(آكاويل) رواية فارسية تعلم الدكتور موسويان، نقلها إلى العربية حسين عباس وحسين طرفي عليوي، تتحدث الرواية عن (أكاويل) الذي سيواجه في حياته تقلبات كثيرة وتجارب قاسية، ينجا منها ويصبح قديس عظيم وحكيم يعرفه الناس جمعاً. ولد آكاويل من أم كانت في بداية حياتها تعمل كخادمة وهبت نفسها لخدمة الدير ومحبة الله، وقد ورثت جمالها من جدتها آلميترا القديسة، التي سميت على اسمها. يقع الدير في مدينة أورفاليس الشاطئية وقد سمي (معبد الموحدين الحجري)، وفي يوم من الأيام كانت آلميترا الشابة تقف قرب نافذة المعبد في سكون الليل ترنوا إلى القمر وتنتظر حبيبها "ساميلوا" الراعي الذي ضحى بنفسه من أجل إنقاذ كلب من النار، فمات الكلب، واحترق وجه ساميلوا وأصبح قبيحاً وعلى الرغم من هذا أحبته آلميرا وقررت الزواج به عاش الإثنان في وئام وسلام، يقدمان الخدمات لأهل القرية، ويوزعان كل ما يمتلكانه على الفقراء حتى أصبحا في سن متقدمة ولم يرزقا بطفل، وعند بلوغ آلميترا سن الثامنة والستين، وساميلوا سن الخامسة والسبعين، جاءت البشرى بأنهما سيرزقان بطفل، فرحا كثيراً، وتمت المعجزة وولد آكاويل، وماتت آلميترا أثناء الولادة، وعندما أصبح آكاويل في سن الرابعة والعشرين من عمره يتوفى والده ساميلوا، وهنا تبدأ الحياة في إمتحانه عبر تجارب كثيرة يمر بها، حتى اصبح قديساً وحكيماً معروفاً
ممّا اقتبسته من هذه الرواية: " اعلم أن الله عظيم ولا تسعه إلا القلوب الكبيرة. إذا كنت تريد أن يفتح الله لك أبواب السماء فغض النظر عن الأرض ولا تغض البصر عن أهل الأرض؛لأن طريق السماء تمر من خلال سكنة الأرض ..لا تعمل شيئاً حتى إذا كان زهيداً كنزع الحذاء إلا وتأمل فيه رضا الرب؛ يجب أن يكون هذا غايتك القصوى في الحياة". رواية مشوقة من ثلاثة فصول أجملها الفصل الأول الذي يتضمن تفاصيل الحكاية والتي تتمحور حول ابتلاءات الإنسان في هذه الدنيا عروجاً نحو الكمال أو انحداراً نحو أسفل سافلين، ويبقى باب التوبة مفتوحاً أمام العاصين تحفهم رحمة الله الواسعة.
رواية فارسية (406) صفحة، للكاتب د. موسويان ترجمة حسين عباسي و حسين طٌرفي الرواية التي نحتاج العودة لها متى ما أضعنا الدروب.. وضاجعنا كبرى الذنوب.. متى ما افترس اليأس بسواده كلّ بياضنا.. متى ما رأينا الظالم مختالا ولا نملك أمامه سوى التصفيق لإمبراطوريته الفاسدة .. متى ما عجز الصبر وأوشك أن يضمحل رويدًا رويدًا.. متى ما أخذنا الكبرياء بالإثم والمعصية.. وكما قال الحكيم آكاويل (إنّ القبائح والحروب والعداوات والفاقة والهموم كلّها ترضع من ثدي الكبرياء والغرور، كلما تنحيتم عن الصبر تورّطتم مع أسنان عفريت الغرور، سيبقى لكم طريق واحدة فقط للخلاص، يجب أن تتأملوا ضعفكم وقبحكم بعمق وتأمنوا بهما). ستأخذني تلك الصفحات كلما نسيت قبحي وضعفي وبطشت بمن هم أضعف مني.. كلما كابرتٌ عن الصفح والتسامح لمن أساء وكأني نسيت إنّ لله جلّ جلاله محكمة عادلة مهما طال بنا الزمان سيقتصّ منّا ولنا .. فما حاجتنا نحنٌ للزحف وكأننا قطاع طرق مرة للغدر والتنكيل وأخرى لأخذ الثأر وملاحقة الأعداء وهكذا فالدوافع مستمرة ونحن مستمرون بأبغض الحروب والعداوات التي لا إنتهاء لها.
