يوميات نهاية الكابوس

by فوزي كريم

أهواء المثقف العربي والعراقي اللاعقلانية، وهذا ليس عيباً، بل قد يبدو ضرورة في أحيان كثيرة، ذات مخاطر غير محدودة النهايات، حين تدخل بهو الفعل والنشاط السياسيين. المثقف العارف بمقدار الفاصل بين أهوائه وبين التزام العقلانية في الفعل السياسي المسؤول، يقدر بالتأكيد على الانتفاع من حرارة الأهواء، وتوليد عاطفة نافعة. ولكن التجربة الطويلة مع إسهامات المثقف العربي والعراقي في الفعل السياسي، والايديولوجي، أثبتت العكس تماماً.

تحول النص الخيالي، والنص النظري، بين يدي المبدع والدارس الى يوتوبيا، مثقلة بقناعة قابليتها للتطبيق العملي. صار الشاعر، بدل السعي للكشف عن التباسات الشرط الإنساني، وإضاءة الأركان المعتمة، أو نصف المضاءة في الانسان، يسعى على النقيض الى فرض حلول سحرية بقوة الكلمة، داخلاً المعترك الأرضي، يداً بيد مع المغامر السياسي، لتطبيقها. طبعاً عادة ما يكون الشاعر أو الكاتب الخيالي، لضعف تأثيره العملي وضعف حيلته، مع السياسي، أو تحت ظله، أو خلفه، يزوّده بدفق المشاعر التي يفتقدها الأخير، ثم مع الأيام يجد نفسه وقد تقزّم الى مؤيد ومطبّل، للسياسي الذي استلم زمام السلطة.

حدث هذا بصورة غاية في الملموسية والتاريخية مع ثقافة ورؤى البعث القومية، والثقافة المعارضة لها في العراق. خرج الشاعر الذي لا يرى إلا "جنةً عرضها الوطن العربي"، معززاً بالشاعر المعارض له الذي يراها جنة " بذلة العمال الزرقاء". وبدأت معهما مخاضة الدماء، التي انتهت بصعود الدكتاتور.

أكثر من نصف قرن لم يترك فيه هذا المعترك الدامي بين الأهواء الثقافية، التي أخذت لبوس السياسي ونزلت الى الشارع، فرصة لرئة العربي والعراقي للتنفس الصحي. وكما ابتنى معترك الأهواء اللامسؤولة سلماً لصعود الدكتاتور، كذلك ابتنى الدكتاتور سلماً لبلوغ نهايته المحتومة.

هذه أوراق بمثابة يوميات، كنت أكتبها في جريدة "المؤتمر" المعارضة، التي تصدر في لندن. يوميات تتأمل، داخل المساحة الزمنية المتبقية للدكتاتور، خطوات الزمن باتجاه نهاية الكابوس.

248 pages, Paperback

First published January 1, 2005

About the author

أحدُ أبرز الشعراء والكتاب العرب من الجيلِ الستيني. ولدَ في بغداد 1945، وتخرّج من جامعتها، وانصرفَ بعد عامٍ في التدريس إلى العملِ الحرّ ككاتب. هاجر إلى بيروت وأقامَ فيها 69 ـــــ 1972، ثم إلى لندن، منفاه الثاني، منذُ عام 1979 حتى اليوم. أصدر مجلةَ «اللحظة الشعرية» لبضعة سنوات، وواصل كتابةَ عموده الأسبوعي في الصحافة الثقافية طوالَ حياته، في الشأن الشعري، الموسيقي والفني. له أكثر من 22 مجموعة شعرية، منها مختاراتٌ صدرت في الإنكليزية، الفرنسية، السويدية، والإيطالية. إلى جانب الشعر له أكثر من 18 كتاباً في حقل النقد الشعري، الموسيقي والقصة. وله معارض عدة كفنان تشكيلي

Reviews

[code · Rating 5 out of 5]

من أجمل كتب المقالات السيرية التي قرأتها في حياتي، نقد حصيف لمراحل هامة ودقيقة من الحياة الثقافية العراقية، فوزي كاتب منصف وحيادي.

[girl book · Rating 5 out of 5]

استمتعت جدا بالمقالات ، الطابع الروائي الذي يتناول الذاكرة والواقعة الشخصية التي تناولها الكاتب بذكاء وحرفية وادار تأملاته بحياد وحصافة
انصح بالكتاب لمن يريد ان يريد ان يتعرف على الفترة الستينية

[Khaldun Chaloob · Rating 4 out of 5]

تذكرت وانا اقرا الكتاب واحد من الأحداث الي شهدتها بحياة فوزي كريم؛ لمن قرر الشاعر بيع مكتبته الموسيقية باعلان على الفيسبوك، يمكن اصطنعت هلذاكرة بس عقلي متأكد من محتوى هاي الذاكرة، هلشي مع شغف فوزي للموسيقى الي يوصفه بالكتاب كان شعور حزين نوعا ما.
الكتاب ممتع فنيا وعميق وصادق لدرجة الكآبة، مع ذلك كانت قراءة ممتعة.