هذا كتابٌ عن اللبنة الأولى في صناعة الطغاة: النخب الكسيحة. تلك النخب التي تخضع للاستبداد، وتروج للطاغية، وتتماهى مع أفكاره الشمولية وقراراته السلطوية، وتصمت عن تعسفه وبطشه، وهي تتمنى ألا يصيبها بعضٌ من رذاذه. في تواطئهم أو خضوعهم، يكون هؤلاء أصابع الطاغية وذراعه الباطشة، ويصبحون بمشيئتهم أو على غير إرادتهم جزءًا من صناعة الاستبداد وعائلة الطغيان. وفي حقيقة الأمر، فإن هذا الكتاب يتناول الطغيان، لا الطاغية؛ لأنه يتحدث عن الطغيان ابتداءً، وكيف تتورط النخب الكسيحة في صناعته.
ياسر ثابت، صحفي مصري، من مواليد ألمانيا عام 1964. حاصل على درجة الدكتوراه في الصحافة عام 2000. تتضمن قائمة مؤلفاته: أولًا: إصدارات باللغة العربية: «حياة جميلة مرت بجانبنا» (دار زين، القاهرة 2024) «سينما النهايات الخالدة» (دار اكتب، القاهرة 2024) «برتقال وأشواك: أدب برائحة البارود» (دار المحرر، القاهرة 2024) «سينما القلوب الوحيدة» (دار المحرر، القاهرة 2024) «سلاطين النغم: من الموشحات إلى الموسيقى التصويرية» (دار اكتب، القاهرة 2024) «عصر المدرجات» (دار اكتب، القاهرة 2024) «دليل مصور للملائكة» (دار المحرر، القاهرة 2024) «كشوف الخالدين» (دار اكتب، القاهرة 2024) «أفضل شركائي في الجريمة» (دار زين، القاهرة 2024) «صندوق العجائب: من الدراما إلى المقالب والفوازير» (دار المحرر، القاهرة 2023) «تاريخ الغناء الشعبي: من الموال إلى الراب» (دار دوِّن، القاهرة 2023) «تاريخ اليهود في مصر والعالم العربي: سنوات الظل والغموض» (دار دوِّن، القاهرة 2023) «مصر المدهشة» (منشورات إبييدي، القاهرة 2023) «سيرة الغبار» (دار زين، القاهرة 2023) «10 قبلات منسيّة» (دار زين، القاهرة 2023) «مشوار الخلود: سيرة محمد صلاح» (دار اكتب، القاهرة 2023) «جنرالات كرة القدم: من مارادونا إلى هالاند» (دار اكتب، القاهرة 2023) «جامعُ الشهوات» (دار زين، القاهرة 2022) «سقف العالم» (دار زين، القاهرة 2022) «كلَّ يومٍ شوق» (دار ميريت، القاهرة 2021) «الموسيقى العارية: أساطير في مملكة الغناء» (دار زين، القاهرة 2021) «طقوس الجنون» (منشورات إبييدي، القاهرة 2021) «مقامات الروح: دليل إلى الأغنية العربية» (دار خطوط وظلال، عمان 2021) «حكمة السيقان» (منشورات إبييدي، القاهرة 2020) «الرومانسيون» (دار زين، القاهرة 2020) «عادات الحب السيئة» (دار اكتب، القاهرة 2020) «صراع تحت القبة» (دار زين، القاهرة 2020) «خدوش إضافية» (دار زين، القاهرة 2020) «إثم قديم» (دار الأدهم، القاهرة 2019) «سعال وطني» (دار الأدهم، القاهرة 2019) «ولع» (دار الأدهم، القاهرة 2019) «الحرب في منزل طه حسين» (دار زين، القاهرة 2019) «عشاق وشياطين: التاريخ الممنوع للسينما» (دار اكتب، القاهرة 2019) «أبناء البكاء» (دار زين، القاهرة 2019) «الأهداف لا تعتذر» (دار اكتب، القاهرة 2019) «مراعي الذئاب» (دار زين، القاهرة 2018) «يطل الخجل من حقيبتها» (دار زين، القاهرة 2018) «موسوعة كأس العالم: من أوروغواي 