محمد بن صالح العثيمين الوهيبي التميمي، أبو عبدالله. عالم فقيه ومفسر، إمام وخطيب وأستاذ جامعي، عضو في هيئة كبار العلماء ومدرس للعلوم الشرعية وداعية سعودي، من مواليد عنيزة في منطقة القصيم.
رسالة موجزة وواضحة في باب القضاء والقدر والرد على الذين غلوا في هذا الباب من الجهتين: - جهة من غلا في إثبات القدر ونفى اختيار العبد وقال بالجبر - جهة من غلا في إثبات قدرة العبد ونفى علم الله بأفعال العباد قبل وقوعها
كان رد الشيخ على المغالين في هذا الباب رداً واضحاً من الناحية الشرعية والعقلية وباختصار: فإن الذين قالوا بالجبر قد عطلوا مهمة الشريعة وتكليف العباد بها، وقولهم لازم بأن الله ظالم (حاشاه سبحانه) لأنه سيعذب المجبورين على ارتكابهم المعاصي، فكيف يعذبهم وهم مجبورون على ارتكابها حسب قولهم؟ هذا ظلم
والإنسان يجد من نفسه ضرورةً أن هناك فرق بين فعله الاختياري وفعله الاضطراري الذي يقع بغير إرادته وقد أثبت الله سبحانه للعبد مشيئة في كتابه: لمن شاء منكم أن يستقيم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة
والذين نفوا علم الله بأفعال العباد قبل وقوعها قد عطلوا جانباً مهماً من جوانب ربوبية الله عز وجل، فالله هو الذي شاء وخلق وقدّر كل شيء، فيستحيل أن يقع أي شيء في خلقه بدون علمه وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين وربك يخلق ما يشاء ويختار ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد
والله سبحانه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، ومشيئة الله ليست عبثية مطلقة مجردة، لكنها مشيئة تابعة لحكمته فهو الحكيم فهو لا يهدي إلا من كان أهلاً للهداية، ولا يضل إلا من كان أهلاً للضلال ونحن لا نعلم بالقدر إلا بعد وقوعه، فما بال البعض يحتج بالقدر عند الضلالة، ولا يحتج به عند الهداية؟ فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى
اللهم اجعلنا ممن كتبت لهم الهداية، ولا تجعلنا ممن كتبت لهم الضلالة
هذا الكتاب يعد خلاصة شاملة وموجزة لموضوع القدر، حيث قدم فيه الشيخ ردودًا رصينة على الفرق التي غالت في إثبات القدر حتى أنكرت قدرة العبد واختياره، كما ناقش بالبرهان الفرق التي بالغت في إثبات إرادة الإنسان حتى جردت الله تعالى من مشيئته. رحم الله الشيخ وجزاه عنا خير الجزاء على هذا الطرح القيم.