هذا الكتاب إطلالة.. من نافذة ذهن ارتبط بها وإن تشكل خارجها. ولعل هذه المفارقة تسمح بالحديث عن درنة من أكثر من زاوية. ثمة خيط رفيع من ذكريات الطفولة، وعواطف اقاربي وحكاياتهم، يربطني إلى درنة.. فهي موطن أسلافي لأكثر من ثلاثة قرون على الأقل. ومرقد جدي الأول سيدي امحمد بي. لكن موقع درنة في الوجدان أكبر وأهم، ربمأ لأن صورتها في الخيال الصحراوي الليبي، أقرب إلى جنة الفردوس.. خضرة وماء رقراق و.. أو هكذا بدت. وبفضل تراثها الأندلسي الذي أكد على العمارة والزراعة والمعرفة، قدمت درنة مجتمعًا متقدمًا في أعرافه وقيمه وتقاليده. وبلغ الإسهام الدرناوي ذروته في تأسيس الدولة الليبية الحديثة بعد الحرب العالمية الثانية، حين قدمت المدينة/المجتمع نسبة عالية من رواد النهضة التعليمية وكثيرًا من رجال الإدارة الفاعلين. وفي ظني أن درنة عبر حقب التاريخ الحديث، استمدت بعض قدرتها وطاقتها وحماسها، من قربها لمصر والأزهر. لكنها كانت ايضا غنية بمعلميها وشيوخها وأوليائها وزواياها. ولذلك حين كان يذكر إسم درنة، كان لا بد من قول ’’ إبريْكت صِلاحها ‘‘.. ولعل استعمال مصطلح صلاحها له دلالة خاصة, بينما العادة في بقية المدن والقرى والواحات الليبية أن يشار للأولياء بالمرابطين. لكن هل يا ترى أمست درنة أسطورة.. بخضرتها وأمجاد نخبتها؟ وأنها قد تحولت اليوم إلى مدينة عادية.. لفضل الهجرة منها وإليها وسبل الإتصال والمواصلات الحديثة؟ درنة الماء الحلو، والموز والزهر.. والحبق والمردقوشة.. واللكنة الملحونة.. هل أمست جزءًا من التاريخ؟ ماضي لن يتكرر؟
- طبيب وكاتب وباحث في مجال التاريخ الليبي الحديث. - ولد الدكتور محمد محمد المفتي في مدينة درنة سنة 1943. - تخرج سنة 1968 من كلية الطب حامعة ليدز في بريطانيا . - يعمل مستشارا للجراحة العامة بمدينة بنغازي. - نشر ابحاثا طبية وجراحية في الدوريات العلمية والف عددا من الكتب الطبية باللغتين العربية والانجليزية . - يعتبر الدكتور المفتي من الكتاب الليبيين المتميزين في التاريخ الاجتماعي الليبي .
- ومن اهم كتبه:
- هدرزة في بنغازي.. هوية المكان. - غمق زلة: دراسات واحتفاء بعطاءات مبدعين ليبيين. - هدرزة في السوق. - الايام الطرابلسية. - سهاري درنة.. التاريخ الاجتماعي للمدينة. - ع الكورنيش.. مشاهد من المجتمع والثقافة 1941-1961. - هذا الوطن الذي يسكننا.. روافد الهوية الوطنية. - السعداوي والمؤتمر بين التمجيد والنسيان. - العين والانامل.. المنهج والممارسة في الطب العربي الاسلامي. - توطين العلم أولا. - الطب الحديث.. ممارسة الى علم تجريبي. - توطين العلم والتقنية.. الطموح والمعوقات. - تاريخ الاوبئة.
أنهيت الكتاب وفي قلبي ألم على مآ آل إليه حال هذه المدينة ! درنة بشلّالها ، بضلالها الوارفة وعراقتها و مبانيها التي استمدت جمالها من بقايا التراث الأندلسي ،، درنة بثقافة ساكنيها ورقيّ طباعئهم تعاني الآن من صراعات داخليه تفتك بأبنائها ! رحماك ربي بها وبمن حولها اللهم أجرنا من كيدهم ......... في البداية عرض لبداياتها ثم الانتقال إلى الاحداث التي دارت خلال الحروب وجميع الظروف التي مر بها أبنائها ،، كما تعرض اهم الشخصيات والمدارس والمؤسسات الحكومية في ذلك الوقت .. بعض ااحداث والاقتباسات صيغت باللغة العامية ، وهذا ما أجده يجعل الكتاب قريباً من القاريء ملامساً لهويتنا ك ليبيين