1930 إلى روسيا 2018» (دار كنوز، القاهرة 2018) (طبعة ثانية، دار دوِّن، القاهرة 2022) «الملك والفرسان الثلاثة: عرب روسيا 2018» (دار كنوز، القاهرة 2018) «قبل الذروة بقليل» (دار زين، القاهرة 2018) «قانون رأس السمكة: أمة في خطر» (دار دلتا، القاهرة 2018) «لصوص وأوطان» (مركز الحضارة العربية، القاهرة 2018) «فاسدون والله أعلم» (دار دلتا، القاهرة 2017) «الوزير في الثلاجة: كواليس صناعة وانهيار الحكومات في مصر» (دار دلتا، القاهرة 2017) «أهل الضحك والعذاب» (دار اكتب، القاهرة 2017) «سيرة اللذة والجنس في مصر» (دار اكتب، القاهرة 2017) «موسوعة حصاد الأولمبياد: الدورات الأولمبية في 120 سنة» (دار كنوز، القاهرة 2016) «باشوات وأوباش: التاريخ السري للفساد» (مركز الحضارة العربية، القاهرة 2016) «خنجر في المرآة: نصوص ووجوه منسيـّة» (دار اكتب، القاهرة 2016) «جمرتان: تمارين على النسيان» (دار اكتب، القاهرة 2016) «الموت على الطريقة المصرية» (دار اكتب، القاهرة 2016) «حرائق التفكير والتكفير: شخصيات وصدمات» (دار اكتب، القاهرة 2016) «العصا والمطرقة: صراع السلطة والقضاء» (دار اكتب، القاهرة 2015) «صديق الرئيس: حكام مصر السريون» (دار اكتب، القاهرة 2015) «دين مصر: أمراء الدم والفيديو» (دار اكتب، القاهرة 2015) «وطن محلك سر» (دار اكتب، القاهرة 2015) «المتلاعبون بالعقول: سقطات الإعلام في مصر» (دار اكتب، القاهرة 2015) «حروب الهوانم» (دار اكتب، القاهرة 2015) «مصر قبل المونتاج» (دار دلتا، القاهرة 2015) «حكام مصر من الملكية إلى السيسي» (دار الحياة، القاهرة 2014) «غرفة خلع الملابس: وجوه وقياسات» (دار اكتب، القاهرة 2014) «أجمل القتلة» (دار اكتب، القاهرة 2014) «ذنب» (دار اكتب، القاهرة 2014) «الصراع على مصر: ذئاب مبارك والعهد الجديد» (دار كنوز، القاهرة 2014) «أيامنا المنسيّة» (منشورات ضفاف، بيروت/منشورات الاختلاف، الجزائر 2014) «تحت معطف الغرام» (دار اكتب، القاهرة 2014) «مراودة» (دار اكتب، القاهرة 2014) «زمن العائلة: صفقات المال والإخوان والسلطة» (دار ميريت، القاهرة 2014) «صناعة الطاغية: سقوط النخب وبذور الاستبداد» (دار اكتب، القاهرة 2013) «رئيس الفرص الضائعة: مرسي بين مصر والجماعة» (دار اكتب، القاهرة 2
ياسر ثابت يتجلى في واحد من أهم دراساته على الاطلاق , يقدم لنا الدراسةالأهم على سقوط النخب , والتي وصفها (بحق) بالنخب الكسيحة .
عن مجتمع مشوه , هتك عرضه سطوة العسكر و ظلم النظام الحاكم , من مقدمة كتاب تدّرس إلى ختام (عن حرب اكتوبر والظلم الذي تعرض له الشاذلي) وبين دفتي ذلك و ذاك , يتجول بنا الكاتب في تاريخ مصر المعاصر ليضعنا في قلبه.
ما الذي حدث لنا , من مجتمع متواز (إلى حد ما ) نخبه على قدر الاحداث , وعلى درجة عالية من الإحساس , إلى نخب ساقطة متملقة منافقة ؟ ماذا فعل بنا حكم العسكر ؟ لقد أصبحنا دولة عقيمة نافقة , لا حياة فيها , يحكمنا آلة , ونساعد على تقديسهم , في زمن لا آلهة فيه , استحدثناهم نحن.
