يندرج كتابي هذا في حقل دراسة تاريخ الأفكار، ويستند إلى منهج يقوم على التمييز بين الدين، من جهة، والفكر الديني/ من جهة ثانية، أي التمييز بين المقدس والبشري، بين المطلق والنسبي، بين الثابت والمتحوّل. وينحصر غرضه في تتبع المواقف التي برزت، منذ القرن الثاني ؤللهجرة وحتى اليوم، تجاه مسألة الجهاد. أما تحليل أو تفسير مفهوم الجهاد في النصوص التأسيسية للإسلام، وتحديداً في القرآن وفي الأحاديث النبوية، فلن يدخل ضمن أغراض هذا الكتاب، على اعتبار أن هذه المهمة تتجاوز إمكانياتي وحدود تخصصي. أما إشكالية البحث، فهي تتمحور حول العلاقة بين النصوص التأسيسية وتفسيرها، أو تأيلها، ويحتويها السؤال التالي:إذا كان مفهوم الجهاد يجد سنده في القرآن وفي الأحاديث النبوية، فكيق تعامل المعبّرون عن الفكر الإسلامي مع هذا المفهوم عبر مراحل التاريخ الإسلامي؟.
مؤرخ فلسطيني وباحث متفرغ في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت. حائز درجة دكتوراة دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة باريس الأولى-السوربون سنة 1982، ودرجة دكتوراه حلقة ثالثة في التاريخ المعاصرمن الجامعة نفسها سنة 1977. كان أستاذ التاريخ العربي في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، دمشق ثم بيروت. وهو الآن باحث في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في بيروت، وعضو اللجنة الدولية المشرفة على فصلية "أبحاث دولية" في باريس، وعضو لجنة تحرير "دفاتر مجموعة الأبحاث والدراسات حول المغرب العربي والشرق الأوسط" في باريس.
فالمعسكر الاصلاحي في الاسلام والذي بدأ مع الافغاني ومحمد عبده والذي كان يؤمن في نواته الداخلية بموضوعات السلم وجوهر الأديان الابراهيمية المشترك في اصلاح الانسان والتركز على (الجهاد الاكبر) المنشغل بالنفس ومحاولة وضع اسلام انساني لا يعادي الاديان العالم الآخر فهو متصالح مع الحداثة والذي لا يؤمن بالجهاد الا على المستوى الدفاعي.
واما على المعسكر المقابل فهنالك رشيد رضا الذي قضى شطر من عمره مع الاصلاحيين ثم انتهج اسلوب متزمت وينسحب ذلك بالتأثر لحال البلدان الاسلامية والاطماع الاستعمارية الاوربية بعد انهيار السلطنة العثمانية ومسألة فلسطين وبعدها تشكيل جماعة الاخوان المسلمين والاعلان الذي اطلقه البنا والتطورات عند ابو الاعلى المودودي وسيد قطب حتى مرحلة ماقبل الربيع (لان الكتاب صدر في العام 2008) وكل هذه الاسماء تقع ضمن المعسكر المؤمن بالجهاد الهجومي واقامة دولة الاسلامية وبأن الفئة المؤمنة هي "الطليعة المقاتلة" التي ستعمل على اسلمة المجتمع والدولة واخراجها من طور "الجاهلية".
ثم في أواخر الكتاب يتحدث عن آخر الاصلاحيين (محمد شحرور) وكيف انه يؤكد على الخروج من تحت عباءة الامام الشافعي في مسألة الجهاد خصوصاً.
يختفي صوت المؤلف وهو يسرد صراع النصوص والافكار والتأويل ويظهر في خاتمة الكتاب ليوجز لنا ماجاء في الكتاب دون ان يطرح ميله الى اي جانب (وانا اعتقد انه يقف مع الجانب الاصلاحي).