أسوأ ما قد يحصل للإنسان أن يفقد حبّ مَن أتى به إلى الحياة، أن يكون مكروهًا من الرحم الذي أنجبه، كل حبّ العالم لن يكون كافيًا لاحتضان هذا الطفل الصغير بداخله، الذي وقف نموّه من اللحظة الأولى للتخلّي، لم يُسقَ بماء الحنان الأمومي أو الأبوي، هذا البخل لا يضاهيه بخل في العالم ولا يمكن .علاج جراحه
من قاع البئر كانت العودة للحياة ، مريم بنت العشرين نموذج واحد من نماذج متعددة لما تراه المرأة من ظلم العادات ، و قسوة الأهل ، مع قهر المجتمع و تخبطه ... حقوق تُسلب و أحلام تُقتل و عدالة مفقودة بين طرفي الحياة ( ولد و بنت )( رجل و امرأة ) .
حكاية متكررة و إن بدت تقليدية ، فهي تذكِرة و تنبيه فرغم التطور و التقدم الظاهري مازالت الأفكار واحدة و الظلم واحد .
جاءت أحداث العمل ما بين الماضي و الحاضر ، و اهتمت الكاتبة بعرض الأفكار و القضايا بشكل مباشر أثر سلبًا بعض الشيء على رسم شخصيات العمل و مشاعرها ، فجاءت بعض المشاهد سطحية و غير مؤثرة رغم أهميتها ، كما جاءت النهاية سريعة جدًا رغم ما انتظرته من تصاعد درامي خصوصًا في مشهد المواجهة .
شخصية عبد الله كانت الأكثر اكتمالًا بين شخصيات العمل ، و لم تأخذ الأم أو خالد المساحة اللازمة لفهم شخصياتهم أو إثراء أحداث العمل و زيادة حبكته .
السرد مفكك مبني على عناوين مبعثرة ، ذلك بالإضافة إلى شيئين لم يعجبونني و استفزوني؛ ١-السرد ملقن كالذي يطعمك بالمعلقة المعلومة بفرض أفكار الكاتبة. ٢-أغلب السرد عبارة عن جمل حوارية بين الشخصيات و طويلة و ذلك أضعفه و فكّكه .
اللغة أكثر من عادية ، حرفياً لغة تقريرية و ليست رواية . ما لم أهضمه قول الحكاية حقيقة.. كيف شخص يستطيع أن ينجو لوحده من دون شخص آخر على الأقل يساعده من الخروج من البئر و هو في القاع، حتى سيدنا يوسف عندما غرق في البئر ، أخرجه أشخاص؟ ٣-عناوين الأماكن دلالة على ضعف ربط الأحداث ببعضها البعض.
النص مكتوب بلغة حانقة وكأنه صوت الكاتبة نفسها وليس صوت الراوي أو الشخصية، وهذا مما يُعاب عليه، حيث لا يُفترض بالنص أن يحشر الرأي في رأسك حشراً بل أفضل الأعمال تترك لك حرية التقييم، وتبني شخصياتاً أقرب للواقع يتمازج فيها الشر مع الخير، ولا تنقسم بين شر مطلق وخير مطلق.
لا يبدو لي أن الرواية قد حُررت، فتكرار الأفكار والمواقف فيها يفترض أن القارئ قد نسي ما قرأه قبل عدة صفحات! وكُتبت بلغة مباشرة جداً ووعظية أحياناً، وموضوع مستهلك وإن أتى بشكل جديد.
تمنيت أن تقرأ الكاتبة في علم النفس والعلاج النفسي بشكل أعمق، لينعكس ذلك على محتوى العمل وجودته، لا يضر لو استعانت بمشورة ورأي مختصين نفسيين للاطلاع على الجزء الخاص بجلسات العلاج النفسي لأخذ رأيهم في نوعية الحوارات التي تدور عادة داخل تلك العيادات.
ردة فعل الأم في الجزء الأخير في الرواية لا تبدو لي منطقية إطلاقاً حتى صياغة الجمل والحوار نفسه لا يُمكن أن يصدر بهذا الأسلوب من امرأة مسنة عاشت حياةً كحياتها. شخصيات الرواية بلا عمق إطلاقاً وبلا تطور عبر الزمن.