ناصر , السادات , مبارك , طنطاوي , مرسي , منصور , السيسي ! كلهم في البلاء واحد , من حاكم ادعى القومية و هتك عرض شعبه وقطع رؤوسه و أهان آدميته , لحاكم تخيل في نفسه القداسة وادعى الإيمان ولم يفعل سوى افقار شعبه وبيع وطنه , إلى حاكم كان من البلادة والتلامة و الغباء والعند بمكان , جلس على الكرسي فرأى أن الوطن مباح , له ولعصابته , وترك وراءه تركة نجسة و شعب مهضوم حقه , ومن جاء بعده لم يحدث أمرا . ولأن الطبع المصري غلّاب , فلم ييأس , بل جاء بنبي آخر , وادعى قدسيته , وكتب في حقه ما قاله الأقدمون وزادوا عليهم من البيت شعرا , فالنساء حبلى بنجمه (ولاد الوسخة مرحموش حتى عرضهم) .
ووراء كل هؤلاء نخب تطبل وتزمر لهم , نخب تسبح بحمدهم و تشكر في فعلهم , لينتج في النهاية مجتمع مشوه , ممسوخ , مجوف , مجتمع فيه فوهة بشعة بين الفئات و الطبقات فيه .
في هذا الكتاب : تلخيص لما مرّ على المجتمع خلال أكثر من 60 عام , تحولات و اضطرابات , إذا قال الحاكم اشتراكية , انبرت النخب لتشكر فيها وفي عدلها , وإذا قال رأسمالية , قالوا (هم نفسهم) : أنها الأنسب و الأكثر عدلًا . كل ما يقوله الحاكم صواب حتى ولو كان على حساب مصير الأمة و حياة الشعب.
من نحن ؟ وماذا نريد ؟ و إلى أين المصير ؟
فنحن أنكرنا هويتنا فلم نعد نعرف لنا هوية . و جهلنا بإرادتنا فلم نعد نعرف ماذا نريد . ومستقبلنا قاتم أسود لا بصيص نور فيه .
الكتاب عظيم , بكل ما تحمله الكلمة من معنى , كتاب يلخص لنا حالنا , ويحمل لنا الكثير من الحقائق المفزعة المروعة , ولكنها الحقيقة , الحقيقة المرّة .
كيف تصنع فرعونا بمشاركة جماهيرية يتصدرها الإعلام ونخب "كسيحة" تروج للطاغية من سياسيين واقتصاديين ورجال دين ومثقفين تحولت علاقتهم مع السلطة من علاقة ناقد الى مبرر ومساند
الدليل والخطوات كلها هنا في هذا الكتاب وبقالب مصري بامتياز
ومن أجمل المقتطفات
"انسوا الماضي قليلا، فكروا في الحاضر، لتصنعوا المستقبل"
"إن الهزيمة يجب أن تكون عبورا للانتصار"
"ليس معقولا ولا مقبولا ان يكون السكون والاستسلام واليأس والتخاذل، واللجوء الى الهزل على سبيل التحايل الهروبي من الواقع الأليم، سمة عامة في مجتمع هو أحوج ما يكون الى الجد والعمل والتفكير والتخطيط والوعي"
"ربما حان الوقت لكي نعرف كيف نختار، والأهم كيف نحاسب"
والحل.... "أهمية احتضان كل القوى السياسية، ووضع الإطار الذي يسمح لها بالندية والتنافسية، ويحول دون تغول أحدها على الأخرى سواء باسم الدين أو الوطنية أو ما شابه"
كتاب رائع مثير وجريء وينتقد الأشخاص علنا وبالأسماء المؤلف انتقد أوضاع مصر في عهدها الجمهوري ودولة العسكر منذ عبد الناصر حتي إرهاصات عهد السيسي يتحدث المؤلف عن مواضيع شتي وعلاقة كل ذلك بالسلطة وتمكين الطاغية فيتحدث عن النخب الكرتونية وتهميش المثقفين وأصحاب الرأي والحل والعقد وأن مصر علي مدار عمرها الجمهوري استعانت بأهل الثقة وأنصاف العقول والمنافقين وكدابين الزفة تحدث عن الحريات في مصر وعن الرقابة علي الصحف والتنصت علي التليفونات تحدث عن دور الإعلام ومدي سوء الوضع الذي يعيشه الاعلام المصري وانتقد تعامل الاعلام وقتها