام الرقائق ثم يحتضن هاتيك الدرات الغاليات بخير ما أنزل على محمد صل الله عليه وسلم وألماسة هذا الدين وسبب خيريته على الأولين .. التوحيد الذي هو أصل هذا الدين وبه يتم الحفاظ على فروعه وبه يكون البدء والختام فكانت مفتتح الآيات ( لَّا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولًا ) الإسراء : ٢٢ وختمها بقوله تعالى ( وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) الإسراء : ٣٩
*بيان من الله تعالى لخلقه بأن الدين هو أصل هذه الكلمات كلها وهو سياج وقايتها وسور حفظها وأن التوحيد هو ملاكُ الأعمال وقوامها ومنه بدايتها وإليه نهايتها .. كذلك المسلم الموفق يبتديء حياته بكلمة التوحيد حتى يموت عليها فالله نسأل كما من علينا بها في البداية أن يمن علينا بها في النهاية اللهم هذا لنا وللمسلمين أجمعين *
يا قبر طبت وطاب فيك عبير …*… هل أنت بالضيف العزيز خبير؟ هذا (ابن باديس) الامام المرتضى …*… (عبد الحميد) الى حماك يصير العالم الفذ الذي لعلومه …*… صيت بأطراف البلاد كبير بعث الجزائر بعد طول سباتها …*… فالشعب فيها بالحياة بصير .... نم هادئا فالشعب بعدك راشد …*… يختط نهجك في الهدى ويسير لا تخش ضيعة ما تركت لنا سدى …*… فالوارثون لما تركت كثير نفحتك من رحمات ربك نفحة …*… وسقاك عيث من رضاه غزير
سأله يوما أحد طلبته: لم لا تؤلف الكتب أيها الشيخ؟. فأجابه رحمه الله: (إن الشعب ـ يا بنيّ ـ ليس اليوم بحاجة إلى تأليف الكتب بقدر ما هو في حاجة إلى تأليف الرجال.. هَبْ أني انصرفت إلى التأليف وانقطعت عمّا أنا بصدده من نشر العلم وإعداد نشء الأمة فمن يقرأ كتبي وتآليفي..)؟.
كلّ جزائري يعرف عبد الحميد بن باديس رائد النهضة .. والذي نحتفل بيوم العلم في ذكرى وفاته (صراحة لا أعلم أهو احتفال بوفاته أم تخليد لجهوده كما يدعون ؟؟؟)
الكتاب جميل جدا و زاخر بالمعلومة الدينية واللغوية ... لكن بصراحة لولا توجهي الأدبي فما فقهت حرفا مما احتواه... وجدت نفسي ألوم روحه إذ أن الكتاب موجه للنخبة في الجزائر المستعمرة أنذاك و لا يمكن لمواطن درس على يد الاستعمار استيعاب ذلك الكم من التفاصيل ..
ليتني كنت موجودة أنذاك لأوجه له هذه الملاحظة فهو الأب الروحي لكلّ دعاة الاصلاح ابّان الثورة وبعدها رحمه الله وجزاه خيرا وأسكنه فسيح الجنات
"{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} .... والمخاطَب بهذا الخطاب: 1) إمَّا مفرد غير معين، فيشمل جميعَ المكلفين غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه كان يأخذ لعياله قوت سنتهم حين أفاء الله عليه (النضير وفدك وخيبر)، ثم يصرف ما بقي في الحاجات حتى يأتي أثناء الحول وليس عنده شيء، وما كان ملوماً ولا محسوراً، بل كان على ذلك صباراً شكوراً مشكوراً.
2) وإما هو النبي -صلى الله عليه وسلم- والمراد أمته، وعادة العرب أن تخاطب سيد القوم، تريد القوم، وتعبر بالمتبوع عن أتباعه، ونظير هذه الآية في ذلك: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} (1) {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (2) فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم غير داخل في هذا الخطاب بإجماع، وقد تقدم قوله تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} ، يعني الوالدين، وكان والداه عليهما الرحمة توفيا، فلم يدخل في الخطاب قطعاً، فكذلك هنا.
