إنّ هذه الدراسة ستتناول مساراً مبايناً عن مسارات الدراسات النقدية السائدة لكتب المقاتل، ومختلفة في فهم حركة الصعود والنزول، إذ إنّ السؤال الأهم هو: ما هي سمات المدوّنات للمقتل الحسيني من جهة منهجيتها التدوينية، وظروفها الاجتماعية والسياسية؟ وهذا يستدعي تسليط الضوء على أبعاد التطوّر التاريخي لمنهجية التدوين وهوية مادتها ومضمونها.
فلن تكون الغاية من هذه الدراسة التصنيف بحسب الوثوق وعدم الوثوق، بل الغاية هي التمييز بينها في جهة المنهجية التي صاغتها قناعات مؤلّفيها ومبانيهم في ظروفها الاجتماعية، وإنّ غاية الغاية بعدها هي الوصول إلى حالة من التفهّم لكتب المقاتل في سيرورتها التاريخية، والنظر لأبعادها المتعدّدة، والاستفادة من مميزاتها المقبولة.
ونعتقد أنّ الوصول إلى تفهّم كتب المقاتل بالمعنى المذكور يمكنه أن يساهم في إعادة إنعام البحث، وإعمال التحقيق في التحقيق، وذلك لرسم صور أخرى تثمّن الجهود المبذولة باعتبارها جهوداً لعلماء أعلام وفقهاء كبار، وهذا على أيّ حال هو نفع يعود على حاضرنا.
الكتاب جيد بالمجمل، ولغته قوية لكنها سلسة ورشيقة . استعرض السيد الموسوي بشكل عام وسريع المراحل التي مر بها تدوين المصرع الحسيني وتفاصيله، لكن ما يؤخذ عليه أن طريقة الاستعراض لم تُراعي المستويات المختلفة للقراء وخلفياتهم الثقافية ومدى اطلاعهم المسبق. قد تكون أمانة الباحث والكاتب في الذكر المفصل للمصادر حلت هذه الجنبة، فما على المريد للاستزادة الا الرجوع للمصادر المذكورة -وغيرها -. تلميحة السيد في آخر البحث عن اختلاف المباني التاريخية عند الفرق (والعلماء) جميلة وذكية، ويُحسب له حصر البحث على السرد التاريخي في التدوين دون التصريح بترجيح رأي على آخر (رغم بعض التلميحات غير الصريحة). ذكر السيد الكثير من أسماء الكتب في نهاية البحث، مما قد يُسهل على المُريد الرجوع لها.