مع الفريق السيسي ومطالبته بالترشح لرئاسة مصر وتحدث عن تدخل أصحاب المصالح ودور أصحاب القنوات الفضائية في توجيه الشعب المصري تحدث عن الأثر الاجتماعي علي ما حدث في مصر بعد 3 يوليو 2013 وعن استقطاب الشعب المصري وانقسامه علي ذاته وخطورة ذلك علي استقرار المجتمع المصري وأنه ينذر بكارثة تلوح في الأفق تحدث عن تزاوج المال بالسلطة وكيف تدار الأموال وكيف تحكم مصر بواسطة عدد قليل من العائلات الثرية تحدث عن اختيار الوزراء واعادة تدويرهم في مناصب سيادية وقيادية مختلفة دون أن يكون لهم رؤية أو تاريخ سياسي سابق يؤهلهم للمناصب تحدث عن القمع الأمني وغياب الحريات وأن يجب لصنع الطاغية أن يكون هناك جيشا من الزبانية يحمي كرسيه وعرشه من أن يمسه أي شخص بسوء تحدث عن علاقة كرة القدم بالسياسة من خلال وقائع مذبحة بورسعيد ومباراة مصر والجزائر في التصفيات لكأس العالم وموقعة كوماسي الشهيرة الكتاب ممتع لأقصي حد في ذكره للوقائع وأسماء الشخصيات فقد جعلني أستعيد أحداثا من الذاكرة حدثت فيما بعد ثورة يناير وكذلك ذكر العديد من الوقائع التي لا يتم ذكرها عند سرد التاريخ الرسمي باعتبارها أمور منهي عن التحدث فيها
بجد كتاب يستحق أكثر من ٥ نجوم و أود أن أشكر الكاتب ياسر ثابت لمجهودة في دعم وعي المواطن المصري بحقيقة ما يجري في مصر. الكتاب بجد في بداية قرائتي له أصابني بكم هائل من الإكتئاب لما وصل إلي حال مصر من الفساد و السوء. رصدت من خلال الكتاب ١٧ ظاهرة ساهمت في صناعة الطغاة في مصر الحديثة بداية من عهد جمال عبد الناصر إلي السيسي الذي فيما يبدوا أن الكتاب كتب في بداية تولية فترة الرئاسة و لكن نفس المبادئ تطبق عليك ليصبح واحد من الطغاة و ينضم لقوائمهم: ١-النخب الكسيحة الفاسدة علي كل المستويات، مسؤولون في كافة مفاصل الدولة من العسكريين و المدنيين ، جهلة و أنصاف الموهوبون، يفتقدون لأي إبداع، يأخذون مصر لذيل الأمم في كل شئ. ٢-هندسة المجتمع علي يد هذة النخب علي مقاس الحاكم و قراراتة و تسلطاتة. ٣-إعادة تدوير الفاسدين في مختلف المناصب و عدم قدرتهم علي حل أي مشكلة تعترض البلد. ٤-جوقة علماء السلطان التي تسبح بحمدة و تبرر أفعالة. ٥-أجهزة أمنية لها قبضة حديدية و تستخدم العنف و التعذيب ضد المواطنين. ٦-السلطة القضائية و بعدها كل البعد عن الإنتصار لحقوق المواطنين، و دورانها فلك السياسة و لعبها بالتشريعات الفاسدة. ٧-المثقفون الذين يسقفون للظالم الطاغية في كل أنواع الفنون. ٨-عدم إعتماد خطط واضحة للنهوض بالإقتصاد و إبقاء مصر فقيرة. ٩-سيطرة تزاوج السلطة و المال و سيطرة بعض العائلات علي الإقتصاد. ١٠-عدم مساهمة الكيانات الإقتصادية الكبري بأعمال خيرية تدعم الأقتصاد و الفقراء. ١١-الإعلام بوق كل ظالم يطبل له ليل نهار. ١٢-تفصيل موضوع التوك شو و كيف أفسد عقول الناس. ١٣-جريمة سكوت الشعب علي طغيان الحاكم. ١٤-إتجاة كثير من المصريين للهجرة هروبا من الظروف المأساوية بمصر. ١٥-تألية و تمجيد الأشخاص و عدم النظر إليهم كبشر. ١٦-تجسس الدولة علي كل ما يخص الحياة الشخصية للمواطنين. ١٧-كتمان الحقائق عن الشغب لتدور الإشاعات و المعلومات المغلوطة.
