أحمد الشيخ مولع بالحكايات عن الناس... مجموعة النبش في الدماغ حالات من الاتصال والتواصل الرائع مع البشر وأفكارهم
في قصة إدعاءات المواطن سخم سخام رع يعيد الكاتب طرح السؤال الأهم... هل تبقى آثار حضارة الأقدمين في بلادنا عرضة للتدمير والسرقة أم تنتقل إلى بلاد وشعوب يعرفون قيمتها
مجموعة قصصية جميلة كُتبتْ في السبعينيات. العمل الثاني الذي أقرؤه لأحمد الشيخ بعد "حكايات المدندش" ، والتي كان تقييمي لها متوسطا. ولكن هذه المجموعة أعجبتني أكثر، فبينها قصص جميلة ومكتملة. منها قصة "شوق" التي تدور في كفر عسكر، القرية المتخيلة التي كتب عنها الشيخ سلسلة من القصص والروايات ورسم لها ملامح خاصة، وهي قصة قصيرة تسرد بشكل مكثف سريع، مثل قصص ماركيز التي تختصر ما يمكن أن تُكتب منه رواية، قصة انهيار رجل طاغية، وإصابته بالانحلال والعته.٠ ومنها قصة" المغازل" وهي قصة نجيب محفوظية تتناول ظاهرة الإرادة البشرية التي تستميت في تشبثها بالحياة ويجعلها هذا تثب بخطوات جريئة، تناقض تعقلها وترددها، لتفعل ماهو خارج عن المألوف. وهي قصة حب قامت علي جولة في أنقاض مدينة دمرتها الحرب، لترسم صورة متحدية علي مسرح مكشوف تترصده العيون المتلصصة من "المغازل"، وهي أماكن مرتفعة لترصد تجمعات العدو من بعيد.٠ ومنها قصة "غياب المواطن سيد غزال" التي أعتبرها أجمل قصص المجموعة، وهي قصة جوجولية بامتياز، نسبة لجوجول، تتناول بشكل ساخر ومُشفق، أحداث يوم واحد من الحياة الرتيبة لموظف بائس، لا يوجد ما يميزه إلا شيء واحد فقط، وهو هوايته المحببة في استدعاء ذكريات عن شخصيات هامة من صفحة الوفيات وسردها علي الموظفين الآخرين بأسلوب شيق. وينتهي اليوم بوفاة الموظف المباغتة في غرفته التي يسكنها وحيدا، لتندثر هوايته التي شعر زملاؤه بغيابها ولم يشعروا بغيابه، لأن وجوده بأكمله كان قد اختُزل فيها، وهو ما مثّل عنصر السخرية والمأساة معا في القصة.٠ وربما تكون هذه جميعا قصصا تستقي جمالها من تمثّلها الدقيق لأنماط كتابية أخري، او لأرواح كتّاب كبار آخرين، ورغم ذلك شعرتُ احيانا بنبرة تخص الكاتب، وأوضح قصة شعرت خلالها بنبرته وشعرتُ بأصالتها هي قصة "الوارث والميراث" التي تنوح خلالها بشكل يمزّق القلب روح الشخص الناقم علي والده، ومع ذلك المضطر إلي أن يحمله في شيخوخته بعد أن فقد كل جبروته وتحول إلي بقايا رجل.٠