الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، وبعد..
في أحد الأيام جاءني أحد الأصدقاء يطلب مني شرح قول الإمام الصادق (ع) في زيارته لأبي الفضل العباس (ع): "أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة..."؛ وذلك ليشارك في إحدى المسابقات، فكتبت له صفحتين في الدروس الأخلاقية المستوحاة من قول الإمام الصادق (ع) في حق أبي الفضل العباس (ع)، وبعد فترة من الزمن رأيته، فقال لي: (لقد فزنا في المسابقة)، فرأيت عندها أن يكون ذلك كتابًا يتناول إحدى جوانب حياة المولى أبي الفضل العباس (ع) بشكل مستقل، وإن كان حريًا بنا أن نقدم دراسة متكاملة لشخصية مثل شخصية أبي الفضل العباس (ع)، ينظر فيها إلى جميع الأبعاد المرتبطة بهذا البطل الفذ الذي لم تلد البطون ولم تر العيون مثله أبدًا، ولكن هذه الدراسة تحتاج إلى الوقت الكبير والتفرغ، لذا قررت أن يتناول الكتاب الدروس الأخلاقية المستلهمة من مواقف العباس في كربلاء أو من أقول الأئمة (ع) في حقه أو من غير ذلك، فوفقني الله تعالى لجملة من تلك الدروس التي وقفت عليها وقد أسميته: (دروس أبي الفضل العباس (ع) في مكارم الأخلاق)،. ولهذه الفكرة فوائد عديدة، نذكرها هنا:
١- إن كثيرًا من الناس قد تعلقت قلوبهم بهذا الهمام الضرغام، فهم على استعداد للاقتداء به متى ما أطلعوا على أخلاقه وصفاته لشدة تأثرهم به (ع).
٢- إن أبا الفضل العباس (ع) لم يكن من الأئمة الإثني عشر (ع)، ومع ذلك فقد وصل إلى ما وصل إليه من المقامات الأخلاقية الرفيعة، مما سنعرفه من خلال الدروس القادمة.. وهذا ما ألزم حجة علينا بتهذيب أنفسنا وإخضاعها إلى الطريق السليم الصحيح نحو الله تعالى...
٣- إن ذلك نافع لخطباء المنبر الحسيني الشريف (أعلى الله شأنهم) في محاضراتهم في ربط الموضوعهات الأخلافية بمواقفة وأحواله..
٤- إن هذا الكتاب يعد جمعًا لموضوعين مهمين في كتاب واحد، وهما: (الأخلاق)، و(حياة سيرة أبي الفضل العباس(ع(.
٥- من أجل أن أبرئ ذمتي أمام الله تعالى وأمام القارئ الكريم؛ وإنما أثبتها فقط من أجل أن أخدم أبي الفضل العباس (ع) من خلال إبراز أخلاقه الحميدة وكثير مما ذكر لا نعرف عنها إلا اليسير.
وعلى كله فلله الحمد والشكر على هذه النعمة أن جعلني خادمًا حقيرًا صغيرًا من خدمة قمر العشيرة وصاحب اللواء (عليه آلاف التحية وأزكى السلام). فإن كاتب هذه السطور غارق في القصور والتقصير.