يتناول هذا الكتاب العلاقةَ بين الدين والدولة والفاعلين الممثّلين لكلا الطرفين، ويحلّل الأسباب العميقة التي صاغت هذه العلاقة، وإبراز الحيثيات التي أسهمت في تشكيل النخبة العلمائية وصياغة مواقفها. وفي أثناء ذلك يغطّي الكتاب جملةً من القضايا التي مثَّلت نقاط تحوّل كبرى في البنية المجتمعية والفكرية في سوريا خلال ما يزيد عن نصف قرن من الزمان، كدخول التعليم الحديث وتفاعل منظومة التعليم التقليدي معه، والمشاركة السياسية لدوائر العلماء والإسلاميين خلال الحقبة البرلمانية القصيرة ما بعد الاستقلال، ثم مواقفهم المتباينة من السلطة السياسية، من تقاربٍ وتحالفٍ إلى خصومة ومعارضة، بالإضافة إلى تحولات الاقتصاد ونُخَبه من المرحلة الاشتراكية إلى النيو-ليبرالية، وأثر هذه التحولات في صعود النخب الاقتصادية المختلفة وسقوطها، وتحالفات هذه النخب مع المشيخة أو مع السلطة، بالإضافة إلى قائمة طويلة من التحولات الثقافية التي مرَّت تأثيراتها عبر التلفاز والإنترنت وسوق الكتب، ومسَّت الجيل الجديد والمرأة والزيّ وغيرها من القضايا. توماس بيريه: باحث أول في معهد الدراسات حول العالم العربي والإسلامي (Iremam)، كما عمل محاضرًا أول في الإسلام المعاصر في جامعة إدنبره (٢٠١١-٢٠١٧م). من كتبه: "الإسلام في سوريا ما بعد الدولة العثمانية" (مطبعة جامعة أكسفورد، ٢٠١٦م).
Dr Pierret earned his PhD in Political and Social Sciences at Sciences Po Paris and the Catholic University of Louvain (2009), funded by the Fonds National de la Recherche Scientifique (Belgium).
He received his License in Modern History from the University of Liège (2001), his MA in International Politics from the Free University of Brussels (2002), and his MA in Comparative Politics (Muslim world) from Sciences Po Paris (2003).
He attended a year-long intensive advanced Arabic language course at the French Institute of Damascus (2003-4).
In 2010, he was a postdoctoral research associate at Princeton University, Department of Near Eastern Studies.
In 2011, he was a visiting fellow at the Zentrum Moderner Orient, Berlin.
a must read for anyone trying to understand the Ulama landscape in Syria. Alot of books/programs/reports deal with the islamist-political movements in Syria and elsewhere in the middleeast. However, the author here deals with the religious establishment in Syria. The Ulama; both those who are affiliated with the state and the more independent Ulama with more emphasis(thankfully IMO much needed) on the former.
The author explains that we need not approach the subject of the Ulama establishment only in the lens of the "dissent","state loyalist" or neutral. Its not that the Ulama do not fall under such categories. but how they maximize their power and privileges(Sectoral benefits),no matter of their respective positions regarding the state.
The author distinguishes between the political approaches Ulama establishment and the Islamist political movements. The first do not regard themselves as active participants in the political spheres.Their demands of their worldview is through "islamizing tyranny" ..Its mainly a structural difference. The Ulama are not asking for a change in the political structure to achieve their demands unlike the islamist movements.
The author explains how the Ulama were for the most part economically independent from the state. as the Bath regime truly never successfully bureaucratized them. However, after the bath regime opened up under bashar al assad. Relations with crony and possibly corrupt capitalists who are loyal to the state flourished in exchange of favors. This created an interdependent web of relations between the Ulama/merchants/military-security establishment that help explain the reason behind the regime unwavering in the syrian uperising.
Pierret does a really good job of not trying to do too much with this work. The reader gets what the title offers: a survey of the Syrian ulama, primarily in the post-colonial era. Reading this book on the heels of "Ashes of Hama," by Raphael Lefevre, throws into relief the divide between politically-minded Salafis (notably the Muslim Brotherhood) and religiously-oriented scholars in Syria. Pierret deftly avoids oversimplifying the two trends by demonstrating where their interests -- and membership -- overlap, but also outlining their starkly different interests and tactics in dealing with the Syrian state apparatus.
Events have moved too quickly on the ground for this book to treat the current jihadist movements infecting Syria, but Pierret's analysis up to about early- to mid-2012 is very good. My only gripe is that readers are left drowning in the names of dozens upon dozens of Syrian ulama from the late-1800s up through the early 21st century. Obviously, a book about ulama is going to have to include names -- I just felt like there were pages here and there devoted almost entirely to laundry lists of scholars. It got a little tedious. But this is a small complaint in what is overall an extremely rich, nuanced, balanced, unique, and well-articulated treatise on the conservative religious scholars of Syria.