قال الإمام ابن العربي -رضي الله عنه- في تعليل عدم دخوله في هذا الخطاب، لما هو عليه من الخلال والجلال، وشرف المنزلة، وقوة النفس على الوظائف وعظيم العزم على المقاصد: ((فأما سائر الناس فالخطاب عليهم وارد والأمر والنهي-كما تقدم- إليهم متوجه. إلا أفراداً خرجوا من ذلك بكمال صفاتهم وعظيم أنفسهم، منهم أبو بكر الصديق خرج عن جميع ماله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقبله منه الله سبحانه، وأشار على أبي لبابة وكعب بالثلث من جميع مالهم لنقصهم عن هذه المرتبة في أحوالهم. وأعيان من الصحابة كانوا على هذا، فأجزاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه، وائتمروا بأمر الله واصطبروا على بلائه، ولم تتعلق قلوبهم بدنيا، ولا ارتبطت أبدانهم بمال منها، وذلك لثقتهم بموعود الله في الرزق وغروب أنفسهم عن التعلق بغضارة الدنيا. وقد كان مِن أشياخي مَن ارتقى إلى هذه المنزلة فما ادَّخر قط شيئاً لغد ولا نظر بمؤخر عينه إلى أحد، ولا ربط على الدنيا بيد)). فههنا ثلاثة أصناف من الخلق: - الأعم الأكثر، وهم أهل الحظوظ البشرية. - والقليل وهم الذين ضعفت فيهم حظوظهم. والأقل الأندر وهم الذي زالت منهم تلك الحظوط.
وقد أفادتنا السنة العملية المتقدمة في كلام الإمام ابن العربي أن لأهل الصنف الثاني أن يخرجوا عن كثير من أموالهم على مقدار ما بقي من حظوظهم، وأن لأهل الصنف الثالث أن يخرجوا منها كلها، وأما أهل الصنف الأول فلا يخرجون من الوسط الذي بيّنته الآية. وقد جاءت الآية الكريمة على مقتضى حال الأعم الأكثر لأنها قاعدة عامة في سياسة الإنفاق، وشأن القواعد العامة أن يعتبر فيها جانب الأعم الغالب ولا يلتفت للنادر. وقد وكل للنبي صلىَّ الله عليه وآله وسلم بيانه، فجاء مبيناً فيما تقدم من سنته. وتقررت القاعدة واستثناؤها من الكتاب والسنة وهما مصدر التشريع."
شاء الله أن أنهي الكتاب -الذي درسته بتأمل- يوم 16 أفريل الذي يوافق يوم العلم بالجزائر، ذكرى وفاة الإمام ورائد النهضة الجزائرية من بين أنقاض الاستدمار والاحتلال.. فرحمه الله رحمة واسعة و جعل قبره روضة من رياض الجنة. الكتاب تفسير لأول 18 آية من سورة الإسراء وهو اختيار متميّز حقيقة سيدركه القارئ حين يكمل القراءة.. أبدع فيها الشيخ بلغة مبسطة ميسّرة جامعة للاختصار والمعنى والجمالية، تنمّ عن سعة اطلاع وتمكّن كبير من اللغة و البلاغة وفهم لسنن الكون و نواميسه كما لرسالة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام.. فكان على صغر حجمه قاعدة متكاملة لفهم أصول الهداية حقاً..
يذكرني الكتاب بتفسير الشعراوي، إلا أنه منظم أكثر، يبدأ بذكر مناسبة الآية واهميتها بالنسبة لأصول الهداية، ومن ثم شرح مفرداتها وتراكيب الكلمات واصولها ومادتها واعرابها احيانا، ومن ثم يفصل في شرح معنى الآية بالاضافة لبعض اللطائف والملاحظات، بلغة بسيطة ايضًا