تعقيبي علي الكتاب: ١-الكتاب كتب بموضوعية، أعتقد أن الكاتب لو هيئت له الظروف لكتابة كتاب عن السيسي لملأ كتابين مثل هذا الكتاب عن الفساد الواقع في عهدة. ٢-ذكر السيسي تم علي إستحياء، فيما أظن أنه الكتاب كتب في أو عهد السيسي، فتم وصفة بأنه في غني عن كل النفاق الذي يتم لتسويقة، في رأيي أن السيسي و عصابتة من المخابرات و الجيش هم من يتزعمون تسويق السيسي و تقديمة في شكل البطل المنقذ الملهم المنزة عن الخطة، مش هو كويس و اللي حوالية وحشين ولا حاجة. ٣-الكتاب وضح المفاتيح المجردة التي تطبق في أي زمان و مكان لكل من يصح أن يوصف كطاغية. ٤-في الفصل الخاص بعلاقات المصاهرة بين بعض رجال الأعمال و رموز السلطة تم ذكر علاقات المصاهرة بين الإخوان في بعض، و كان معظمهم في مستويات مالية عادية، و الزواج كان للإنتماء الفكري فقط، و هم أقل جرما من رجال الأعمال في هذا الجانب. ٥-في الفصل الخاص بالأعمال الخيرية لم يتم ذكر الجمعيات الإسلامية غير السياسية التي تقوم بدور رائع بدل الدولة في رعاية الفقراء و المشروعات العلاجية كالجمعية الشرعية و غيرها.
كتاب على قدر كبير من الأهمية سواء من حيث المضمون أو زوايا المعالجة، فضلاً عن جرأة المؤلف الذي ينتقد بموضوعية باحث ر��ين. الموضوع هو مصر الآن، مع إضاءات كاشفة من تاريخ مصر منذ منتصف القرن العشرين وحتى يومنا هذا هنا يتضح لك خطايا النخب سواء الأمنية والسياسية والثقافية والدينية، بعد أن تحولت في معظمها إلى أدوات لصناعة الطغاة. استمتعت بقراءة الكتاب الذي يستحق اهتمام كل قارئ حقيقي يود أن يعرف كيف وصلنا إلى هذه الظروف البائسة التي نعيشها!
هذا الكتاب ليس دراسة لأحوال الطغاة، بل هو يبحث فى أرجاء وخبايا المصنع الذى تتم فيه عمليات الانتاج والتنمية والتسويق للطغاة والمستبدين. وهذا المصنع –كما يبين لنا المؤلف- هو تلك النخبة التى تحيط بالحاكم وتزين له جبروته وبطشه، وتدافع عن سلطاته وصلاحياته المطلقة، وتبارك ظلمه واستبداده. وهى على الناحية الأخرى –ناحية الشعب- تلجأ إلى العنف بكل نوعياته، لإخراس أى صوت معارض، ولإقصاء أى فصيل يخرج أو تبدر منه أى علامة على الرغبة فى الخروج عن القطيع الذى يتبع الحاكم، وكذلك تداوم على بذل قصلرى جهدها للحفاظ على رؤيا أحادية للدولة وللمجتمع، هى رؤية الحاكم الفرعون، التى ذكرها الله تعالى فى كتابه: ﴿ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ [سورة غافر: من الآية 29]. ولقد بدأ الكاتب بتعريف وتوصيف تلك النخبة فى مصر، وبالطبع اختار نخبة مبارك أو النخبة المعاصرة لتكون نقطة البداية لدراسته، ولقد تمكن من تصوير أوضاعها بدقة وبوضوح. ففى البداية سماها "النخبة الكسيحة" الجاثمة على مقدرات المصريين؛ لأنها لم تنجح يومًا فى التقدم بالشعب خطوة إلى الأمام. ثم أنها "نخبة المتوسطين" إشارة إلى محدودى الكفاءة والموهبة والخيال والإدراك، الذين يتصدرون المشهد. وضرب لذلك مثلًا بالرئيس الأسبق "حسنى مبارك" الذى يعد أوضح مثال على اختيار المتوسطين لمواقع القيادة. فهو –على حد وصف الكاتب- عصر قام كله على تقديس