يرسم توماس بيريه خارطة تاريخية واجتماعية معقدة للعلاقة بين النظام السوري وعلماء الدين السنة. يقدّم الكتاب سردًا تفصيليًا من فترة الاستقلال إلى الثورة السورية عام 2011، ويعتمد أسلوبًا سرديًا يستكشف التحولات الكبرى التي شهدها هذا الملف على مدى عقود. في حقبة الشيوخ المؤسسين (1920–1979) مع استقلال سوريا في منتصف القرن العشرين، وجد العلماء السنة أنفسهم أمام واقع جديد. كانوا يمثلون نخبة اجتماعية تقليدية، مستندين إلى نفوذ ديني وشبكات اجتماعية قوية، خاصة في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب. ولكن مع تصاعد النفوذ البعثي بعد انقلاب عام 1963، واجه العلماء تحديًا وجوديًا.
في هذه الحقبة، حاول العلماء التكيف مع التغيّرات السياسية والاجتماعية. بدؤوا في تنظيم شبكات تعليمية وخيرية تعمل على الحفاظ على الهوية الإسلامية في مواجهة سياسات العلمنة التي تبنتها الدولة. استمدّ شيوخ مثل الشيخ أحمد كفتارو ( كانت له مواقف مؤيّدة لحزب البعث) والشيخ حسن حبنكة ( هو وجماعة الميدان تحوّلوا لمعارضة التطرف اليساري للنظام) شعبيتهم من قدرتهم على التعامل مع الضغوط السياسية، بينما قدّموا نموذجًا للمزج بين الدين والعمل الاجتماعي. ومع ذلك، بدأ العلماء يفقدون تدريجيًا سلطتهم التقليدية مع تعزيز الدولة لسيطرتها على الأوقاف والمؤسسات الدينية.
كانت انتفاضة الإخوان المسلمين بين عامي 1979 و1982 نقطة تحول حاسمة. فشل الانتفاضة والقمع الوحشي الذي تلاها أدّيا إلى إعادة تشكيل المشهد الديني في سوريا. تعرّض العلماء التقليديون لخسائر فادحة، لكنهم استطاعوا التكيف مع الوضع الجديد بطرق مبتكرة. يقول بيريه أن نظام البعث في الثمانينيات كان النظام الأكثر استبدادًا الذي شهدته سوريا على الإطلاق .
في هذه الفترة، بدأ النظام البعثي، بقيادة حافظ الأسد، في بناء علاقات انتقائية مع بعض العلماء، معزّزًا فكرة "الإسلام الرسمي"، إنه زمن أطلق عليه بيريه " زمن المقاولين من الباطن" حيث منح النظام دعمًا محدودًا للعلماء الموالين، مثل أحمد كفتارو و مجموعة الشيخ صالح الفرفور وتلاميذ محمد النبهان وكذا الشيخ البوطي، وقد سيطر هؤلاء على المساجد، بينما أبقى على الرقابة الصارمة لمنع أي تحركات سياسية معارضة. في الوقت نفسه، استغلّ العلماء استياء الشعب من الأيديولوجيات العلمانية للعودة تدريجيًا إلى المشهد الاجتماعي عبر التعليم والأنشطة الخيرية، متجنّبين الدخول في مواجهة مباشرة مع النظام.
في خضم هذه التغيرات، واجه العلماء ( ويقصد بهم التقليديين من الأشاعرة والماتريدية) تحديًا آخر وهو صعود التيارات السلفية والإصلاحية. وجد العلماء التقليديون أنفسهم في مواجهة مع تلك التيارات التي شكّكت في أساليبهم التقليدية ودعت إلى قراءة جديدة للنصوص الدينية.
على الرغم من الدعم الضمني الذي قدّمه النظام أحيانًا لتيارات إسلامية أكثر اعتدالًا للحد من نفوذ السلفيين، استغل العلماء التقليديون تلك المواجهة لإعادة تأكيد سلطتهم. قاموا بتعزيز شبكاتهم التعليمية والترويج للمنهج التقليدي عبر المدارس الدينية والجمعيات الخيرية، مما ساعدهم في الحفاظ على موقعهم كحراس للتراث الإسلامي في سوريا. تطورت هذه المواجهات لاحقًا لتشكل جزءًا من المشهد الديني الذي سيؤثر على الثورة السورية.
