بعت سيارتي.. استقلت من وظيفتي... سافرت لدراسة اللغة، لأجد نفسي تائها على الخريطة سنتان وأسبوعين مستمرين من الترحال في حقيبة ظهر. "هيتش هايكنج".. النوم بين الكنبات... السكن بين شخير الرحالة .. عبور الحدود مشيا... لا أعلم أين أنا ولكني حتمًا... تائه على الخريطة . ملاحظة ! لا تقرأ هذا الكتاب إن كنت موظفا، صاحب عمل، لا تحبذ الخروج من المنزل، أو إن كنت طالباً، لأنه سيخرج روحك من صومعتك التي لطالما سكنت فيها.
لم أكن أعلم أنني سأصل في مرحلة أود الاستراحة بها من التطور والعمران، خاصة بعد أحلام وردية صغيرة بأن تنهض المدينة وترحب بالتطور العمراني. هذه المرحلة التي ندفع ضريبتها على هيئة نفس تسعى للتغيير من رحلة سفر إلى بلدان ترى بها العجيب والغريب. فعلى طراز التسكع في الخارطة لابن شطوطة ، يأتي التيه على الخريطة لإيجاد النفس كما يحبها راكان المقبل.
يستعرض الرحالة السعودي راكان المقبل ، وبكل ما يحمل من دولارات بسيطة لم تتجاوز حد التغطرس والحياة المخملية، يحول أنحاء العالم ، ولكن ليس في فنادق باهظة أو في برنامج سياحي سطحي. أراد من البرنامج السياحي أن يكون بطريقة الرحالة الخاصة، أن يعيش مع أهل المدن ، بأهلها الأصليين، يستكشف غمار أماكن جديدة لم تكتشف ، ما أدي في نهاية المطاف إلى عدم توقع أهل بلد بأن يأتيهم شخص سعودي يحمل ثقافته. ليجوب بها أرجاء آسيا والقارة اللاتينية مرورا بكلامنجارو معشوقة الساعين إلى القمم. كل ذلك بوسيلتين عن طريق منهج الهيتش هايكنغ والمشي في متاهات الطرقات
رغم الأسلوب البسيط الذي يتخلله بعضا من الحوارات العامية السعودية النجدية بالتحديد، إلا أن اكتشاف الرحالة لأنفسهم ظل باقيا. لذلك فهو مناسب كباب للمبتدئين في قراءة أدب الرحلات. لأن هذا الأدب بالذات قبل أن يصل لأرفف المكتبات اقتنوه الرحالة من رفوف الحيوات من كل قارات العالم ولعل تحفة الأنظار لابن بطوطة هي البداية فقط، فاكتشاف النفس بعد التيه على الخارطة هو الأمر المستحق فعلا في زمن سطحي ينسف العمق !
راكان المقبل رحّال خاض تجربة رائعة في أمريكا اللاتينية سافر بطريقته الخاصة وتميز بالتنقل بالتأشيرة (الهيتش هايكنج) تعرض لموقف عصيب مع إحدى العصابات المكسيكية و رواها بشكل ممتع وشيق
ابدع في سرد رحلاته فما بين شرق آسيا و أفريقيا ينتهي به المطاف في أمريكا اللاتينية التي ما تزال تبهرني في عادات شعوبها و ثقافتهم .. الكثير من الجرأة و الإقدام في اكتشاف الشعوب و الانخراط معهم ، و تتجلى الحنكة القصيمية والذكاء الاجتماعي في تدبير الأمور و الفرار من بعض المواقف ..