يعتمد هذا الكتاب على المذكرات – التي دونُتها يومًا بيوم – والتي تغطي الفترة الممتدة من يوم اغتيال الرئيس أنور السادات في 6 أكتوبر 1981 وحتى شغلي منصب «السكرتير العام لهيئة الأمم المتحدة » في الأول من يناير 1992 . وبالتأكيد، فإن المذكرات اليومية التي دونتها ليست كاملة؛ ففي أغلب الأحيان كنت أغفل ذكر أحداث مهمة، وأحيانًا كنت أكتب تعليقات مُطوَّلَة عن أحداث ثانوية. وبعد عدة سنوات من تدوين تلك اليوميات، وعندما بدأت في إعدادها للنشر، لم أمحُ ما دونتُه في حينه –حتى ما أثبتت الأيام أنه كان خطأ في التقييم- ولم أحاول إخفاء جهلي ببعض الوقائع. لقد دونت الأحداث والمشاعر بأمانة. وآمل في أنها ستتيح للمؤرخين - في المستقبل - تحليل السياسة الخارجية المصرية، تلك السياسة التي توليتُ إدارتها لمدة عشر سنوات في عهد حسني مبارك، . ولعل أهم ما بهذه الصفحات من أسئلة هو ما يتعلق بالتردد المصري في تفضيل العمل على مسار النيل أو العمل في القدس وما حولها. فإذا ما كان النيل يمثل لمصر المستقبل والحياة، خاصة وأن المياه ستصبح أكثر ندرة وقضايا البيئة ستصبح أكثر إلحاحًا، وتداخل مصالحنا مع القارة الإفريقية ... ليس له من نهاية، فإن القدس تمثل العالم العربي، والتاريخ القريب، والإغراق التلقائي في التعامل مع قضايا لها أبعاد ذاتية، لبعضها بُعد ديني. إن الأجيال المقبلة هي التي ستتولى مهمة تخطي مشاكلنا وتجاوزها. ومن أجل هذه الأجيال المقبلة، حرصت على كتابة هذه المذكرات لكي تفهم الأسباب البعيدة للأزمة التي ستتولى هذه الأجيال حلها لكي تستطيع الدبلوماسية المصرية استعادة تألقها، على المستوى الدولي وتساهم في جعل «العَوْلَمَة » نظامًا ديمقراطيًّا
بطرس بطرس غالي، دبلوماسي مصري، ولد يوم 14 نوفمبر 1922. كان الأمين العام السادس للأمم المتحدة للأعوام 1992 - 1996م، وهو حفيد بطرس نيروز غالي رئيس وزراء مصر في أوائل القرن العشرين الذي اغتاله إبراهيم الورداني. والده يوسف بطرس غالي كان وزيراً للمالية.
* تزوج من ليا نادلر، يهودية مصرية من الإسكندرية. * بعد حصوله على إجازة الحقوق من جامعة القاهرة في عام 1946 حصل على الدكتوراه من فرنسا في عام 1949. * عمل أستاذًا للقانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة في الفترة (1949 - 1977). * أسس مجلة السياسة الدولية الفصلية بجريدة الأهرام. * عمل مديرًا لمركز الأبحاث في اكاديمية لاهاي للقانون الدولي (1963-1964) * شغل منصب وزير الدولة للشئون الخارجية في عهدي السادات ومبارك. * كان نائبًا لرئيس الاشتراكية الدولية حتى تولى منصب الأمين العام للأمم المتحدة. * تولى منصب أمين عام الأمم المتحدة 1992 - 1996 بمساندة فرنسية قوية ليصبح أول أفريقي يتولى هذا المنصب، في فترة سادت فيها صراعات في رواندا والصومال وانجولا ويوغوسلافيا السابقة. لم تمتد رئاسته لفترة ثانية بسبب استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو بعد انتقادها له. * ترأس منظمة الفرانكوفونية الدولية بعد عودته من الأمم المتحدة. * يرأس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان (حكومي مصري).
أفكاره السياسية
يحمل مشوار بطرس غالي الفكري العديد من الأطروحات منها:
* الولايات المتحدة العربية وهي فكرة طرحها بطرس غالي إبان وجوده في الوزارة في فترة حكم السادات، وقت الوحدة التي كانت بين مصر وليبيا، حيث كان من أبرز أطروحاته إنشاء عاصمة عربية تتوسط جغرافيا بين مصر وليبيا، وقد نشرت مجلة الهلال المصرية تفاصيل هذه الأطروحة في أوائل السبعينيات من القرن الماضي.
بمجرد بداية مطالعتي للكتاب بدأت مداولات مع نفسي للتوقف فالكتاب عبارة عن يوميات مقتضبة لمباحثات ديبلوماسيين. و لكن بعد قليل وجدت أن الكتاب يؤدي غرض أخر لم يكن ببال الدكتور بطرس غالي. الكتاب قد بوضح الفشل و التخبط الذي تعانيه كل حكومات ما بعد ٥٢ على درجات متفاوتة بالطبع مع استعمالها لوزراء في أعلى مستويات التعليم.