ممن ذكرهم الكتاب من علماء السلفية في ظل فترة حكم البعث كان الألباني والأرناؤوط، يرى الكتاب أن الأخير شخصية توافقية ومع ذلك تعرّض للمضايقات الأمنية في منتصف التسعينيات، يينما الألباني دخل في عداء مع المؤسسة الدينية، وكان جهد الألباني علميًا، وبالتالي لم يكن له أي دور في الانتفاضة الإسلامية في سوريا. كانت الحرب على السلفية في سوريا من قِبل رجال الدين الاشعري ربما أكثر من حربهم على الأسد، ويبرز في ذلك عبد الفتاح أبو غدة.
لا يرجع الإصلاح السياسي كدعوة في سوريا إلى السلفية بل إلى الإخوان وورثتهم من الإصلاحيين السياسيين مثل أحمد معاذ الخطيب الذي شنّ حملة نارية على المؤسسات الدينية في موقفها من النظام.يشرح الكتاب التحالف بين العلماء والقطاع الخاص " العمامة ودفتر الشيكات" فقد تمكّن العلماء من الاستفادة من النمو الاقتصادي الذي شهدته سوريا في العقد الأول من الألفية الثالثة، معتمدين على شبكات رجال الأعمال لدعم مشاريعهم الدينية والخيرية.
هذا التحالف لم يكن مجرد شراكة اقتصادية، بل كان تكتيكًا استراتيجيًا لتعزيز استقلال العلماء المالي عن النظام. قادت هذه الشراكات إلى إنشاء مدارس دينية خاصة، ومستشفيات خيرية، وجمعيات تقدم خدمات اجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا. بذلك، استطاع العلماء تأمين مواردهم واستعادة نفوذهم تدريجيًا في مجتمعاتهم، رغم تضييق الدولة على النشاط الديني المستقل.
مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، انقسم العلماء السنة إلى ثلاثة معسكرات رئيسة: مؤيدون للنظام، محايدون، ومعارضون. كان بعض العلماء، مثل الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، على علاقة وثيقة بالنظام، حيث أيّدوا سياساته بدعوى الحفاظ على الاستقرار. في المقابل، انضم آخرون إلى صفوف المعارضة أو دعموا الاحتجاجات بشكل غير مباشر. هذا الانقسام عكس العلاقة المعقدة بين العلماء والدولة، حيث اضطرت الدولة إلى الاعتماد على العلماء لتهدئة الأوضاع، بينما استغل العلماء الفرصة للتأثير على المشهد السياسي.
ينتهي الكتاب باستعراض دقيق للتحولات التي طرأت على دور العلماء السنة في سوريا. ويوضح أن العلماء، رغم كل التحديات، استطاعوا التأقلم والبقاء كقوة اجتماعية وسياسية مؤثرة، مستخدمين شبكاتهم التقليدية والتحديثية للبقاء في قلب المشهد السوري. وبالنهاية يرى بيريه أن العلماء أظهروا قدرة ملحوظة على التكيف مع تغيرات النظام السياسي والاجتماعي. بدلًا من مواجهة النظام بشكل مباشر، ركّزوا على تعزيز دورهم الاجتماعي والاقتصادي عبر شبكات التعليم والجمعيات الخيرية. هذا الموقف ساعدهم على البقاء كقوة مؤثرة في المجتمع، لكنه قلل من قدرتهم على لعب دور سياسي حاسم في مواجهة النظام.
من جهة أخرى، ظل بعض العلماء يعارضون النظام بشكل ضمني أو يعبرون عن استيائهم من سياساته من خلال خطبهم أو نشاطاتهم الاجتماعية. لكن هذه المعارضة بقيت محدودة ولم تتحول إلى حركة فعّالة قادرة على تغيير النظام. في الواقع افتقر العلماء إلى رؤية سياسية موحدة أو قدرة تنظيمية كافية للتأثير في النظام أو تغييره. تعاون بعضهم مع النظام، سواء طوعًا أو تحت الضغط، عزّز شرعية النظام لدى شريحة من المجتمع، ما ساهم في إطالة أمد سلطته.
بالنسبة لنماذج المعارضة من العلماء التي ذكرها توماس بيريه يمكن تصنيفها إلى مستويات متعددة من المواجهة، ما بين معارضة صريحة أو رمزية أو نشاطات اجتماعية تتحدى سياسات النظام. فمثلًا من المعارضة العلنية أشار الكتاب إلى العلماء الذين كانوا جزءًا من الانتفاضة الإسلامية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، والتي قادها الإخوان المسلمون بدعم من بعض العلماء التقليديين. لعب بعض العلماء دورًا في دعم هذه الحركة أو على الأقل في توفير غطاء ديني لها، ما جعلهم في مواجهة مباشرة مع النظام مثل علماء في مدن مثل حماة وحلب، الذين دفعوا ثمنًا باهظًا من القمع والاعتقال أو التهجير.