المتوسط. ينتقل بعد ذلك لوصف أكثر تخصيصًا، فيسميها "نخبة القاهرة" أو "نخبة العاصمة"، تلك النخبة التى تسيطر على قمة الجهاز البيروقراطى للدولة، وتحكم مصر فعليًا عن طريق مساندتها غير المحدودة لأنظمة الحكم الاستبدادية التى حكمت مصر منذ عام 1952. ويستطرد فى البيان فيقول: "نخبة القاهرة" ليست نخبة ثقافية أو فكرية بمعايير النخب المقارنة، بل نخبة طفيلية استهلاكية". وكذلك أوضح أنها تعيش فى المجتمعات العمرانية الجديدة التى شيدت خصيصًا لتضم هؤلاء "الأغنياء"، وتبعدهم عن عذاب أعين بقية شعب مصر الفقراء. حتى أنه ليسخر من أبناء هذه النخبة الجاهلين بأحوال وسائل مواصلات الدولة، لأنهم ببساطة لم ولن يركبوها طوال حياتهم. واختتم الكاتب حديثه المباشر عن النخب باستنتاج منطقى، فيقول: "فى تاريخنا الحديث والمعاصر، يبدو جليًا أن جوهر الاستبداد والسلطوية هو سيطرة نخب معدومة الكفاءة على الشأن العام والمجتمعى والسياسى". ومن المسائل المتعلقة بالنخب أو البطانات الملتصقة بالحكام، والتى تعرض لها الكتاب بالتحليل والتفصيل، مسألة تعيين وعزل الوزارات والوزراء، وبالطبع كان كل الحديث عن السنن التى استنها مبارك فى اختيار وزرائه، ومنها أن يجئ الاختيار على أساس فنى وليس سياسى، أى الوزير التكنوقراط. ومنها أيضا أن تكون الشللية والصداقات هى الطريق الوحيد الذى يقود إلى مقعد الوزارة. وفى عجالة نوه الكاتب إلى أن هذا الأسلوب لم يكن وليد عهد مبارك، بل هو مما خلفه لنا جمال عبد الناصر، وأن هذا الطريق كان السمة المميزة لكل الوزارات التى جاءت بعد حركة يوليو 1952. لقد أعجبنى كثيرًا فى الكتاب أسلوب أن يبدأ كل فصل باقتباس من كتب وكتاب آخرين، وأن ينتهى باستنتاج عبارة عن فقرة قصيرة يركز الكاتب فيها كل ما يحيط بالقضية التى تناولها. وهنا مثلًا فى نهاية حديثه عن الوزراء وكبار المسؤولين يقول: "إن تحصين الوزراء وكبار المسؤولين من رقابة القضاء أمر مرفوض تمامًا، لأنه ببساطة يوفر غطاء قانونيًا لفساد قادم". كما تناولت الدراسة قضايا وموضوعات أخرى خطيرة ومهمة، مثل قضية جرائم رجال الداخلية وعلاقتهم بالشعب، والمعارك التى خاضها كل رؤساء مصر ضد القضاء، وأيضًا عرج الكاتب على آداء النخبة العسكرية فى حرب أكتوبر، وكذلك تحدث المؤلف عن ظاهرة "رجال الأعمال" فى عهد مبارك، ثم فى عهد محمد مرسى والإخوان المسلمين، وموضوعات أخرى كثيرة. وبعنوان "فى حظيرة السلطة" يسجل الكاتب أقصى مدى لسخطه واستيائه من الدور الذى يلعبه المثقف فى صناعة الطغاة والطغيان، وكذلك من انحراف علاقة المثقف بالسلطة حتى أصبحت عبودية واستغلال مفرط من جانب السلطة، ورضوخ شبه كامل من جانب المثقف. ويسوق لنا العديد من الأمثلة والحالات للأسماء والوجوه الثقافية التى تورطت –حتى النهاية- فى صناعة كاريزما الزعيم الأوحد، سواء مع عبد الناصر أو بعده. فلا نكاد نميز أى فارق بين ما كتبه فتحى غانم فى 1960 عن عبد الناصر، وما يكتبه الكردوسى وغيره عن السيسى منذ يوليو 2013. وباشمئزاز شديد يعبر الكاتب عما شاهده من عروض الفنانين والكتاب والمثقفين فى فترة ما بعد 3 يوليو 