من الكتاب يظهر أن سياسة مصر الخارجية في التسعينات كانت تتخبط بين ثلاث رؤوس : وزير الخارجية و الدكتور غالي و الدكتور الباز و كل منهم يحاول أرضاء رئيس بدون استراتجية واضحة غير حب البقاء. و لكل من الثلاثة أولويات تختلف فالدكتور غالي اهتمامه الأول هو حوض النيل. يتضح من الكتاب شعور الكاتب بتقصير زملاءه و حتى السلك الديبلوماسي المصري و بالأخص الشباب الذين يتهمهم تكراراً بنقص سعة الأفق. الكتاب يعطي انطباعاً بأن مصر تحاول أن تتخذ دورها أكبر من حجمها و هو ما أدى إلى فشل معظم المبادرات الديبلوماسية التي تمت في هذه الفترة.
الكتاب لا يخلو من الفكاهة غير الأعمدة كقصة مباحثات الدكتور غالي مع وزير الخارجية الكويتي أيام حرب الخليج الأولى عندما سأل الدكتور الوزير أن يودع في بنك مصري بليون دولار (أصلنا مزنوقين شوية)! و كيف رفض الوزير هذا الطلب!
الكتاب جيد و لكنه ملئ بتفاصيل قد لا تهم الكثيرين.المحور الرئيسي للكتاب هو جهوده اثناء عمله وزيرا للدولة للشئون الخارجية لتقوية الوجود المصري في افريقيا و هو ينطلق هنا من اعتقاد بان التركيز الرئيسي للديبلوماسية المصرية يجب ان ينصب علي افريقيا حيث منابع النيل التي تمثل المستقبل ويري ان الديبلوماسية المصرية مخطئة باهتمامها المبالغ فيه من وجهة نظره بالعالم العربي و قضاياه خاصة القدس و هو ما يمثل التاريخ.يبدو واضحا من خلال صفحات الكتاب تمتع صاحبه بثقافة موسوعية و خيال واسع فهم عميق لاصول العمل الديبلوماسي و جلد علي العمل اظن انه كان جديدا علي الدولة المصرية منذ زمن بعيد و ربما لهذا لم يحقق كثيرا مما كان يطمح اليه و يظهر ايضا علي صفحات الكتاي عداؤه الشديد للاسلاميين الذين يري ان اسلوب التعامل الوحيد المجدي معهم هو الاقصاء هذا العداء قد يمتد حتي للاسلام ذاته فهو يحكي في احدي صفحات الكتاب عن سعادته بنجاح دولة المغرب في تجاوز عادات القرون الوسطي الذي تجلي في طلب وزير خارجية المغرب في حفل عشاء رسمي لكأس من الويسكي.
كنت انتظر الكثير من هذا الكتاب خاصة أنه من ضمن مجموعة من الكتب التى ابحث عنها منذ مدة لكن على كلا ليس سيئاً فهناك بعض النقاط التى ألقى الضوء عليها باقتضاب مثل ملف مياه النيل وانفصال جنوب السودان عن شماله ونظرة الأفارقة لحكومة الخرطوم المكونة من العرب النخاسون القدامى! بجانب الدور الرئيسي لهذا الكتاب إبراز دور بطرس غالى خلال مدته عمله قبل إنتقاله للعمل بالأمم المتحدة
من قبل قراءة هذا الكتاب لدى تساؤول وحيرة أى الإنتماء أولى وأوجب لمصر هل هو الوطن العربى وقضاياه أم أفريقيا؟! وهل أدواتنا ووضعنا الإقتصادي والعلمي والفنى يسمح باستمرار مصر فى دورها الإقليمي خاصة بعد تحرر القارة السمراء من الإستعمار وحاجة الدول لدعم إقتصادي غير موجود لدينا ووطن عربى أصبح أكثر غنى من مصر وقدرة على جلب التكنولوجيا والعقول الغربية؟! هل تولى المناصب فى مصر يخضع لمعيار الكفاءة أم هناك معايير أو بالأصح محاذير يجب وضعها فى الإعتبار؟! فجاء هذا الكتاب ليؤكد هذه التساؤلات دون أن يقدم إجابة وكى لا يأخذنى الإسهاب بعيدا عن جوهر الكتاب سأختم بإلإقتباسات التالية:-
* إن سوء تصرف السلطات المصرية يبدو أحيانا خارج نطاق كل سيطرة، فالقبض على صحفى ما هو أفضل وسيلة لتقديم منبر دولى له لتأكيد الإنتقادات التى يوجهها لمصر. *لقد كان السادات على حق عندما كان يقول: "سيعودون جميعا -مثل الحملان- للرعى فى وادى النيل" *الدول تتصرف بقسوة وبرود وتأخذ ما تريد من البشر ولا تهتم كثيرا بمكافأتهم *إن من يقوم بحملة انتخابية عليه أن يهتف دوماً بقوة بشعارات تلهب المشاعر، ويجب عليه تماما تجنب التحليلات الأكاديمية أيا كانت الظروف. * لكى يكون الشخص ديبلوماسيا جيداً، يجب أن ينتمى فى الأساس للطبقة البرجوازية، طبعا توجد استثناءات. * إن إطراء رئيس دولة ما بطريقة ذكية وغير مباشرة هو أول درس ينبغي على الديبلوماسي الجيد أن يتعلمه.