ويذكر الكتاب معارضة رمزية مثل حالات علماء حاولوا التعبير عن استيائهم من النظام دون الاصطدام به بشكل مباشر، مستخدمين خطبهم أو نشاطاتهم الدينية. مثل الشيخ أسامة الرفاعي، أحد العلماء البارزين في دمشق، الذي استخدم منابر المساجد لتوجيه رسائل ضمنية تنتقد السياسات العلمانية للنظام، مع التحذير من تجاهل مطالب الشعب بالعودة إلى الهوية الإسلامية. عند اندلاع الثورة السورية، انحاز بعض العلماء إلى المعارضة بشكل واضح، داعمين مطالب الشعب بإنهاء الاستبداد. مثل الشيخ كريم راجح، الذي استقال من منصبه الرسمي كخطيب لمسجد الحسن في دمشق وأعلن موقفه المؤيد للثورة، داعيًا إلى وقف القمع.
يشير بيريه إلى أن المعارضة الدينية للنظام ظلت محدودة التأ��ير لأسباب عدة، من بينها القمع الشديد الذي واجهه العلماء المعارضون، والانقسامات بين العلماء أنفسهم، والخوف من ردود فعل النظام التي كانت غالبًا ما تكون عنيفة. ومع ذلك، تبقى هذه النماذج شاهدة على أن بعض العلماء حاولوا، بطرق مختلفة، التمسك بمبادئهم أو دعم مطالب الشعب، وإن كانت محاولاتهم غير كافية لإحداث تغيير جذري.
بالنسبة للبوطي، الذي يمثل صوتًا دينيًا يُستخدم لتبرير سياسات النظام، يقدّم بيريه صورة متوازنة للبوطي، فيرى أنه شخصية معقدة تجمع بين كونه عالم دين مرموقًا ومثقفًا تقليديًا من جهة، وركيزة من ركائز النظام السوري من جهة أخرى. يتعامل الكتاب مع البوطي كرمز لما يمكن أن يحدث عندما يُدمج الدين في سياسات النظام، حيث يُستخدم الدين كأداة شرعنة للسلطة، لكنه في الوقت نفسه يُفقد العالم الديني استقلاليته ومصداقيته أمام الجمهور. يرى أن استقطاب البوطي كان بمثابة ضربة عبقرية من جانب الأسد .
يوضح الكتاب أنه رغم أن كلا من العلماء والإسلاميين العاديين يهدف إلى أسلمة المجتمع والدولة، فإنهم يميلون إلى السعي إلى تحقيق أهداف عملية مختلفة بل وحتى متعارضة. ففي سوريا في أوائل القرن الحادي والعشرين، بينما دعا الإسلاميون إلى تحرير سياسي على النمط التركي من شأنه أن يفتح المجال أمام القوى الدينية للانخراط في السياسة الحزبية، عمل كبار العلماء المسلمين بدلًا من ذلك على إقامة نظام على غرار النظام المصري يجمع بين الاستبداد الدائم ورجال الدين المتمكنين.
ينجح توماس ييريه في تقديم دراسة شاملة ومتميزة عن الدور الذي لعبه علماء الدين السنة في سوريا الحديثة، سواء كقوة اجتماعية تسعى للحفاظ على استقلاليتها أو كأداة في يد النظام لتعزيز شرعيته. يعكس الكتاب قدرة العلماء على التكيف مع التحديات، لكنه يبرز أيضًا القيود التي فرضها النظام على استقلاليتهم. ورغم الإشارة إلى المعارضة الإسلامية مثل الإخوان المسلمين، فإن تحليل الكتاب لهذه الحركات ظل سطحيًا إلى حد ما مقارنة بدراسته للعلماء التقليديين.
لطالما كانت ترجمات عبيدة عامر مميزة بالنسبة لي من ناحية الانتقاء و التصرف بالعبارات بما يخدم مصلحة الكتاب ككل مع التنويه لذلك. الكتاب يتحدث بشكل مستفيض عن الحالة المشيخية بشكل أساسي في سوريا من قبل حقبة استيلاء البعث على السلطة مروراً بأحداث حماة 1982 و أيضاً إرهاصات الثورة السورية الى أن يصل إلى مرحلة متقدمة من الثورة السورية. يركز الكتب بشكل أساسي على التنوع الآراء و المشارب الفكرية للمشايخ مع سرد لأصول الفقه التي يرتكزون عليها. بالنسبة لي كان الكتاب يعاب عليه التركيز المفرط على مشايخ دمشق و حلب بشكل خاص و عدم ذكر بعض المدن السورية الأخرى كاللاذقية ( على سبيل المثال لا الحصر ) رغم وجود صراعات فكرية و دينية كالتي توجد في دمشق و أيضاً في مدن أخرى عدا ذلك ، برأيي هو كتاب يُغني أي مكتبة يكون فيها. شكراً عبيدة مرة أخرى