2013؛ فيقول: "ما فعلته هذه النخب من عروض تعرٍ سياسى رخيص أكد للمصريين قناعتهم أن: "نكبة مصر فى نخبتها"". ويضيف قائلًا: "حظيرة المثقفين ما زالت قائمة". وأهم ما فى الكتاب –بنظرى- عرضه لتلك المحنة الصعبة والقاسية التى تكابدها مصر فى الإعلام والنخبة الإعلامية. فيكشف لنا بالأسماء عن "بارونات الإعلام" وجماعات المصالح التى تدير وسائل الإعلام وتتكسب من ورائها أموالًا طائلة ونفوذًا كبيرًا. وأبرز كيف قام الإعلام بحملة شرسة ضد مرسى ونظامه، ويقول عن هذه الحملة " .... وكانت العداوة تتجاوز فى كثير من الأحيان أى معيار مهنى أو أخلاقى من معايير ومواثيق الشرف الصحفى". كما كشف عن أن مالكى القنوات الفضائية قد استوعبوا الدرس جيدًا؛ درس أن مصالحهم تتعارض مع الإخوان المسلمين وحلفائهم، وكذلك تتعارض وتتهدد مصالحهم مع وجود ديمقراطية، وتداول حقيقى للسلطة. ولذلك فقد عمدت النخبة الإعلامية، بمجرد عزل الرئيس مرسى، إلى التأسيس لميلاد طاغية جديد، أيًا كان اسمه، غير قابل للنقد تلميحًا أو تصريحًا. ويطرح أمامنا الكاتب صورة أو خريطة للأوضاع الراهنة، فيقول: "نحن الآن أمام أربعة شعوب فى مصر؛ الشعب الأول مؤيدو السلطة ممن يناصبوا الإخوان العداء، والثانى مؤيدو الإخوان وكارهو السلطة، والثالث كارهو الإخوان ومعارضو تجاوزات السلطة، والرابع وهو الأكبر وهو شعب مل من الجميع، وكفر بهم". ولا يستطيع كاتب هذه السطور أن ينهى هذا العرض قبل أن أذكر أكثر حقيقة آلمتنى وأحزنتنى فى هذا الكتاب، وهى التى يقول فيها عن "مصر": "إنها لم تعد مركز القرار العربى بأى حال من الأحوال. لقد أفقدها الطغيان موقعها كقيادة للأمة". ختامًا لا يسعنا إلا تقديم جزيل الشكر للمؤلف الدكتور ياسر ثابت، على هذه الدراسة الجيدة والشاملة، والتى حفلت بالأفكار والموضوعات التى ترصد أوضاع ما بعد انقلاب 3 يوليو، والتطورات التى أدت إليها.
يتعرض الكاتب للأوضاع المزرية للدولة المصرية على امتداد 5 رؤساء منذ سقوط الملكية عام 1952 بدايةً من جمال عبد الناصر وبعده أنور السادات ثم حسني مبارك ثم محمد مرسي إلى عبدالفتاح السيسي في دراسة موضوعية تلخص الفشل الذريع للحكومات المتعاقبة في عدة أسباب من أهمها تسلط النخب السياسية على مقدرات الدولة والشؤون السياسية مراعاةً لمصالحها على حساب الوطن والمواطن المصري الذي صار ضحية الإفقار الممنهج وسوء إدارة الدولة والإعلام المضلل وقمع أجهزة الأمنية باسم الأمن القومي وغيرها من الأسماء التي تنتهك حقوق المدنيين على شرفها، ويبين د ياسر ثابت في دراسته دور تزييف وعي الشعب في فشل الديموقراطية في مصر الذي هو نتيجة تكبيل الإعلام الحر والسيطرة عليه حصرياً من قبل المؤسسات الحكومية. كتاب رائع يرسم صورة واضحة لتعقيدات الوضع المصري.
كتاب صناعة الطاغية رابط تحميل: https://bit.ly/3nZUwrM كيف تصنع فرعونا بمشاركة جماهيرية يتصدرها الإعلام ونخب "كسيحة" تروج للطاغية من سياسيين واقتصاديين ورجال دين ومثقفين تحولت علاقتهم مع السلطة من علاقة ناقد الى مبرر ومساند
This entire review has been hidden because of spoilers.