الكتاب ليس مجرد قراءة تحليلية لأفلام داود التي تمثل علامة في السينما المصرية، ولكنها كتابة عميقة ورائقة بقلم الشاعر والروائي علاء خالد الذي ينتمي إلى جيل الثمانينيات في الأدب، هذا الجيل الذي يتقاطع مع جيل الواقعية الجديدة في السينما وينتمي إليه داود عبد السيد.
ويحتوي الكتاب أيضًا على حوار طويل جمع لقاءات عدَّة بين المخرج والروائي تحمل وجهة نظر عبد السيد في أعماله، كما حرص الكاتب على عمل حوار مع فريق العمل الذي أصبح جزءًا من تجربة داود في السينما، والمكوَّن من مهندس المناظر أنسي أبو سيف، زميل دراسة داود في معهد السينما، والموسيقار راجح داود، حول تجربتهما مع سينما داود، ورأيهما في أعماله.
ولد علاء خالد فى الاسكندرية عام 1960 واتجه فى البداية إلى دراسة العلوم الطبيعية . بدأ طريقه الأدبى فى الثمانينات بعد دراسة للكيمياء الحيوية فى جامعة الاسكندرية . وانطلاقا من التناقض بين الشعور بالأمان والشعور بالغربة داخل ثقافته أخذ علاء خالد ينشر نقده لمجتمعه متمنيا المشاركة فى إنجاز وطن ثقافى جديد .بمجلة "أمكنة" أسس مجلة ثقافية تمثل استثناء، ليس فقط من خلال مقالاتها غير التقليدية، وإنما أيضا لأنها تقيم علاقة وثيقة بين النص والصورة. اشتهر علاء خالد بديوانه الأول الجسد عالق بمشيئة حبر 1990 . وفى هذه القصيدة النثرية الطويلة كشف المؤلف عن تجارب طفولته . وفى هذا الديوان يعرف علاء خالد كيف ينير - وبحساسية خاصة - أزمات الحياة بوصفها لحظات تجذر واقتلاع وكيف يربطها بصورة توضح وتبين الطريق إلى الاستقلالية الشخصية . ومن بين الأعمال النثرية التى صدرت له حتى الآن يمكن الاشارة بصورة خاصة إلى كتابه خطوط الضعف . فى هذه السردية يقيم علاء خالد علاقة بين عناصر أوتوبيوجرافية وبين لحظات تاريخية لواحة " سيوة " . فمن خلال المواجهة والمحاذاة بين الذاكرتين الشخصية والثقافية يتطور حوار بين المبدع وخط الزمن الذى تعكس الرحلة عبر الصحراء إبانه طريقة حياته
كتاب لطيف جدا لـ أ.علاء يحتوي علي مقدمة ودراسة في أفلام العظيم دواد عبد السيد ثم لقاء مطول معه ثم لقاء مع الموسيقار راجح داود ثم مصمم الديكور أنسي سيف الكتاب دسم ولطيف وخفيف للغاية ك روح أ.علاء تماما مهم أن كنت تحب السينما وهيبقي اضافة لطيفة أكتر لو أنت من محبي سينما داود عبد السيد كمان هناك حس شاعري في ادارة الحوار و الاسئلة ومحاولة الغوص في أعماق الافلام وأفكار أ.داود كتاب لطيف للغاية
قراءة مختلفة للأفلام، ليست نقدية بل تأملية، تجمع الخيوط وتستنبط المشترك بين الأفلام وتضعه في نظم موضوعي، تلك الخيوط تعتبر عناصر سينما المؤلف، والكاتب ليس مشغولاً بالتسميات بقدر ما هو مهتم بتأمل الشخصيات السينمائية، يحاول فهمها، التماس معها، وهي أيضًا نافذة لفهم ذاته وفهم الآخر
"يركز داود عبد السيد على كشف الجانب النفسي في أبطاله، أكثر من الجانب الاجتماعي، تلاحظ علاقة سرية بينه وبين أبطاله، مثل علاقة الطبيب النفسي، كونهم مكشوفين أمامه فقط، وهم يعرفون أنه ينظر إليهم، فتخرج مونولوجاتهم وبها هذا القدر من البراءة الاعترافية. وكون "الاعتراف" حدث في ذهن المخرج قبل بداية الفيلم، فالرحلة رحلة تطهر، رحلة ما بعد الاعتراف، ولكن في إتجاه جديد حالم."
الكتاب مكون من فصلين؛ الفصل الأول بيشرح فيه الكاتب فلسفة داود عبد السيد والأفكار اللي تناولها في أفلامه، والفصل التاني مجموعة من الحوارات اللي أجراها مع "داود عبد السيد" ومهندس ديكور أفلامه "أُنسي أبو سيف" والموسيقار "راجح داود".
"الراوي في أفلام داود له طموح أكبر من حضور صوته داخل العمل، ولكن يفضل أن يكون له حضور، وأثر مكتوب، كراوٍ حقيقي، أو كاتب، وليس فقط كحكاء شفهي. الكتابة هي ابنة الذاكرة المادية الحديثة، وليست الذاكرة الشفاهية. بشكل عام تتطور وظيفة "الرسالة" من كونها رسالة في زجاجة ملقاة في البحر، أو رسالة فقدت طريقها إلى المرسل إليه، أو رسالة كالتي يرسلها اللّٰه إلى البشر، لتصبح إحدى وسائل الاتصال بهذا المكان الآخر المخفي والمكرر في أعمال داود، كونه مكانًا يمكن الوصول إليه، والتحدث معه."
"الرمزية لها تمثيل واسع عند داود، وربما في بعض الأحيان ترتبط بنماذج إنسانية قديمة، بالرغم من حداثة العالم من حولها، ربما ما يميزها أنها نماذج بريئة تبدأ حياتها على الأرض بدون سابق خبرة داخل شريطه السينمائي، كعلاقة الإنسان الأول بالطبيعة، علاقة مشحونة بالمفاجآت تقوم على الصدفة، وليس التخطيط، ولا تعرف نهايتها وإلى أين ستؤدي."
*مشاهدة بعض أفلام المخرج ضروري قبل القراءة للتفاعل مع الكتاب*
ميزة هذا الكتاب إن كاتبه علاء خالد الشاعر والكاتب عاشق السينما لا يقوم فقط بتحليل واحد من أهم المخرجين الذين أثروا في تكوينه الفكري والثقافي، ولكنه يغوص في الفلسفة الكامنة وراء أفلام داود عبد السيد ويحلل السياق الفني لكل عمل سينمائي ويدهشنا بتحليلاته العميقة والثرية لأفلام الصعاليك البحث عن سيد مرزوق وأرض الأحلام ومواطن ومخبر وحرامي و سارق الفرح... كما يجمع الكتاب حوارات أجراها علاء خالد على مدى سنوات من شغفه بسينما داود عبد السيد مع المخرج نفسه وكذلك مع فريق العمل الدائمين في أفلامه وهما أنسي أبو سيف منسق المناظر وراجح داود المؤلف الموسيقي.
تناول مختلف لأفلام داوود عبد السيد، مختلف تماماً مع معظمه، وشايف في بعضه إساءة فهم وليس مجرد تناول مختلف، لكنها تظل وجهة نظر مثيرة للاهتمام من علاء خالد.