آكاويل اسطورة الحكمة الفلسفية أتت بأحداث واقعية تلامس بتحليلاتها للوقائع الحاجات الذاتية للإنسان واختلاجات النفس البشرية المجبلة بالفطرة الخيّرة، المنصاعة للشرور متى ما تهيأ لها ذلك.
رواية جميله اعجبتني ﻻن لها هدف حكيم وهي التوبه الجليله التي ترجع الانسان الى حضن الرب الكريم فمهما ابتعد الانسان عن الله فإنه سيعرف عظم خطئه و سيعود الى الله تائبا مما كان منه ، الاسلوب كان بسيط وﻻ يستعصي الفهم على اي شخص و القصه ايضاا في منتهى الجمال و سير الاحداث كان سريعا نوعا ما ، هي اول رواية فارسيه اقرئها ولم اندم في قرائتها ابدا ! لكنها حقا جميله و مفيده ، ﻻ تترددو في قرائتها ... :)
بعد الأحداث التي تكون في مقدّمة هذه الرواية، والتي تبين ملامح من طبيعة الوالدين لآكاويل، تبدأ القصّة فعليًّا مع كبره وهو خادم معبد الموحدين، وفي الربع الأول: يقع في شراك حبّ ابنة غير شرعيّة لصاحب معبد أصنام، بلا سبب وجيه، ويضطرب، ويصرّ على موقفه رغم تعرّضه للمهانة والإذلال، تشترط عليه ثلاثة شروط للزواج منها، أولها أن يتظاهر بخدمة الصنم في معبدها.
في الحقيقة لم يعجبني ميله الشديد لها وكأنها آية، ولعل الكاتب متأثر بشيء من رمزيات الصوفيّة أو العرفان أو فلسفات العشق في ثقافته وبيئته، ولكن بطبيعة الحال فهي تبقى رمزًا، ولا بدّ من سير القصّة على هذه الشاكلة.
وبعد ثلاثة أرباع الرواية: يكون الشرط الثاني أن يقتل آكاويل رجلًا، وكان ذلك بتخطيط (ماسيلان)، المعشوقة، بالحيلة، وهذا الرجل إنما هو من تكبدت العناء لكي يحبها ولكنه لا يفعل، وكان على دين الموحدين.
والثالث: أن يقوم بهدم المعبد. وكلاهما حقّقه، وتحاول ماسيلان قتله وتظهر الحقيقة أمامه، يتبدّل حبّه إلى كراهية ومقت وانتقام.
لكن تنقذه وهو هارب جماعة من قطاع الطرق والسراق، وتحدث مجموعة من الأحداث معهم إلى أن ينتهي الأمر بزعامته لهم، يرغب في انتقامه من خلال هذه الزعامة، يتسلل إلى مدينة ماسيلان ليكتشف أحوالها، يتعرض لقطاع طرق آخرين فيظهر له الرجل الذي كان يظن أنه قتله (من الشرط الثاني)، وقد صار قِدّيسًا…
كلا الطريقان اللذان انتهجهما آكاويل إنّما هو مخطئ فيهما عمومًا، وقد يكون هذا مربط الفرس.
فيوضّح له هذا القديس ما آلت إليه الأحوال لماسيلان، أصبحت عمياء مصابة بالجدري بعد أن أصابتها لعنة امرأة من الموحدين، لكن على آكاويل الآن أن يخضع لشرط الرجل القديس الذي يدين له: أن يرعى ماسيلان حتى موتها.. وهذا المقطع مؤثِّر نوعًا ما، يظهر لفتات رائعة من الرّحمة والعدالة الإلهية والأسباب الغيبية
وبعد موت ماسيلان، ومنح آكاويل الحكمة والمعرفة، ينتهي الأمر به بأن يكون بدوره حكيمًا قديسًا.. والجزء الثاني من الرواية، بما يعادل ربعها الأخير، يكون لمجموعة قصص مقطفة من حياة آكاويل، فانتهت القصّة مع نهاية آكاويل.
أثار فضولي اسم المدينة (أورفاليس) وقمت ببحث سريع في الشبكة، وتبين لي أنها لها علاقة بكتاب (النبيّ) لجبران خليل جبران، لأن اسم المدينة نفسها، كما يذكر المؤلف (الفارسي) شيء من ملامح وجود نبي سابق، فأخمّن أنه قرأ هذا الكتاب مترجمًا قبل تأليف روايته وتأثر به..
الرواية بلغة مترجمة سهلة وبسيطة للغاية، وأحداثها تثير التهكّم أحيانًا لشدة التعلق والسذاجة، لكنها بالمقابل عميقة وفلسفيّة! تطرح إشكاليّات اعتقاديّة ما بين حينٍ وآخر، القصّة مجرّد إطار.