هذا ما كانت تسأله «آية» في الوقت الذي لم يستطع أحد أن يجيب عن سؤالها المتكرر، ولم يكن ثمة طريق للبحث ومعرفة الحقيقة. هكذا كانت تدخل في متناقضات كل شي. تبحث في الذاكرة عن المنسي، وفي المسكوت عنه. تبحث عن خيط ذاكرة يوصلها لحقيقة الأم الغائبة.
تظل تتساءل. وما من أجوبة!
كيف يمكن أن تعرف المجهول من اللا شيء؟ هل يمكن للمنعطفات القاسية أن تُسهم في معرفة الحقيقة؟
حين تنقطع جميع الطرق، هل تكون العاقبة هي النهاية؟ أم ثمة احتمالٌ آخر ممكن! احتمالٌ لبُعدٍ آخر غير مُتوقع؟
إن طلب مني تلخيص رأيي في جملة واحدة فسأقول أن الرواية كتبت بلغة بديعة أكثر ما أدهشني في الكتاب اللغة تشبيهات بلاغية ٱسرة ولغة رصينة عذبة كما لو أن كل سطر كتب وطبخ على نار هادئة راقني الفصل الخاص بالاكتئاب والغوص داخل أعماق المريض وكيف يتصور الحياة خلاله وكيف تخلق الاسئلة بدون أجوبة الأجوبة المعلقة والضائعة والمفقودة هي التي تقودنا للهلاك وتنعم روحنا بالسلام لو أننا عثرنا عليها هذا ما حدث لٱية نهاية المطاف
بين زفرات آية،تختبىء آهات العديد من أفراد المجتمع الذين يسيرون ويسايرون وربما يتعايشون مع الأجندة المجتمعية المعدة مسبقاً مدرسة فجامعة فوظيفة فزواج فحمل فولادة ثم تعاد الكرة الى عمل الابناء وزواجهم ولا يترك لك الخيار متى تنجب أطفالك؟ استطاعت الكتابة ببراعة وبتوظيف مزيج من الآيات القرآنية والأدعية والنصوص الشعرية وصولا إلى كلمات بعض الأغاني إلى نقل أحاسيس الأسى والمراة والألم وتوصيف النظرة المجتمعية مرة أخرى للمرض النفسي والتعالج منه التساؤلات عامة ما ان بقيت بلا حل فستؤدي بصاحبها إلى الهلاك والوسوسة، ولا بد من رصد اجابات مقنعة لتساؤلات الأطفال خصوصا تلك المتعلقة بفقد عزيز وهنا تبرز أهمية الحوار مع الأبناء سبحان الله الذي لا يغلق بابا حتى يفتح عشرة أبواب أخرى فمن الوحدة والعزلة إلى الصديقة الصدوقة أمينة والتي قد يتخذ الانسان بقرار متسرع بلحظة غامضة انهاء علاقاته فيها ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج ثق بتدبير السماء وعلاج السماء وان تأخر، ولو أن الأموات يرجعون للدنيا لزهدوا فيها وبمن فيها تلك هي مشاعر الفصل الأخير من الرواية وبين زينة البنات وبين مطبخ السماء عادت الروح للقلم فأنجب مولده الثاني رواية ذات طابع مختلف تماما وبها الكثير من التقدم ولا شك ان الكتابة قرأت الكثير والكثير بين الروايتين لتصل لهذا المستوى ، لكن دعني أقول بأنك عندما تقرأ رواية فأنت تقرأ خيال كاتبها لكن هذه الرواية تقرأ مزيج بين حديث الخيال وحديث القلب وما يخرج من القلب... يدخل القلب حتما وأختم القول بكلمة الإهداء (لابد أن الروح أوسع من هذا الجسد) ونترقب الولادة الثالثة